|
على هامش الانتخابات البرلمانية في الدانمارك 2011
صباح قدوري
الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 22:25
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كان من المزمع اجراء الانتخابات البرلمانية في شهرتشرين الاول/اكتوبر2011. وفجأة اعلن رئيس وزراء الدانمارك لارس لووك، وحدد يوم 15 ايلول/سيبتمرالجاري موعدا لهذه الانتخابات. مباشرة بعد ذلك، بادرت الاحزاب السياسية الرئيسية بتكثيف حملتها الدعائية للانتخابات بالوسائل الاعلامية المختلفة ،من خلال الاعلان عن مرشحيها وتعليق صورهم على الاعمدة الكهربائية في الشوارع الرئيسية من المدن الدانماركية. وتوزيع بطاقات بصور واسماء المرشحين ووصف موجز ببرامج الحزب، وبالاتصال المباشر بالجماهير في شوارع المدن الرئيسية. اقامة الندوات والمداولات السياسية والمؤتمرات الصحفية لقادة الاحزاب من خلال الوسائل المرئية والسمعية والصحف المحلية الرئيسية والمواقع اللاكترونية، وغيرها. وتقاسمت مرشحي هذه الاحزاب على شكل مجموعتين، الكتلة الحمراء وهي معارضة للحكومة الحالية، وتتالف من الحزبين الرئيسين الاشتراكي الديمقراطي، والحزب الشعب الاشتراكي، وكذلك القائمة الموحدة. والكتلة الزرقاء التي هي الان في الحكم ، وتتالف من حزب اليسارالدانماركي- اللبرالي ذات نهج يميني، وحزب المحافظين، وكذلك حزب الشعب الدانماركي، وهوحزب قومي يمثل اقصى اليمين ومعادي لسياسة اللاجئين والاجانب. ويوجد ايضا حزب اليسار الرادكالي كان في السابق محسوبا على كتلة الحمراء، وكذلك حزب التحالف اللبرالي، وهو اقرب لكتلة الزرقاء.يحاول الحزبين اليسار الراديكالي والمحافظين التعاون مع البعض مع الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، بغض النظرعن اية من الكتلتين الحمراء او الزرقاء ستفوز بهذه الانتخابات. وهذا يعني ان حزب المحافظين الموجود حاليا في الحكم مع الحزب الرئيسي اليسار الدانماركي- اللبرالي، لا يرغب التعاون مع حزب الشعب الدانماركي مستقبلا. ان النقاشات الدائرة بين مرشحي كتلة الحمراء والزرقاء والاحزاب الاخرى ، تشمل مواضيع متعددة، منها الوضع الاقتصادي، سياسة المهاجرين واللاجئين والاجانب،الوحدة الاوربية، مكافحة الجرائم والتصدي للارهاب الدولي، السياسة الخارجية ، البيئة. ان المواضيع الاساسية والمهمة التي نركز عليها في هذه النقاشات، تتمحور في الموضوعين الاساسين، هما:- 1- الوضع الاقتصادي: ان الاحزاب اليمينية الحاكمة في الدانمارك بشكل مستمر منذو عشرة سنوات، تستند برامجها الاقتصادية على فكرة اللبرالية الجديدة وتطبيقها على كل مرافق الحياة. تطبيق نموذج اقتصاد السوق وخصخصة قطاعاته . تضعيف دور الدولة في الاقتصاد، وخاصة في المجالات الاساسية ، التعليم والصحة والتقل والمواصلات والبني التحتية والانشظة الاجتماعية، دعم الادوية والسكن لمحدودية الدخل وغيرها. وعلى اثر هذه السياسة وتفاقم الازمة الاقتصادية والمالية العالمية ، افلست كثير من الشركات الصغيرة في القطاع الصناعي، اواصبحت شركات قابضة لشركات الكبرى لاصحاب الاغنياء في الدانمارك. نقل كثير من الشركات الوطنية الكبيرة الى الخارج ، مما سببت في ارتفاع معدل البطالة الى اكثر من 10% للدانماركيين وبحدود 25% في صفوف المهاجرين واللاجئين.ارتفاع اسعار الاغذية والسلع والخدمات، وخاصة الاساسية منها بمعدلات اكثر من 10%، مع ارتفاع التضخم بحدودر2-3% كان في السابق بحدود 1-2%. ان السياسة الضربية التي اعتمدتها الحكومة الحالية ، تهدف بالاساس الى تخفيض كاهل الضريبة على الفئات الغنية. تدني اسعار العقارات في سوق المضاربات العقارية ودخل طورالركود، وارتفاع فوائد القروض للديون العقارية. انخفاض مستمر في قيمة بعض اسهم الشركات الدانماركية الكبرى في سوق بورصة الاسهم والاوراق المالية. وتزايد مديونية الدانمارك في الوقت الحاضر. .