أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون نعيم الرومي - عملية جراحية على مائدة الطعام















المزيد.....

عملية جراحية على مائدة الطعام


ميسون نعيم الرومي

الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 19:03
المحور: الادب والفن
    


عملية جراحية على مائدة الطعام
ميسون نعيم الرومي

احداث جسام .. ويلات.. مصائب متلاحقة, مرت على العراق وأهله حملت في طياتها أحزان ودماء ودموع .
صراع مستمر من أجل البقاء ..ماسي وانتهاكات للبشروالحيوان كتمت حتى أنفاس الارض والزرع والشجر ولم تمهل العراقيين ولو بفسحة بسيطة من الراحة
جرائم مروعة بحق الانسانية والفرد العراقي افترست سنين عمره كلها سنة اثراخرى أنسته الفرحة ,حجرت الدموع في مآقيه واغتيلت الامال في القلوب
فم يعد يسمع منها سوى أنين مكتوم وصرخات صامته والحسرات التي نهشت الارواح الحائرة التائهة المعذبة
قدر ظالم غاشم وزمن قاسي سحق شعبي المنكوب وشرد الاهل والاحباب

يمر الزمن لتذوب المعانات الخاصة وتتراكم في دهاليز اللاشعور متناسية منسية ..
وقد يثارموضوع ليستيقظ أحدها فينفض غبار الزمن محتجا ومعلنا عن نفسه .. حينا بعد حين

قبل أيام قرأت عن العالم الدكتور العراقي المندائي تحسين عيسى السليم
كأحد الاستشاريين الكبار في اللمفوما وسرطان الدم في الولايات المتحدة.
لقد ادخل الدكتور تحسين وسائل تشخيص دقيقة للمرض وتعتمد على عينات دم قليلة وهو الدكتور المعتمد عند حصول اي اشكال في التشخيص او العلاج في احد اهم مراكز علاج السرطان في الولايات المتحدة وهو فوكس جيس كانسر سنتر. ونشر المئات من البحوث حول سرطان الدم و اللمفوما و غيرها
ااثناء قراءتي انتفضت ذكريات من اعماق الماضي المنسي اعادتني الى حادثة
وعاد الانسان العالم البسيط المتواضع الذي يشرح المواضيع العلمية المعقدة بسلاسة وبساطة وهدوء وعادت ابتسامتة المشرقة التي تشعر المستمع بالحميمية وبالامان

هذا الانسان والدكتورالبارع في تشخيص الامراض منذ بداية حياتة الطبية وقبل ان يتفرغ لتخصصه المميز

لي معه ......وقفتين

الاولى ذهبت له يوما شاكية من ألم كوخز الأبرة ينتابني بين فترة وأخرى في كف يدي, لازلت أذكر شرحه للحالة بالتفصيل وكيف سوف يتطور ذلك في المستقبل وقد حصل فعلا كل ماقاله

أما الثانية فهي قصة لوحدها

نزحت الى السويد في بداية الثمامينات من القرن الماضي واجهت صعوبة لايفهمها إلا من اكتوى بعزلة هذا البلد الذي تخاصمه الشمس دوما , البارد ..الكئيب.. الممل ..وبلغته التي لم نسمع عنها يوما { إذ كنت أعتقد ان لغتهم الانكليزية } برد قارس عزلة اجتماعية.. إن كنت محضوضا والتقيت يوما بمن يتكلم اللغة العربية تشعر وكأن باب القدر قد فتحت لك وتسعد كالأطفال.

في يوم رأيت من بعيد إمراة كبيرة السن تلبس عباءة عراقية ركضت خلفها وأنا اناديها ان تتوقف , خوفا أن اأقد اأثرها. ..والدموع تبلل وجهي دون أن أشعر..وبهذه المشاعر عشنا في غربتنا اللعينة التي فرضت علينا قسرا..
كنت متشوقة الى بلدي حد النخاع

بعد انتهاء المدة المقررة حصلت على الجنسية السويدية واستلمت الجواز السويدي . قررت السفر الى بغداد مهما كان.. الثمن .
في بغداد نصحني الأهل ان لا أعلن عن وجودي إلا للمقربين جدا, وحتى عند خروجي للتجول كنت أتستر بعباءه أجاهد بقوة أن تبقى مستقرة في مكانها الصحيح على رأسي {خوفا من أولاد الحلال كاتبي التقارير}

مرت أيام قليلة إكتشفت ان هناك {عكدة في صدري الأيمن} يا لسوء الحظ الذي يطاردنا في كل مكان وزمان.. استنجدت بأختي الدكتورة سوزان وزوجها الدكتور الجراح ستار جبارموسى الذي نصحني بالرجوع الى السويد بسرعة لكي أعمل عملية هناك

تحطمت نفسيا ..لا أحب ان أغادر بهذه السرعة ,وفي نفس الوقت لاأستطيع ان أذهب إلى المستشفى,لوجوب تقديم هوية وبيانات عراقية ..
إذأ ماالعمل ؟

بعد جهد جهيد استطعت أن أقنع الدكتور ستارأن يجري لي العملية بنفسه لقد بالغت في وصف الأجراءات البطيئة في السويد.. وممكن ان وجد مرض خبيث فسوف ينتشر قبل ان يتسنى لي عمل العملية ومن هذا الكلام المنمق ... تحايلت بكل الوسائل والوساطات.
ولكن أين.. فليس لديه عيادة

ومن كد الملحة ..وزود المحبة.. وعين تبجي وعين تضحك.. أقنعته أن يعمل لي العملية في... البيت ؟؟؟

عملية جراحية على مائدة الطعام

تبرعت صديقتي العزيزة تحفة الصميدعي ببيتها تاركة البيت بما فيه لنا فقط

في غرفة الطعام وعلى المائدة بعد أن حاولت الدكتورة سوزان تعقيم الغرفة بكل ما استطاعت من إمكانات بسيطة

وعملت مساعدة للجراح وهي طبيبة للأطفال ..

