أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مكارم ابراهيم - الليبرالية الحديثة!















المزيد.....

الليبرالية الحديثة!


مكارم ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3455 - 2011 / 8 / 13 - 13:14
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إن السمة العامة التي يمتاز بها عصرنا الحالي هي الفردانية اوالفردية الاستقلالية (Individualism) مقابل تقلص سمة الجماعية(collectivism). ولكن دعونا نفهم كيف تعبر هذه الفردية عن ذاتها في مجتمعاتنا المعاصرة. ولا اعني بذلك مجتمعات دون اخرى كما يتصور بعض الكتٌاب العٌرب إذ يقول احدهم "العرب مهووسون بالفردية". وهذا تفكير خاطئ جداً لان الفردية هي أهم ماتتميزبه المجتمعات الغربية اليوم والتي يطلق عليها بالمجتمعات الرأسمالية ذات السياسة النيوليبرالية. وهنا اريد تسليط الضوء على مفهوم الليبرالية الجديدة وما صلتها بالفردية ؟

بداية اود ان اشيرالى وجود كلمتين مختلفتين لليبرالية الحديثة في اللغة الدنماركية neoliberalisme, nyliberalisme ولكن عندما تترجمان الى اللغة الانكليزية فنحصل على كلمة واحدة وهي Neoliberalism.
والكلمتان لاتختلفان عن بعض من حيث المعنى ولكن تختلفان من حيث الزمن والجغرافية.
وكلمة الليبرالية الحديثة استخدمت اول مرة عام 1939 في اجتماع في جنيف ضم قيادي الاقتصاد الليبرالي الناطقين باللغة الالمانية منهم فيلييم روبك, الكسندر روستو,فريدريك فون هايك. وكان لهؤلاء اهداف بعكس اهداف الليبراليية الكلاسيكية . فهم كانوا يهدفون الى تقوية الدولة وحماية السوق من تشويه المضاربات والاحتكارات ومن اجل تجنب تكرار الفوضى الاقتصادية التي حدثت في العشرينيات والثلاثينيات.

هذه الافكار كانت القاعدة التي أَسَست مايعرف بإقتصاد السوق الاجتماعية والتي كانت تحت قيادة لودفيغ ارهارلد والتي ميزت مايعرف بالمعجزة الاقتصادية الالمانية( Wirtschaftswunder) بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي اوروبا الغربية تعتبر الليبرالية هي القاعدة الاساسية في بناء النظام الراسمالي منذ بداية القرن التاسع عشر.وهي نوع من الايديولوجية الفوقية التي تنشق عنها ايديولوجيات عديدة متصارعة فيما بينها. وهي تعتبر بان تطور المجتمع يبنى على الانتاج "الفردي" المرتبط بحاجة المجتمع.

أما في الولايات المتحدة الامريكية فقد استخدمت كلمة الليبرالية الحديثة اول مرة في بداية الستينات على إعتبارها النظير للليبرالية الاجتماعية ولكن دون ان تعبرعن ايديولوجيا تنظيمية وممنهجة. بل اعتبرت مجرد افكاربين مجموعات مختلفة من رجال الاقتصاد الامريكان يشتركون بنقطة مهمة وهي نقدهم الواضح لما يسمى بالعقلانية السياسية التي تهدف الى اهمية تدخل الدولة في تنظيم المجتمع والتحكم بمؤسساته. فالليبرالية في الولايات المتحدة تهدف الى استقلالية الفرد في التحكم في السوق والاقتصاد من خلال نظام الخصخصة والمضاربات والسوق الحرة وشركات الاستثمار الاجنبية التي لاتدفع ضريبة للدولة.

اما في بريطانيا فان الليبرالية الحديثة بنيت على أثر تدعيم سياسة الخصخصة التي شرعت بها مارغريت تاتشر حيث اسست في عام 1957 مؤسسة الشؤون الاقتصادية المستقلة والتي تسمى بمؤسسة فكر ورأي(Think tank)‏, وساهمت مارغريت تاتشر في انحسار النفوذ السياسي والاقتصادي للطبقة العاملة مقابل دعم كبير للشركات الخاصة . اما روسيا واوروبا الشرقية فمنذ عام 1989 كانتا تتحسسان جدا من افكارالليبرالية الحديثة .

وفي امريكا اللاتينية فان الليبرالية الجديدة اعتنقت بسبب سياسة الاقتصاد في الفترة الواقعة بين عام 1990 و عام 2000 .وذلك لان الازدهار الاقتصادي في دول الغالبية منهم لم يكن ايجابيا بسبب تكرار الازمات الاقتصادية فيها , وارتفاع معدلات البطالة, واتساع الفجوة الطبقية بين الفقراء والاغنياء ولكن الموقف من الليبرالية الحديثة في امريكا اللاتينية قد اختلف اليوم بشكل كبير واصبح اكثر تعقيدا وله اتجاهات مختلفة.
فقد تنوعت هذه المواقف كما هو الحال مع ظهور المحافظين الجدد في الولايات المتحدة في الستينات والتي تختلف تماما عن مجموعة المحافظين التقليديين. فالمحافظون الجدد في الولايات المتحدة مثلا يمثلون حزب سياسي يميني مسيحي متطرف جدا وكان هو المؤثر الرئيسي على قرارات رونالد ريغان اثناء فترة حكمه على سياسته العنيفة تجاه الاتحاد السوفيتي السابق. وكانت ايضا افكار الليبرالية الحديثة القاعدة الاساسية التي اعتمد عليها جورج بوش في سياسته الخارجية.

