أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - القطن ..البترول ..و نهب الوطن















المزيد.....

القطن ..البترول ..و نهب الوطن


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3429 - 2011 / 7 / 17 - 22:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دافيدس لاندر في كتب رسالتة للدكتوراه عام 1958 و التي ترجمها الدكتور عبد العظيم انيس تحت عنوان ((بنوك و باشوات )) أنه (( في مرحلة الستينات من القرن التاسع عشر قامت حرب أهليه طويله في أمريكا أوقفت امدادات القطن عن العالم و عطلت أكبر الصناعات الانتاجيه و حولت زغب الخيوط البيضاء الي ذهب )) مصانع مانشيستر ،روان ، فلاندرز ، و الالزاس عانت من نقص الخام و سيطرة المضاربين في البورصه لدرجة أن مصانع لانكشير اغلقت و سادت البطاله بين أعداد كبيره من العمال .
محمد علي باشا( أبو مصر الحديثه) كان هو الذى أدخل زراعة القطن في مصر .. و كانت زراعة ناجحه لظروف طبيعة التربه و المناخ بحيث تفوق المحصول من حيث الجوده و الكميه عن ما تنتجه حقول الهند و البنجاب .. اقبال العالم علي قطن محمد علي العالي الجوده مكنه من انشاء جيش و اسطول مصرى و ينتزع بالقوه حق وراثة اسرته للحكم من القسطنطينيه .. محمد علي لضمان مصدر ثروته امم الارض الزراعيه لصالح الدوله و توسع في زراعة القطن الفاخر بحيث أنه بعد ثلاث سنوات فقط من تجارب زراعته عام 1820ارتفع انتاجة من هذا النوع علي حساب الانواع الاخرى من 650 رطل الي اكثر من 18 مليون رطل .. وقد سر المستوردين الاوربيون من نوع التيله الجديده التي اكسبت القطن المصرى مركزا ممتازا في سوق ليفربول و الهافر .
ابن محمد علي ( الوالي سعيد باشا )عندما تولي الحكم عام 1854 اعاد الارض للفلاح فارتفع انتاج القطن في مصر بحيث (( عندما حلت مجاعة القطن العالميه كانت الزراعه المصريه مستعده لها )).
سعيد باشا الذى ملأت عائدات القطن خزائنه ( عام 1855 كسب 2 مليون استرليني و الخمس سنوات التاليه 4 مليون استرليني ) كان شخصا ودودا يتظاهر بالثقافه و قد تعلم من أساتذته الاعجاب بالحياه الغربيه وفي الواقع لقد عشق هذا النوع من الحياه اكثر من اللازم بحيث كان يتقبل اقتراحات أصدقاؤه الاوربيون بلا حذر و أخذ علي عاتقه أكثر مما يستطيع أو تتحمله مصر .. بعض المشروعات لم تثمر ،و البعض الاخر تم في عهد خليفته اسماعيل باشا ،و لكن في المجمل تميز عهده بالعوده الي روح التمدن التي زرعها محمد علي في مصر .
خلال حكم اسرة محمد علي قطعت مصر شوطا واسعا في اللحاق بركب التقدم اذا ما قورن الوضع بما كان عليه عندما ((رسا نابليون بسفنه عام 1798عند مصب النيل فلم يجد الا قشور المدنيه ، شعب قعيد وبقايا ماض طويل عفا عليه النسيان الي درجة أن زعم البعض انه عندما انزل نابليون عربته الي الشاطىء كان يدخل العجله من جديد في مصر ..)) ففي عام 1954 اسس سعيد التلغراف الكهربائي الذى ربط افريقيا باوروبا و استكمل خط السكة الحديد من الاسكندريه الي القاهره و خط اخر من القاهره للسويس و قام يتحسين شوارع الاسكندرية و مد شبكات مياه الشرب بها كذلك خطوط الترام وعمق وطهر ترعة المحموديه بحيث اصبحت مجرى ملاحي نهرى و منح فرناند دى ليسبس الامتياز لحفر قناة السويس .. بمعني ان سعيد بنصيحة مستشاريه الاجانب اهتم بالبنيه الاساسيه التي تخدم الحركة تجاه اوروبا و تؤمن ربطها بافريقيا لتزيد اهمية مصر كممر لصادرات الهند الي البحر الابيض كما انانشاء هذة المشاريع الطموحه جعل منها سوق ذو اهميه كبرى .
