أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - ((لا أعرف شيئا عن سر الاله))















المزيد.....

((لا أعرف شيئا عن سر الاله))


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3450 - 2011 / 8 / 8 - 10:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عنوان هذا المقال نصف جملة قالها بوذا الحكيم الهندى .. الجزء الاخر كان (( و لكنني اعرف طرفا من بؤس الانسان)) . وهكذا كان هدف نبي البوذية ـ الأسمي ـ هو التغلب علي بؤس البشر .. لا .. التسبب فيه بخلق سلسلة لا نهاية لها من التابوهات .
في كتاب(( العالم كما أراه )) لبرتراند راسل ترجمة د. نظمي لوقا فصل(( أخلاق التحريم التابوه )) قال : هي الاخلاق التي تقدم اليك مجموعة من القواعد ولاسيما النواهي أو المحظورات من غير أن تخبرك بأسباب ذلك. ومن الممكن أن يصل المرء الي هذه الاسباب كما يمكن أيضا أن يبحث عنها عبثا .. ولكن في جميع الأحوال تأتي القاعدة مطلقة مبينة الاشياء التي يجب علي المتلقي الا يصنعها أو يرتكبها .. هذه الممنوعات تتوقف علي مستوى الحضارة الخاصة بالمجتمع الذى يتداولها .. و لكن عموما أخلاق التحريم او التابو هي السمة المميزة للعقلية البدائية. و لها آثارها الضاره من وجوه شتي، فكثيرا ما يتعلق الأمر بقواعد عتيقة موروثة عن مجتمع مختلف تمام الاختلاف عن مجتمعنا، ولذا أتت أخلاقة تلائم احتياجاته لا الاحتياجات العصرية، و لنأخذ مثلا مسألة التلقيح الصناعي وهي مسألة لم يكن أخلاقيو الزمان الخالي قد ألقوا لها بالا ولا خطر لهم هذا الاحتمال، بمعني انه عندما نقيد أنفسنا بما لم يرد قيده ـ عند مؤسسي القيم القديمة ـ يحدث لمجتمعنا الضرر، أخلاق التابو تميل أيضا الي استمرار الممارسات القاسية التي كانت سائدة في زمن سالف، وما يصاحب هذا من سقوط ضحايا وأعطى ( راسل ) مثلا بكهنة معبد دلف الذين رفضوا اى إصلاح في طقوسهم الموروثة وأصروا علي تقديم الضحايا البشرية في معبدهم رغم توقف هذا العادة في جميع بلاد الاغريق الاخرى .
وكأن اللورد يعيش بيننا ويعاصر ازمتنا، وكأنه يرقب ذوى اللحى وأصحاب الجلباب القصير وهم يحاولون جرنا الي زمن غابر حيث كان قطع اليد و اللسان وجدع الأنف و بتر السيقان أساليب ردع و عقاب وإعادة المرأة الي خدرها تنعم بالجهالة و البؤس، رؤية لا تناقش في مجتمع ذكورى شاذ .
أنا لا أعرف شيئا عن سر الاله .. شكله، حجمه، مكانه، عرشه الذى يسع السماوات أو الارض، ولا أعرف كيف يدير هذا الكون الذى أصبح بعد تقدم العلوم الحديثة لا يمكن تصور مدى اتساعه أو مدى ضئالة حجم الارض نسبيا .. هل يسكن الاله جبال أولمب ينظر إلينا من أعلي و يحدد مع زوجته مصائر البشر كما ذكرت الالياذه و الاوديسا .. ام هو قابع في حقول الاليسيان حيث نهر النيل العلوى يجرى في جنات رائعة الجمال يجلس على كرسي عرشه يحاكم من يُعرَضُون عليه يزن قلبهم و لا يسمح بدخول ملكوته الا لمن خفت موازين قلبه عن ريشة العدالة ماعت .. ام هو في السماء يرعد و يبرق و اذا ما رآه الجبل خر راكعا ساجدا، هل الاله قاسي ! هل هو رحيم ! هل يتصل بالبشر مباشرة ام عن طريق وسائل اخرى مثل مندوبه مركيورى او حورس او جبريل !.. أمور كلها غير محسوسة ولا يستطيع شخص معاصر ان يدعي قدرته علي مخاطبة الاله مثل الواصلين من قدامي القديسين .. و لم يقم هوـ أى الاله ـ بمبادرة الاتصال عن طريق وسائل حديثة مثل التلفزيون او الانترنت أو حتي التليفون، لذا دعنا لا نصر علي معرفة كينونته ـ سبحانه ـ ودعنا لا ندعي الحديث باسمه أو اننا مكلفين بتنفيذ ارادته، فإله كل زمن يختلف عن إله الازمان السابقة او التالية ان معرفته تحتاج الي تفرد صوفي روحي لعلاقة غير محسوسة ليس من الممكن مزاولتها بواسطه أغلب البشر.
