أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد منتصر - علم مصطلح الحديث.. هل هو علم حقا؟















المزيد.....

علم مصطلح الحديث.. هل هو علم حقا؟


أحمد منتصر

الحوار المتمدن-العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8 - 14:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أجلى صور تخلف العرب عمومًا والمسلمين خصوصًا، نمط التعليم التقليدي الذي يهتم بالمقام الأول بدراسة ما سمي بعلوم الدين، والتعمق الأعمى في دراسة اللغة العربية، والاهتمام بالتلقين على حساب التفكير الإبداعي القائم على النقد والفهم.. فتجد طالب -ما يسمى بالعلم الشرعي- ينفق وقته في حفظ القرآن، ثم المتون العقائدية، واللغوية، وأخيرًا يبدأ في دراسة الكتب الفقهية الشارحة للفقه الإسلامي على مذهب أحد الأئمة، فإن فرغ من ذلك كله بعد سنوات اجتهد الطالب -والذي صار شيخا الآن- في تعليم غيره على ذات النمط لينتشر الفيروس التخلفي بنفس الوتيرة في الأجيال اللاحقة.

لذلك.. عندما سافر منذ قرنين بعض الأزهريين إلى الغرب، ولم يكن ثمة تليفزيون ولا راديو وقتها، هالهم التقدم الشديد للمواطنين البسطاء الغربيين وما تتسم به حياتهم من نظام، وتحضر، وتقدم. فلم تكن الصدمة من طريقة عيش أهل الطبقة العليا هناك، بل كانت الحسرة والصدمة ناجمتين من ملاحظة طريقة عيش البسطاء واختلافها جذريًا عن طريقة عيش البسطاء المطحونين في مصر.

ولما عاد هؤلاء المشايخ إلى بلادهم حاولوا جاهدين تنفيذ ما توصلت إليه أفكارهم من حلول لمشكلة التخلف العربية، فمنهم من نادى بإلغاء اللغة العربية التقليدية واعتبرها مصدر تخلف العرب، ومنهم من نادى بتدريس العلوم والنظريات الغربية في الكيمياء والقانون والهندسة وغير ذلك في المدارس وإنشاء الجامعات، ومنهم من نادى باتباع خطى الغرب بحذافيرها لإبعاد شبح الانقراض.

وتمرّ القرون.. لنكتشف أن الغرب ما زال يسبقنا وتتسع المسافة بيننا وبينه، فالواضح أن كل ما استفدناه من الغرب يتمثل في وسائل الإعلام الحديث واستخدامها كالتليفزيون والراديو والإنترنت، وبعض الأدوات المنزلية كمكيف الهواء والخلاط والغسالة والثلاجة، وبعض وسائل المواصلات كالسيارة والدراجة البخارية والعادية والطائرة، وبعض العلوم ندرسها في جامعاتنا كالطب الحديث والكيمياء والفيزياء الحديثتين والزراعة الحديثة، وإن كنا لا نطبق شيئا من ذلك بطبيعة الحال!

وبينما يواجه العرب مشاكل اجتماعية انقرضت من العالم الغربي الحديث كالفتن الطائفية، ونقص سلع ضرورية كالوقود والماء النقي والغذاء، أو مشكلة البطالة المزمنة، أو مشكلة غياب الديمقراطية والحريات الفردية. جاءت الحلول -خاصة الحلول الدينية للساسة المتدينين كالإخوان والسلفيين- أكثر تخلفا، فمن محرّم لتحديد النسل، لمحرّم لفوائد البنوك، وقيادة المرأة للسيارة، والمطالبة بالديمقراطية والحرية الفردية، ولا ينتهي الأمر بوضع قيود على التفكير والدراسة العلمية الإبداعية.

ومن متابعتي لغثاء الفتاوى السياسي - الديني هذا، ألاحظ قيامه على فن أو أدب تراثي قديم تم تضخيمه وتعليمه وتلقينه، بل وصل الشطط في الأمر إلى سبغ صفة (العلم) عليه، فيقال: علم مصطلح الحديث، أو إن: القرآن كتاب علمي! وهو تحميل لفن روحي وشاعري أكثر مما يجب ويحتمل، خاصة إذا ثبت ثبوتا حقيقيًا عن طريق التجربة فساد هذا التحميل وبطلانه.

أيها السادة..
إن العلم هو قوانين مجربة قائمة على نظريات غير مقدسة تقبل التطور، بل والهدم أحيانا، ولذلك فلا يوجد ما يسمى بالعلوم الدينية، أو العلوم الشرعية، أترى إن قلت عن الدستور المصري مثلا إنه علم هل تقبل مني رأيًا أو فتوى من بعد ذلك؟ أترى إن قلت عن كتاب (ألف ليلة وليلة) إن من درسه وقرأه وحفظه وفهمه هو أعلم أهل الأرض، أتقبل مني رأيًا أو فتوى من بعد ذلك؟؟

وفن الحديث -المفترى عليه والمحمل فوق طاقته- حقيقة هو عبارة عن نوع من الأدب والأحاديث المأثورة، يجب ألا نقدسها أو نبني سياسات وقوانين ودستور دولة بناء على ما ورد فيها، فإن قيل: إن هذه الأحاديث أو المرويات قد ثبت ما ثبت منها (علميًا) عن طريق (علم مصطلح الحديث) قلنا: هذا الفن قائم على دراسة أحوال رواة الحديث والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى عشر رواة أو أكثر للمروية الواحدة، والمقصود لدى هذا الفن بالأحوال هو معرفة شخصيات وأخلاق وتوجهات كل راوية من الرواة، أكان شيعيًا؟ فلا نقبل بأحاديثه في ذم بعض الصحابة أو مدحهم، أكان ينسى كثيرًا أو يخطىء أو يدلس أو يكذب؟ أم كان صادقا معروفا بأخلاقه الصالحة وتقواه واتباعه لسنة النبي محمد؟

