أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - إنسحاب ..














المزيد.....

إنسحاب ..


فاتن واصل

الحوار المتمدن-العدد: 2698 - 2009 / 7 / 5 - 05:50
المحور: الادب والفن
    


ظلت تنظر الى بهدوء غير معهود فى هذه الشخصية العصبية تنفث دخان سيجارتها بتؤدة ودون استعجال كما هو معتاد فى حركتها العادية حاولت استفزاز هدوءها وعادة ما أفعل حينما ألمح فى عينيها حالة التمرد والرفض للمكان وما يحدث فيه ... ظلت على هدوءها ولم تنطق إلا بهمهمات خافتة , رشفت قهوتها وظهر عليها علامات سرحان وكأنها تاهت فى مكان بعيد .. لم تعد تسمعني ولم تنجح محاولاتي لاستفزازها .. تركتها أحسست أنها لم تشعر بانسحابي من المكان وكأنى لم ادخله أصلا ...
هذه السيدة التى كانت رئيستى فى العمل عادة ما تمتلئ بالحيوية والتذمر والرفض لكننا دوما كنا نشعر أنه رفض إيجابي فهي تيأس وتعود للأمل من جديد ولم نكن نعلم من اين تأتيها دفقات اليأس أو الأمل ولكنى فى هذه المرة لاحظت اليأس وقد رسخ قدميه فى كل أوصالها فلم تعد تتحمس لشىء تذمرها أصبح ضعيف النبض نحاول استفزازه ليخرج حيا ... فصدقا كانت حيويتها هذه ترمي بطريقة او أخرى أطواق نجاة لنا نحن صغار المهندسين العاملين فى هذه الشركة والتى دوما ما كانت تعج بالعمل والنشاط ولكن ومنذ فترة غير قليلة أو على الأقل فترة فاقت احتمالنا على الصبر ساد الخمول والكساد , توقف النبض فجأة فى ملامح المكان وأصبح بين ليلة وضحاها بيئة صالحة للسرقات والفساد والنميمة , هل يتصور أحد ان المقر امتلأ بالحشرات الزاحفة والفئران .. كان هذا آخر ما سمعتها تتذمر منه سألت نفسي هل أصبحنا نكره المكان ولم نعد نشعر تجاهه بالانتماء فأصبحنا نتعامل معه بغضب .. بإهمال ! توجهت الى مكتبى وانا أتأمل زملائى لم يعودوا كسابق عهدهم من قبل .. نظرات شاردة ووجوم قلما نتحدث فى موضوع ونكمله الى آخره عادة ما أصبحنا نختلف بمجرد ان نبدأ أى حوار حتى فيما يخص أسس تصميم الخرسانات وأعمال الانشاءات أشياء طالما كان لها قوانينها التى تعلمناها وكنا قليلا أو بالأصح نادرا ما نختلف حولها ..حتى تعامُلنا مع المقاولين اصبح له طابع مختلف لم نعد كسابق عهدنا فى التعامل مع الأمور لطالما كنا حازمين لا نقبل أى خروج عن شروط التعاقد و الآن ماذا الآن ؟ قمة التهاون فتور شديد فى التعامل حتى مع عوامل الأمن والسلامة والتى لم تكن محل نقاش أصلا ...

إمتد ناظرى من خلال نافذة الغرفة المطلة على الميدان .. نظرة أجابت على معظم تساؤلاتى ... كل شىء تعمه الفوضى .... أسوار تحد كل المسارات يتسلقها الناس محاولين اعادة تخطيط الميدان بشكل فطرى , كبارى مشاه مغطاة بالقمامة , كوبرى اكتوبر مشلول الحركة فى أحد اتجاهاته أما الاتجاه الآخر فخالي انتظارا لمرور أحد كبار المسئولين , فقط ضباط شرطة يتجولون بعيون متحفزة وأجهزة لاسلكي وعنجهية متشنجة .. شارع رمسيس يفترش أرصفته الضيقة باعةجائلون من كل صنف ملابس أطفال وعطور وزيوت .. باعة أحذية يفرون هاربين بمجرد رؤية سيارات المحافظة عادة ما يكونون أربعة كل منهم يمسك بطرف ملاءة قذرة ويجرون تتساقط منهم الأحذية غير عابئين يتبعهم زبائنهم .. تمثال رمسيس مكبل بالشدات المعدنية من كل جانب فى انتظار وصول أحفاده لتدميره والقضاء عليه تماما عند نقله الى مكان آخر يعلم الله الى اين ..... والكارثة الكبرى سيارات الميكروباص .. هراسات بشر تجرى على الأرض ..... إجابات تطرح تساؤلات وهكذا أمضي انا أيضا فى طريق ليس له نهاية يقذفنى من جهة الى أخرى يسحق ما تبقى فى داخلي من أمل .. أرجع بنظري للغرفة التى تعج بالمهندسين والمهندسات أعيد تأمل وجوههم أرى علامات الملل بدأت تظهر فى التعليقات .. " هو اليوم ده مش ح يخلص .. البنت فى الحضانة والله أعلم إدوها الدوا والا لأ !! " .. " عاوزين نشوف لنا دورة تدريبية نشترك فيها آهى فرصة نرتاح من وش المخروبة دى " ... " هم ح يقبضُونا الحوافز امتى ...؟ " .. " ينفع أمشي دلوقتي وتمضوا لى فى الدفتر؟ خليكوا جدعان بقى ما انا ياما شلتكم .. طب والله سايبة العيال عند حماتى زمانها طفشت من الدوشة " .. " أنا مضطرة يا جماعة أنزل أروح الكلية أصل المشرف على الرسالة ما بيجيش غير النهاردة وعايزة ألحقه قبل ما يمشي , والنبى إبقي إقبضي لى لو قبضتوا أصل انا خلاص أبيض يا ورد...." وتمضى الساعات وتتسرب من بين أصابعنا ....
أتذكرها بنظرتها الشاردة وصمتها ويأسها فى صراعهما لغزوها ... أعذرها ... أنسحب لأبدأ طقوس الوضوء استعدادا للصلاة .



#فاتن_واصل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أماكن
- كانت قصة قصيرة


المزيد.....




- -ليس بعيدا عن رأس الرجل- لسمير درويش.. رواية ما بعد حداثية ف ...
- -فالذكر للإنسان عمر ثانٍ-.. فلسفة الموت لدى الشعراء في الجاه ...
- رحيل التشكيلي المغترب غالب المنصوري
- جواد الأسدي يحاضر عن (الإنتاج المسرحي بين الإبداع والحاجة) ف ...
- معرض علي شمس الدين في بيروت.. الأمل يشتبك مع العنف في حوار ن ...
- من مصر إلى كوت ديفوار.. رحلة شعب أبوري وأساطيرهم المذهلة
- المؤرخ ناصر الرباط: المقريزي مؤرخ عمراني تفوق على أستاذه ابن ...
- فنانون وشخصيات عامة يطالبون فرنسا وبلجيكا بتوفير حماية دبلوم ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية.. -بين أو بين-... حين يلتقي ال ...
- إبراهيم قالن.. أكاديمي وفنان يقود الاستخبارات التركية


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - إنسحاب ..