سوريا الصغرى19

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 01:11
المحور: الادب والفن
    

سوريا الصغرى19


جمال عبد الناصر في بيتنا
.
.
.

بعد سنتين من خطاب الاستقالة الشهير(كان الحدث الأبرز في زمنه),اثر هزيمة 1967 , الرئيس جمال عبد الناصر في مكتبه,تدور حوله القاهرة ومصر وبقية شعوب ودول المنطقة,إنه شبيه بالآلهة ....والجميع بانتظار كلمة منه,إشارة.
على بعد آلاف الكيلومترات وربما أقلّ,جبلة,بيت ياشوط, آخر بيت في حراما الغربية, صبي نائم ويرى في حلمه الرئيس جمال يمازحه,يقدم له الألعاب ويسأله عن مدرسته...الحياة في حلم.

أقل من نصف قرن, لتتغير سوريا ومصر وكل العالم إلى هذه الدرجة!أمر لا يصدّق
*
عجيب
تمنيت أن أدخل بهدوء
تمنيت أن أغادر بصخب
ما زال القليل الذي أعرف
يكفي للانتقال إلى الجهة الأخرى
حيث كل شيء مظلم وكئيب
في يوم حار من حزيران 1960
فضّل أبي اسم بطل كربلاء
على الحاكم المصري لسوريا
لا أميل معه إلى لوم الآخرين
مع أنساب بلا قرار
كثيرا ما أسميتهم سلالة خنازير
لأغير التسمية إلى سلالة ملائكة أو جبابرة
في اليوم الذي يليه
عدا الأساطير
التي سبقت أرواحهم إلى السماء
وعظامهم إلى العفن
ذهبت معهم
إلى أبعد من الأسف
وصار نصف أصدقائي من الأموات
بالأوهام
بنينا جدران غربتنا
*
جمال: كيف وصلت إلى هنا!عملية خطف؟ انقلاب؟
_في الحلم نستطيع أن نغيّر الدول وحياة البشر,بلا دماء بلا عنف
ربما تعجبك اللعبة سيدي الرئيس,وفي كل الأحوال هي روايتي, وإن تحسن الإصغاء/ أسمح لك بالكلام كما تريد,واعدك بنشره طبق الأصل
جمال:يبدو لي أنك شخص طيب,وغايتك المعرفة, وهذا يشعرني بالأمان. لكن اشرح لي أولا أين نحن, وكيف التقينا...أنا دائخ ومتعب
_نحن الآن في الشهر الأخير من سنة 2010. في بيتنا. ولأصارحك,لا أعرف أين سيكون في الواقع وبشكل فعلي. ولتطمئن سيدي أنا شاعر وأريد اللهو لأجل اللهو. وكل ما يدور بيننا الآن هو في الواقع الافتراضي/في عالم الأنترنيت, وأهديك بعض الكتيبات المبسطة لتفهم الأمر.
جمال: هل أنت من القوميين العرب؟ ملكي؟شيوعي؟ ليبرالي؟ رجعي؟....ماذا تريد بالضبط؟
_سيدي تغير الزمن والعالم,الفكر القومي انتهى والدكتاتوريات على الطريق. والاتجاه الأخلاقي والفكري في العالم كله,ينحو إلى التسامح,وثمة عودة مفاجئة لنظريات وأساليب أللاعنف.
جمال: ماذا يعني! هل أنت من جماعة الحبيب بو رقيبة الخائن؟ وتظن أن فلسطين تعود بالتفاوض, والحلول السلمية. اسمع:ما اخذ بالقوة لا يستردّ إلا بالقوة
_ سيدي ,اعذرني على الفظاظة, لم أسمع أن أحدا من أسرتك أو أقاربك قد مات في الحرب أو جرح أو أسر,أو...والفكرة تماما أننا نقلّد سلوكك وأفعالك وليس الخطابات الحماسية
جمال:أنا متعب يا حسين,هل تتهمني بالخداع!
_معاذ الله سيدي. استبطان التفكير/اعرف نفسك, أكثر ما يشغلني التناقض_ ليس بين الفكر والممارسة,بل التناقض بين أفكار الشخص نفسه/تناقض غاياته,هذا ما أحاول فهمه سيدي. وفي الفكر العربي الحديث أنت الأب "فعليا" لملايين من أبناء جيلي. تمجيد الثورة وثبات المبادئ والتضحية لأجل الحق والكرامة....ألا تستمع لأحمد سعيد حضرتك؟
جمال: من يكترث للمشاغل الذاتية,عندما تكون الأمة في خطر. رصّ الصفوف والاستعداد لمعركة التحرير. لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
_سيدي,سأتركك ترتاح قليلا,ونعود لجدالنا إن رغبت
*
جمال:متى تتوقف عن تعذيبي؟ هل تتهمني بقيادة انقلاب ضدّ الشرعية!
_لا شك سيدي, أن الأغلبية كانت معك وتؤيدك. لكن مشكلتي القائمة: أستمع للرأي الآخر يقنعني بالمنطق والأدلّة. وعندما أعاود الاستماع للرأي الأول يقنعني أيضا بالأدلّة والمنطق.
جمال: عليك أن تحصّن نفسك من دعاية الأعداء.
_لا اعرف الحدود بين حرية التفكير والخطأ الطبيعي,الحقّ في الخطأ. وهل من سبيل لمعرفة الصواب غير التجربة؟

جمال: الحق واضح والعدوان واضح,وكلام المثقفين المتذبذب مثلهم,مرض ينبغي استئصاله.

_سيدي:"من يمتلك الحقّ,وكل ما يقوله أو يفعله هو الصحيح والمناسب. وينحصر دور الآخر فقط في الطاعة أو العقاب"....أليس شعار الطغيان وهويته؟
جمال: .......,حذفت عبارات أظنها لا تليق بأول زعيم عربي في العصر الحديث, أرغب بسماع أم كلثوم كوكب الشرق. أم كلثوم أسمعني أم كلثوم
أنت عمري
*
لا أعرف الكثير عن حياة الرئيس جمال عبد الناصر.
أعتقد أن الأثر الذي تركه في الحياة والثقافة العربيتين,ما يزال, ويحيطه الغموض والرهبة.
لكن,جفاف العربية والفقر المعرفي_كذلك انفصال الأدب والكتابة عموما, عن الحياة الفعلية كما تحدث في أل"هنا والآن"سمة العهد الناصري. وكل يوم تبتعد أكثر
الحياة والعيش في جهة والأفكار والكتابة في الجهة المعاكسة
_وحده الموت يعيد وحدة الكيان البشري بلا أوهام,في هذه البلاد....القديمة الملعونة المتعبة.

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل