أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - عنقاء المصحة العقلية















المزيد.....

عنقاء المصحة العقلية


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 1015 - 2004 / 11 / 12 - 07:30
المحور: الادب والفن
    


هل سمعت بـ - أجهزة الدخان البشري؟؟

إنها أجهزة الدُخان الأحمر , أجهزة تحيل الكائن البشري إلى بخار !!!!
................
غيم اسود.. مطر أسود ..الآبار .. دخان الآبار.. صراخات .. أحاديث ساخرة في الطرقات , فوق السطوح .. أخذ لساني بآلية
متصلة : غيم أسود .. مطر أسود .. أسود .. أس... ودون وعي : أحمر .. غيم أحمر .. مطر أحمر .. أحمر .. أح.....
غداة الزمن المُلتهب .. على عتبة قفار مُوحش .. ولأجل عُرف أزلي دنيء , حملتها مخالب الغربان نحو حصن الجماجم !!!!
في البراح المُستوي الفاصل بين الجدار الشاهق المُكهرب ومبنى الحصن , وفوق الطريق الإسفلتي الممتد من البوابة الخارجية الى المبنى - سحلوها كفريسة بين قطيع ذئاب, هائجة كانت ..منثورة الشعر , صراخها يشق الهجير , وقد إستوطن عينيها بلور جهنم , ثم يسترسل ذلك الصراخ يُحيل المبنى ركاماً من جمر ... طلت العيون تحدق بالوافد الجديد بفضول عارم ... ركزت فيها , كأن شيطانا أزاح ستاراً من أمامي , فسرتْ في جسدي رجفة مباغتة .. نظرَ المُدير إليها بحقد مُريع وقال : أدخلوها ؟ " .. في الكوي الكهربائي إرتسم إختناق صراخها في مُخيلتي ماثلا : بجحوض عينيها وشحوب وجهها.

حين إنتصف الليل كان الجميع قد خلدَ الى النوم , فرحتُ مُتسكعاً وقد أخذ دوي صراخها تتناثر أصداؤه في فضاء رأسي .. أخذني تسكعي الى نافذة في الطابق العلوي .. نظرت في الأفق المظلم , فإنبرى المبنى يُومض أمامي من بعيد مقطوعاً وسط الصحراء كشبح عائم وسط بحر .. ثم يتضح تدريجيا فيظهر جداره الخارجي وقد تناثرت فوقه الأسلاك وثُبتت أعمدة قصيرة تلفها المصابيح .. كان قدومي مُضنيا .. تموجنا في طرق ملتوية .. إجتزنا الكثير من المعابر حتى إنتهينا الى هذا الحصن الرهيب.. فُُُُُُتحت بوابته الضخمة , ستة اشخاص فتحوها بجهد كبير .. دخلت , فشخصَ قبالتي جلياً بطابقيه وسياج سطحه المُحزز , ثم إمتد بصري فضاعَ في طوله , قدرت حجمه فيما بعد فلم أقدر تقديره .. إنسحبت من النافذه مذهولا .. ثم سخرت من بلادتي - أنني كيف لم أنتبه الى هذا بدءً ,لكني بالفعل دُهشت بادئ الأمر لحجمه الكبير , كذلك سألت نفسي عن مغزى إنعزاله لكن ليس بذلك الجد, ومع ذلك فإن
يقظتي لم تتأخر , فحين إنتابني التساؤل بشأنه ذلك اليوم , لم يمض على وجودي هناك إلا بضعة أيام .
واكبت تسكعي وكلي أمل أن أجد شيئا ما أستدل به لماهية هذا المبنى , في الغرف والممرات والقواويش و... و... لكن توقي الى إستشفاف أي شيء كان يصطدم بفضاءات لا حد لها .. كانت حركتي ضئيلة نسبة الى ذلك المجهول .. كان عليَّ تجاوز وضبط مئات الممرات العريضة والضيقة وفي شتى الإتجاهات .. كذلك البحث داخل مئات العنابر والغرف والمكاتب , والإستقصاء في ما لا حصر له من الوثائق .. ومما كان يزيد ذلك الأحساس بالعجز هو ذلك التشابه الغريب في الأشياء التي تحدد معالم المبنى , حتى أرقام الردهات والغرف والسلالم كأنها مربوطة بأسلاك كهربائية , فقد كانت تتحرك مع كل حركة من حركات مُتسول الحقيقة , أم إنها من هلوسات قارئ البخت او المتنبئ بحدوث الوقائع؟؟ .. لقد ساقوني الى هذا المبنى على هذا الإعتقاد , وهو أنني أمتلك قدره ( بايروسايكولوجية ) . قال لي أحد ضباط الإستخبارات : إن الإشارات التي نُقلت لنا عنك جعلتنا نعتقد أنك ستنفعنا كثيرا لكن ليس هنا إنما في مكانات اخرى ." .. والحق أنني سخرت بهم , فليس عندي شيء من هذا القبيل , سوى كلمات تفوهت بها أمام مجوعة من الجنود في وحدتنا في الساتر الأمامي عن أحداث سوف تقع ,وبالفعل وقعت بطريق المصادفه .. وها هي حيرتي الآن تؤكد تلك المصادفة , لذلك سوف يكون شفيعي القادم لبلوغ ما أرنو إليه ,هو العثور على الشرارة التي أوقدت ذلك اللهب في رأسي .. إذ ذاك همتُ مُستنفر الحواس , مُجرد الوعي تماما إلا ما تمتد اليه تلك الظلال المريبة .. مُجت أُدقق في الوجوه الشاحبة الصفراء .. إزدادت ذخيرتي من عالم الجنون في العنابر والغرف .. ثمة منهم من كان مُستيقظاً . قال: هل تعرف ما هو غذائي المُفضل ؟ " : ما هو؟" .. : كبريت الثقاب وقشور الليمون الحامض والبرتقال , كبريت وفسفور , سأتحول بعد فترة الى سوبرمان وأنطلق بقوة صاروخ ."...والآخر : أنا أذكى إنسان في العالم ." : كيف؟"
: أنا اقول لك كيف , الآن أسألك لغزا إذا جاوبتني عليه , ستأخذ مكاني كأذكى إنسان في العالم , وإذا لم تجاوبني , أنا اظل الأذكى ..اللُغز : من هي أفضل - الدجاجة البيضاء اللون أم السوداء ؟ "
وآخر : هل تنظر هؤلاء, إنهم مجانين , سوف أقود دراجتي هذه حتى أبتعد عنهم , فأنا غير مُستعد أن أصير مثلهم ." وبالفعل أدار كفيه في الهواء وأصدر صوت دراجة نارية وقال لي : إصعد معي , هل تريد أن تبقى مع هؤلاء المجانين - وإستدرك - أُنظر هذا الخطيب , يعتقد نفسه زعيماً سياسياً ." وبالفعل كان أحدهم يقف فوق السرير وهو يُحرك يديه شابكاً كفيه , وتتحرك شفتاه بلا صوت , وتنتقل عيناه بتواصل في كل الإتجاهات ... وواجهتني إحداهن وهي تخط خطوطاً في الهواء : هل سمعت الأخبار اليوم , كرموني , إختاروني أحسن فنانة تشكيلية خلال عشرة سنوات ."
وأُخرى تهز بين يديها دُمية صغيرة , ترجتني أن لا أتكلم بصوت مُرتفع حتى لا أُفزز طفلتها ....و ... و .. لقد قتلت الساعات طعناً دامياً ولم أعثر عليها .. لكن في لحظة ما , حين كنت أُجرجر خطواتي بيأس مُستسلماً لهزيمتي في أحد الممرات في الطابق العلوي , إنتبهت إلى تموج في أحد الجدران.. إقتربت منه , كان إنتفاخ أُسطواني الشكل غير واضح تماماً - لم أتذكر حينها إن كنت شاهدت مثل هذا التموج أثناء تجوالي أم لا , فإن كنت رأيت مثله ولم أكترث فربما يأسي هذه المرة هو الذي حفزني إليه - إقتربت منه أكثر, حددت النظر فيه , ثم مددت كفي مُتلمساً من أسفل إلى أعلى , ثم في كل الإتجاهات .. لم أتحسس شيئا , فزحفتُ بكفي يميناً إلى الجدار المستوي , عند منتصفه أحسست حُبيبات تلامس أصابعي بوَهن , دققت فيها بالتلمس والنظر , لم أستطع رؤيتها , وحسبتها بالتلمس بصعوبة .. كانت خمسة أزرار مُتناهية الصُغر للعين ومصقولة مع الجدار .. ضغطتها جميعاً وبالتدريج , فلم يظهر شئاً :ضوء أو صوت لإنذار ما أو إنفتاح نافذة هوائية في سقف الممر أو باب لغرفة زجاجية أو تعطل سُلم كهربائي وغير ذلك .. إستبعدت أن تكون تلك الأزرار ذات صلة بأي من الموجودات الظاهرة , وإن كنت الى ذلك الوقت لا أعرف كيفية عملها ..: هذه الأزرار يفضحها تواريها ." .. رجعت إليها وقد إستقصيت عملها في رأسي , أنها ربما تشبه أرقام خزائن النقود .. الى ذلك فقد إحتوتني قناعة أن المرة القادمة إذا لم يتبين شيء فمن المؤكد أنها أما مُعطلة ضمن برنامج مُعين , أو أن عملها خارج نطاق هذا الممر .. ضغطتها تنازليا , أيضا لم يتبين أي أثر ما .. فأخذت بالتنازل من الرابع وحتى الأول ثم رجعت الى الخامس , أيضا لم أفلح .. أخيرا ضغطت الثالث فالأول فالخامس ثم الثاني فالرابع - فإنفتح باب من وسط الإنتفاخ الإسطواني .. جفلت ورجعت الى الوراء .. وبعد هُنيهة تقدمت نحوه , مددتُ رأسي في الداخل متفحصاً , فظهرَ أنه مصعداً كهربائياً .. ولجت فيه وضغطت زر التشغيل فإنشقت الأرض تحته وإنساب يهبط الى أسفل - آلية الدهشة متصلة - أسلمني الى قاعة مدورة كبيرة الحجم ونصف مُعتمة .. جال بصري في أنحائها .. بدت فارغة المحتويات .. جذبتني بوابة كبيرة , تسورها قضبان سميكة وتشدها مجموعة من الأقفال الكبيرة , وثمة عجلات ترتصف على شارع واسع في الجانب الآخر غير واضح الأفق لكثافة الظلام , : يا ترى الى أين يقود هذا الطريق , ربما الى عالم سيزيف السُفلي , أي خيال يسمو فوق أساطير الأنبياء والعرافين والشعراء يكمن خلف أمبراطورية الجحيم تلك !! .. إنسحبت مُتجولا , محاولا أن أجد منفذاً يقودني الى مكانات أُخرى .. إهتديت إلى ممر ضيق وقصير , دخلت فيه , فقادني الى مدخل من عدة خطوات ينتهي الى باب صغير , دفعته فإنفتح أمامي وأسلمني نحو سُلم بعرض قدمين ويحجره جداران شاهقان