|
الشرطة تريد تغيير الشعب
فاتن واصل
الحوار المتمدن-العدد: 3448 - 2011 / 8 / 5 - 18:49
المحور:
المجتمع المدني
تنظيمات الشرطه في مصر متعددة لدرجة تدعو للدهشة فهناك شرطة للسكك الحديدية ، الاثار، التليفونات ، النقل ، الكهرباء ، البلدية ،المصنفات الفنية ، الامن المركزى ، الامن العام ،مباحث الاموال العامة، المباحث الجنائية ، مباحث امن الدولة ،اقسام البوليس و النقطة الفرعية في القرى و الكفور، المرور، النجدة، الاحوال الشخصية .. بالاضافة الي من يعملون في الرقابة الادارية ، و كلية الشرطة، والديوان العام .. مئات من اللواءات و الضباط و الجنود الذين يستهلكون خمسة مليارات جنيه سنويا غير مراقب انفاقها بواسطة الجهاز المركزى للمحاسبات. الفترة الماضية جعلتنى رغما عنى أتأمل الاوضاع التى اعتدنا عليها- بعد تضخم امبراطورية الامن - واطلقنا عليها صفات ملطفة حتى نستطيع أن نبتلعها ونقبلها .. الشرطة غضبانة من الشعب المصرى ولا تريد ان تقوم بواجبها الذى تتقاضى عليه مليارات يدفعها الشعب المصرى ضرائب مقطوعة علي كل لون، من المرتب الهزيل، مع كل علبه سجائر، و كل مصباح يضىء، ضرائب دخل و مبيعات و جمارك و دمغات و تامينات، لا يستفاد منها و في حكم الضريبة . ربما اعتدنا على دفع الضرائب وتلقي العدم فى مقابلها ، لكن أن ندفع الضرائب ونتلقى المهانة والاذلال والسجن والمعاملة السيئة التي اعتاد عليها رجال الشرطة فى مصر فاعتقد انه قد أصبح مرفوضا الان من قبل المواطن المصرى بعد ان شاهد سقوط الوحوش التي رباها مبارك و عصابته . الشرطة غضبانة لأنها تريد تغيير الشعب، شعب ما بعد 25 يناير.. تريد الشعب الذى تدربت على إذلاله وإهانته .. و الان ..تقوم باضراب سلبى أى تتواجد فى مقار عملها بأعداد رمزية ولا تؤدى عملا، وحين يأتيهم مواطن بشكوى أو مشكلة يقولون له تعامل انت معها . قرأت عن متلازمة استكهولم وها هو تعريفها من الويكيبيديا:ـ http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%B2%D9%85%D8%A9_%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%87%D9%88%D9%84%D9%85 هى عرض مرضي يصيب الانسان يجعله يرتبط بمعذبه لدرجة غير مفهومه ويبكى من أجله كما فعل الكثيرون فى ميدان مصطفى محمود ، وأجد هذا يقودنى بالضروة الى ان المُعذِب (بكسر الذال) والمُعذب (بفتح الذال) لا غني لكل طرف منهما عن الاخر نتيجه لارتباط شرطى يجعل ايهما يبحث عن الاخر ولكن بالتأكيد ليس بغرض التعاطف، قد تكون مشاعر الملكية والاستحواذ . قوات الشرطة إعتادت ولسنين طوال، لا اعرف متى بدأت أن تبيعنا حقوقنا القانونية فلو أردنا استخراج رخصة لابد ان ندفع، لو أردنا إزالة الغرامات ( المفتعلة ) ندفع، لو ذهبنا لقسم الشرطة لتحرير محضر ايضا ندفع والا سيكون مصير المحضر الاهمال أو الضياع، طوال الوقت ندفع ثمن حقوقنا وكأننا دائما مخالفين يتم استثناؤهم من القانون وندفع ثمن استثناء تطبيقه علينا ، أو ثمن موافقة صاحب السلطة لنا على الاتيان بسلوك خاطئ . كنا فى البداية (قبل ان نعي معني ان نحكم بقوانين الطوارىء ) نغضب ونثور ويمكن ان يطمح خيالنا ونتصور اننا بشر ولنا حقوق فنتقدم بشكوى ضد الظالم ولكن كان علي الشاكي دائما ان يتحمل ما ستأتي به ابواب الجحيم التي فتحها على نفسه ويدخل فى دائرة من الاضطهاد التي تصل به الي حدود الجنون او الموت، فأصبح علي كل مواطن منا ان يبتلع حذاءه مع غصة حلقه ويبتسم ويقبل الظلم كأنه امر بديهى او مفروغ منه لا يستحق النقاش أو الاعتراض وكثيرا ما كنا نبرره ... هذا ما شاهدته بعيني .. عربه فول لشاب مجاهد لم يجد وظيفه رسمية فوقف خلفها يسعي منذ الصباح الباكر ..