وتعتبر الليبرالية الحديثة هي التصميم السائد المعاصر للنظام الرأسمالي والذي تتصف به جميع المجتمعات الرأسمالية كمبدأ أساسي لها . وتقسم الليبرالية الى انواع منها الليبرالية الحديثة,الليبرالية الكلاسيكية, والليبراليبة البوستية (المرحلة مابعد الليبرالية ). ويجب ان نميز بينهم من أجل أن نحدد تعريف للرأسمالية ما بعد الحروب العالمية. والليبرالية البوستية تختلف تصنيفياً عن الليبرالية الكلاسيكية(تقليدية) والجديدة (النيوليبرالية).

"فالليبرالية البوستية ترمز لملامح الرأسمالية والتي تبين لنا بان الليبرالية هي طريقة تفكير ومبدأ تنظيمي إجتماعي". (1.ص368)

ونشوء الليبرالية كان بهدف ايجاد بديل لفوضوية السوق الرأسمالية بعد الحرب العالمية وفي هذا السياق حصلت الدولة نسبياعلى استقلاليتها ليس فقط كأن تضيف مكتسبات معينة على السوق بل اصبح للدولة قيم إجتماعية جديدة, وآليات تنظيم ومراقبة تتحكم في السوق تختلف عن السوق الرأسمالية الاصلية.
الليبرالية البوستية تتوضح بشكل جلي من خلال البنية الهيكلية لمجتمعات الرفاهية الحديثة وكذلك في الازدهار الكبيروالارتفاع المطرد لدفوعات الضرائب للقطاعات الحكومية. كما هو الحال في الدول الاسكندنافية والتي تشكل نصف الإقتصاد الكلي للدولة والتي مازالت مستمرة على الرغم من وجود تيارات نيوليبرالية قوية.

يرتبط بمفهوم الليبرالية الحديثة تصور لتطور الراسمالية تبعاً لمراحل وعهود مختلفة (ليبرالية بوستية ,وليبرالية, وليبرالية جديدة) والتي تعطي معنى في تحديد الجغرافية التاريخية وتحليليها كشكل واقعي حقيقي قائم تابع لتصميم المجتمع الرأسمالي العام.

ومن الناحية التاريخية يتم الاعتماد على تتبع مراحل هذا التطور. منها نستطيع ان نعتبر الليبرالية الجديدة هي مزيج من ليبرالية بوستية وليبرالية كلاسيكية (تقليدية) تنمو وتتطور اعتمادا على تعاقب سير المراحل انطلاقا من الليبرالية البوستية .وهكذا يتضمن هذا التوضيح برهان على ان نظام الراسمالية الحديثة لايحوي عصر متجانس وبالتالي لايمكن ان نعتبره كنهاية تاريخية.

ان اصطلاح الليبرالية الجديدة يتضمن تفسير نقدي. وهذا النموذج الراسمالي المؤقت والمتناقض ومصطلح الليبرالية الجديدة هو محاولة لفهم واقعية النظام الراسمالي المعقد والملئ بالتناقضات وفي تغيير مستمر ولهذا فمن المستحيل اعطاء صورة نهائية كاملة له ومن المستحيل ايضا ان يحافظ عل دوامه.
ولكن وحسب رايي الشخصي فان اصطلاح الليبرالية الحديثة هي افضل تعريف شامل للراسمالية المعاصرة من منظور تاريخي حقيقي.

"وهناك العولمة المالية التي تنجز من قبل اشخاص لهم نفوذ ومن خلال استخدام تصورات وهواجس في العالم المالي التجريدي العالي بحيث يعمل على تثبيط اهم الاحتمالات والخيارات السياسية للدولة . وتعتبرالراسمالية الغزيرة هي شرط اساسي للنجاح في عالم يتحكم به لعبة النمو الاقتصادية العالمية السائدة والذي من مفهوم سلبي هو معركة يائسة لتجنب الوقوع الى الخلف في العالم الاقتصادي الراسمالي وبعبارة اخرى فان مانتحددث عنه هو عولمة لاكثر شكل لمنطق الاقتصاد". (1.ص375)
"هناك جانب مهم في الليبرالية الحديثة هو ميول العولمة واهم مايميزها هو التهرب من دفع القوانين الدولية ودفع الضرائب والمراقبة او التفتيش"(1)
ومن اجل دراسة هيكلية التناقضات في البنية الاجتماعية للمجتمعات الراسمالية المعاصرة يتطلب ذلك دراسة المؤسسات الاقتصادية المسؤولة عن ذلك ويجب ان تكون دراسة تاريخية للرواتب في مختلف طبقاتها الاجتماعية ,دراسة النقابات العمالية, والاحزاب, وراس مال البنوك والبنك المركزي. هذه المؤسسات جميعا هي المسؤولة عن تفعيل عمل الراسمالية المعاصرة. اما ايديولوجيا فمن المفيد الاهتمام بالنقطة التالية وهي :كيف ان راس المال الذي هو نتاج تراكم العمل الذي يتحكم به رجل اخر؟. وهذا يحتاج لبحث خاص.