أعطاني بنج موضعي وكنت أشعر بكل مايحصل وأشارك في الكلام بجرأة عجيبه مفادها التشبث في البقاء في بغداد أطول فترة ممكنة وعدم المغادرة, كنت أحاول بكل ما أوتيت من قوة أن أجعلهم لا يشعرون بالندم.... لتورطهم بهذه المصيبة

يا لسوء الحظ مرة أخرى... وجد الدكتور ان العكدة كانت ليفية كبيرة ومتغلغلة في أعماق الصدر وليست دهنية وبسيطة كما كان المتوقع.... خيم الوجوم وساد السكوت احسست ان هناك أمرا ..
لقد شعروا بالخوف من الأختلاطات.. وفي نفس الوقت كانوا على عجلة للأنتهاء سريعا لأسباب كثيرة آخرها ..ان الكهرباء ممكن أن تقطع إن حصلت غارة في أي لحظة.. فالوقت حرب مع إيران

المهم بعد جهد جهيد وبتشجيعي المستمر ومحاولة التظاهر بالراحة التامة وإني في أحسن الأحوال.. والعكس طبعاهو الصحيح .. والغارة رأفت بحالنا ..إنتهت العملية الطويلة قبل ان تنقطع الكهرباء ...المحترمة

وتنفس الجميع الصعداء لأنتهاء هذه المحنة التي نزلت عليهم من السويد

بدأت المعاناة والمشكلة الأخرى ...الى أي مختبر يرسل الجزء المستقطع فمن سوف يستلمه بدون إظهار بيانات المريض..

إضافة الى المسؤلية الكبيرة { الطايح رايح } وسين وجيم.. ومن... وأين..ولماذا ...الخ ... والوضع يعرفه الجميع في تلك الفترة المأساوية

المظلمه والمصيبة ان شكل العكدة يثير الشك والأشتباه لذا تحتاج إلى أخصائي قدير..

ومَن غير الدكتور تحسين السليم كما قالت أختي وزوجها ؟

وهنا إستنجدت به أختي أسماء وأعطيت العينة للتحليل وكان الجواب إنها سليمه ولكنها ممكن أن تتحول الى مرض خبيث لو تركت

الف شكر لأختي العزيزة سوزان وزوجها الدكتورستار لقد كانت نتائج العملية رائعة بشهادة الجراح البروفسور السويدي الذي قال عند فحص المكان {ان الدكتور
الذي عمل هذه العملية شاطر ومتمكن .. ولم يعرف انها اجريت في غرفة طعام }

شكرا لك دكتور ستار أتمنى لك الصحة الدائمة والعمر الطويل لقد جازفت بالكثير من أجلي ..إني أقف عاجزة عن التعبير عن مشاعري

ألف شكر لصديقتي أم مصطفى التي أخلت لنا بيتها

وشكر خاص لاختي العزيزة أسماء أم يمامة التي طال إنتظارها في غرفة أخرى وأرعبها الأنتظار الطويل لوحدها وجهلها بما كان يحدث داخل الغرفة المغلقة

كل الشكر والتقدير الى الدكتور العالم تحسين السليم الذي يجهل ان المساعدة كانت لي تلك المساعدة التي أنقذت جميع العائلة من ورطه حقيقية في يوم عصيب من الأيام الصعبة التي مرت بنا

تحياتي لكم وشكراٌ لقراءة معانات عفى الزمان عليها ومضى

وما أكثر معاناة العراقيين فلكل منهم قصص ومصائب لاتحصى ولا تعد

ستوكهولم
2011 / 7 / 25



#ميسون_نعيم_الرومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كان ياما كان ... وَوَيلً لمأ كان
- ضاع العمر هباء
- انا الطفل ... انا العراق
- اسمعوا وعوا
- نادمون
- بلد يعوم على ذهب أسْود
- نَوابُ... َمهْلا
- امشي ! عكس التيار
- سيروا ! ارواحنا لكم الفداء
- محمد نبوس عين الحقيقة
- ضمير عالمنا عجيب
- على الخدمات نبكي ونلطم
- هذا النَفْط نَفط الشعَب ... مُو للْحَراميّة
- عراقيّون عالقُون في { الزنگة }
- 8 آذار تاريخ و طمًوح
- شَبيبَة ٌتَصنَع التأريخ
- الشعب يُريد ...إسْقاط الْنظام
- عَلامَ السكوت ؟
- بغداد لا ... ولن تَموت
- شباب مصر شعلة وضاءة تنير درب الشعوب


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون نعيم الرومي - عملية جراحية على مائدة الطعام