وهناك جدل ايضا بين الكتلتين حول معالجة مسالة التقاعد المبكر للعاملين في الخدمة. يحق العامل المستمر في الخدمة ان يحصل على تقاعد مبكرقبل خمس سنوات من بلوغه سن التقاعد الاعتيادي الذي كان محددا ب 65 سنة. اي عند بلوغه 60 سنة. يرتفع هذا السقف خلال المدة من 2019- 2022، الى بلوغ سن 62 سنة ، وذلك لتغير سن التقاعد الاعتيادي من 65- 67 سنة. ان جوهر المناقشة بين الكتلتين في هذه المسالة، تنصب في مدى تحمل ميزانية الدولة لدفع رواتب هولاء المتقاعدين ، وهي عادة 80% من اخر الراتب، واثرها على البطالة في السوق العمل. تؤكد الحكومة اللبرالية من جديد خلال البرامج والمناقشات المطروحة من قبلها على الاستمرار لمواصلة نهجها في الحكومة القادمة في حالة فوزها، والمضي قدما في تطبيق نموذج الاقتصاد الحر، وخصخصة القطاعات الاقتصادية، وتقليل من اهمية دور القطاع العام في تقديم الخدمات الاساسية والضرورية للشعب في المجالات الاجتماعية ، الصحية ، التعليمية والاقتصادية ، وذلك من خلال تخفيض الاعتمادات المرصدة لها في الميزانية العامة للدولة
2- في مجال سياسة المهاجرين واللاجئين والاجانب: استمراركتلة اليمن الحاكم في مزيد من التشديدات وبالتعاون مع حزب الشعب الدانماركي حليف الكتلة ، من دون مشاركته في الحكومة، على قوانين اللاجئين، وجمع شمل العائلة.ان الاقامة الدائمة كانت تتم تلقائيا بعد حصول على الاقامة، ومضى على ذلك ثلاثة سنوات. اما الان على طالبي الاقامة الدائمة تقديم طلب بذلك والانتظار لمدة سنة واحدة للنظر في المعاملة. وفي حالة الموافقة وفق الشروط الموضوعة ،على طالب الاقامة الدائمة دفع مبلغ بحدود 3000 كرون رسم تسجيل الاقامة في الوقت الذي كانت مجانا قبل صدور هذه القوانين والتعليمات. صعوبة الحصول على المواطنة الدانماركية ووضع شروط مايسمى ب (Greencart) ، وهي شروط معقدة من حيث المدة،اصبحت من6 الى 10 سنوات في الاقامة الدائمة . اداء الامتحانات في لغة وتاريخ المجتمع الدانماركي، مع الزام وجود العمل لطالبي المواطنة مدة لا تقل عن اربع سنوات عند تقديم الطلب بذلك. انتهاج سياسة تعقيد في برامج الاندماج الاجتماعي وفي سوق العمل.التفكير الجدي مع التطبيق الفعلي في ارجاع معظم اللاجئين والمهاجرين الى بلدانهم، وخاصة طالبي الجدد واغلاق الحدود بوجه المهاجرين الجدد. اتباع سياسة تشديد وتقليص الاعتمادات والمساعدات الخارجية التي تقدمها عادة الدانمارك الى البلدان الفقيرة والمتاخرة ، او التي تتعرض الى الكوارث الطبيعية او الامراض والحروب وغيرها . اما كتلة اليسار لها تباين في سياستها تجاه الاجانب ، اذ ان الاحزاب ، اليسار الراديكالي والشعب الاشتراكي والقائمة الموحدة ، يتضامنون ويدعمون قضايا الاجانب ، وخاصة في مجال برنامج الاندماج وسوق العمل، ومنح اللجوء ، في الوقت الذي نجد هناك تراجع نسبي من قبل الاشتراكي الديمقراطي في سياسته هذه . وبهذه المناسبة ، لابد من وقفة سريعة ومختصرة على بعض الاسباب التي اعتقد ، انها ادت الى خسارة كتلة اليسار في الانتخابات السابقة ، ومنها على سبيل المثال ( دون الدخول في التفاصيل ) ، عدم قدرة هذه الكتلة ، وخاصة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ، الذي يعتبر اكبر حزبا في هذه الكتلة ، وكان في الحكم قبل 2001، في اختيار وتطبيق البرامج الاصلاحية الملائمة لمعالجة مشكلة البطالة المزمنة والمتزايدة في البلد وفي السياسة الاقتصادية والاجتماعية.