أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - صحتك بالدنيا















المزيد.....

صحتك بالدنيا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3462 - 2011 / 8 / 20 - 12:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


صحتي بالدنيا كلها, الله يلعن أبو الأدب على أبو الفلسفة وعلى أبو الكتب التي دمرت حياتي بالكامل حتى أنكم ترونني الآن وكأنني ورقة خفيفة الوزن تلعب فيها الريح هنا وهناك, أنا كان مالي ومال الفلسفة والأديان والديانات والبحث عن الصح والغلط, ليش أنا أصلا من أصله أتفلسف فلسفة زائدة ....إن أكثر مرض يصيب المثقف هو إحساسه بقيمته الزائدة وبتميزه عن الآخرين فيبدأ المرض معه عندما يشعر بأنه إنسان متقدم فكريا عن الناس الذين يعيش معهم في نفس البيت والشارع والحارة والمدينة كلها بل وأحيانا يشعر بأنه متميز عن العالم ككل ومن هنا الناس يملون هذا الكاتب أو المثقف وهم أيضا يبادلونه بنفس الشعور فيشعرون بأنه غريب وتافه وعبارة عن (نَكِرة) ولا يساوي شيئا فيبتعدون عنه ويبتعد هو أيضا عنهم ليعيش وحيدا ومكتئبا مع فنه ومع جنونه الثقافي, لذلك منطقيا الكاتب شخص غريب عن الوجود.

وصدقوني أنني في بعض الأوقات أقرر عدم الاقتراب من الكتابة ومن الكتب وفي لحظة جنون عابرة أعود وأحتضن الكتب والفلاسفة ,ربما لأنني مريض بالثقافة وهل يسمح المواطن العادي لنفسه بأن يدخل إلى بيته فيلسوفا أو أديبا ليشوش عقول أهل الدار؟ ترى ما شكل الفيلسوف في بيته؟وهل كل أهل البيت العاديين من غير الفلاسفة يطيقون تصرفات الكاتب أو الكاتبة الفيلسوفة, إن الفيلسوف يعيش طوال حياته مغتربا عن الذين من حوله فكريا وعاطفيا ولا يفكر بنفس الأسلوب الذي يفكر به باقي أفراد الأسرة, فأنا مثلا طريقة حياتي تختلف عن طريقة حياة أمي وصدقوني بأنها أحيانا تدعو على نفسها بالموت لكي تتخلص من سلوكي أو من أقوالي فأنا مثلا أقول أكثر مما أفعل أي أن أقوالي أكثر من أفعالي ولو بلغت أقوالي مستوى أفعالي لقتلوني أهلي في وسط البلد وأمام كل الناس لأكون عبرة لمن يعتبر,إن كل الكتاب بل وكل الفلاسفة والأدباء شخصياتهم في المنزل مثل شخصية (سقراط) حين كانت زوجته تتمنى موته , فكلنا نحن المتفلسفون لا أحد يطيق النظر فينا أو الاستماع إلينا فأنا أقول الحق وهو أن أمي وزوجتي وأخواتي كلهن يأمرنني بالسكوت حين أتحدث عن الدين وعن المرأة العصرية, ودعوني أتوقع منزلي قد تعرض للمداهمة من قبل اللصوص فهل مثلا سيسرقون الكُتب؟ طبعا لا, وأنا بدوري سأجلس حزينا محتارا كما عاد (بيكاسيو) ذات مرة إلى منزله بصحبة أحد أصدقائه حيث وجد منزله قد تعرض للسرقة ووجده مقلوبا رأسا على عقب وكل شيء في داخله مبعثرٌ للغاية , وحين تفقد المنزل بما فيه من محتويات وتحف فنية جلس بيكاسيو الفنان حزينا ومكتئبا فسأله صديقه: ماذا سرقوا لك,؟ فأجاب بيكاسيو: لا شيء سوى أغطية الفراش , فرد عليه صاحبه مستعجبا ومستغربا والابتسامة تملئ وجهه: إذا لماذا أنت حزين كل هذا الحزن؟ فوقف بيكاسيو وهو لا يدري أين يذهب قائلا: يؤسفني أن هؤلاء الأغبياء لم يسرقوا إي لوحة من لوحاتي الفنية.
.
وهل تصدقوا بيكاسيو بأنهم أغبياء, أم تصدقوا اللصوص بأن بيكاسيو غبي وفاشل طوال حياته؟ فهل فعلا أللصوص أغبياء أم أذكياء؟أنا أحيانا أعتبر بيكاسيو هو الغبي جدا, حين أنظر إلى نفسي أو حين يسألني أحد الناس ما مهنتك؟ فإن قلت ):كاتبا) فورا أقولها وكل خجل بحيث تكون كل الحروف صامتة فيسألني مرة ثانية وثالثة ورابعة حتى في النهاية يفهم بأنني كاتب أخجل من مهنتي حين تصبح الكتابة مهنة يعيش من وراءها أقوى المناضلين والمكافحين ضد الشر والجهل والتخلف, ولكي لا نبتعد كثيرا عن الموضوع أنا شخصيا لو اشتغلت ذات يوم حرامي وكسرت باب شقة كبيرة ووجدت فيها كتبا ولوحات فنية فهل مثلا سأسرق الكتب أم أغطية الفراش أم اللوحات الفنية؟ أنا عن نفسي أو بالأصالة عن نفسي لا أدري ماذا أقول, فلا يوجد عاقل بعد تجربتي المريرة مع الكتب والثقافة ,لا أحد يدخل إلى بيته كُتبُ الفلاسفةِ الذين عاشوا طوال حياتهم يعانون إما من الاكتئاب العصبي وإما من الفصام, وأنا أجزم جزما قاطعا بأننا ككتاب لا يوجد فينا كاتبا سليما من الناحية العقلية إلا إذا كان بيننا كاتب مندس فقط للتجسس على المثقفين فهذا 100% يكون عبارة عن كتلة كلها عقل وتعقل.