وهكذا أصبحت مصر علي أعتاب ثورة اقتصادية مع انشاء قناة السويس و رواج القطن( الذى تعاني مصانع اوروبا من نقصه) صاحبه أمران أحدهما تحولها الي نقطة جذب سكاني و الاخر هجوم شركات الانشاء و التوريدات المدعومه بالبنوك العالميه .. فلقد قذفت موانى البحر الابيض المزدحمة بالالاف من العاطلين ، الساخطين ، المعدمين الي ارض المال الوفير حثالة مالطه و صقليه و الشرق الادني ليزحموا الاسكندريه ..في عام 1862دخل مصر 32000 و في عام 1863 دخلها 34000 زادوا الي 56000عام1864 و 80000 في عام 1865 عملوا في خدمة تلبية احتياجات و شهوات الرواج يديرون المحلات و الحانات و المطاعم في الحوارى والمحالج و كازينوهات القمار و الفنادق و بيوت الدعاره .. اجانب يحميهم مرسوم عثماني يجعل لهم امتيازات استغلوها في نهب خزائن الوالي سعيد الذى قيل انه كان يواسي نفسه بالضحك (( في احدى المناسبات قطع حديثه مع أحد رجال الاعمال الاوربيين لكي يأمر خادمه باغلاق النافذه قائلا اذا اصيب هذا السيد بالبرد فسوف يكلفني ذلك 10000 جنيه استرليني )) بالطبع له حق فدافيدس لاندر يقص علينا قصص من نوع الكوميديا السوداء عن الاساليب التي اتبعها الاجانب للاحتيال علي الحكومه المصريه أحدهم وهو من نبلاء النمسا بمساعدة حكومته انتزع 700000 فرنك علي اساس أن ثمانية و عشرين صندوقا من شرانق الحرير قد تلفت لتعرضها للشمس عندما تأخر القطار من السويس الي القاهره .
النهب الحقيقي تمثل في العقود و الامتيازات التي حصلت عليها الشركات الاوروبيه للبناء وانشاء المرافق و الخدمات العامه فضلا عن امتيازات استغلال الثروات الطبيعية أو استخراج و حفظ الاثار المصرية القديمه .. لقد كان المجتمع غير مؤهل بعد للاندماج في السوق العالمي فترك استيراد احتياجاته و تصدير منتجاته بأيدى الغرباء بالاضافه الي اغلب انشطه التجاره الداخليه و استغل الغرباء غفلة المجتمع اسوأ استغلال يتبدى هذا بوضوح في الظروف الغير انسانيه التي عمل فيها الاف العمال المصريين في حفر قناة السويس و التي ادت الي وفاة العديد منهم بسبب سوء التغذيه و الاوبئة الناتجه عن عدم النظافه .
وكأن التاريخ يعيد نفسه فبعد حرب 73 و ارتفاع أسعار البترول و تجمع مبالغ فلكيه من الاموال بأيدى غير مؤهله لاستخدامها لصالح مواطنيها تحولت بلاد النفط الي نقاط جذب سكاني للالاف من العماله الفائضه عن حاجة الدول المجاوره تسعي لتلحق بنصيبها في ارض المال الوفير .. الشركات من جميع الجنسيات تزاحمت وكل منها يستخدم نفوذه و اسلحه بلدة ليفوز بجزء من الكعكه.. بنوك، شركات انشاء، وكالات تجاريه ، أفقدت المنطقه استقلالها الهش الذى صاحب حركات التحرر الوطني التاليه للحرب العالميه الثانيه .
مستر جون بركينز الخبير الامريكي في دراسات الجدوى للمشاريع الكبرى اعترف في كتابه (( الاغتيال الاقتصادى للامم )) بأساليبهم للحصول علي عقود للشركات الامريكيه العملاقة و التي طبقها هو وزملاؤه فهو يتقدم بدراسات جدوى متفائله لامراء السعوديه يتبعها بتقديم سيدات بيضاوات ذوات شعر أصفر من اللائي يعجبن الامراء ليحصل علي عقود انشاء بالمليارات اما لو فشلن ذوات الشعر الاصفر كما حدث مع أبناء صدام فانه بدلا من الاستيلاء السلمي علي ثروات الخليج يلجأون الي الاستيلاء المسلح علي ثروات العراق .. ولم يدلنا مستر بركينز عن ما اذا كان هذا السيناريو متكرر بحيث يطبق علي ليبيا و السودان ام هو خاص بالخليج .
البنوك و الشركات متعددة الجنسيات تقوم اليوم بنفس الدور الذى قامت به بنوك مستر ديرفيو و مستر اوبنهيم مع الخديوى اسماعيل لأخضاع البلاد التي تمتلك الثروات لنفوذها بواسطة مشاريع ضخمه ( مواسير نهر القذافي العظيم ، فنادق دبي ،اولمبياد الكرة بقطر ..)و اغراق السوق بالسلع الاستهلاكيه و الترفيهيه أو بعقد صفقات لاسلحة لا تستخدم الا في دفع المليارات لمصنعيها أو بعمل عقود لاعمار العراق لشركات بيكتيل و هالبيرتون تمتص عوائد ملايين البراميل المستخرجة من بترول العراق .
علي الجانب الاخر تقوم هذه الشركات بتقديم العون للدول الفقيره بواسطه البنك الدولي و باقي المنشات الاقتصاديه هادفه لزيادة القروض حتي تعجز الدوله المستدينه عن تغطية نفقات خدمة الدين مستسلمة لارادة المانحين .
وهكذا فالاغتيال الاقتصادى للامم كما قدمة مستر بركينز لا يقتصر علي دول البترول الغنيه و لكنه قائم علي قدم وساق في دول اخرى مثل الاكوادور ،باكستان ، جبال الانديز و الغابات الاستوائيه بامريكا اللاتينيه لقد كانت مهنته التي مارسها لسنين طويله الانقضاض علي الثروات اينما وجدت مستخدما اساليب تم توارثها عن الاباء و الاجداد من اصحاب البنوك و البزينيس عبر قرن من الزمان تسبب فيه البحث عن الثروة السريعه و ثراء المرتشين المتامرين علي مصالح شعوبهم في شقاء والام الفقراء من سكان الشعوب المنكوبه
ان مشاريع مثل زراعه ارض توشكي جنوب مصر والتي انفق عليها المليارات و كان عائدها محدود هي نموذج لدراسات الجدوى المتفائلة و التي تتحول الي كابوس اقتصادى و ديون يدفعها البسطاء و يستفيد منها الوسطاء و اصحاب النفوذ .
القطن .. قناة السويس .. البترول.. ثلاثي اللعنه الذى كان المدخل لنهب المنطقه
نهب الاغنياء وسحب ارصدتهم بواسطة مشاريع وهميه تنشئها و تديرها شركات أجنبيه
نهب الفقراء بدفعهم للاستدانه لتنفيذ مشاريع وهميه يدعي انها من اجل التنميه ثم تتحول لعبء اقتصادى تنوء بثقله الاجيال مسلمه بمقودها للدائنين في امريكا
لقد توقفت شعوب المنطقه منذ زمن ان يرسم مسار حياتها بارادة ابناءها .. فهم هناك الاذكي و الاقدر علي ترويض معمر / صدام / ملوك وامراء البترول .. الاغنياء الذين فشلوا في توظيف عائد بترولهم .. وتقليم اظافر المتلاعبين زين العابدين / مبارك /بشار / ملوك ورؤساء الشعوب الفقيرة الغارقة في الديون و الفساد و البلطجه ؟
هل التاريخ يعيد نفسه ام اننا لا زلنا غافلين منذ ان اضعنا الثروات التي جنيناها من القطن و سمحنا للغرب الانجليزى/ الفرنسي بالتحكم في مسار حياتنا ومستقبلنا ..
انه الدرس الذى نأبي ان نتعلمه .. نحن لا نعيش منفردين.. نحن نعيش في مجتمع عالمي شرس سوف ينقض علينا ما دمنا نعيش في القرون الوسطي في رعاية الملالي و الشيوخ و البلطجية الفاسدين .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 23 يوليو و الفرص الضائعة
- لا أنفى، لا أؤكد، ولكني أشك
- تربية المساخيط حرفه شرقيه
- مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين
- التكنولوجيا و العقل البدوى
- العودة الي متوشالح
- الخوف من الحرية
- -تكليف الله - و النكوص الجيني
- حامد حمودى و احواض السمك
- صعوبة أن تكون مسلما
- الجالية المصرية ..في مصر
- أندى العالمين كفوف راح ( اقتصاد التسول )
- طفولة البشرية ام شعوب أطفال
- خير أجناد الأرض والخامس من يونيو
- هل هو دجل.. ام جهل !!
- حكمة امريكية .. دع جروحهم تتقيح
- فلينظر الانسان كيف تطور
- هل يقيم الفاشست ديموقراطية !!
- (الخلافة) غضب الله في ارضه
- الي الاجيال المقبلة


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - القطن ..البترول ..و نهب الوطن