أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - بين إشكالية الأقليات وإشكالية الحداثة















المزيد.....

بين إشكالية الأقليات وإشكالية الحداثة


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 2685 - 2009 / 6 / 22 - 05:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقاربة الإشكالية الراهنة للأقليات في العالم العربي تقتضي تحيينها في شروط الإنتقال المتعثر إلى نمط الإنتاج الرأسمالي ..صحيح أنها مشكلة موروثة.ولكن بقاءها "كمشكلة " يتوقف على بقاء الإستعصاء الراهن الذي تعانيه عملية بناء دولة العقد الإجتماعي في هذا الجزء من العالم ..وأجد من الضرورة هنا إعادة التذكير, بأن دولة العقد الإجتماعي إحدى منجزات التحول إلى الرأسمالية مما قبلها "إقطاعية أو خراجية " ..ولهذا ينبغي التقليب في ملفات عملية التحول الرأسمالي المتعثرة في العالم العربي ,لكشف التشابك بين ما ينتمي من العقبات إلى البنية الإقتصادية وما ينتمي إلى البنية الأيديولوجية ..
وسأركز في هذا المقال على البنية الأيديولوجية لسببين :
- للهامش الأوسع الذي تسمح به البنية الأيديولوجية للوعي , كي يمارس تأثيره على مجمل سيرورة التحول :تسريعاً , أو فرملة ,أو حرفاً لها إلى مسارب جانبية..
- ولأن مشكلة الأقليات وليدة تشققات في البنية الأيديولوجية ..أي أنها إشكالية ثقافية ..
في هذا السياق تجدر ملاحظة تذبذب ضغط المشكلة صعوداً وهبوطاً تبعاً لحجم التوظيف السياسي في المقدس الذي تلجأ إليه النخب المتنافسة نشدانا ًلتجميع عناصر القوة .سيما أن التوظيف السياسي للمقدس في بلد متنوع يؤمن التغذية الراجعة لآلية عرقلة التحول الرأسمالي "أي عرقلة الصراع الطبقي " عبرخلخلة إصطفاف حوامله الإجتماعية.
على هذه الخلفية يمكن ربط الحضور الكثيف لمشكلة الأقليات الآن بالصعود الراهن للإسلام السياسي كخطاب يستنهض لدى الأقليات إحساسها بالهوية .. وهو صعود يستفيد من تعثر مشاريع التحديث , التي نفذت تحت خيمة الأيديولوجيات الحديثة:الليبرالية أوالقومية- الإشتراكية أو الماركسية. العابرة للتشققات اللاهوتية .
لقد ترك تراجع هيمنة الأيديولوجيات الثلاثة فراغاً ملأته الخطابات الطائفية للإسلام السياسي:السني / الشيعي,التي تكزّ على مشاعر الخوف عند الأقليات وتدفعها للعودة إلى غيتواتها التاريخية بعد قرن من تراكم شروط الخروج الجماعي إلى فضاء الدولة الوطنية. ..

