أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - رسائل شفهية أم رحلة إلى طفولة سورية














المزيد.....

رسائل شفهية أم رحلة إلى طفولة سورية


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 3049 - 2010 / 6 / 30 - 09:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قراءة في باكورة أفلام المخرج السوري :عبد اللطيف عبد الحميد

بكفه ,وعلى نحو أخرق ,مسح عبد اللطيف عبد الحميد زجاج الذاكرة لجيل ولد مع ولادة الدولة السورية منتصف القرن الفائت . فانجد لت يومياته مع يومياتها . لولم ينتم عبد اللطيف لهذا الجيل لربما تعذر على ذاكرته – وهي تشكل المادة الخام للفلم – أن تقدم الطفولة المزدوجة للمولودين: الدولة السورية وجيل الخمسينات .
من وراء الغبار..غبار المصائر الفردية ,والغبار الجمعي للقافلة وهي تتقدم ببطء أو تراوح عند منعطف .. يقدم الفلم صوراً آسرة لنمط حياة آخذٍ بالغياب ..تتوزع مشاعر المتفرج بين الأسى للآفل, وبين تفهمّ منطق التقدم ..فالقطار إن لم يقتلع نفسه من تلويحة الأحباب لن يصل إلى المحطة التالية ..أتذكر عندما شاهدت الفلم كيف توزعت نفسي على المقلبين كما سبق أن عرّضتها لذلك رواية الدون الهادئ لشولوخوف..
ينتصب الجسر في نهاية الفلم كحصان أبيض يطير بين سفحين أخضرين رمزا لسورية الحديثة .لكن المتفرج المنتمي لجيل الخمسينات يحار أين يصرف حنينه لتراب الدروب بعد أن غادر طفولته الحافية , أو لسقوف الطين والقصب بعد أن أغلق الإسمنت الباب إلى الأبد ,على أصوات الطبيعة وروائحها الحميمة..
يخترق التحديث على ثلاث محاور عالماً قروسطياً جميلا: الجيش والمدرسة والطريق ..وتتبادل هذه المحاور في مجرى تغلغلها الدعم والإسناد , في بيئة يخبو رفضها و يشتعل تبعا لفجاجة في فك استعصاء .. .فالحداثة المقتبسة في معظمها من التجربة السوفييتية "عجرةٌ " لاتعطي نفسها وقتاً للنضج ,و التاريخ لم تصنعه يوماً الملائكة ..
تتوغل المدرسة في الأرياف والبوادي محفوفة بالهيبة والإحترام .وطامحة في تفكيك استعصاءات الفضاء الثقافي الإسلامي : الشفهي والمكتوب .لكنها وهي تتقدم مزيحة من الدرب الكتاتيب وشيوخها, لاتتحصن جيداً من تسلل خريجي هذه الأخيرة إلى بيتها الداخلي للعبث بمحتوياته, ولإثارة الشغب بذرائع الهوية و الخصوصية والأصالة و ..إلى آخر المعزوفة ..
ولا تتقدم المحاور الثلاث بنفس الوتيرة . فطرق الإسفلت وسكك الحديد لا تتمتعان بنفس الحظوظ .وحين تأخذ بيوتاً وشجيراتٍ, أو كما في الفلم : عجوزي سلمى وأرجوحتها ,يهرع المساعد أبو غسان- حاضراً عن المحور الثالث – ومحاضراً بلغة يحسد عليها " في مجلس العزاء بالعجوزين " في ضرورة مرور الترين.. وبغطرسة المتعلم بين أميين ,الواثق من فصاحة بزته العسكرية وقدرتها على جسر الفجوة مع محيطه الإجتماعي بالهيبة التي تشيعها :"أخي بدو يمر يعني بدو يمر "
لكأن عبد اللطيف عبد الحميد - بقصد أو من دونه- يرسم كاركتراً لتحديث ساقته إكراهات –التحول المتأخر –إلى تسليم الزمام للعسكر المتحدرين من الريف..فيصبح التحول تحويلاً,و الإرادة الثورية وسيلة للوصول إلى الهدف من أقصر الطرق ....
هل يتحمل الفلم هكذا قراءة ؟أم نحّمله فوق ما يحتمل ؟..
يشفع لهكذا قراءة ويبررها أن النص بعد أن يفلت من أصابع مبدعه يصبح ملكا لقرائه ,يتصرفون به تصرف الورثة: تبديداً لمعانيه أو تثميراً لها ..
