أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير ياسين - للبشر أوجه أخرى














المزيد.....

للبشر أوجه أخرى


عبير ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3384 - 2011 / 6 / 2 - 18:47
المحور: الادب والفن
    



فى وسط كل ما يمر بنا من أحداث، وفى وسط التطورات المتتابعة يزداد تباعدنا عن قيم انسانية كثيرة حتى ونحن نتحدث بكل مصطلحات الإنسانية

فى وسط مشاغل الحياة لا يتوقف البشر كثيرا حول أشياء كثيرة شديد القرب منهم وهى أنفسهم

فى وسط المسار المركب للحياة تفقد الحياة الكثير من معانيها ليستوقفنا مشهد أو حدث يجعلنا نتوقف أمامه ونتساءل حول القيم المفتقدة وأهميتها

فجأة تجد فى طريقك فيديو أو رسالة إلكترونية أو مشهد عابر أو أيا من تلك الرسائل الغير مباشرة والغير مخططة، والتى تمر أمامك ويكون عليك أن تكتشف عمقها الإنسانى

من تلك الصور المهمة التى مرت بى مؤخرا فيديو لا توجد معه معلومات حوله للآسف كتوقيته أو الشركة المنتجة أو الهدف من وراء إنتاجه. ولكن بعيدا عن تلك المعلومات الغائبة فقد استوقفنى تعليق صديق على الفيديو ليستوقفنى الفيديو نفسه تاليا. علق الصديق على الفيديو بأنه عميق أو وجدانى، وعندما شأهدته ومع دموع أصبحت قريبة فى حالة الغربة وجدت أن معناه العميق يحتاج للمشاهدة وإعادة المشاهدة، وبعد عدة مرات وجدت أننى أنقله لتلك الكلمات علها تصل لأحد وتجد صدى وتقول رسالة أعتقد أنها مهمة

الفيديو الذى تصل مدته إلى أربعة دقائق تقريبا يتناول فى لقطات سريعة أحداث تمر بشخص يبدو شابا، وخلال تلك الأحداث التى تمر به منذ خروجه من منزله لعودته إليه نجده غاضبا نتيجة للوقت الذى يفقده بسبب تصرفات الآخرين حوله، والأمر الأكثر أهمية أن غضبه نابع من إدراكه لقيام الآخرين بتلك التصرفات بسبب الأهمال أو الشعور بالأهمية أو تجاهلهم للآخرين (تجاهلهم له نفسه فى تلك الحالة). تلك التفسيرات حول دوافع الآخرين أو القوة المحركة لهم تدفعه لحساب وقت تأخره والشعور بالغضب بسبب هذا التأخر

السؤال ما هى تلك الأحداث التى تمر به؟ وما هى الرسالة التى تقدمها تلك الدقائق القليلة؟ والأجابة تكمن فى الحدث الأساسى الذى يمر به. فبعد عدة مشاهد لأحداث تسبب له فقدان دقائق من وقته يصل إلى مقهى ويطلب قهوته ويجلس لينتظرها وهو فى حالة غضب واضحة نتيجة لهذا الانتظار وللدقائق المهدرة بسبب الأشخاص المحيطين به فى المقهى أيضا

وفى أثناء انتظاره يحضر إليه شخصا لا يعرفه، وبدون حديث يترك له حافظة (جراب) نظارة مكتوب عليه "أحصل على الخدمة"، وقبل أن يرد يختفى الرجل الذى أحضر له الحافظة. وهنا وبعد أن يرتدى النظارة وينظر بها حوله يصاب بالذعر ويقوم بنزعها فجأة والسبب أن النظارة تجعله يرى كلمات أمام كل شخص من الجالسين فى المقهى

وبعد لحظات من الذعر متسائلا حول ما يفترض فعله يعود ويرتدى النظارة مرة أخرى مع التركيز على شخص شخص من الجالسين أمامه بدلا من الرؤية الكلية وهنا تحدث المفأجاة فالنظارة تجعله يقرأ حالة كل شخص أو ما يمكن أن نسميه مشكلته الحقيقية ووجهه الآخر الذى لا يعلنه

وفجأة تبدأ الوجوه فى اكتساب معانى انسانية، فتلك السيدة التى تبدو ساكنه يسكنها الخوف من إقامة علاقات انسانية قد تنتهى بحالة من الألم. وضع قد ينم بدوره عن حالة أو حالات ألم سابقة نبع عنها الرغبة فى الابتعاد كنوع من الوقاية خير من العلاج

وهذا الرجل الذى أغضبه أن يسبقه فى طابور الحصول على القهوة ويجلس مبتسما مع أبنه الصغير يحمل فى داخله ألمه الخاص كونه قد فقد عمله منذ عدة أيام. كم منا يحمل حزنا دفينا لا يرغب فى أن يشاركه مع أحد خاصة مع أقرب المقربين حتى لا يتحملون الألم معه

وتلك السيدة التى ركنت سيارتها فى المكان الذى كان يسارع لك يركن فيه والتى وصفها بأنها سيدة الحفل غاضبا، يكتشف وهو ينظر لعينيها الباكية أنها حضرت من دفن أعز صديقاتها. كم منا يأخذ بالشكل الخارجى دون أن يضع أى اعتبارات أخرى فى حسابه، وكم منا ممن يخفى ألمه وحزنه بصور باسمة وغير حقيقية فى ذات الوقت

وفى طريقه مسرعا للرحيل من المقهى يشاهد الكثير من الصور الحزينة والمؤلمة فمن قال أن الحياة تخلو من الألم، ولكن كل منا يمشى بألمه متخيلا أنه الوحيد الذى يتألم وأن العالم كله سعيد فيما عداه

عندما يصل لمنزله ويقف بسيارته يشاهد للمرة الثانية الطفل الذى مر خلف سيارته فى بداية الفيديو والذى يفقده لحظات كل يوم. وبعد أن ينظر فى داخل جراب النظارة لحظات يسارع اختيارا فى أرتداء النظارة التى كان قد قام بنزعها ليفأجا بأن هذا الطفل يبحث عن الاحساس بأن أحدا يهتم به فيقوم بالحديث إليه لينتهى الفيديو وفى داخل حافظة النظارة كلمة "أحصل عليها" فبسلوكه مع الطفل قرر أن يتعامل بناء على معرفته التى ترتبت من رؤية الوجه الآخر للبشر

بمقارنة كلماته الأولى التى نطق بها بعد أن نظر لمن حوله بالنظارة للمرة الأولى، وما فعله فى نهاية الفيديو نكتشف قيمة الرسالة التى يقدمها. فبعد أن كان غاضبا متسائلا عما تعنيه تلك الكلمات وعما يمكن أن يفعله بتلك المعلومات الجديدة حول البشر المحيطين به تحول بعد معرفة الوجه الآخر للبشر إلى وجه أكثر تسامحا وابتساما وإشراقا، وتحول من الغضب والنقمة إلى الفعل والمشاركة

عملية التحول التى عبر عنها الفيديو نابعة فى جزئها الأساسى من إدراكه لحقيقة ما فى داخل الآخرين وإدراك أن سلوك الآخرين ليس دوما عدائيا أو مقصودا ولكنه فى أحيان كثيرة نابع من ألم أخر

كل منا يحمل حقيبته الخاصة التى لا تفارقه، حقيبة مليئة بالكثير من الأشياء، بالألم والسعادة ومسبباتهم ولكن كل منا لا يرى الا حقيبته وفى هذا نخسر كثيرا من مشاعرنا وطاقتنا البناءة

نحتاج أن نرى ببعض الروح قبل العين، وأن نفكر ببعض الانسانية قبل المصالح، وأن ندير حسابات القلب قبل حسابات المصارف

نحتاج أن نستقطع بعض الدقائق ونرتدى نظارة الروح ونرى من خلالها أننا قادرون أن نحدث أثرا جميلا فى الحياة حتى وأن كان صغيرا للغاية فهو فى عالم شخص ما كبير

نحتاج لدقائق قليلة نتفرغ فيها للروح والانسانية، رسالة للنقاش



#عبير_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الثورة المصرية (٢١): الحاجة سكينة والثو ...
- على هامش الثورة المصرية (٢٠): البحث عن هيبة الدو ...
- على هامش كارثة (٧): أثمن ما نملك
- على هامش كارثة (٦): شهادتى على العودة- الجزء الثالث وا ...
- على هامش كارثة ( ٥ ) : شهادتى على العودة- الجزء الثانى
- على هامش كارثة (4): شهادتى على العودة- الجزء الأول
- على هامش الثورة المصرية (١٩): التحليل بين الموضو ...
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٤) : الأسقف المنخفضة
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٣): سقف الحلم
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٢): حدود الحلم
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (١): استعادة القدرة على ...
- أن تقدر بأكثر من قدرك!!
- على هامش الثورة المصرية (١٨): عندما يستهدف الجيش ...
- على هامش كارثة (٣): عندما تتحدث الضحية
- على هامش الثورة المصرية (١٧): صديقى الفلاح وحادث ...
- على هامش الثورة المصرية (١٦): السخرية ما لها وما ...
- على هامش كارثة (٢): العودة لمصر بين الواقعية والإخلاقي ...
- مشاهدات على هامش كارثة (١): زلزال اليابان وتميز البشر
- على هامش الثورة المصرية (١٥): أمن الدولة: هل هو ...
- على هامش الثورة المصرية (١٤): مصر تريد رئيسا.... ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير ياسين - للبشر أوجه أخرى