معرفة ماهيه الاله و قدراته لا يمكن حسابها علميا او قياسها بعلوم العصر انه خارج التشييئ، انه لاشىء معروف لنا انه لا يشبه شىء، أثيري التواجد، غير معلوم السلوك، أو التأثير الا لدى من زاول التجربة الروحية، والتي لا اتجنب وجودها فالتخاطب عن بعد والتأثير الا مادى علي المادة علوم لم تقل بعد كلمتها .
و لكن ما أعرفه يقينا هو بؤس الانسان استطيع اليوم كمستخدم لأدوات القرن الحادى والعشرين أن أصفه، أحدد أسبابه، أقدم العلاج وأساهم في التخفيف من آثاره دون ان يجانبني الصواب كثيرا، أكاد أرى أطفال الصومال يزوون و ينكمشون ويموتون بسبب نقص المياه و الطعام وغباء مليشيات مسلحة تتكلم باسم الرب، وتمنع وصول الامدادات لهم كما ان غضب الطبيعة و زلازلها و براكينها و ما تسببه من بؤس لساكني المناطق المنكوبة يقابل بنطاعة فكرية من بعض المتكلمين باسم الرب و اصفين انه سبحانه غاضب علي اهل الكفر و الضلالة وان هذا هو عقابهم كيف توصل هذا الشقي لهذا القرار لا احد يعرف الا اللورد راسل الذى يلفت نظرنا الي انها قواعد موروثة من مجتمع مختلف ( متخلف ).
بؤس الانسان الذى جعل الامير المدلل بوذا يرصد حياته لمقاومته ويترك الراحة والرفاهية ليجوب الغابات والجبال يناقش ويعلل ويداوي أمراضا كانت تفتك بالمجتمع الهندى بسبب التفرقة بين البشر طبقا للطبقة التي و لدوا بها والتي خلقت ارستقراطية (كهنوتية) في مقابل عبودية (المنبوذين) .. لازالت قائمة و لكن بصور اخرى تغيرت فيها المسميات وتغير الراصدون حياتهم لمقاومته .. فهناك شعوب ارستقراطية متقدمة مقابل اخرى شديدة التخلف يعاني افرادها من الاحساس بالدونية وفقدان الامل( لينين شرح هذا في كتابه عن الامبريالية واسلوب تفريغ ثروات الشعوب) وهناك طبقات من العسكر الاوليجاركية التي تتمتع بالسلطة و النفوذ مقابل شعب منهك مستغل ( ويلز فضحهم في كتابه آلة الزمن )، وهناك رأسمالية تمتص فائض القيمة و تترك العمال في فاقة محزنة ( حلل ماركس أسبابها )، جيش من المفكرين و العلماء اقاموا البناء الحديث للفكر الانساني شارحين، معللين، فاضحين الاسباب التي ادت، تؤدى ، ولازالت مستمرة تنخر في حياة البشر وتقودهم الي البؤس .
