أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - في المشهد العربي الراهن















المزيد.....

في المشهد العربي الراهن


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 01:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بقليل من الخسائر المعرفية :

يُختصر الوضع العربي الراهن إلى مشهد يزاحم فيه رجل الدين , رجل السياسة حقل وظائفه..
لاشك أن مياهاً كثيرة مرت تحت الجسر قبل أن يصل العرب إلى هذه الوضعية ( التحول الرأسمالي من بوابة رأسمالية الدولة بما أفضى إليه من إعادة تمركز للثروة مع تكلس سياسي واقتصادي لا يسمح بالاستجابة لما يفرضه التطور الكبير لقوى الإنتاج ) "مما لا يتسع المقال للخوض التفصيلي فيه ..
الصورة التي تقدمها مصر المحروسة عن استعادة الشيوخ زمام المبادرة ليست الحالة القصوى ..لكنها العينة الأكثر إقلاقا في القطوع الحرج الذي يجتازه النظام السياسي العربي , نظرا لاحتلال مصر موقع الشرّابة في السبحة التي يتشكل منها هذا النظام ..إلا أن المآل في كل الأحوال واحد, إن استمرت هذه الوتيرة العالية لمشيخة السياسة : جر مجتمعات المنطقة إلى التذابح الديني والطائفي .بعد أن يحتل المشايخ الحقل السياسي ليديروه وفقاً للصلاحيات الممنوحة لهم لإدارة حقل المقدس ..
الفصل النسبي للدين عن الدولة الذي أجراه معاوية بن أبي سفيان في مطلع الخلافة الأموية أغلق الى حين باب الفتنة الكبرى التي عصفت بالخلافة الراشدية.(للتوسع في هذه النقطة ننصح بقراءة-الدين والدولة – لبرهان غليون ). والتي تمحورت (أي الفتنة ) حول أحقية خلافة النبي محمد بوظيفتيه الدينية والسياسية .. ولعل الموقف السلبي - الذي وقفه الفرع الأموي من آل عبد مناف (قبيلة الرسول ) حيال الإسلام المبكر- قد سّهل على معاوية التخلي عن الوظيفة الدينية( لخليفة رسول الله ) لصالح الفقهاء الملتحقين باستراتيجية دولة الغلبة التي أسسها ( كصيغة أكثر مواءمة لإدارة الإمبراطوريات الخراجية الإسلامية من صيغة شورى القبيلة ) .
ظل الطموح للعب الدور المزدوج للرسول جكراً على الفرع الفاطمي من آل هاشم عشيرة النبي الأقرب..
بين نموذج الدولة الدينية الصرف الذي يمسك فيها ولي الأمر بخيوط الدين والدنيا..أي ( المقدس والسياسة ) وبين صيغة مخففة عنها يحتل فيها الفقهاء وظيفة إدارة المقدس بشقيه :العبادات والمعاملات ويتابعون فيها مما حكاتهم العقيدية, دون تماس مباشر مع السياسة, كنظام لإدارة المصالحٍ. بين هذين النموذجين انشق الإسلام إلى شطريه العقيديين : السني / الشيعي ..
هكذا منذ البداية, ضاق المسلمون الأوائل ذرعا بالتدخلية المفرطة للمقدس في شؤونهم الدنيوية ..وبالرغم من عسف الخيار الآخر( دولة الغلبة التي شق الطريق لها معاوية بن أبي سفيان ) ,لكنه بقي أخف ظلا وأقل وطأة من غلبة بطابقين : تتقمص المقدس لتخفي الدنيوي .أي كما في الأمثال ( تبطن حسوا في إرتغاء )..
في الأربعة عشر قرنا التي مرت على انبثاق الظاهرة الإسلامية, لم يبق شيء على حاله ..ادعى الكثيرون شرعية من السماء لقيادة الأمة ..وولدت على خلفية هذه الدعاوى بالعصمة انشقاقات عقيدية تتنازع مع غيرها صفة الفرقة الناجية . وعلى مقلبي الإسلام : السني /الشيعي ,خرج الأكليروس الديني كثيرا خارج التخوم التي حبسه داخلها معاوية ..مستفيداً "أي الأكليروس " من هذا الميل الدائم لدى العامة الرازحة تحت وطأة دولة الغلبة لتقديس من يخرج على الجور ( أنظر محورية المهدي بتنوع مسمياته في التراث الإسلامي )
وأنظر من جهة أخرى ربط الكثير من السلالات المؤسسة للدولة الدينية (الفاطميون,الزيديون..الخ )نفسها بخط النسب الموصول بالرسول عبر فاطمة..رغم ذلك ظل التعديل الذي أجراه معاوية على نموذج دولة الرسول في المدينة (يثرب ), مخرجا من مآلات أفضت الى انقسام المقدس نتيجة انغماسه بالسياسة ( قارن في هذا المجال انشقاق التشيع لعلي وذريته, الذي أخذ طابعا عقيديا , بالطابع الفقهي للتشققات السنية الأخف وطأة على لحمة الجماعة الإسلامية ).. ألا يلفت النظر أن الصراع السياسي داخل سلالات الإمبراطوريات الإسلامية السنية الثلاثة المتعاقبة : الأمويون,والعباسيون ,والعثمانيون , لم يوّلد انشقاقا لاهوتيا قادرا على البقاء تاريخيا؟.. بينما قاد الطابع الديني للإمبراطورية الفاطمية الى انشطا ر المذهب الإسماعيلي (نسبة الى إسماعيل بن جعفر الصادق ) الى بضعة مذاهب تتنازع طرق النجاة ..في النموذج الفاطمي للدولة الدينية كانت وفاة أمير المؤمنين محنة لإتباعه. نادرا مايفلتون منها بلا انشقاق لاهوتي . ولم تسلم من هذا المسار (مسار الانشقاق اللاهوتي )الجماعات المعارضة . ذلك أن الداء واحد هنا وهناك ( عدم الفصل بين الدين والسياسة ). أسوق هذا الاستقراء للتجربة الإسلامية لأصل الى هذا الاستنتاج : لم يولّد الصراع السياسي على منصب الخليفة جراحا غير قابلة للشفاء في جسد الجماعة الإسلامية السنية , كما ذهبت إليه الأمور في الجماعة الشيعية , بفعل النموذج الذي وضع معاوية لبنة التأسيس له للفصل بين الدولة والدين. لا بل إن هذا الفصل النسبي قد أعطى للإسلام السني حيوية تفسر جزئيًا توسعه على حساب خطوط التقديس المنافسة (الشيعية والخارجية ) . تركت هذه الحيوية بصمتها في كل مكان .بدءا من طرح الأسئلة المحرجة على فلسفة الوحي التي باشرها المعتزلة, لعزل الذات عن الصفات لجهة القدم, وصولا الى تأكيد تاريخية النص القرآني لتوسيع مساحة التفكر البشري فيه إنقاذا للمسلمين من الطريق المسدودة الذي يوصلهم إليها بسرعة التفسير الحرفي للنص المقدس ..وبمعزل عن موجات الاجتياح الرعوي التي تعرضت لها الاميراطورية العباسية , فقد أظهر الاحتكاك مع الغزاة اتساع هوة التحضر التي تفصل المجتمعات الإسلامية عن الشعوب الغازية ..(لقد فاجأت أوضاع الفلاحين في المنطقة فلاحي الجيوش الإقطاعية الصليبية لجهة تفاوت وطأة الجور الواقع عليهما ).و بقي نمط الإنتاج الخراجي في المنطقة محتفظا بتفوقه النسبي على معاصره (الإقطاع الأوربي )حتى بدء التحول البرجوازي عند هذا الأخير ..
أعود إلى جدل المقدس والسياسة في التجربة الإسلامية لأقول إن محاولات المشتغلين بالمقدس التمدد خارج تخوم الأخير ظلت ملجومة ببقاء هذه المعادلة التي رتب توازن عناصرها معاوية في العقدين :الخامس والسادس الهجريين ..فهل للخطاب الإسلامي الراهن أن يتواضع ويعترف بقطيعته المزدوجة :
- مع الماضي الذي ينتفخ غرورا بادعائه معرفته ,إلى درجة احتكار ملكيته ؟..
- ومع الحاضر الذي تصنعه الحداثة التي فقدنا"كمسلمين " القدرة على المساهمة في إنتاجها منذ طردنا من بين ظهرانينا آخر تجلياتها : الرشدية ؟ ..