وهذه الأمور، يا سيدي.. ليست ضوابط وقواعد علمية تدخل تحت بند ما يسمى اصطلاحًا بالعلم، فلو رجعت إلى أول المقال ستجدنا قلنا: إن العلم -اصطلاحًا- هو القوانين المثبتة عن طريق التجربة والتي بنيت على نظريات ثبتت صحتها. بالله عليك قل لي: هل شهادة بعض رجال الدين في حق صديق لهم تكفي لتصديقنا لحادثة يرويها -خاصة إذا كانت تتضمن أمورًا غيبية لا يمكننا التأكد من صحتها؟ فإذا قيل: وهل الصحابة كذبوا فيما رووه عن النبي محمد؟ قلنا: إنه قد ورد عنهم وعبر أحاديثكم التي تدافعون عنها ما يؤكد أنهم كانوا بشرًا قاتلوا بعضهم واختلفوا في أمور السياسة والدنيا، فما المانع أن يكذبوا عن النبي محمد؟ خاصة أن الكذبة إذا كانت لغرض صالح في نظر قائلها لا تعد كذبة!

فالظاهر عندي.. أن المرويات والأحاديث قد سطرت ودوّنت من أجل هدف صالح وقت كتابتها، والدليل أنها -سواء كانت قرآنا أو أحاديث منسوبة للنبي محمد- قد دوّنت بعد وفاته واختلف بعض الصحابة أنفسهم على نسخة القرآن الموحدة التي تبناها عثمان بن عفان، وحتى في الأحاديث اختلف رجال الحديث على بعض الأحاديث التي وردت بما يسمى بصحيح الإمام مسلم وضعفوها، ويذهب بعض الفقهاء المسلمين كالإمام محمد الغزالي إلى أن أحاديث الآحاد -وهي الأحاديث التي رواها صحابي واحد، أو انفرد بها راو في طبقته الزمنية- لا يجوز أن يبنى عليها حكمًا دينيًا خاصة إذا كانت تدخل في مجال العقيدة والإيمان وليست في مجال هامشي كالسنن المندوبة.

فإذا جئنا لمتون هذه الأحاديث.. وجدنا إهمالا شنيعًا في محاولة إثبات صحة وقوعها علميًا، فأنا إن زعمت أنني ذهبت إلى جزيرة في عرض البحر ورأيت المسيح الدجال مقيدًا ثم عدت لأحدثك بما رأيت، من الأمور البديهية أنك ستستخف بي وتطالبني ولو بدليل واحد على ما ادعيته، فإن لم أستطع إثبات كلامي انتهت القضية. والحادثة التي ذكرتها مروية بما يسمى بصحيح الإمام مسلم ويتم التعامل معها خاصة لدى السلفيين على أنها واقعة حقيقية! (انظر ما يسمى بصحيح مسلم من حديث فاطمة بنت قيس).

إنني لا أنادي بحذف الأحاديث والمرويات من تراثنا العربي، بل أقدرها وأسبغ عليها ما أسبغ من صفات البلاغة الأدبية وروعة الحكي القديم، وأتعامل معها على أنها فن شديد الثراء -كـ(ألف ليلة وليلة)- يعكس حقبة تاريخية شديدة الأهمية بالشرق الأوسط، ولكني في ذات الوقت، لا أتوقف عندها طويلا ولا أجعلها مرجعية لحياتي والأخطر، أن أجعلها مرجعية كاملة لعموم مواطني دولة ينص عليها الدستور وتستلهم القوانين منها مرجعيتها الوحيدة.

إن النقد الرئيس الموجه لهذه الأحاديث والمرويات والقصص، هو نقد لآلية استخدامها، فالآلية إذا لم تكن مفيدة فهي مضرة، خاصة إذا كانت الآلية الوحيدة المعترف بها والمسبوغ عليها من صفات التقديس والصحة الكثير، أيها السادة الكرام ويا أولي الألباب.. أدعوكم لوقفة فكرية شاملة لتراثنا ومواردنا الفكرية، اعرضوها على صراط العلم المبني على التجربة، فإن خرجت من محرقة النقد تسطع فبها ونعمة، أما إن لم تخرج واحترقت منذ مئات السنين.. فالأمر إليكم فانظروا ماذا تأمرون.



#أحمد_منتصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللا اهتمامية تغني عن اللا أدرية
- القوانين الأساسية المحركة للعالم
- البرادعي والحالمون من حوله
- الزواج المدني كي لا ننقرض
- دعوة لعمل كتاب ليبرالي مقدس
- اضطهاد الشباب
- قنا وإشكالية الحكومة المركزية
- إذا كان مبارك خان البلد
- إهانة المؤسسة الدكتاتورية
- نقابة الأطباء المسلمين
- النقد الذي نحن بحاجة إليه
- لماذا صاروا سلفيين؟
- شباب يريد إسقاط الدستور
- الشباب يريد إسقاط الدستور
- تعديلات شكلية على دستور فاقد للشرعية
- ذكريات ما قبل الثورة
- رواد الكتابة الجديدة في مصر
- شهادة سلفي سابق
- قصة ضمير المصري الحديث
- معاناة الحارس اللغوي


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد منتصر - علم مصطلح الحديث.. هل هو علم حقا؟