هل تعلموا بأن أغلبية الفلاسفة وأغلبية الكتاب وضعهم العائلي مزري ومقرف ولا أحد من أهلهم يطيق تصرفاتهم,ولم أصادف في حياتي كاتبا أو كاتبة إلا ولديه ولديها نفس المشاكل ألتي أعاني منها مع أمي وشقيقاتي.. وجربوا معي هذه التجربة وادخلوا إلى منزل أي كاتب أو فنان كبير ستجدون أولا أمه وأبيه يتمنون له الموت العاجل أو الشفاء العاجل,وجربوا معي لو تدخلوا إلى بيت أي كاتبة ستجدون أمها تقول (يا ألله توخذها أو توخذني وتريحنا أنا وهي من بعض) وادخلوا معي إلى حياة أي ناشطة سياسية أو حقوقية ستجدون بأن أمها أيضا لا تطيق تصرفاتها وتفرض عليها إقامة شبه جبرية ولا تسمح لها باستقبال الضيوف في بيتها وتجعل من نفسها سجانا وبيده مفتاح القفل فإن أرادت الخروج تسمح لها بشكل مؤقت ومدروس ومحسوب بالدقيقة أو محسوب بنسب أخرى...إلخ وتعتبرها جاهلة بطبيعة مصلحتها, حتى أنا أمي تقرف من كلامي وتعتبرني في أغلب الأحيان مجنونا وغير مسئول عن تصرفاتي حين أشعر بها وهي تهز رأسها بالموافقة على كل ما أقول, وتكون هزة رأسها ذات معاني كبيرة وهي عبارة عن (زحلقه) أو (بدها تخلص مني) وكذلك زوجتي حتى أولادي أحيانا يهزون الرأس تعبيرا عن مللهم مني ومن صورتي وأنا أتكلم, وكل هذا معناه أن المثقف والكاتب لا يعامله الأهل كفيلسوف وإنما كمريض أو كمجرم أو كإنسان شاذ عن الجميع, ودعونا نعود إلى بيكاسيو الذي لم يسرق اللصوص لوحاته الفنية فهذا معناه أن الفن عند أغلبية العالم شيء تافه وبلا قيمة وبلا ثمن , وأنا لو دخل إلى منزلي في يوم من الأيام عدة لصوص فهل مثلا سيسرقون مكتبتي؟ أو كتبي التي ألفتها؟أو بنطلون الجينز الوحيد؟ لا أحد يجلب إلى نفسه العار, فالكتب عند أهل حارتنا عبارة عن عار كبير, وتجلب وجع الرأس كما يقولون إلا إذا كان السارق مجنونا أو في عقله عته أو نقص في الشخصية, وأنا أعترف بأنني مصاب بمرض نفسي ولو كنت عاقلا لما سمحت لأفلاطون وأمثاله وأشكاله بأن يدخلوا حياتي, ولما سمحت لنوال السعداوي بأن تدخل حياتي وتخرب عليّ حياتي وتشوش لي ذهني, وأحيانا أقول بيني وبين نفسي كيف سمحت لمعتوه اسمه (نيتشه) بأن يدخل حياتي, علما أن الناس من أهله وجيرانه كانوا ينظرون له وكأنه شيء مقرف,إن أعظم شخصية فلسفية في العالم تكون في بيتها شخصية أقل من عادية ولا أحد يتعامل