ينفرجان أسفل السُلم متصلان بجدار بطول حوالي المترين , مسحت على الجدار عرضا وطولا , كذلك على الجدارين الجانبيين , فلم أتحسس شيئا , فهممت بالرجوع , لكن إستوقفتني قمريتان مختلفتا الحجم لحفظ الكهرباء عند ركن الجدار الشمالي , فتحت ذي الحجم الكبير فلم أجد غير السويجات والمُحولات , غلقتها ثم فتحت الأخرى , فوجدت نفس محتويات الأولى , غير أن تجويفا دائري ذي قطر بلاستيكي يقع عند أسفل النقاط الكهربائية : لم يكن مثل هذا في الأولى .".. رجعت , تفحصت الأولى لأتأكد , فلم أجد شبيها له .. إقتربت منه أكثر , أمعنت فيه مُحاولا تبين إن كان ثمة أرقام أو رموز تحيط به , لم اجد أية دالة .. مددتُ أصابعي وأدرته يمينا , فلم يتحرك , ثم نحو الشمال فإنفتح الجدار زاحفا بإتجاه اليمين وقد زمجر مُجلجلا بصوت مرتفع .. إرتميت على السُلم لشدة دهشتي .. ثم نهضت ودخلت فواجهتني ثلاثة أبواب يمينا وشمالا والى أمام , إحترت في دخول أي منها .. ثم إخترت الباب الأمامي , ضغطت يدته فإنفتح , تقدمت أمشي على مهل مُتفحصاً .. كان رواقاً مغلقاً من الناحية الأخرى, كذلك ثمة أربعة أبواب مثل أبواب خزائن حفظ النقود : حديدية ومرتفعة عن الأرض بما يقارب المتر , ملصوقة ضمن جداري الرواق الجانبيين , كل إثنين على جانب .. إقتربت من أحدها , في البدء إعتقدتها مقفلة , لكن حين ضغطت يدة الباب الأولى , فُتح في وجهي , جفلت حين واجهني وجه مُريع : رجل لكثرة الشعر الذي يغطي وجهه ورأسه لم أستطع تبين تقاطيع وجهه ! .. قال مُحدثا حين رآني : لا.. لا - لن أدعك تصعد المركبة , أنها مخصصة لشخص واحد , ستجتاحنا الأعاصير الحلزونية الفضائيه , والأمواج الجوية ويختل الضغط وتنفجر المركبة , هل تريد البلد يخسر عالمي فضاء ." .. ثم سحبَ الباب غالقاً إياه .. همهمت وأنا في طريقي للخزينة الثانية : ماذا يعني , أيكون عالم فضاء حقا ؟ " .. فتحت الباب الآخر , واجهتني نفس الهيئة لشخص آخر , كان مستلقياً على فراش على الأرض , لم ينهض , رمقني بطرفي عينيه ولم يقل شيئا , ثم أشرَ إلي بيده - وقد زاغ بصره عني - أن أنصرف .. قلت مُعقباً : يبدو أن رأسه إستنفذ حياته لإستكتشاف سر تلك الحياة ." .. والى الجدار الآخر, والباب الثالث.. فتحته , فرأيت شكلاً عكس الهيئتين السابقتين , كان أملس الرأس والوجه , نهض حين رآني وقد مسك قلمين بكفيه, ثم رفعهما الى صدغيه واخذ ينفخ بإتجاهي ويقول : إحذر .. إحذر.. إنهم يروجون السموم .. السموم .. إحذر أيها الأبله من هذه الأنابيب..إنها أنابيب السموم .. إحذر .." ...وبالفعل حاذرت مُسرعا فأغلقت الباب قبل أن يصيبني بجنونه !!.. أخيرا إلى القفص الأخير .. فتحته ففوجئت برُؤيتها .. كانت هي , وجدتها تغط في النوم , هممت بالولوج وإيقاظها . لكني تذكرت سبات الصعق الكهربائي , فإنصرفت أذرع الرواق جيئة وذهابا .....
