ماجد لفته العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1020 - 2004 / 11 / 17 - 11:19
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تعتبر الدولة العراقية كغيرها من دول العالم الثالث أكبر راسمالي وطني مهيمن في المجتمع, بفعل التطور الاجتماعي المشوه الذي تم بواسطةالتدخل الراسمالي الاجنبي وعن طريق الاحتلال المباشر من قبل الاستعمار البيرطاني الكولونيالي وغير المباشر من قبل نشاطات الاحتكارات الراسمالية , للاستغلال وتحويل السوق الوطنية بما يتناسب وحاجة السوق الرأسمالية العالمية , وبناء مرتكزات ومرافق أقتصادية أساسية ساهمت في خلق علاقات شبه راسمالية طفيلية تحت ظل مجتمعات زراعية تسودها العلاقة البطرياكية والاقطاعية والشبه أقطاعية, مما أعطى الدولة الوطنية في ظل السيطرة الاستعمارية وبعد عملية التحرر الوطني دورا رئيسياً في عملية البناء الاقتصادي , حيث لعبت الدولة دور المالك والمنتج عبر أدارتها وسيطرتهاعلى معظم المرتكزات الاقتصادية وعلى جميع مفاصل العملية الاقتصادية لتصبح المالك الاكبر لمعظم الثروات الاجتماعية والمحرك الاول للدورة الاقتصادية الانتاجية في المجتمع.
ومنذ تأسيس الدولة العراقية 1921 وحتى سقوط الدكتاتورية الفاشية وأحتلال العراق 2003, لعبت الدوله الوطنية العراقية دور أساس في التنمية الاقتصادية وخصوصا ً مع تنامي دور النفط كمنتج وسلعة أقتصادية ساهمت في زيادة تراكم الثروة الاجتماعية منذ 1927 , وقد أدى ذلك الى أحداث طفرة نوعية في جوانب تنظيم العملية الاقتصادية من خلال تأسيس مجلس الاعمار 1952_1958 والذي أعتمد التخطيط الاقتصادي الهادف الى تحديد ومراقبة أوجه الانفاق العام للثروات الاجتماعية ورسم المخططات لبناء المشاريع الانتاجية والخدمية وتوفير المستلزمات الضرورية و بما يتناسب مع النمو السكاني المتعاظم, وظل التخطيط السنوي والخماسي واحد من أهم السمات الاساسية للاقتصاد المركزي للدولة العراقية , وبعيدا عن التقييمات المتعلقة بصواب وخطل هذا الشكل من التنظيم الاقتصادي ومدى تأثيراته الايجابية والسلبية على العملية الاقتصادية , الاأنه عمل منذ الشروع به 1952 على تنظيم الاقتصاد الوطني العراق , والتعويض عن عجز [ البرجوازية الوطنية الفتية] بالمساهمة الفعالة في تحريك الدورة الاقتصادية الاجتماعية والمرتبط بتشوه التطور الاقتصادي الاجتماعي الذي أنتج [برجوازية وطنية] مشوهه تمارس نشاطات ريبوية تجارية وطفيلة ولها مشاركة محدودة في عملية الانتاج المادي المتعلق في الصناعات الخفيفة بمختلف اشكالها, مماجعل من دور رأسمالية الدوله دورا فعالاً وأساسياً في جانب تنظيم العمليات الاقتصادية الوطنية, والعمل على التخفيف من أثار فوضى أقتصاد السوق الرأسمالي الدولي وأنعكاساته السلبية على الاقتصاد الوطني العراق , وتوفير نوع من الدعم والحماية للسوق الوطنية العراقي في ظل تنافسها مع المنتج العالمي, وتنظيم أستشمار وأسغلال الثروات الوطنية والسعي لتوفير فائض أقتصادي يتناسب مع مقدار النمو السكاني .
لقد أظهرت مختلف الدراسات الاقتصادية ان الدولة الوطنية العراقية , تعتبر اللاعب الاكبر في العملية الاقتصادية الوطنية وعملية أعادة الاعمار والبناء الراهنة , بالرغم من الاثار المدمرة التي خلفتها الدكتاتورية والحصار والاحتلال ,على الهيكلية البنيوية للاقتصاد الوطني العراقي والتي تتمظهر في في تدمير البني التحتية الاقتصادية وتعطيل دور الدولة العراقية في مختلف جوانب الحياة, الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية.
ويمكننا تحديد تلك الاثار الرئيسية المدمرة لبنية الدولة العراقية وأقتصادها الوطني بسبب سياسية الدكتاتورية وحروبها الكارثية والحصار الاقتصادي والاحتلال الامريكي الامبريالي بالقضايا التالية:
# تدمير البنية الاقتصادية التحتية والتي تقدر قيمتها باكثر من 300 مليار دولار , وربما هذه الخسائر اقل بقليل من المبلغ الحقيقي, لعدم توفر الاحصاءات الدقيقة بسبب الفوضى التي اوجدها الاحتلال والتي أدت الى أتلاف قسم غير قليل من البيانات والوثائق وسيطرة المحتل على القسم المتبقي من أرشيف الدولة العراقية ,وكذلك ايضا عدم وجود دراسةوتقيمات معلنة من قبل الحكومة العراقية المؤقته تحدد قيمة الخسائر الفعلية التي أحدثتها قوات الاحتلال في المتبقى من البنى التحتية التي لم تنهار في ظل الحصار الاقتصادي.
# مبالغ التعويضات الاقتصادية التي حددتها القرارات الدولية بنسبة 30% من عائدات النفط العراقي , ومقدارها حوالي 190 مليار دولار , وهناك شك في العديد من الطلبات بأعتبارها طلبات وهمية ومبالغ بها ,كما أنها أخذت طابع سياسيا أكثر من حجمها وقيمتها المالية المتعلقه في تعويض المتضررين المباشرين في دولة الكويت من نتائج الغزو الصدامي لدولتهم.
