أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - بوصلة الرؤى














المزيد.....

بوصلة الرؤى


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3429 - 2011 / 7 / 17 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


إن التمايز الذي تم بين المثقفين، بعيد اندلاع الثورات العارمة، من حولنا، جعلنا، وجهاً لوجه أمام ثلاثة نماذج منهم: أحدهم سرعان ما يتلمس جراحات أهله وذويه، ولم يتباطأ، ولم يتردد، في اتخاذ الموقف المطلوب، فانخرط في لجة الفعل الثوري، عبر خطابه، سواء أكان كاتباً، أم شاعراً، أم فناناً، من دون أي تردد، بيد أن الأنموذج الثاني راح يتصرف عكس ما اختاره الأنموذج الأول، إذ انحاز إلى جانب آلة الاستبداد، متصامماً، ومتعامياً، ومتبلداً، إزاء كل ما يتم بحقّ ذويه، من دفعِ عالِ من قبلهم للضريبة، دماً، واعتقالاً، ومطاردة، ليكون هناك أنموذج يمكن وسمه بأنه “بين بين”، يدرك اللوحة أمامه، كاملة، بما تحمله من توترات وتناقضات، ويدرك مكمن الخطأ، في داخله، كما يبصر طريق الصواب، بيد أن طبيعته الزئبقية تمنعه من حسم الأمر، وتوجيه بوصلته في الاتجاه الصحيح .



وإزاء أية معاينة، لطبيعة مثل هذه النماذج المشار إليها، كلها، بشيء من الأناة، والتدقيق، تكشف عن أن عامل المنفعة، هو الذي يكمن وراء اتخاذ رؤيته، وإن كان هذا العامل يتدرَّج بين مديين واسعين، يتراوحان بين مئة وثمانين درجة، هندسياً، حيث ثمة من ينطلق بتمترسه وراء موقفه، من منفعة محض ذاتية، وهو يمارس في صميمه اللاأبالية، تجاه الآخرين، حتى وإن كان قد تعكز، طويلاً، خلال فترات تكسبه على خطاب الذود عن هؤلاء، كمجرد وسيلة لتحقيق مآربه .



كما أن عامل المنفعة نفسه، يشكل دفعاً لمن يتبنى خطاب الآخرين، من حوله، وإن كان في مثل هذه الممارسة، يتم إلغاء المنفعة الذاتية، الآنية، المفترضة، عند هذا الأنموذج، بأخرى، هي منفعة الجماهير العريضة، الأبقى، وهي في جوهرها أسُّ أيِّ خطاب غيري، يعدُّ الأبقى، على الدوام، لأن صاحبه يترفع عن الخضوع لسطوة غواية المغريات، الخاوية، التي طالما استخدمت لحرف المثقف، عن أداء واجبه، وإيقاعه في فخ فقدان المصداقية .



وفي المقابل، نجد أن الأنموذج الذي يقف في وسط المعمعة، ولا يجرؤ بحكم بنيته أن يحسم أمره، في اتخاذ الموقف، الصائب أو الخاطىء، موهماً بالتواشج مع النقيضين، في آن واحد، وهذا ما لايمكن أن يكون صائباً، إزاء القضايا الكبرى التي تتعلق بالحكم الأخلاقي على ثنائية: القاتل والضحية، إذ لابد من إبداء حكم واحد، لا ثاني له، لاسيما عندما يكون القاتل مستبداً، والقتيل طالب حرية .



إن مواقف مثل هذه النماذج الثلاثة، هي التي تحدد القيمة الأخلاقية، لكل منهم، على حدة، وإذا كان الأنموذج المستأثر بمنفعته الضيقة، يجني على نفسه، عبر سلوكه، إلا أنه يبقى- في المحصلة- واضحاً، للوهلة الأولى، ولا داعي لبذل المزيد من الجهد للكشف عنه، كما هوحال المتفاني، المنحاز للآخرين، مهما كانت ضريبة ذلك، ليبقى الأنموذج الأكثر شذوذاً، وانحرافاً، وضبابية، هو الأنموذج غير القادر على التقاط الموقف المطلوب، حتى وإن أبدع آلاف النظريات التسويغية، التي تجعله غير فاعل، متربصاً، واقفاً على الرصيف، لينخرط في أي اتجاه يسجل النصر، ولا فرق في عرفه بين السارق والمسروق، والظالم والمظلوم، ما دامت بوصلته هي المنفعة، وهذا هو الأنموذج الأخطر .



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء4
- صلاة دمشقية:إلى قاسيون وبردى وكواكب صديقي-ع-
- كيف تطهِّر روسيا يدها من الدم السوري؟: رد هادىء على د. إينا ...
- في -نقد الثورة-:نحو ميثاقِِ وطنيِِّ لمستقبل سوريا
- ثقافة الخوف
- أسئلة اللحظة
- حدود النقد
- المعلّق من عرقوبه إلى الأهلين
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-3-
- المثقف الكردي والثورة السورية:
- عقدة الأخ الأكبر
- أُمثولة عامودا
- التفاؤل في الأدب
- دوار الشمس
- أدب الظلّ
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-2-
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء -1-
- بين الكلمة والصورة
- سوريا ليست بخير سيادة الرئيس*
- ما الذي لدى الأسد ليقوله غداً؟


المزيد.....




- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- بائع الصحف الباريسي علي أكبر.. صفحة أخيرة من زمن المناداة عل ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - بوصلة الرؤى