أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نقولا الزهر - من الطقوس والإشارات في الحياة السياسية السورية















المزيد.....

من الطقوس والإشارات في الحياة السياسية السورية


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 1015 - 2004 / 11 / 12 - 09:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في أواخر الأربعينات من القرن الماضي كان لا يوجد في بلدتنا (صيدنايا) سوى حزبان سياسيان: (الحزب الشيوعي السوري)، وبعد فترة قصيرة راح ينتشر (الحزب السوري القومي الاجتماعي) وفيما بعد أصبح التنافس بينهما على أشده إذا لم نقل العداوة على أشدها. وانفرزت الأمور في ذلك الوقت بأن معظم الشيوعيين كانوا من الروم الأرثوذوكس ومعظم القوميين الاجتماعيين كانوا من الروم الكاثوليك؛ وشاءت الصدف أن بيتاً واحداً أورثوكسياً من عائلة سعادة انتسب أفراده للقوميين تيمناً باسم ابن العم المرحوم أنطون سعادة.......
في تلك الفترة كنت في الصف الثاني الابتدائي، كان لدينا المعلم(محمد حسن دياب) من سكان حي الأكراد في دمشق. كان في أكثر الأحيان يرتدي عند مجيئه إلى المدرسة وعند تجوله في شوارع البلدة بزة(جاكيت) مزخرف قماشها بالزوابع، فراح الشباب القوميون من أهل البلدة يقلدونه في لباسه، أتذكر منهم المرحوم زكي بولس الخوري والمرحوم فايز الشيخ وندرة سرحان وآخرين؛ وفي أحد الآحاد راح يتمشى على سطح السور في دير سيدة صيدنايا ثلة من لابسي الجاكيتات المزوبعة وعلى رأسهم الأستاذ محمد حسن دياب، وهنا ثارت ثائرة الشباب الشيوعيين بعد رؤيتهم هذه التظاهرة الجديدة عليهم، مع أنهم أي الشيوعيين منذ عام 1946 اعتادوا في ألاعراس والأعياد الدينية أن يرفعوا صورة خالد بكداش وصورة ستالين ويرسلوا التحيات لفرجالله الحلو ونقولا شاوي وأرتين مادويان ووصفي البني...ومن الردَّات المشهورة التي كان يتغنى بها الشيوعيون الصيدناويون في ذلك الوقت مع الشيوعيين اللبنانيين الآتين إلى عيد السيدة: توماشنكو كسَّر صليبك يازوبعة تحت عتبة لينينغراد(توماشنكو كان آنذاك وزيراً للدفاع السوفييتي قبل جوكوف)... صار الشيوعيون يلبسون ربطات العنق الحمراء ويقفون جماعات في ساحة البلدة وأمام درج الدير كردٍ على تحدي تظاهرة الجاكيتات المزوبعة التي راحت تتسع في البلدة. لكن لم تقف الأمورعند هذا الحد فقد كمن بعضهم لأستاذنا المسكين محمد حسن دياب وأشبعوه ضرباً ولكماً وذهبت بعض أسنانه وفي اليوم الثاني نزل إلى مديرية التربية في دمشق ليطلب نقله.............
اعتاد أهالي بلدتنا في عيد الصليب من كل عام في مساء يوم 13 أيلول أن يشعلوا النيران على رؤوس التلال والساحات العامة، وفي النصف الأول من الخمسينات كان لي قريب قد اعتاد في مثل هذا اليوم أن يأخذ كمية كافية من الرماد وكمية كافية من زيت الكاز ويصطحب شباباً وأولاداً صغاراً، كنت واحداً منهم، إلى التل المطل على البلدة من الجنوب، وما أن يصل (أبو الياس) إلى هناك حتى يبدأ بخلط الرماد بالنفط ليصنع عجينةً قابلة للاحتراق. ثم يبدأ بواسطة الحجارة يرسم (المنجل والمطرقة)، ومن ثم يضع بجانب كل حجر كتلة من عجينة الرماد والنفط ويشعلها جميعها ويعقد الشباب الدبكة ويغنون الأغاني الشيوعية في الوقت الذي كان أبو الياس مستمراً في طقسه المقدس يشعل الكتل التي تطفئها الريح إلى أن ينتهي العيد في حوالي الساعة الثانية عشر ليلاً.........
في عام 1958 وبعد نشر الحزب الشيوعي للبنود الثلاثة عشر حول الوحدة مع مصر، رأيت أخي الأكبر أسعد رحمه الله يغلف أربع صور قماشية ملونة واحدة لماركس والثانية لأنجلز والثالثة للينين والرابعة لستالين وأرسلها مع والدتي لتأخذها إلى البلدة وتخبئها في المغارة تحت الدار حتى لا تطالها يد المخابرات.........
في عام 1989 كنا في سجن عدرا في دمشق، وكانت مشاهد انهيارات المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي تتوالى، وفي إحدى الزيارات طلب أحد رفاقنا من ابنه أن يأتيه بربطة العنق الحمراء في الزيارة القادمة؛ وبالفعل بعد حوالي الشهر وبعد ظهر يوم الزيارة نزل مصطفى إلى ساحة التنفس ببدلته الرسمية وبربطة العنق الحمراء المزينة بحمامة السلام واستمر فب هذا الطقس اليومي أكثر من أسبوع؟؟؟؟,,,.....
وفي السجن أيضاً نشط أصدقائنا من التنظيم الشعبي الناصري كثيراً بشغل لوحة خرزية للزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر.......
ما أثار انتباهي في السجن عند رفاقنا في حزب العمل الشيوعي مسألة الأسماء فيبدو أنهم كانوا تواقين في تلك المرحلة إلى الأسماء الروسية مثل أبو إيفان وأبو زويا وأبو مكسيم وأبو ناتاشا.....
كانت تجمعني مع أحد رفاقنا الماركسيين في السجن عدا عن السياسة الصداقة والمودة ولعب الشطرنج، في يومٍ من أيام السجن الطويل وبينما كنا نناقش مقالاً لكريم مروة في مجلة الطريق حول الماركسية والدين وكان معنا في جلسة النقاش الصديق المحامي عبد المجيد منجونة والصديق المهندس سليم خير بك والصديق الدكتور في هندسة الري جلال الدين خانجي. وبطبيعة الحال ثار نقاش طويل حول جرأة المقال وإيجابياته وسلبياته وبعضنا اعتبره فتحاً كبيراً للحوار بين الاتجاهات الفكرية المختلفة، لكن ردة فعل رفيقنا الماركسي على مقال الباحث الشيوعي اللبناني كريم مروة من نوعٍ آخر؛ فقد اعتبر آنذاك أنه فيما إذا كان هنالك من أفكار لدى ابن رشد وابن طفيل وابن خلدون أو أرسطو وهيراقليط وغيرهم ولاتزال أدوات معرفة في الحاضر فهي أولاً وأخيراً تبقى جزءاً من الماركسية ولا نعتبرها نحن ملكاً لأي فكر آخر)...فلم يستطع حينذاك الدكتور جلال خانجي إلا أن يرد فقال له: نحن لا نؤمن باللوح المحفوظ إلا بالنسبة إلى القرآن. طبعاً من حق صديقنا الماركسي أن يعتقد كما يريد فهذا حقه...........
لنا صديقة من الحزب السوري القومي الاجتماعي رائعة ودودة، كانت كلماتها لي من القلب حينما خرجت من السجن في عام 1994 ولكن ما أثار انتباهي لباسها فكانت تضع في عنقها حلية ذهبية بشكل زوبعة والقميص زوابع والساعة تتدلى منها زوبعة، فقلت لها ياعزيزتي الفكر في الرأس وفي القلب............
يروي السياسي المخضرم المرحوم(أكرم الحوراني) في مذكراته/ ص137 ج1 / فيقول:
كان معظم زملائي الجامعيين من عصبة العمل القومي وأنصارها، وكانوا يرتدون السيدارات(الفيصيلية) وينشطون بالتبشير بمبادئ العصبة، أذكر منهم برهان الأتاسي ووصفي البني......وكان رفاقي العصبويون في كلية الحقوق يشددون الحصار علي للانتساب لحزبهم، ولا أزال أذكر كيف ان برهان الأتاسي استسنح فرصة وجود مصور في حديقة الجامعة فاستعار سيدارة من أحد رفاقه ووضعها على رأسي وطلب من ذلك المصورأن يلتقط صورة تذكارية، ومع الأسف فإن تلك الصورة فقدت فيما فقد من أوراق وصور............
نقولا الزهر
باريس في 10/11/2004