أتعبني المخاض .. الليل على وشك النفاذ .. ضوء ضئيل مُنتصف سقف الرواق , مصابيح كثيرة , هذا الوحيد الذي يصله التيار!! .. السكون يلف كل شيء وهي معه لم تزل تغط في النوم.. رأسي يكاد ينفجر, حيث التوقع إنها لن تستيقظ هذه الليلة: اللعنة ربما لا تحصل فرصة مثل هذه , لكن ربما أتوا بها من مستشفى آخر فلا فائدة من الأنتظار , هذا هو ما أُريد أن أعرف , هل أقدر التحدث إليها .. هل عقلها لم يزل يتذكر واقعة ما , حادثة ما , أي شيء أستشف من خلاله ماهية هذا المبنى ؟ .. لكن المخاض الذي أُتخم بالتساؤلات وسط ذلك السكون الكابوس إخترقه الأنين فجأة !.. إنتفضت مسرعاً إلى حجرتها , لكني ضبطت ثورتي عند الباب .. فتحت الباب قليلاً وببطء , نظرت , وجدتها مُستيقظة ومُكورة جسدها على جانبها , يداها مشبوكة تحت رأسها , عيناها تفيضان خوفا وألماً , كذلك ترتدي ذات ملابسها البيضاء ... دخلت , فجفلتْ وزحفتْ على ظهرها بتأوهات رُعبٍ متقطعة : لا تخافي , لم آتي لإيذائك ." .. لم تقتنع , شبكت يديها على وجهها وأخذت ترمقني وهي أكثر رُعبا .. جلست بجانبها على السرير وكررت : لا تخافي , إهدئي , إطمئني , لن أعمل بك شيئا , صدقيني لن أفعل شيئا , إهدئي , إطمئني ." ..ومسدتُ على شعرها ... فبدأتْ تهدأ قليلا .. قليلا .. ثم إتكأتْ على السرير ... تفحصت الغرفة : شُبه الحُلكة ذاتها التي في الرواق , لا شك أنها تعكس ظلالاً شبحية تزيد الجنون , ماذا يعني ذلك ؟ .. هذا أيضا ما دلالته : سرير مُنفرد في مُنتصف الغرفة , زخرفة , طاولة , أو أي مُحتوى لم يوجد .. كوة قرب السقف : على ماذا تطل هذه الكوة ؟ .. وضعتُ طرف رجلي على طرف السرير وإتكأت بالأخرى على مسنده وصعدتُ, شهتُ ببصري , لم أر غير فتوق من الظلام تتسرب من شبك الكوة الحديدي .. نزلت , واكبتْ عيناي الأنتقال في أنحاء القفص .. اذ ذاك أخذت ريح خفيفة تهز المصباح المتدلي فوق رأسها , دُهشت لذلك : من أين تأتي هذه الريح ؟ ..رفعتُ منديلا أمام الكوة , لم يتحرك : إذن كيف تحرك المصباح ؟ " .. أوغلتْ تلك الصور الجنون في رأسي فقفزتُ إلى أحد الأركان , نظرتُ إليها من هناك :بحق الشيطان هل هذه صومعة مُتصوف أم زنزانة سياسي؟" .. لقد بدت " كرابعة العدوية " في صومعتها .. رجعتُ الى السرير , ثم إنبريت أُحدق فيها ملياً, الشحوب , الشرود : هذا شرود مجنون , لا أظن ذلك.. لكن غريب هذا الشكل ليس بعيداً عني ,
لا شك أنني رأيته في زمن ما , في مكان ما - شارع , متجر, مستشفى, مُختبر , مركز علمي - هذا هو-.. :تأكد جيداً , هذا يفتح أبواباً جديدة .. تمعنتُ أكثر : العُنق المُميز, اللون الرمادي , العينان الصغيرتان , ال... : الآن أسوقهم بنفسي الى الكوي الكهربائي ليصعقوني إذا لم تكن هي - لكن عجيب , ما سبب جلبها هنا , يُقال إنها أكبر عقل علمي في العلوم الكيميا- فيزيائيه... هل يُعقل إنها أُصيبت بالجنون ؟ ".. رجعتُ إليها , مسدتُ على شعرها مرة أُخرى : إطمئني , لا تخافي , ما قصتك ؟ ".. إبتسمت في وجهي
: هذا يبشر بخير." .. لكنها تجهمت وأخذت تردد: غيم أحمر .. مطر أحمر.. أحمر بلون الدم , هو الدم نفسه .." .. سألتها : أي دم , دم من ؟ " .. ضحكت بقوة ثم أردفت : ملح الأرض إختلط بالمطر الأحمر , بالماء الأحمر .. أشجار هجينة , نصف إنسان ونصف نبات , وبعد سنين يتحول النبات إلى إنسان ويصير أبو البشر الثالث ؟" .. وضحكت أيضاً .. لم أفهم شيئا فكررت المحاولة : دم من إختلط بالماء , من قُتل منك , أخوك , زوجك ؟ .. فقالت : أجهزة الدخان الأحمر , العظام عديمة اللون , اللحم, الشحم كله ينصهر مع الدم , أشعة مختلفة الألوان , تجويف مستطيل ينفث الدخان الأحمر , الحيوانات .. الحشرات تتغذى كرياتنا , ستصبح أكثر مناعة , البخار الأحمر يختلط مع بخار المصانع ليُكون مادة كيميائية ذات مفعول قوي تلتحم بها فتحة الأوزون ! ؟ " .. وقهقهتْ مسترسلة برهة .. ثم إلتأمت تقاطيع وجهها وهي تنوء تحت ركام الألم , ثم سالت دموعها دون عويل .. إستطلت النظر فيها , فداهمني فزع مفاجئ تهالكت تحت وطأته .. ثم خرجت أُجرجر خطواتي في الممرات .. الدوي العاصف يشق رأسي - ذلك الصمت المُوغل في اللامنتهي - ..