بغلان من الشرطة يقفان امام العربة يتناول كل منهما طبق وراء الاخر، ويتزمر اذا قل الزيت او المخلل ثم بعد أن يملأ كل منهما كرشه يغادر بصفاقة يحسد عليها دون ان يسدد .. سيدتان محجبتان أم وابنتها، يدخلان محل كوافير و يطلبان صبغ شعرهما، صاحب المحل يتحجج بان هذا خطر علي الشعر تتصل الصغرى بوالدها تشكو ثم تناول التليفون للكوافير يتحدث بأدب شديد مع الطرف الاخر ثم تغادران المكان، يشكوهما للزبائن كل أسبوع يحضران وتتكلف كل منهما الشىء الفلاني ثم تقول ان بابا سيادة اللواء سوف يحاسبني و لم أراه ابدا .. اجتماع لجنة عليا للمشتريات عضو جهة سيادية يضغط لترسية العطاء علي شركة صيني وكيلها نسيب علاء مبارك احد الأعضاء يعترض بأنها أقل فى الكفاءة الفنية من جميع الشركات المتقدمة .. المعترض يُنكل به وظيفيا من قبل أجهزة الأمن بسبب حضرة الضابط الذى يعمل كمحلل للحكام و اقاربهم .. سيدة تجلس في النادى حولها اقاربها و صديقاتها تطلب الكبابجي و تطلب ما لذ وطاب ثم تطلب اخوها الضابط ليرسل أحد جنوده لاحضار الطلبات، ثم ترد علي صديقاتها التي تريد المشاركة في التكاليف، يا بنتي احنا مبندفعش . من بائعه الفجل التي يصادر قفصها حتي وزير الاسكان الذى يوزع الاراضي، وقعوا تحت ابتزاز السلطة، كان وراء هذا الخوف المرضى فى نفوسنا والتراجع الشديد وانكسارنا المهين شئ ما يسمي بقوانين الطوارئ أو القوانين الاستثنائية، لم أعرف طوال عمرى الا الاستثنائية ومنذ ان تخرجت من الجامعة ودخلت سوق العمل لم اعش فى بلدنا يوما الا فى حالة استثنائية، حالة غير خافية عن كل من عاشوا وكانوا مواطنين فى بلادنا العربية... فقانون الطوارئ يعطى الحق لرجل البوليس ـ ليس حقا بل حقوق ـ تجعله يخطو علي الارض كملك يأمر وينهى يعتقل بلا أسباب واضحة، لمجرد الاشتباه ، يقتحم بيوت ويلقى اتهامات، يدمر مستقبل شباب جامعى فى مقتبل العمر، يعتقلهم يغتصبهم حتي لو كان أمام قريباتهم او صديقاتهم، ولو كان هاربا و مطلوب القبض عليه يمكن أن ينكل بأمه أو أخته يجذبها من شعرها، ينتهك عرضها بواسطة رجاله أمام سكان الشارع ليجبرها على الاعتراف بمكانه أو يجبره على أن يسلم نفسه منصاعا ... ملفات نشطاء حقوق الانسان وجمعيات العمل المدنى مكتظة بمثل هذه ألاحداث والوقائع http://www.alnadeem.org/ تفننوا فى اساليب الاهانة والتعذيب فالقانون يعطيهم الحق ولا يحاسبهم، ولا يستطيع أى مواطن أن يعترض عليهم او يثبت ما فعلوا عند اللجوء للقضاء، و حتى لو استطاع و كسب قضيته فلن يحصل على شئ الا المزيد من الاضطهاد والظلم، فالشرطة هى الجهة المنوط بها تنفيذ أحكام القضاء. و مع استشراء توحش وشراسة رجالها كان يستشرى الخوف والانكسار والبلادة لدى جماهير الشعب المقهور. سادت الفوضى فى الآونة الأخيرة بصورة مربكة جعلت الكثيرين يلزمون منازلهم، ويقللون إحتكاكهم بالشارع، فلو حدثت مشكلة لن يجد أى منا من يساعده الا ذراعه وآلات الردع التي يتسلح بها .. لأن الشرطة نائمة في قيلولة دائمة ، وتريد تغيير الشعب ، فلقد أصبح المواطن المكبوت لسنين طوال- بعد انتصاره في حرب الشوارع - كالمارد الذى فتحت غطاء القمقم فتحرر من قيوده، لم يعد ذلك المنكسر الخائف الذى ينادى على أقل صول فى البوليس بكلمة " يا باشا "، اختلطت الأمور فى ذهنه وبات متحفزا مستنفرا بشكل مستمر، فحدث لرجال الشرطة نوع من انواع الصدمة التى تنتج عن تغيير المناخ الذى نموا وترعرعوا فيه ، المناخ الذى يتيهون فيه بهيبة وهمية لا يستحقونها ولكنهم صدقوها من طول ممارستهم لها والانسحاق المقابل من المواطن الذى استسلم للقهر واستعذبه ووجد له آلاف المبررات. السؤال هل يمكن ان يحدث لرجال الشرطة فى المرحلة الجديدة ـ والى ان يتكيف الطرفان- نوعا من الصدمة بعد ان تبينوا ان اسلوب حياتهم طوال عقود عاشوها فى مناخ معين وبطريقة معينة كان ضد الانسانية وضد مواطنيهم ومجتمعهم، وان الانتقال لأسلوب آخر يحترم فيه الطرفان بعضهما البعض اصبح حتميا، وان على رجل الشرطة القيام بعمله دون المساس بحرمة او كرامة المواطن ( أو