أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - بشاعة الحقيقة















المزيد.....

بشاعة الحقيقة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 08:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحقيقة التي كنتُ أبحث عنها,اليوم أهربُ منها.

أولا كنت أبحثُ طوال العمر عن الحقيقة وكانتُ الحقيقة تخفي وجهها عني, وعشت طوال حياتي وأنا أحاول التعارف عليها وكانت ترفض أن تريني وجهها, وكنت مصرا أن أتعرف على وجهها لأنني كنت أعتقد بأنها تملك وجها جميلا ولكن للأسف اكتشفت بعد طوال السنين أن للحقيقة وجهاً أخر قبيح المنظر, لذلك أنا اليوم أحاول التهرب من الحقيقة وذلك بسبب بشاعة منظرها ورداءة ثوبها..واليوم كنتُ أغط في نومٍ عميق وكانت الحقيقة تلاحقني لتريني وجهها القبيح وكنتُ أركض في الشارع بسرعة شديدة وكانت الحقيقة تركض خلفي وكنت أناشدها بأن تبتعد عني أكثر وأكثر وكانت تقول لي(ألم تكن تبحثُ عني وعن وجهي ؟ها أنا ذا أريك وجهي) وكنت وأنا أغط في النوم العميق أناشدها بأن تبتعد عني لأني لا أريد التعرف على الحقيقة, إن الحقيقة مؤلمة, هكذا قلت لها :أنت مؤلمة ووجهك قبيح,,وكنت كلما تطلعت للوراء على الحقيقة أخاف من وجهها القبيح وأرتعب من هول منظرها, للحقيقة يا أصدقائي وجه ليس كوجوهنا فأبشع وجه شاهدته في حياتي وتعرفت عليه هو وجه الحقيقة إن وجه الحقيقة قبيح, وها أنا اليوم أندم على معرفتي للحقيقة وأندم ندما شديدا على الأيام الخوالي التي كنت خلالها أدفع الثمن للوصول إلى الحقيقة التي كنت أعتقد بأنها ستسعدني جدا,وها أنا بعد أن تأكدت بأنها ستتعسني وستؤلمني قررت الابتعاد عنها, وفي هذا الوقت بالذات غيرت الحقيقة خطتها بحيث كانت في السابق تختبئ عني واليوم هي التي تلاحقني وتتابعني وأنا مصر إصرارا عميقا على الاختباء عنها,والآن تأكدت وعرفت السبب الذي يجعل الناس يهربون من الحقيقة, فكل الذين لا يريدون التعرف على الحقيقة مدركون فعلا بألمها وببشاعة وجهها القبيح, وبأن الذي يعرف الحقيقة يعيش طوال حياته تعيسا والذي لا يعرف الحقيقة يعيش طوال حياته سعيدا جدا, وأنا أول إنسان كان يعيش سعيدا بحياته وببيته وبأسرته حين كانت الحقيقة تهرب مني, واعتبارا من اليوم أو من ليلة الأمس دخلت عالم التعاسة لأن الحقيقة قررت متابعتي بعد أن قررت الهروب منها, وكنت أبحث عنها لاعتقادي بأنها ستجعلني أعيش سعيدا واليوم أهرب منها لمعرفتي بأن الهروب من الحقيقة هو الذي يجعلني أعيش سعيدا في حياته, ووجه الحقيقة مقرف جدا وكل الناس تهرب منه ومنها,وكنت ليلة الأمس أغط في نوم عميق وأحلم بالابتعاد عن وجهها كما كنت أحلم في السابق بالتعارف على وجهها وأعتبر نفسي بأنني منذ ولادتي وأنا أركض وأتصارع مع الحقيقة وكانت الحقيقة طوال السنين تغلبني ولا تكشف لي عن وجهها وكنت أحلم برؤية وجهها واليوم أحلم بالاختباء عنها بسبب بشاعة منظرها, ولست أدري هل كل الناس يشاهدون وجه الحقيقة المقرف أم وجه الحقيقة الجميل؟ ربما أن وجه الحقيقة عند بعض الناس جميلا وعند بعض الناس قبيحا..والمهم أنني كنت أغط في نوم سحيق وكانت الحقيقة تركضُ خلفي وترفض أن تركض خلف إنسان آخر غيري أنا, ولا أدري لماذا الحقيقة معجبة في وجهي,ولا أدري لماذا تتابعني هل لأنني مثلا أكثر شخص بحث عنها؟ ولا أدري لماذا الحقيقة لا تتعب من ملاحقتها لي بعد أن توقفتُ عن متابعتها, وكنت أغط في السرير بنوم عميق معظمه نوم قسري وكانت الحقيقة تطاردني بوجهها القبيح وكنت بارعا في الهروب منها, وكنت أتوقف من شدة التعب والإرهاق وأنظر خلفي وأسألها: لماذا تلاحقينني؟ أنا لا أريد أن أعرف الحقيقة أنا أفضل أن أبقى جاهلا بالحقيقة لأن رأسي يؤلمني من الحقيقة وأعصابي تتعب من التعرف عليها وكانت الحقيقة من شدة التعب تقف مثلي وتقول لي: أريدك أنت وحدك أريدك وحدك للتعارف عليك أريد أن أريك وجهي, وكنت أركض وأركض وأقول لها: لا أريد رؤية وجهك لأنه يجرح كما السكين ويقتل كما الرصاصة ويخترق القلب كما ولو أنه قذيفة نارية..وكانت الحقيقة تستأنف الهرولة والركض خلفي وكنت وأنا أركض أناشدها بأن لا تلاحقني لأنني سئمت من كل الحقائق فلكل الحقائق وجه آخر قبيح اللون والمنظر, وكنتُ كلما ازددت في السرعة كلما ازدادت هي أيضا سرعة مضاعفة لسرعتي, وكنت أهرب منها وكانت تهرب مني وكنت كلما أختبئ عنها كانت تمسك بي وتقول لي: أنظر في وجهي ألستُ جميلة ؟أنت أول من بحث عني وكنت تتمنى أن تجدني أو تصادفني وكنت أصرخ من بشاعة المنظر وكانت أرجلي وأطرافي العليا ترتجف من هول المنظر المرعب للحقيقة, وكنت أفلت وأهرب منها وكانت تجدني أينما اختبأ عنها وبسرعة دخلت باب البيت وكان الباب مغلقا فضربت جرس ألباب عدة ضربات جنونية ففتحت أمي باب البيت ودخلت الدار وأغلقت الباب ورائي بإحكام وسألتني أمي عن سبب ارتعابي وطلبت ماء للشرب فأحضرت أمي لي الماء وسألتني أمي مرة أخرى عن سبب حالة الخوف التي لاحظتها على وجهي فأخبرتها بأنني هاربٌ من الحقيقة التي تلاحقني في كل مكان, كانت يا أمي الحقيقة تركض خلفي بسرعة جنونية وكنت أختبئ عنها في كل مكان معتقدا أنها لن تجدني به وكان لها وجه قبيح المنظر ويدان طويلتان وعبون حمراء كأنهن جمرا أو نارا ملتهبة وكان شعر رأسها عبارة عن شجرة بلوط وهربت منها بعيدا ولكن للأسف كانت الحقيقة أقوى مني وكانت تجدني بسرعة ولا أدري لماذا أنا هو الشخص الوحيد الذي تركض الحقيقة خلفه, أنا لا أريد الحقيقة..أنا لا أريد التعرف على وجهها أو لونها أنا لا أريد أن أصدق الحقيقة ولا أريد حتى أن أصدق نفسي ولا أريد أن أتعايش معها إن الحقيقة تطاردني لوحدي وتهرب من قلوب وعقول كل الناس إلا أنا الحقيقةُ تعشقني وتحبني وتكشف لي عن وجهها القبيح, وحين هدأت نفسي وذهب عني الخوف والرعب استلقيت على السرير مرتعبا وما زلت ألهث بأنفاسي وأتذكر بالحقيقة التي تريدني أنا وحدي من بين كل الناس وصرت مصرا أكثر على عدم البحث عنها وعلى عدم ملاحقتها, لقد كنت قبل ذلك التاريخ غبيا ومجنونا وسعيدا بغبائي وببلادتي وكنت جاهلا حين كنت أبحث عن الحقيقة وأفتش عنها وكانت هي أيضا تهربُ مني وترتعبُ مني وتخاف مني ولا تريد التعارف على شخصيتي ولا أدري لماذا الحقيقة فجأة قررت ملاحقتي ومتابعتي في كل مكان أذهب إليه بعد أن كانت مختبئة عني أكثر من عشرين عام على أبلغ تقدير, أنا اليوم لا أريد العيش أو التعايش مع الحقيقة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلى شخصيه شخصية مأمون
- رياضة التكسير
- المشاكل الجديدة
- صحتك بالدنيا
- عبثا تحاول
- سنين الضياع
- آدم له زوج ولذريته أربع
- الأقليات
- ربي كما خلقتني
- العاقل الوحيد
- إلى بنت الطيبه
- الله يميتني ونادين البدير تحييني
- المرأة المسلمة2
- المرأة المسلمة1
- عيد ميلاد لميس السادس
- كلمة شكرا
- دنيا ودين
- ذاكرتي تؤلمني
- يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
- المرأة تلعن والرجل يغضب


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - بشاعة الحقيقة