أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالنبي فرج - الشاعرفتحي عبدالله روح إنسانية تفيض بالألم















المزيد.....

الشاعرفتحي عبدالله روح إنسانية تفيض بالألم


عبدالنبي فرج

الحوار المتمدن-العدد: 3469 - 2011 / 8 / 27 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


الشاعرفتحي عبدالله روح إنسانية تفيض بالألم
قراءة في ديوان «الرسائل عادة لاتذكر الموتي
عبدالنبي فرج
تسعي شعرية فتحي عبدالله منذ ديوانه الأول «راعي المياه» إلي الانحياز إلي كل ما هو جوهري إنساني بامتياز دون أن تحفل بكونها تعبر عن الهامش أو المتن سواء كانوا رعاة أو زراعا، قاطعي طريق أو لصوصا، عمالا أو مهندسين، معبرا عن عالم الريف المستقر. هذا العالم بما يحفل به من طقوس حصاد وري وزراعة وتضامن إنساني يفرضه المجتمع الزراعي.. ولذلك جاءت هذه الشعرية وكأنها نتاج هذا المكان فكان بها قدر عال من انسيابية البناء وبساطة اللغة وغناها الحسي المستمد من أغاني الفلكلور أو الشعراء الشعبيين والذين كانوا يلعبون دورا قويا ومؤثرا في وعي الأجيال السابقة قبل أن تلعب الميديا هذا الدور. حتي العنف الذي يمثل رافدا أساسيا من روافد شعرية فتحي عبدالله جاء مكتوما يرفض أن يخدش هذا العالم السحري ثم خرج منذ ديوانه الثاني سعادة متأخرة عن هذا العالم الزراعي إلي عالم المدينة بما تحفل به من عنف وقسوة وقتل وفقدان للبراءة يفرضها المجتمع الصناعي الحديث وبدل أن تصيبه المدينة بنوع من النكوص ليشرد إلي ظلال الميتافيزيقا أندفع ببراءة الحالمين والخياليين العظام إلي محاولة تدمير المدينة وبناء مدينة متخيلة بعدسة كاميرا ورؤية مخرج سينمائي ولذلك جاء الديوان عبارة عن مشاهد قصيرة تتراوح بين الحادة والناعمة مستخدما تقنية الفيديو كليب ولذلك جاء عبارة عن مشاهد قصيرة محكومة ومضفرة وكأنها قطعة موزاييكو يكون عماد هذه المدينة الحرية والعدالة المطلقة هذه الحرية التي تكفل العدالة لكل البشر بمن فيهم الخلعاء والمهمشون والساقطون من المجتمع وقسوته أما ديوان: موسيقيون لادوار صغيرة، فقد جاء تعبيرا عن دور المديا في الحياة الحديثة وتعظيم دور اللذة حتي أدي إلي استلاب الإنسان.
أما ديوانه الأخير الرسائل عادة لا تذكر الموتي الصادر عن دار «الدار للطباعة والنشر» ليمتح فيها من مسارب شديدة التشعب وكلها مصادر باطنية وسحرية دافئة سواء كانت هذه المصادر من التراث العربي والانساني.. أرواح المتصوفة الكبار، ابن عربي، الحلاج، الدرويش في الصحراء محفوفين بالرمال. الحشاشين، القتلة. المقتولين دون أي نبرة من الإدانة أو روح سليطة، وإن كان هناك بالتأكيد أسي علي المحبوب والفقد، أو ألم هذا الألم الذي يؤانس الشاعر سواء كان الشاعر البرتغالي بيسوا أو روح آنا أخماتوف الشاعرة العظيمة في أول الرحلة (مثل هذا الألم ماكان في طاقتي واحتمالي) أو من خلال اليومي بما فيه من استعراض وطقوس ومشاهد آسرة أو من المناخ السريالي والحلمي، والتي حولت الجملة الشعرية من كونها دالة محملة برموز فقط إلي طاقة روحية وإنسانية آسرة.
هذا ديوان الألم الخالص والعذابات التي تحاول الذات الشعرية ليس النكوص والانزواء تحت هول الضربات أو التعالي الأجوف بل الانفتاح والكشف، وأول هذه الجروح المؤلمة هو غياب الصديق، الأرواح الكبيرة التي يستند إليها الشاعر مثل ابن عربي أو الحلاج.
أو الأب الذي يغيب، لن أقول مات فالشاعر لا يصدق أن هناك موتا وعلينا أن نصدق الشاعر علي اعتبار أن الموت الحقيقي هو فقدان الفاعلية وبذلك يكون الحي فاقد الفاعلية ميتا والميت الفاعل حيا.. وهاهو ينشد..
(كان يغلق أبي خزانة الطعام/ ويطمئن علي نوم أمي/ وأنا ألهث كمن هبط من أعالي الجبال/ ولا أقبض علي قميصه الأزرق/ ربما اختفي)..
أو يطمئن علي الحقل أو يصل رحمه أو زيارة مريض. وارتبط ظهور الأب أو الأصدقاء أو الأرواح العظيمة في التاريخ بلحظات الألم والقسوة اللانسانية باللهاث أو التخبط في السلالم أو القتل والسجن والموت، إنهم الإشارات الطيبة والرحم الانساني الذي يستند إليه لتجاوز المحن والشرور. حتي جثته برمزها المؤثر في الثقافة الإسلامية لا يؤمن عليها إلا المفقود حافظ الأناشيد لكي يمر بها علي البيوت ليروا كم الجروح والطهر. ورغم أن هواجس الموت تسيطر علي ذات الشاعر في هذا الديوان إلا أن هذا نوع من التقية أو السطح الخادع، فتحت هذا السطح سيل من تمجيد الحياة والحب والضحك والاحتفال والخصب والأشجار الحلوي، الأزهار. اللوز، الطيور.