في أُفق النافذة المشرعة الظلام أزلي , وفي عُمق هذا الأزل كانت مُدن الطاعون تمتد رمادية خاوية.. وبيت الأشباح .. الشعاع الهرم .. المطر الأحمر .. لكن فجأة بدأ الفجر يشعشع من بعيد .
سفوان - مخيم اللاجئين العراقيين ... 1991



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُخيلة ـ صبحي حديدي ـ تقلب المجتمع الأميركي بجرة قلم إلى مجت ...
- تنبيه إلى مشايخ ( قطر ) : مُنظر سياسي مُستجد - قطري الجنسية ...
- رسالة من اللجة الأولمبية الدولية إلى - علي خامنئي - حول مشار ...
- فيصل القاسم وعُقدة النقص - هل إستطاع أحد ما أن يستشف أين تكم ...
- حوار نحو العمق - قصة ضياع الشيوعي العراقي بعد سقوط الجبهة ال ...
- مُقترحات قومجية إلى نقابة المحامين الواوية ( الأردنية ) بخصو ...
- كيف كان إستقبال - الحُور العين - للـ - وطاويط - وطاويط الأعر ...
- ما هي قصة إتفاقية زمزميات الماء والـ - بُقج - بين جيش المهدي ...
- ما هي قصة إتفاقية زمزميات الماء والـ - بُقج - بين جيش المهدي ...
- هل سيكتمل سقوط محور الشر لو خسر الرّهان الإيراني السوري وفاز ...
- سعدي يوسف وهاجس - الأميركي القبيح - 1 - 2
- تحت معبد الضباب
- صفقة من لحم !
- إغتيال الرنتيسي وإشكالية الجنة والنار .. دعوة إلى جميع الإسل ...
- سين - عين .. تذكير إلى حازم جواد .. نص قصير جدا مُهدى إلى رو ...
- التاسع من نيسان ونهاية الفوهرر العروبي - 5
- التاسع من نيسان ونهاية الفوهرر العروبي --- 4
- ميكافيلية فوهرر العروبة القزمْ !؟ .................. --- 3
- ميكافيلية فوهرر العروبة القزمْ !
- ميكافيلية فوهرر العروبة القزمْ !؟


المزيد.....




- فنان مصري: -الزعيم- تقاعد واعتزل الفن دون رجعة
- من إلغاء جولتها الفنية إلى طلاقها.. جنيفر لوبيز تكشف كيف -ان ...
- غزة.. عزف الموسيقى لمواجهة البتر والألم
- لعبة التوقعات.. هل يفوز عمل غير غربي بجائزة نوبل للآداب 2024 ...
- اندمج في تصوير مشهد حب ونسي المخرج.. لحظة محرجة لأندرو غارفي ...
- تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن ...
- الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا ...
- سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس ...
- فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة ...
- -دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - عنقاء المصحة العقلية