حضارة البشر بنيت علي افتراضات ( بعضها ساذج مثل حركة الشمس في محيط مائي علوى ) و نفي أو إثبات هذه الافتراضات تكون منه البناء الفكرى للانسان المعاصر، وكنموذج .. الكهنة جميعهم من مختلف الاديان منذ آمون و رع حتي وعاظ الزمن الحديث يقولون ان الانسان كان انسانا و سيبقي كما هو حتي يوم البعث فهو بذلك لن يرقي علي هذه الارض وانما رقيه المنشود سيكون في العالم الاخر بعد موته و بعثه، وهو أمر لا يمكن إثباته او الوثوق فيه معمليا، في المقابل نظرية التطور تقول ان الانسان كان حيوانا دنيئا دميم الوجه أشعر الجسم سافل الغرائز أبله العقل ثم ارتقى حتي صار انسانا و لذلك فهناك أمل بان يرتقي حتي يكون سوبرمان جميل الوجه والقامة كبير العقل حلو الغرائز علي الارض ( وليس في السماء)، كل علوم نصف قرن السابق تؤكد فكرة نيتشه هذه عن الانسان والسوبرمان، اكتشاف الشجرة الجينية للبشر تجعل الاحفاد يأملون في حياة خالية من المرض متمتعين بصفات راقية علي المستوى البدني والاخلاقي، علاج الجنين وهو في الرحم، تحويل جنس الي اخر، توليد كائنات بصفات أفضل جينيا، علوم وأبحاث تجعل من الحلم حقيقه قابله للتحقق .
و لكن هل من الممكن ان يظلل هذا الحلم بلادنا !!.. نتيجة الصراع المتوحش بين السكون و الحركة، سكون المشايخ الذين يتمسكون بعدم التغييرمثل كهنة دلف.. وحركه المنادين بمجد الانسان علي الارض.. ستحدد الي اى اتجاه ستنتقل الانسانية وستتجه بلادنا .. ما يحدث في أوروبا من زحف أصحاب اللحى و السلوكيات الخربة وما نتج عنه من موجة مضادة للاسلام بدأت بمجزرة اسكندنافية توحي بان قرن من التنوير وجهود الفلاسفة و العلماء اصبحت أرباحه في خطر (هناك ) اما (هنا) فان اصرار كهنة دلف علي استمرار التضحية البشرية و تقطيع الاطراف و كبت العقول سيحتاج الي جهد مقاومة غير مسبوق .
ميراث قرون من الغفلة يحتاج لجهد واسع من المفكرين والتنويرين و العلماء و المثقفين للتخلص منه، ويبدأ بالتحقق من أن من يتكلمون باسم الاله إنما هم غير مناسبين لقيادة الأمة .. انا لا اعرف شيئا عن سر الاله إنما أعرف طرفا مما جعل إنسان منطقتنا في بؤس مقيم.
الانسان هنا يحتاج الي الطعام، المأوى، ان يزاول حياة انسانية، ان يشارك في صناعة مستقبله، ان يعمل ولا يخاف من قهر قائم أو محتمل، الا يفرق بين البشر بسبب دين او مكانة اجتماعية لميلاد او لجنس او لنوع، إنسان هذا المكان شَبع غيبيات ميتافيزيقية واسرار كهنوتية ويحتاج لان يشبع علم و ثقافة و حرية، فليبحثون هم الكهان و المتكلمين باسم الله عن مكان اخر غير وطننا يمارسون فيه تخلفهم فهذه الارض تستحق الا يغادرها من لا يريدون تطبيق شريعتهم الغامضة ويتمسكون بحقوقهم في الحياة عليها (سيدى إمام الجامع إياه) انا لن أقبل وجهة نظركم ولن أغادر مصر( كما طلبت بخبل مؤسف) حتي علي أسنة الرماح التي تعدونها للمعارضين ولا تضطرني لأن أكتب كلاما يمنع نشره في الحوار المتمدن.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبوءة
- ميدان التحرير .. منطقة منكوبة
- أهذا .. هو الطوفان !!
- انقلاباتنا العسكرية داء مستوطن
- سيدتي .. اعتذر نيابة عنهم .
- هل تحل الفلسفة مأزق العنف الدينى !!
- القطن ..البترول ..و نهب الوطن
- 23 يوليو و الفرص الضائعة
- لا أنفى، لا أؤكد، ولكني أشك
- تربية المساخيط حرفه شرقيه
- مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين
- التكنولوجيا و العقل البدوى
- العودة الي متوشالح
- الخوف من الحرية
- -تكليف الله - و النكوص الجيني
- حامد حمودى و احواض السمك
- صعوبة أن تكون مسلما
- الجالية المصرية ..في مصر
- أندى العالمين كفوف راح ( اقتصاد التسول )
- طفولة البشرية ام شعوب أطفال


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - ((لا أعرف شيئا عن سر الاله))