أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - ثقافة الخوف














المزيد.....

ثقافة الخوف


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3423 - 2011 / 7 / 11 - 03:38
المحور: الادب والفن
    






ما لا يختلف عليه اثنان، كما يقال، هو أنه نتيجة التراكمات الهائلة التي خلفتها آلة الاستبداد، فإن أحداً لم ينجُ من سطوة الخوف الذي يدخل في إطار ثقافة الإنسان، ضمن أي جغرافيا يضرب فيها هذا الخوف أطنابه، لدرجة أنه يخيل إلى دارس سايكولوجيا الإنسان الذي يرزح تحت هيمنة هذا الكابوس المرعب، أنه يدخل في تكوين حليب رضاعته، ويتوغل عميقاً في كل مسام جسده، وروحه، فلا مناص للخلاص من ربقته البتة .

إن التربية الأولى، التي لا يزال إنساننا يتلقاها، ويفتح عينيه في ظلها، والتي تبنى على أساطين من الخوف، لما تزل تعمل بانتظام، منذ بداية تشكل الوعي، كي تنخر منظومة الثقة بالذات، ولتجعله يتحرك تحت وطأة هذا الشبح وهو ينوس بين حالتيه: مرئياً وغير مرئي، ليكون العقاب-في صوره العنفية- أمراً لابدّ منه، أنّى حاول هذا الكائن التحرّك، لاتخاذ أمر ما، صغيراً أو كبيراً، ولتكون هناك صورة شرطي وعصا، تكاد تنحفر في بؤبؤي عينيه، بل في نسيج لاشعوره، وهو ما يدفع به، في ظل مثل هذه الثقافة لأن يتصرف، كي يغدو في مواجهة لابدّ منها، ترتسم أمامه، ولا بدّ من مراعاتها، سواء أكان ذلك على صعيد علاقته بأبويه، أو أخوته، أو أطفال الشارع، أو في المدرسة، مادام أن تلك الصورة المرعبة تترجم إلى كائن آخر، قد لا يستطيع هذا الكائن الجديد نفسه تغيير نمطيته، والخروج عما يدور في فلكه .

ولقد استطاعت الثورات الشعبية العارمة التي تتم-حالياً- أن تكسر جدار الخوف، في أكثر من بؤرة يتمركز فيها، وهو ما جعل الإنسان العادي، في بداية طريق جديدة، متحرراً من أكثر من غِل، دأب أن يعيق تحرره، وتطلعه إلى ما يصبو إليه، ومن شأن مثل هذا التغيير المفاجىء أن يجعله أمام عالمين: عالم بات أشبه بالأطلال، وإن كان ثمّة من يريد إبقاءه، على اعتبار أنه يجسد مصلحة فئة لا تزال بعض مقاليد الأمور والاستبداد بيدها، وعالم آخر، ترتسم آفاقه على نحو مؤكد، يتم إشادة عمارته بجرأة وقود هذه الثورات التي لا تفتأ تسجل استثنائيتها، وتشكيلها لخط بياني في بعض مراكزها، لتبين مدى عملقة من أعاد الروح-بلغة توفيق الحكيم- إلى من افتقدها، وبات إلى وقت قريب حقل تجربة بالنسبة إلى المستبد، لإقصائه، حتى عن نفسه، وإعمال التهشيم، ليس في جسم علاقاته مع من حوله، بل حتى في عمقه، وهذا أخطر المعطيات التي حققها الخوف، وبلغ ذروته-مثلاً- في إحدى محطاته، التي من الممكن اعتبارها الأنموذج الأكثر تجسيداً لممارسة العنف، كمفردة أولى في ترسيخ الخوف .

وإذا كان المواطن العادي، قد لمس هذه الحقيقة، بحدسه، وبات يدخل في معمعة هذا التغيير الهائل، لينبذ مفردات مرحلة ظلامية، طالما عانى منها، ودفع ثمنها غالياً، إلا أن أبعاض المثقفين- ونتيجة زئبقية رؤاهم- لمّا يزالوا يتعاملون مع اللحظة الاستثنائية، في التقويم، على أساس المعادلة الناظمة للعلاقة مع السلطة، وهذا ما يسهم في إطالة أمد الخوف .
[email protected]

زاوية أفق-جريدة الخليج11-7-2011



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة اللحظة
- حدود النقد
- المعلّق من عرقوبه إلى الأهلين
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-3-
- المثقف الكردي والثورة السورية:
- عقدة الأخ الأكبر
- أُمثولة عامودا
- التفاؤل في الأدب
- دوار الشمس
- أدب الظلّ
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-2-
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء -1-
- بين الكلمة والصورة
- سوريا ليست بخير سيادة الرئيس*
- ما الذي لدى الأسد ليقوله غداً؟
- العنف في الأدب والفن
- الكاتب والصمت
- خريطة طريق أم خريطة قتل؟
- سوريا: جرح نازف وضميرمتفرج معطوب
- الشاعر و-عمى الألوان-


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - ثقافة الخوف