مااوردته هنا كان من دراسات مختلفة حول خلفية نشوء الليبرالية الحديثة في الغرب التي تدعم الفردية واقصاء الدولة عن حرية الفرد في مجال الاقتصاد .ولكن بتصوري الشخصي انه بعد الحرب العالمية الثانية اخذت الاحزاب الشيوعية والاشتراكية البروزعلى الساحة السياسية في الغرب ومحاولة الوصول للحكومة ولكن في كل محاولة يتم اقصائها .ولهذا نشات السياسة الليبرالية لتكون الجبهة المضادة للشيوعية والاشتراكية التي تؤمن بالجماعية والعدالة الاجتماعية.

فالفردية تقول بان الفرد ياتي اولا ويحق له ان يكون انانياً ويفكر بنفسه دون ان يفكر بالمجتمع ومن حوله من الناس, اما الجماعية فتقول ان على الفرد ان يفكر بالدولة والمجتمع اولا ثم يفكر بنفسه . ومايحدث اليوم من احتجاجات جماهيرية واسعة سواء في الشرق الاوسط او في لندن ومدن اخرى في بريطانيا ,اسبانيا, واليونان ماهي الا نتيجة لاستياء الجماهير من السياسية النيوليبرالية لحكوماتهم الراسمالية التي اعتمدت على الخصخصة التي اغنت السياسيين المرتبطة مصالحهم بمصالح رجال الاعمال ومسؤولي البنوك العالمية والكارثة انه رغم مانسمع عن مديونية البنوك الا ان رواتب مدراء البنوك والمقربين تصل الى مبالغ مذهلة! وهذا مايسمى بالفساد بكل معنى الكلمة .
واخر االاحداث كانت في بريطانيا التي هي نتيجة للسياسة الليبرالية الجديدة التي يتبعها المحافظون التي عمقت اللامساواة بين الاغنياء والفقراء .فحسب بيان لحزب العمال الاشتركي البريطاني "إن ال81 ملياراً التي تم اقتطاعها من الإنفاق العام بقرار من حكومة ديفيد كاميرون لا تعني سوى تشريد الآلاف من العمال و بالتالي تكديس آلاف العاطلين في المناطق المهمشة ؛ هذا لا يعني سوى تجمعات بشرية مطحونة و خدمات عامة مهترئة . و عند لحظة احتقان معينة لا يجد هؤلاء المهمشون الذين دُفعوا تلقاء الحائط سوى أن يستديروا لهذا النظام الناهب و القمعي و يردوا عليه الصاع صاعين في قتال شرس" .
مكارم ابراهيم

المصادر
http://rudar.ruc.dk/bitstream/1800/474/1/oekonomi_oekonomisk_fornuft.pdf
http://www.teorier.dk/tekster/liberalisme.php
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=270951
http://www.folketshus.dk/fd/Tekster/kategorier%20i%20kapitalen%20(ugi).pdf
http://www.denstoredanske.dk/Samfund,_jura_og_politik/Samfund/Statsl%C3%A6re_og_politisk_videnskabsteori/neoliberalisme_-_idstr%C3%B8mninger



#مكارم_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحقيرالطبقة العاملة وراء أحداث لندن
- احداث شغب في لندن!
- (الماسونية)وحكومة عالمية واحدة/ الجزء5
- (الماسونية) والحرب على العراق/ الجزء 4
- (الماسونية) علاقة المصارف بالحروب /جزء2
- الماسونية وصنع الاقتصاد من الدّين والفوائد
- معاداة الماركسية
- الهوس الجنسي أسبابه !
- هل الخليج عربي أم فارسي؟
- الجذور الدينية للماركسية!
- تخلفنا من منظور مهدي عامل
- تناقضات الكاتبة نوال السعداوي
- من الأدب الماركسي 2
- نظام إشتراكي أم ليبرالي أم رأسمالي ؟
- من الأدب الماركسي (1)
- مفهوم السلام وجائزة السلام!
- الصينيون قراصنة السوق !
- ماهي الماركسية ؟
- الدومينو اليونانية والانهيار الاقتصادي
- لا رسائل للسفاح بشار الاسد


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مكارم ابراهيم - الليبرالية الحديثة!