الألم الآخر والذي يعل علي الذات الشاعرة هو الاعتقال وسلب الحرية التي يعتز بها، بل الأساس الراسخ داخله لو فقدها فقد الحياة تماما، إضافة إلي التعذيب الوحشي من أدوات السلطة القهرية التي تحول السلطة من راعية للعدالة إلي دولة بوليسية تشكك في ماض وتهدم في مستقبل.. في هذه القلعة المحصنة بالعدوان يهتف:
في سجن القناطر/ لا أبواب ولا مراوح/ بل عيون تقطع الأنفاس وتترك الأنامل في رعشتها وحيدة
أو كلما دخلوا إلي غرفة/ تخرج الطيور منه كأنها مذبوحة/ ومن يعود إلي غرفته/ وأقدامه صالحة للمشي أو علقوا جثتي في الممر الطويل/ واخبروا الأصدقاء/ أنهم سمعوا هذياني طوال الليل)..
هذا العوالم الكابوسية والأرواح الشريرة التي تطارده في نومه تجعله يتطوق إلي الحرية هذه اللفظة اللعينة التي استهلكت من قبل المرابين والنخاسين والجلادين والطغاة، وباسمها تم تدمير روح البشر واستعبادهم، ورغم ذلك ستظل هذه اللفظة تميمة الفقراء والمضطهدين، والدراويش والأنبياء. وسوف نجد دلالة هذه الكلمة في كل جملة شعرية في الدواوين بل من أو لجملة كتبها الشاعر، لأن الشعر هو ذاته محرر الإنسان من ربقة المادة وقمة التحرر لدي الشاعر هي التعري، وهي الكلمة الأكثر دلالة وانفتاحا ورحابة سواء كان تعري جسد الإنسان المادي البسيط أو التخلي عن الزخارف الاستهلاكية التي تكبل الإنسان وتعتقل الروح في أفق ضيق. ولذلك فالشاعر مفتون بكل من له القدرة علي تحدي قيم المجتمع المغلق السلطوي بعاداته وتقاليده الجامدة الثابتة الغبية، ويصبح الدراويش المنخلعون من شريان المجتمع أو الشواذ والسحاقيات والعاهرات والموسيقيون، دون أي تعال أو انحياز فوقي بل هو يحسب نفسه جزءا من هذا المشهد :
فأنا درويش/ لا شجر لي/ ولا حقائب/ وطعامي من هواءالناس
ولأخرج في الصباح بدون إنذارت/ أو إشارات واضحة )..
كل ذلك في لغة قد تكون مسا من السحر الشفيف، انها شعرية الماس والبئر الصافي أعاد فيه الاعتبار لدور اللغة الحيوي بعد أن تم إهدار هذا الدور بحجة فذلكات المعتوهين وأنصاف المواهب الذين غمروا الساحة الشعرية بسيل من الدواوين الفاخرة حتي سرت في الوسط الثقافية مقولة موت الشعر.
هذا هو الشعر.. والذي يتم حذفه لصالح دائرة فاسدة من أصحاب المصالح وغياب النقد الحقيقي الفرازة. الشيء المثير للسخرية والذي يدل علي تعاظم دور الشائعة وغياب القراءة الواعية أن الشاعر فتحي عبدالله شاعر ذهني؟ وهذا قمة السخرية فتحي عبدالله شاعر الهلاوس والأحلام والكوابيس، إنه ابن المدرسة السريالية العظيمة التي حررت الشعر من الجمود والتقاليد الكلاسيكية، ومن تعاظم دور العقل في ظل سطوة مرحلة التنوير، وهذا لا يعني غياب الذهن تماما في هذه الشعرية، بل يلعب الذهن دورا حقيقيا في الإطار وهل يمكن تصور قصيدة بدون إطار حتي الإطار لدي الشاعر فضفاض في كثير من الأحيان وليست إطارا جامدا فقصائد كثيرة تتوالد من بعضها أو تظهر مكملة لها في منطقة أخري أو ديوان آخر



#عبدالنبي_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الروائية المصريه سلوي بكر
- حوار مع الروائي المصري محمود الورداني
- حال الثقافة المصرية .. جريمة وزير
- : العاهرة الصغيرة
- اتجاهات مهتزة
- الكائن 
- حوار مع الروائي الكبير / أدوار الخراط
- الولع بالأساطير في الحروب الأخيرة
- العلم
- الشاعر محمد عفيفي مطر في ديوانه معلقة د خان القصيدة
- اللبؤة ..او سيرة الأسد
- لقاء مع المثقف المصري سامي خشبه
- قاطع الطريق
- مريم
- حوار مع القاص المصري سعيد الكفراوي
- حوار مع د نبيل عبدالفتاح
- حوار مع الروائي المصري ابراهيم اصلان
- فصل من رواية مزرعة الجنرالات
- جيل التسعينات وجنرالات الجيش الميت
- وزارة الثقافة المصرية في ظل الثورة


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالنبي فرج - الشاعرفتحي عبدالله روح إنسانية تفيض بالألم