مكارم ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3406 - 2011 / 6 / 24 - 20:02
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
جاءت العولمة بوجهين أحدهما يغطي على الأخر لكنهما بكل الأحوال أكبر من أن يتحملهما كاهل الانسان .نعم لقد حولت العالم الى قرية صغيرة فعلى سبيل المثال اذا كنت من عشاق لعبة كرة القدم يمكنك شراء افضل نادي وافضل اللاعبين من دول اخرى ,اذا لم يعجبك منتخبك الوطني خاصة اذا كان الفريق روسي كما فعل شيخ النفط (رجل الاعمال ) الروسي رومان ابراموفيتش الذي إشترى النادي الانكليزي شيلسي. واذا كنت تملك مزارع للموز او الكاكاو واردت ان تجني ارباحا كبيرة فيمكنك استئجار ايدي عاملة رخيصة جدا كالاطفال مثلا اوعمال في بلدان فقيرة مثل افريقيا وامريكا اللاتينية . واذا اردت ان تملك شركة فيمكنك ان تجني ارباحا طائلة باسثتمارها في بلد تكون فيه الايدي العاملة رخيصة جدا حتى لو كان ذلك في دول نائية بدلا من ان تعطي اجوراٌ مرتفعة للعمال في بلدك ولا داعي لان تفكر بحل مشكلة البطالة في وطنك . وفي هذه الحالة فان افضل مكان لاستثمار اموالك هو الصين حيث ان أجر العامل في الساعة غالبا مايعادل تقريبا دولار واحد .والاهم من كل ذلك هو عدم وجود نقابات عمالية حرة في الصين تدافع عن حقوق العمال اذا اردت سرقة مجهودهم والتهرب من دفع التعويضات لهم .عدا عدد قليل من النقابات موجودة في مدينة هونغ كونغ. ولهذه الاسباب ترى وجود اكثر من 250 شركة دنماركية في الصين ومن ضمنهم معملان للملياردير الدنماركي ميرسك مولر واربعة معامل لدان فوس. ولكن على مايبدو ان فرحة الدنماركيين المستثمرين في الصين لم تكتمل حيث ان العاملين في المعامل والشركات الدنماركية في الصين بدؤا بالمظاهرات والاضرابات والمطالبة برفع إجورهم ولكن احتجاجاتهم تختلف عن الاحتجاجات في اوربا والعالم العربي حيث ان حكومتهم تؤيد احتجاجاتهم على الشركات الاجنبية المسثمرة في الصين.
لقد اصبحت الصين قوة اقتصادية كبرى تحترم من قبل جميع الدول رغم علم هذه الدول (الديمقراطية والمتقدمة حضاريا) بانتهاكات الصين لحقوق الانسان وقمع حرية التعبير وانها تحتل المركز الاول في الاعدامات.
قبل عدة أيام قرات مقالة للاستاذ الكاتب عبد السلام أديب تحت عنوان(الأزمة الاقتصادية والثورة البروليتارية )وبينما كنت اقرا المقالة فكرت في الصين .يقول الاستاذ عبد السلام أديب في احدى الفقرات :" الإجراءات المعتمدة في إطار مجموعة العشرين في مارس 2009 لتفادي "الانهيار الكبير" تعتبرذات دلالة بالنسبة للسياسة المعتمدة منذ عدة عقود من طرف الطبقة المهيمنة: وتتلخص في ضخ قروض كبيرة في الاقتصاديات الرأسمالية. فمثل هذا الإجراءات ليست جديدة، حيث انه منذ أكثر من 35 سنة، ظلت تشكل قلب السياسات المعتمدة من طرف الطبقة المهيمنة من اجل الهروب من التناقض الرئيسي لنمط الانتاج الرأسمالي: عدم قدرته على ايجاد أسواق قادرة على امتصاص منتجاته الزائدة".
وعندما ادقق في جملته " بعدم وجود أسواق قادرة على امتصاص منتجاته الزائدة " أفكر بالاسباب الآنفة الذكر وأتسائل ,هل الإنتاج زائد ؟ أم إن إنتقال الإنتاج في غالبية دول العالم الى الصين هي المعضلة هنا ؟
سابقاٌ كانت امريكا هي المسيطرة على سوق البورصة العالمية منذ عام 1995 عدا 2006 حيث كانت بريطانيا تحتل المركز الاول. والبورصة الصينية ارتفعت الضعف في عام 2009ففي هونغ كونغ فقط ارتفعت البورصة بمقدار 27,2 مليار دولار مقارنة مع البورصة الامريكية التي ارتفعت 26,2 مليار دولار في حين ارتفعت البورصة في بقية الصين بمقدار 24,2 مليار دولار (صحيفة الفاينانشال تايمز).