سامي العباس- كاتب سوري



#سامي_العباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الحداثة -العنف ، السياسة ، الايديولوجية
- رسائل شفهية أم رحلة إلى طفولة سورية
- على مفترق الطرق
- إمرة المفضول بوجود الأفضل:
- فشل التغريب الخالص
- لجنة تقصي زنادقة ؟أم لجنة قضم زنابقة ؟
- بين إشكالية الأقليات وإشكالية الحداثة
- ازدواجية المرجعيات :مرض الحداثة العربية
- إتجاهات السير في طابقي البنية العربية
- فتح الفلسفات على بعضها كلود ليفي ستروس نموذجاً
- بين حنا مينه وأورهان باموق
- فاتحة أمي
- صرما لوجيا: عينة سريرية من جائحة عامة
- في إعادة تموضع الماركسية في العالم الثالث
- حاجات الشعر
- رسائل وتعليقات على مقالات لزياد الرحباني في جريدة الأخبار ال ...
- ذكريات من ظهر البيدر
- حكايات عن المقاومة :لسناء محيدلي وحميدة الطاهر ..وبقية الشهد ...
- إلهام منصور والأسئلة الممنوعة
- دعوني


المزيد.....




- منها مدينة عربية.. قائمة بأكثر المدن كلفة بأسعار السلع والخد ...
- وقف إطلاق النار في السويداء.. العشائر تنسحب وتُحذّر وباراك ي ...
- من -الأم اليائسة- إلى الجواسيس الإسرائيليين.. حضانة طفلتين ت ...
- عمان بين مشهدين
- انتخابات مجلس الشيوخ في اليابان تهدد سلطة رئيس الوزراء وسط ا ...
- انتخابات يابانية اليوم تنذر برحيل رئيس الوزراء
- السلطات في شرق ليبيا ترحل 700 مهاجر سوداني
- مسؤول أميركي: انتقاد إسرائيل قد يحرم الأجانب من الدراسة بالو ...
- أسكتلندا تحث لندن على التعاون لإنقاذ أطفال غزة
- متظاهرون في برلين يطالبون الحكومة الألمانية بوقف توريد الأسل ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - في المشهد العربي الراهن