الشعور بأنهم اسياد الشعب )، و في المقابل يحترم المواطن القانون وحقوقه وحقوق غيره .. ويعلم المصريون ان الشرطى موجودا لحمايتهم وليس لابتزازهم ، ويطمئن أن هناك عدالة اجتماعية وأنه لن يتم استثناءه أو تفضيل آخر عليه وان كلنا سواسية أمام القانون.. ورجل الشرطة ليس عدوه بعد ان أصبح يتقبل قيم حقوق الانسان ويقدر حريته ويفهم انه حارسا علي تطبيقها في مجتمعه بكل حياد وعدالة . الصدمة الناتجة عن الفرق بين ما اعتاد عليه الشعب ورجل الشرطة طوال ثلاثة عقود والمناخ الجديد الذى نرجو ان يسود بينهما يشبه ما يحدث للانسان حين يقرر الهجرة من وطنه الى بلاد أخرى أكثر تقدما ورقيا، ويطلق عليها الصدمة الثقافية أو الحضارية وتعريفها كالتالى من موسوعة الويكيبيديا:ـ http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B5%D8%AF%D9%85%D8%A9_%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9 فالمهاجر يمر بعدة مراحل، اولها ان يرى كل ما هو جديد جميل، ثم يليها مرحلة الحنين للماضى ويليها مرحلة كله تمام وتبرير ان كل الجديد سيكون جيد بعد التعود عليه .. ولكن فى بعض الأحيان لا يتم التعود على الجديد وتتسبب الصدمة الثقافية فى أزمة نفسية وهذا يتوقف على درجة مرونة الشخص وقدرته على التكيف ودرجة ثقافته، كأن يبدأ فى التعرف على ماهية القيم الجديدة ويشعر انه هو أيضا سيستفيد منها وستعود عليه بالنفع . وهكذا فلكي يعتاد المواطن علي الذهاب لقسم البوليس دون وجل، او يستطيع ان يفتح محل كباب أمام نقطة الشرطة دون ان يخرب بيته من نطاعة الجيران .. ولكي يأكل المخبر طبقين فول و يدفع ثمنهما يحتاج لعلاج نفسي تأهيلي طويل، يشبه تأهيل المهاجر تشترك فيه جميع الاطراف المعنية بسلامة المجتمع، وهو الامر الذى اشك في ظل الظروف الحالية من حدوثه فالشرطي قد يخاف قليلا، وقد يحاول الا يقع تحت طائلة القانون و قد يبتكر أساليب جديدة للقهر أكثر حرصا، ولكن بدون رقابة شعبية وفضح وقدرة الاعلام والقضاء علي الردع .. ستبقي علاقة مريضة بين الشعب والشرطة. أن حلم مساهمة الشرطة فى تطوير شخصية المواطن المصرى ليكون مواطنا صالحا يحترم حقوق الغير ويقوم بواجبه نحو بلاده .. بدلا من ذلك الشخص الذى يدمر الملكية العامة ويثير الفوضى فى كل مكان يذهب اليه، كان من الممكن حدوثه لولا قوانين الطوارىء و البلطجة و الفساد، سمة حكم مبارك وعصابته وهو ممكن في المستقبل أذا ما تم تعديل طرق وأساليب تعليم رجل الشرطة فى الأكاديميات المتخصصة ، وإضافة الكثير من العلوم الاجتماعية والانسانية والفلسفية التى تتيح له فهم نفسه وفهم دوره في ظل مجتمع ديموقراطي شفاف، ينعكس على المواطن ايجابيا فيعرف أن رجل الشرطة ليس مكلفا بشئ سوى بتطبيق العدالة والتأكد من اننا جميعا سواسية أمام القانون . دعنا نأمل .. دعنا نحلم، حتي و لو كان الحلم بعيدا .
#فاتن_واصل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيناريو ما بعد جمعة بنى سلف
-
أيها الرجل .. سأتهمك باغتيالي
-
قانون المطيرى للجوارى موديل 2011
-
إعادة التدوير.. ومنال الشريف
-
رد على ياسمين يحيى .. والفرق نقطة..!!
-
ليسوا مختلفين ..
-
لغة الإبهام
-
لقمة القاضى السخنة
-
سافرة ..ولا زلت
-
هو الذى هو..
-
حشو عصب
-
أطواق
-
قبعة
-
إنسحاب ..
-
أماكن
-
كانت قصة قصيرة
المزيد.....
-
اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي
...
-
الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال
...
-
برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
...
-
الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا
...
-
الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ
...
-
شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي
...
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|