ان المضاربات في السوق والبنوك الاستثمارية هي التي تحدد من الاقوى ومن الذي يسيطر على السوق.
لقد كان يوم الاربعاء الماضي 22حزيران فرحة كبيرة لكل الاقتصاديين وهم يراقبون مصير قيمة الفائدة في البنك المركزي الامريكي الذي حافط على قيمته 0,25 بالمئة رغم ان هذه القيمة سترتفع الى 2,22 للعام 2012حسب تصريح بنك ساكسو الدنماركي.
وتقابل فرحة البنك الامريكي المركزي نكسة اوروبية حيث انخفضت قيمة عملة اليورو مقابل ارتفاع الفرنك السويسري والين الياباني يوم الثلاثاء 21 حزيران وذلك عندما صادق البرلمان اليوناني على مشروع التقشف الذي قدمته الحكومة بمقدار 78 مليار يورو من اجل انقاذ اليونان من الانهيار الاقتصادي. ان الوضع الاوروبي الحالي لاينحصر على وضع اليونان بل يشمل وضع البرتغال واسبانيا وايرلندا وستنتقل هذه الازمة من اليونان الى كل بنوك اوروبا حسب تصريحات انطوني مايكل رئيس الاستثمارت في ابرديين اسيت.
المهم فانه من الضروري الاشارة الى القائمة التي قدمتها مؤسسة ديلوجيك المختصة بدراسة السوق الرأسمالية واستثمارات البنوك والتي تبين بشكل واضح على إن الاستثمارات وحركة المال قد انتقلت حالياٌ من الغرب الى الشرق وبالاخص الى الاسواق المرتبطة بالصين.
يقول كين بون من ستي كروب :" يوجد12 شركة اجنبية في هونغ كونغ من اصل 56 شركة ومن المنتظر ارتفاع الاستثمار في 8 شركات اخرى الى 3,9 مليار دولار قبل نهاية 2010".
ومن جهة اخرى فان الدنماركيين يتهمون العمال الصينيون بسرقة معلوماتهم السرية للانتاج والتي خزنت في الكومبيوترات وبعدها يقوم الصينيون باستنساخ هذه المنتجات وبيعها باسعار زهيدة تنافس سعر البضاعة الاصلية . فكل شئ اصبح يستنسخ في الصين من احدث صرعات الازياء ذات الماركات العالمية الى ادق اجزاء الكومبيوتر والاجهزة والآلات .
يقول هنريك جي جاكوبسون قانوني وضابط سابق في الجيش الدنماركي ومدير شركة البي " الصينيون يتنكرون بزي رجال مكافحة الحيوانات الضارة ويدخلون للمعامل لياخذوا كل المعلومات اللازمة عن الانتاج
كما إنهم يستغلون المبادلات الدراسية للطلاب بين جامعات الدول ويدخلون المعامل والشركات الدنماركية ويسرقون المعلومات المهمة .وقد حاول هنريك جاكوبسون من خلال مفوضية الاتحاد الاوروبي ايقاف نسخ المنتجات الدنماركية , ولكن دون جدوى. ويطلب من اصحاب الشركات وضع استراتيجية لحماية اسرار المنتجات من السرقة من قبل الصينيون. وأخيراٌ أتسائل هنا من هم القراصنة؟ ومن الذين يسرقون جهد الآخرين؟ ومن يقدم الوجه الاسوء للعلمانية؟ وهل ماتت الرأسمالية كما يتصور البعض؟
مكارم ابراهيم
المصادر:
http://borsen.dk/nyheder/investor/artikel/1/172459/kina_dominerer_markedet_for_boersnoteringer.html
البورصة الامريكية
http://borsen.dk/nyheder/investor/artikel/1/209854/investor_1600_moerke_skyer_over_amerikansk_oekonomi.html
ديلوجيك
http://www.dealogic.com/
الازمة اليونانية
http://borsen.dk/nyheder/investor/artikel/1/209852/svaekket_euro_oven_paa_graesk_afstemning.html
الاجور في الصين
http://www.lo.dk/Tema/TemaArkiv/2005/Globalisering-setfraKina/EksporttilDanmarkTimelonpasekskroner.aspx
مقالة الكاتب الاستاذ عبد السلام أديب
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=263567
المظاهرات في الصين والمطالبة برفع الاجور
http://www.business.dk/brancher/danske-fabrikker-er-sluppet-uro-i-kina
الصينيون يهاجمون الدنمارك
http://www.business.dk/industri/kinesiske-pirater-angriber-i-danmark
#مكارم_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