أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ناجي - ( الإنسان يمكن أن يتحطم لكنه لن يهزم)















المزيد.....

( الإنسان يمكن أن يتحطم لكنه لن يهزم)


محمد ناجي
(Muhammed Naji)


الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 01:00
المحور: الادب والفن
    


الفنان قد يطمح ان يعي ابعاد حرفته ، وشرط ابداعه مثلما يعي ابعاد حركة الواقع الاجتماعي والسياسي ، فهو يريد ان يكون مبدعا مؤثرا وذا صوت متفرد في دائرة الفن الخلاق . . لذلك لا أحسب ان اي ايقاع جمالي مهما تفاوتت قيمته الفنية ، يخلو من حركة الناس ، نماذج ، وابطالا ، رموزا ودلالات ، يطورها ويخلقها بأستمرار ويجهد في استيعاب حركة الوجود ، لأعادة صنع تلك الحركات والمشاعر والافعال بصيغ متغايرة من التجدد والابتكار، محاولا ان يقدم شكلا راقيا من الفن يضمن بالضرورة رؤيته الحانية للعالم، ونظرته الوادعة للأشياء. وقد يستمد موضوعه من الموروث الشعبي الجميل وحسه الثري المرهف ليجسد صورة الواقع بعد ان عرف حقيقته واكتشفها ، كفنان يدعو لفضائل واخلاق عالية، ويحارب الانحطاط والبذاءة .
أن تجربة الفنان الابداعية لا يمكن فصلها عن تجربته السياسية ولا عن وعيه لمجمل العلاقات الأنسانية وافكارها ، تعبيراً وسلوكا ، ومنهج رؤية للحياة . . فتجربته تستمد نسغها من همومه ومكابداته . . فهو لا يعبر عن ازمة فردية في حركته بل يمثل صورة المجتمع العام حين يتصدى لكل المحاولات الباطلة الرامية الى طمس تطلعاته وصرفها عن الاتصال بأحداث العصر ومجمل الحياة الانسانية واهدافها المشتركة لتعميق احساس الانسان بالحياة وبأمانيه الطبيعية لأستيعاب التحول النوعي لمجرى السياسة العالمية ليجعل لوجوده معنى ولخطواته اثر في التغيير .
السجين السياسي . . انسان قبل كل شيء . . يحمل في ذاته الشيء ونقيضه . . الحب والكره . . الأمل واليأس . . الجموح والارتداد . . البراءة والخطيئة . . فهو اذن ليس سديماً ولا حركة هلامية في محيط الوجود . . كذلك فهو ليس بطلا ملحميا خارق البطولة . . انما هو ابن هذا الواقع وسليل قيمه وبناه . . فهو أذن لم يخطئ حين حاول ان يتتبع خطاه ليدل بها على اخلاقية العصر الذي عاشه ايضاً . . بروح ( برغم الاصفاد ) تنبثق من الموت والخراب وتنبعث لتقاوم من جديد ، فتعيد الى ذاتها ما فقدته امام التحدي والخيبة والمرارة والضياع في براري التخلف واختلال المعايير والقيم بسبب ما يحفل به الواقع من صراعات وإرهاصات ، ولأنها ترفض الوصاية ولا تؤمن بأعمال السخرة السياسية في العطاء .
السجين السياسي ، وان كان في قبوه كالحصان الهزيل .. لكنه يواصل الصهيل . . الجموح . . لانه عرف السر واختار الطريق الصعب . . طريق الحق والثورة والتمرد ، فهو الثائر الذي يولد في احتراقه ابدا ! يتعذب . . لكنه ينمو ويزهر كالشجرة على اديم الارض ، يمنح الناس السلام والمحبة ، يجمع في قلبه ارادة المؤمن بقضيته ، وحسه الصوفي الذي تجعله المعاناة يشف ويتوهج كالصدق ، ويمضي في الدرب الوعر يحمل في اعماقه شارة النبوة وصليب الالم وسطوة الثائر، يلقى التعذيب .. يستقبل الشتيمة ، لكنه يواجه بكبرياء سخرية الجهلة ، رصاص القتلة ، يغالب الجوع وعصف الهوان .
المبدع السجين . . رفض اشكال العرج الفكري والتخبط الثقافي الذي كان له اكثر من منبر وضيع لتزييف الحياة . . ولذا فأعماله الابداعية ما هي الا حالات لرصد وتصوير الاقبية الضاجة بالعفن والرطوبة في ظل انظمة البطش وانتزاع الشرط الانساني من الانسان وتجريده من كل ما يؤمن به ويقدسه . . لذلك فهو يؤمن بأن ( الحضارة والزنزانة ضدان لا يجتمعان ) .. يحلم ان يقوم بمكان كل معتقل معمل لحليب اطفال .. هو انسان يحلم بموت الوحش الكامن في الانسان السلطوي . وفي النهاية فهو يرى ( ان الانسان يمكن ان يتحطم لكنه لن يهزم ) !! مادامت النجوم تتوهج في الاعالي ، ومادامت الارض تمنح الخضرة دائماً . .
الفنان السياسي :- قد يحس كونه منبوذا في قفصه ، بيد انه يدرك قدراته الخلاقه ايضا بكونه صانع اخيلة ، بأستطاعته ان يقارن حقائقه الكتيمة مع حقائق العالم الخارجي . لكنه في النهاية قد يرى الطريق طويلة وصعبة ، بيد انه برغم الحواجز وبرغم العتمة ، يمضي قدماً يحلم بعالم مليء بالدفء والنبل الانساني ، وقد بات عليه ان يفرق ما بين اطيافه العابرة وحقيقته المرة . وهذا هو مبعث قلقه ، وسر تململه الدائم ما بين جذوة الأمل وذبالة اليأس ، عبر التوق للخروج من معطف الظلام الى رحبة النور ، وقد لا يجد في النهاية اي شيء سوى المكوث في منطقة الظل الكثيف ، لا يؤنسه سوى بقايا ذكريات تنقر بعمق وحزن انساني ، شغاف القلب ، يستغور فيها شكل حرارة الدمع ، والتوحد مع الجدران الصلدة . . شكل الفراق . . شكل الوداع . . شكل اللحظة الاخيرة , فكلها أشكال غائبة راعبة .. تفضي الى لحظة جنون المشهد الاخير، في مقاومة الروح للفناء ، حين تذبل عروقه ويتجمهر وجوده مثل كائن زائد وفائض على
الحياة .
في تلك اللحظة العصيبة لا يسأل لماذا يكون الإنسان حزيناً . . كمن يرى الأشياء من خلال حريق فاجع .. فحينما يتجمد الزمن أمام الموت المجاني فأن روحه العظيمة يتخثر فوقها فاصل الألم الإنساني ، عميقا عمق اللهفة ، لاستخراج ذكرى هنيئة من خلال استغوار الماضي السحيق المسكون بالجد ب والقحط .. ثمة تكثيف للصراع الكاشف عن قوة الصمود البشري ، وتفجره عبر أشكال فنية من الخطوط المتشابكة والمساحات اللونية المعفرة بضروب من التناقض الصارم ، كمن يمتحن أرادة الكائن الإنساني إزاء ألتوحد مع تجاعيد الحياة في خربشات محمومة للتعبير عن كثافة اللوعة التي باتت تكبر كالحلم . . وكعين الشمس أحيانا . . تسجل حالات خاصة لإنسان مسحوق المنى . . تنازعه الشكوك ، وتنتابه الهواجس ، كمن يبحث عن وسيلة لرأب الصدع الداخلي وإعادة ترميم انكسار الروح لوجود متهدم! وقد تغير كل شيء في قراراته ، تغييرا حسيا واشراقيا باتضاح الموقف الحياتي والسياسي . . برغم أن العذاب الجسماني والروحي لم يذهبا سدى في زنزانات القهر والاستلاب ، حيث أسفرا عن ثورة لاهبة امتد سعيرها من الفاو حتى بغداد . ثورة في الضمائر المتيقظة وفي النفوس العالية . . مواجهه عاتية ما بين الجالد والمجلود لأكثر من عقد من الزمن .. فساكنو المعتقلات والزنزانات من مبدعي الحياة أذن يجذفون بحماس وصبر لاستشراف شواطئ المستقبل لصنع اجيال جديدة تؤمن بالكفاح والتغيير . . فهم صناع حياة ، طلاب حرية .....