معها وكأنها سوية كل أهل البيت يتعاملون مع الشخصية المبدعة على اعتبار أنها شخصية أقل من عادية وأحيانا كأنها مريضة نفسيا وأحيانا يتعاملون معها وكأنها مقرفة جدا والكل يداريها ويتحاشاها اتقاء وليس محبة, نعم, لا أحد يسمح لنفسه بأن يدخل إلى بيته فيلسوفا أو كاتبا أو كِتابا إلا إذا كان هو أصلا مصاب بمرض نفسي, وأنا أعترف بأنني مريض نفسيا حين سمحت للمؤرخين وللفلاسفة بأن يدخلوا بيتي ليخربوا حياتي وليدمروها إلى الأبد, أنظر عزيزي القارئ إلى اللصوص الذين دخلوا بيت الفنان بيكاسيو: لم يسرقوا من المنزل إلا أغطية الفراش ولم يسرقوا منه اللوحات الفنية وهذا له معنى آخر وهو أن كل شيء في هذا الكون له قيمته ما عدى الفن والفلسفة والأدب, وكان من المتوقع أن يسرق اللصوص عُلبة كبريت إذا لم يجدوا في المنزل غير اللوحات وعلبة الكبريت فيقع اختيارهم على أعواد الثقاب لأنها بنظرهم أكثر قيمة من الفن والفلسفة والأدب والثقافة بكل تفرعاتها, وأنا فعلا حزنت حزنا شديدا ذات يوم حين نسيت كتابا على (بنكيت الرصيف) وحين عدت صباح اليوم التالي وجدته بمكانه لم يمد يده إليه أي إنسان,...وأنا شخصيا حين أنظر في مكتبتي أصاب بالذهول وبالدهشة وأقول لنفسي: أين كان عقلي حين سمحت لكل هذه الكتب أن تدخل منزلي!وأين كان عقلي حين سمحت ل (سلامه موسى) بأن يدخل حياتي؟ وأين كان عقلي حين سمحت لنفسي بأن يدخل بيتي أغلبية الفلاسفة من أدباء وشعراء ومؤرخين ومجانين حب وغرام, أين كان عقلي؟ أين كان عقلي حين سمحتُ لهؤلاء المجانين بأن يدخلوا حياتي حتى أفسدوها عليّ بالكامل.

انسى يا ولد وصحتك بالدنيا.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبثا تحاول
- سنين الضياع
- آدم له زوج ولذريته أربع
- الأقليات
- ربي كما خلقتني
- العاقل الوحيد
- إلى بنت الطيبه
- الله يميتني ونادين البدير تحييني
- المرأة المسلمة2
- المرأة المسلمة1
- عيد ميلاد لميس السادس
- كلمة شكرا
- دنيا ودين
- ذاكرتي تؤلمني
- يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
- المرأة تلعن والرجل يغضب
- لم يذكر القرآن المحامين والمحاكم
- أنا أسعد رجل في الحارة
- الدرس الخامس:مشاعري وأحاسيسي في رمضان
- لغة الحمير


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - صحتك بالدنيا