من ذلك في ما أرى : أن المخرج لم يرزح تحت ثقل البيئة التي فاحت بها ذاكرته بل حولها إلى بوابة يلج منها إلى المشهد السوري في سيلانه لنصف قرن. وللمؤسسة العسكرية التي حددت لسيلان المشهد مجراه ومصبه ..
على ضفتي الضحك النظيف الذي يشفي القلب من أدرانه, تنبت نقدية رحبة الأفق وموضوعية. ترافق النهر من منبعه إلى مصبه . فلا تحكم على التفافه حول تضريس أنه قد أفلت الهدف . ولاتبني على تبدل مؤقت للسمت أحكاماًصارمة ..
جوبه الفلم بكثير من الضغائن ..لم ُتفهم رسالته كما ينبغي ..وفي ظل استيقاظ مشغول عليه لروابط ما قبل الدولة ,وقع الفلم في تشابك نيران الخنادق المذهبية ..
في عتمة سينما الكندي بدمشق عند حضوري عرضاً له قبل عقد ونيف , تناغم الضحك والنشيج أمام سردية حب ينمو تحت شروط ثقافية أقل قمعاً مما هو سائد في المدينة الإسلامية .. فالفلم يضوي على ريف لم يقترف بعد ما اتهمه به القاموس المزدوج للأنتلجنسيا السورية جريمة "غزو المدينة" ....لكأن الغزو لم يكن متبادلاً .ولكأن تبادل السلب والإيجاب لم يكن من الجهتين كما يسّوق لذلك خطاب يرش على عفن مشاعره الطائفية سّكراً .. ..لقد عبرت على الطرق التي ُشقت بين المدن والأرياف طيلة نصف قرن بضائع متنوعة وفي الإتجاهين ..ولم تكن "ثقافة العورة" التي ترزح تحتها المرأة في المدينة- و المحمية بأكليروس احتفظ ببنيته التحتية في المدن لم تمسها عاصفة الخمسينات والستينات بٌضر - إلا من جملة البضائع التي صدّرتها وتصدّرها المدينة إلى الأرياف ..بل إن العقدين الأخيرين شهدا زحاماً شديداً للبضائع المصدرة للريف.و ليس إعادة النظر بموقع المرأة الريفية في عملية الإنتاج وبالهامش الإضافي من الحرية التي سمح لها به هذا الموقع بأسوأ هذه البضائع ..فالأمر يتعدى إلى مغذيات التمايز الديني و المذهبي"بالمأكل والملبس..إلخ .." والدفع لتغليف انقسامات المصالح الدنيوية بإنقسامات السماء.مما يفتح على اختلاط الحابل بالنابل . والمشاغبة على سيرورة التقدم الإجتماعي .. لم يتورط الفلم في مقاربة مادته الدرامية بلغة الأيديولوجيات المشحونة بالنوايا الطيبة ..ترك لجمهوره هذه المهمة .مهمة فك شيفرة الرسائل السياسية بالمعنى الواسع لهذه الأخيرة . ولا أعلم كم حالفني التوفيق في ذلك ..



#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على مفترق الطرق
- إمرة المفضول بوجود الأفضل:
- فشل التغريب الخالص
- لجنة تقصي زنادقة ؟أم لجنة قضم زنابقة ؟
- بين إشكالية الأقليات وإشكالية الحداثة
- ازدواجية المرجعيات :مرض الحداثة العربية
- إتجاهات السير في طابقي البنية العربية
- فتح الفلسفات على بعضها كلود ليفي ستروس نموذجاً
- بين حنا مينه وأورهان باموق
- فاتحة أمي
- صرما لوجيا: عينة سريرية من جائحة عامة
- في إعادة تموضع الماركسية في العالم الثالث
- حاجات الشعر
- رسائل وتعليقات على مقالات لزياد الرحباني في جريدة الأخبار ال ...
- ذكريات من ظهر البيدر
- حكايات عن المقاومة :لسناء محيدلي وحميدة الطاهر ..وبقية الشهد ...
- إلهام منصور والأسئلة الممنوعة
- دعوني
- ديك ليبرالي يصدح فوق مزبلة طائفية
- النظام السياسي العربي على مشارف محنة جديدة


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - رسائل شفهية أم رحلة إلى طفولة سورية