عدم مواجهة حاسمة تجاه الحكومة الليبرالية اليمينية الحاكمة، منذو توليها السلطة من استمرار نهجها في سياستها اللبرالية على كافة مجالات الحياة اليومية. استمرار الحكومة الليبرالية اليمينية ، في تطبيق نهج السياسة الخارجية المؤيدة للمواقف الامريكية تجاه الاحداث العالمية ، وخاصة دعمها السياسي والعسكري لها في الحربين الافغانية والعراقية. لقد حان الوقت لكتلة اليسار ، ان تعيد النظر في برامجها ، وخاصة الحزب الاشتراكي الديوقراطي . اجراء الاصلاحات التنظيمية في هيكلها وعلى مستوي قياداتها ، التي لاتزال مهيمن عليها عناصر كلاسيكية في قدراتها وطروحاتها ، والتي لا تتمشى مع التطورات والاحداث والمتغيرات السريعة التي تحدث في شتى مجالات الحياة ، وخاصة دخل العالم في مرحلة جديدة من الصراع والعنف ، على اثر التوسع الراسمالي ، وانشاء التكتلات الاقتصادية والتقدم التكنولوجي، واستمرار الارهاب الدولي ، والازمة الاقتصادية والمالية المستحفلة العالمية واثرها على الدانمارك. والحالة هذه تتطلب من كتلة الحمراء التي لها امل كبير في فوز الانتخابات القادمة، وبذل جهود استثنائية لمواجهة هذه الحالة، والاستفادة من الاخطاء والخبرات الجيدة في السابق، للمضي قدما في الحكم لتحقيق مجتمع الرفاهية الحقيقية الذي هو في التراجع من جراء سياسات الحكومة اليمنية الحالية، ومزيد من التضامن والتفاعل مع المهجرين والللاجئين والاجانب في سياسة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والمواطنة في المجتمع. لا تزال نسبة مشاركة الاجانب في الانتخابات البرلمانية ضعيفة ومنخفضة ، وهي ظاهرة سلبية تعكس اثرها على نتائج الانتخابات لصالح كتلة اليمين ، التي مستمرة في سياستها المعادية للاجانب وفي كافة المجالات. لذا نحث كل من يمتلك الحق القانوني للمشاركة في هذه الانتخابات ان يوجه صوته الى كتلة الحمراء، وذلك للحصول على مزيد من التضامن والدعم من الحكومة القادمة، وضمان اكثر في تحقيق الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والمشاركة النشطة والفعالة في عملية الاندماج المستمر والتفاعل مع المجتمع.
#صباح_قدوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليتوسع ويتعززالحوار،حول التيار الديمقراطي العراقي
-
المناضلة هناء أدور... كما عرفتها
-
مائة يوم... وماذا بعد؟!
-
حقوق الشعب الكوردي... وفيدرالية كردستان العراق
-
لنجعل من نوروز يوما للحوار الصادق... والعطاء للشعب الكوردي
-
الى أين تتجه حكومة المالكي؟!
-
نحن على موعد مع التظاهرة الشعبية في العراق
-
هل هب رياح ثورة الشعب التونسي على الشعب المصري؟
-
ليبقى الشعب التونسي رمزا للثورة الشعبية في المنطقة والعالم
-
الحكومة العراقية... وصلاحيات كامل الزيدي
-
الاحصاء السكاني بين واجب الحكومي والوطني ومزاج الكتل السياسي
...
-
رؤية في فكرة انشاء فضائية الحوار المتمدن
-
توجهات القائمة العراقية من تشكيل الحكومة المرتقبة
-
الحكومة العراقية المرتقبة،وافاقها المستقبلية
-
تهريب النفط العراقي من كردستان العراق
-
الى متى استمرار العنف والارهاب وانتهاك حقوق المسيحيين في الع
...
-
في ذكرى يوم الشهيد الشيوعي-الخالد الشهيد عادل سليم
-
الرحلة الثانية الى الوطن الحبيب
-
على هامش فضيحة شركة النفط النرويجيةDNO
-
الانتخابات التشريعة الثالثة في العراق
المزيد.....
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
-
اليمين المتطرف يهدد الحكومة الفرنسية بحجب الثقة
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE (التوجه الديمقراطي) ترسل وزير ال
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
-
عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغر
...
-
بيان اللجنة الوطنية للقطاع النسائي لحزب النهج الديمقراطي الع
...
-
يوميات العدوان: التقرير الصحفي الاسبوعي (25/11/2024 – 1/12/2
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|