#محمد_ناجي (هاشتاغ)       Muhammed_Naji#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا قاعدة ولا بعثية ... بدْمانَه نِشْري الحرية !
- عشرين عام إنكضت ... وشذكّرك بينه !
- حقوق الإنسان ثقافة إنسانية
- الدكتور قاسم حسين وشخصية العراقي الضائعة بين علم النفس والتا ...
- تكريم البصير وأعلام الحلة والعراق
- وما الغريب في منع الموسيقى والغناء ؟
- صور المالكي ... فجوة بين الواقع والشعار
- نداء ( لا للتفريط بالدم والحق العراقي )
- أزمة مياه أم أزمة نظر ؟
- أي أمن ... وأية استراتيجية ؟
- هي فرصتكم ... إن كنتم صادقين !
- فخامة الرئيس ... إذا أنت أكرمت اللئيم !.
- الفلسطينيون في العراق
- نوال السعداوي والمثقفون العرب ونداء شعراء بغداد
- خنادق في المتاهه العراقية
- قبلات على جبين الوطن
- أيام المزبّن كضن
- صدام الأعور ملك بين العميان
- ليكن آخر طاغية !
- كونا - في الإتجاه المعاكس !


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ناجي - ( الإنسان يمكن أن يتحطم لكنه لن يهزم)