# الديون الخارجية وفوائدها المتراكمة وقدرها 130 مليار دولار والتي أغلب عائدياتها الى نادي باريس وبعض الدول الاقليمية الاخرى , والتي يعول كثيرا على أطفاء نسبة كبيرة جدا منها في المستقبل القريب.
أن هذه التركه الثقيلة تؤكد على أهمية رسم سياسة أقتصادية متوازنة تعتمد التزاوج بين الاقتصاد المركزي التي يعتمد التخطيط العقلاني وأقتصاد السوق المبني على حرية قوى السوق التي يمكن ان تؤدي هذه الحرية في البلدان النامية( دول الجنوب) والتي يعتبر العراق واحد منها الى فوضى عارمة تؤدي الى أفقار الطبقات الوسطى والكادحة في المجتمع العراقي , وتصب في خانة تحالف البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية الذين يزدادون غيناً على حساب الطبقات والفئات الاجتماعية االاخرى.
ان الدولة العراقية تواجه تحيات جدية في عملية أعادة بناء الاقتصاد العراقي الاقتصاد بسسب الفوضى الاقتصادية والاجتماعية التي أوجدها الاحتلال من خلال أصدار قرارت وتشريعات أقتصادية لخصخصة القطاع العام دون ضوابط محدده, أضافة الي مشكلة البطالة التي تضاعفت بشكل مخيف لتصل الى أكثر من53% بعدحل الجيش وأجهزة القوات المسلحة , العجز والتضخم النقدي الذي خلفتهم الدكتاتورية .. والكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الاخري التي تواجه الدولة العراقية في مرحلة للاعمار وأعادة البناء المقبلة.
أن أسترجاع دور الدولة الايجابي والتقدمي في أعادة بناء وأعمار الاقتصاد الوطني العراقي مرهون بعدة عوامل أساسية يقف في المقدمة منها :
1_ وجود برنامج أقتصادي وطني للحكومة العراقية المؤقته والمنتخبة مستقبلاً , يوضح أتجاهات السياسية الاقتصادية والبرامج الانية والستراتجية للاعادة بناء الاقتصاد الوطني العراقي.
2_مستوى عائدات القطاع النفطي والمرتهنة بقيمة البترول كسلعة عالمية وحركة الاسواق النفطية التي تعتمد على طبيعة العرض والطلب في الاسواق العالمية, وترتبط أيضاً بأمكانية الدولة في أعادة هيكلة القطاع النفطي وتأهيله لتطوير أدائه وزيادة أنتاجيته في المستقبل المنظور خلال العشر سنوات القادمة.
3_ جدولة الديون وأطفاء القسم الاعظم منها , وأعادة النظر بنسبة التعويضات والنظر بصحة الكثير منها عبر الاستفادة من المحاكم الدولية لحسم النزاعات حولها.
4_ أستحصال القروض من الدول الدائنة للعراق , والافراج عن الاصول والاموال العراقية المجمدة, وتابعة الاموال المهربة والمسروقة من قبل عائلة صدام وأعوانه.
5_ قيمة المساعدات المقدمة لعملية الاعمار من قبل الدول المانحة . وأوجه أنقاها وأتجاتها ومساهماتها في دفع عجلة الاقتصاد العراقي.
6_ قدرة الدولة على الحد من عمليات التخريب الاقتصادي( تفجير أنابيب النفط, البنى الخدمية التحتيه, الفساد الاداري, أهدار الاموال العامة), ورسم معالم جديدة للامن الاقتصادي بمشاركة الطبقات والفئات الاجتماعية صاحبة المصلحة الحقيقية في التقدم الاجتماعي.
7- وقف النزف البشري لعقول العراقية ( الاغتيالات , الاعتقالات, الهجرة تحت تهديد الارهاب والعصابات
الاجرامية المنظمة) للاستخدام هذه الثروة الاجتماعية في تطوير المجتمع العراقي.
وهناك جملة من العوامل السياسية والاجتماعية تساهم في تطوير دور الدول وتحسين أدئها الاقتصادي , ولكن تحقيق هذه الاهداف لايلغي التاثيرات الاخرى المعيقة لفعالية راسمالية الدولة الوطنية والتي تتجسد في مسعى العولمة الامبريالية عبر سياستها الاقتصادية اللبيرالية الجديدة الى تهميش دور الدول كمالك ومنتج , وجعلها مجرد وسيط تجاري يرعى مصالح الشركات المتعددة الجنسيات في المجتمع العراقي ومنظم للتشابك الحاصل بين البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية من جهة والشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات من الجهة الاخرى, وترى الاحتكارات المتعددة الجنسية أن هذا التشابك يربتط بصورة أساسية حول المصالح الاقتصادية الستراتجية التي يشكل النفط محورها الاساس ويعتدى ذلك الى خلق الاستقرار في المنطقة لتحكم الاكثر والاستغلال الاكبر من قبل الشركات عبارة القارات لموادها الاولية, والانطلاق من تلك المصالح للاعادة ترتيب الخارطة الجيويساسية بما يساهم في حماية مصالحها الحيوية في منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط.
ومن هنا ينظر الى الوظيفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدولة الوطنية في ظل العولمة الامبريالية المتوحشة , على أنها مجرد جهاز وظيفي معني في شرعنة وحماية مصالح الاحتكارات المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات على الصعيد الوطني.
ان اعادة بناء الاقتصاد الوطني العراقي وتحقيق أستقلاله لايمكن أن يتم من دون النضال من أجل عولمة جديدة عادلة.
#ماجد_لفته_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