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع المدني من جون لوك إلى الأمير سعود الفيصل
- شذرات من - المقامةِ البربرية
- إلى أيلول
- يوم مشهود من أيام أبي نرجس
- حمدي الروماني
- التقيتهما مرة واحدة
- حول التداخل بيت المقاومة والإرهاب
- جودت الهاشمي
- الشعوب العربية من نير الإقطاع السلطاني إلى نير الإقطاع الشمو ...
- خيوط القمة العربية أوهى من الكلام على الإصلاح
- قصيدة :دموع ليست من ماء
- مقاربة حول الديموقراطية في العالم العربي
- الأعمدة الزانية
- قصائد صغيرة
- رسالة إلى المهندس المعماري الفنان رفعت الجادرجي
- همسة في واد
- دوافع أوربا والولايات المتحدة من الإصلاح في العالم العربي
- عرس المطر
- الطوفان الرمادي
- طبق القش


المزيد.....




- معالم ظهرت بفيديو استقبال محمد بن سلمان لوزير خارجية إيران ت ...
- تتبعت تحركاته.. داخلية الكويت تقبض على فرد بالأسرة الحاكمة و ...
- إخلاء مستشفيات شمال غزة، وفتح وحماس تناقشان مقترح -لجنة مجتم ...
- باريس تعلن استضافة مؤتمر دولي لدعم لبنان في 24 أكتوبر
- إعصار ميلتون -الخطر للغاية- يجتاح سواحل فلوريدا برياح عاتية ...
- الإعصار ميلتون يجتاح سواحل فلوريدا
- ترامب يرفض إجراء مناظرة ثانية مع هاريس
- عاجل| إصابة سفينة بقذيفة مجهولة المصدر وتعرضها لأضرار جنوب غ ...
- الأعاصير الخطرة.. 5 فئات تحدد سرعة الرياح وقوة التدمير
- -طفل من بين كل 7- يعاني من أمراض ترتبط بالصحة العقلية


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نقولا الزهر - من الطقوس والإشارات في الحياة السياسية السورية