* * *

ما بين سؤال لينين –مطلع القرن العشرين - ماالعمل ؟..
وبين سؤال وليد جنبلاط لمشايخ طائفته التي تحولت في السياق الذي نوهنا عنه في الفقرة السابقة إلى " حامل إجتماعي !!" لمشروع حزبه" التقدمي –الإشتراكي" : «قولوا ماذا نفعل؟» (1) هوة من اللاهوت انحدرت إليها معظم الأحزاب "العلمانية " في العالم العربي .و تشير فيما تشير إليه إلى تفارق الهموم التي شغلت تفكير النخبة الحديثة الروسية مطلع القرن العشرين عما يشغل الآن مثيلتها العربية..وبرغم مديد مااستهلكته المنطقة العربية من وقت , للوصول إلى ما يشبه اللحظة التاريخية التي أنتجت السؤال اللينيني الشهير,إلا أن ما ’قطع من الطريق كان يسيراً .بل ويجري التقهقر عن بعضه تحت ضغط الهجوم المعاكس الذي تشنه الأيديولوجيات الدينية ..
فالملاط الذي ملأت به- على سبيل المثال - أدلوجة العروبة"كأدلوجة حديثة " الشقوق الدينية والطائفية- في المرحلتين الليبرالية والقومية- الإشتراكية من عمر الدولة - بدأ اليوم يفقد قدرته على لحم قطع الموزييك الديني أو الطائفي الناطق بالعربية..
لم تنجح الأنتلجنسيا العربية في تحديث بنية الوعي –وهذا سبب ونتيجة في آن,من وجهة نظر ترى علاقة التحدد والتحديد المتبادلة بين بنية الوعي والبنية الإجتماعية (2) –مما أفقد البنية الإجتماعية في العالم العربي التسهيلات التي يقدمها الوعي المطابق للصراع الطبقي كي يتغلب على بقية الصراعات المعتملة داخل البنية .في المقطع الراهن من تاريخ التحولات في طابقي البنية العربية ,يساهم ما يجري في الطابق العلوي "انحسار الأديولوجيات الحديثة لمصلحة الأيديولوجيات الدينية "في إعاقة عملية التراصف الطبقي في الطابق الأرضي لاستكمال عملية التحول الرأسمالي" ..
لقد ’طرح السؤال اللينيني في وجه أزمة يعانيها التحول الرأسمالي في روسيا.أما سؤال جنبلاط فيطرح في وجه أزمة التكسر الديني والطائفي الذي يلوي عنق سيرورة المجتمعات العربية إلى ما قبل الدولة ..بين أزمة يقع حلها داخل إطار الدولة, وأزمة تجد حلها بتطيير الدولة: لاتشابه, بل تفارق لجهة السمت الذي تشير إليه بوصلة التحولات .ولا وسائل مشتركة للمعالجة على المستوى الأيديولوجي والسياسي .. ففي الحالة الروسية, كان التنا فس بين الأدلوجتين :الليبرالية والماركسية على تأثيث(بالثاء) الدولة .أما في الحالة العربية فقد تصّمغ الممارسون السياسيون للأدلوجتين الحديثتين"الليبرالية والماركسية " داخل كوكتيل لزج : ديني وطائفي ,ورثته مجتمعات العالم العربي عن مرحلة ما قبل الدولة . وهذا ما سمح للأدلوجة الدينية أن تعيد ابتلاع محاولات الإصطفاف خارجها(القومية أو الطبقية )..
و..تتشارك في هذا العود على بدء: السلطات العربية ومعارضاتها. مما يعيد لحركة التطور في المنطقة شكلها الدائري .. فطيلة القرون الفائتة التي ترسخ فيها هذا الشكل لممارسة السياسة من داخل الأدلوجة الدينية, منح القدرة لهذه الأخيرة كي تستعيد الآن ما خسرته–على تواضعه – على جبهة بنية الوعي بتأثير من المثاقفة مع الغربين: الرأسمالي والاشتراكي..
ومع ملاحظة أن الأدلوجة الدينية في مجتمع متنوع لايمكن أن تكون إلا أدلوجة طائفية . فإنها لهذه الأسباب ستعاند الميل لطمس التشققات العمودية الذي تبديه الدولة في مجرى تحولها إلى دولة مواطنين يتمايزون أفقياً نسبة لتموضعهم داخل هرم الإنتاج. لارعايا يصطفون في أرتال عمودية وفقا لخطوط تمايزهم اللا هوتي . فالأدلوجة الدينية ,لتشابه خطوط تمايزها مع خطوط التمايز القبلية ,هي أقرب إلى التطابق مع حاجات بناء الإمبراطورية .(3) وهذا مايفسر الشعار المشترك لكل تنظيمات الإسلام السياسي : إحياء الخلافة الإسلامية .
ففي معظم الإمبراطوريات الإسلامية وآخرها "الإمبراطورية العثمانية " استخدمت العقيدة الدينية كأدلوجة طائفية تقتطع للسلطة الإمبراطورية قاعدة إجتماعية ..
أي أن وظيفة الأدلوجة الدينية: تأمين الرديف السسيولوجي لمؤسسة العنف الإمبراطورية . واحتلال موقع الهيمنة داخل الفضاء الثقافي .والعمل كقوة ناعمة وكإحتياط استراتيجي لأزمنة الأزمة التي تمر بها السلطة الإمبراطورية..أنظر في هذا الإتجاه تكرارية تموضع الأدلوجات الطائفية"سنية وإسماعيلية وزيدية وإثني عشرية ..إلخ " في لب المشاريع :الفاشلة أو الناجحة لبناء إمبراطورية ..
لقد استسهلت الأيديولوجيات الحديثة عملية الخروج من هذه التركة الثقيلة .وفي كثير من الأحيان كان مناضلوها يستعيضون عن مواجهة المعضلات التي تولدها التركة , بإشاحة النظر عنها ترفعاً تارة وتملقاً تارة وهرباً تارة أخرى ..لا يمكن المراهنة على التوظيف في الشعبوية التي يؤمنها تملق الأدولوجة الدينية لهذه الطائفة أوتلك ..ولا تنفع ازدواجية الخطاب في تمرير شقه الحديث بمعية شقه التقليدي ..و يوميات الحداثة العربية تعج بمن فركت كعبه فعاد إلى زريبته الطائفية ..
ما قاله زعيم "الحزب التقدمي الإشتراكي" في "الخلوة الدرزية " يفيض بهذا المأزق الذي َتحشرْ فيه الأدلوجة الدينية من يتملقها..إلا أنه في الشطر الدرامي منه , يفضح المصائر المتشابهة لمن يضع قدمه على هذه الطريق : التثبت في سلم الوظيفة كراعي قطيع ..


هوامش:
1- جريدة الأخبار اللبنانية – 28-5-2009- محكومــون بالتعايش مع الشيعة... أو قولوا لي ما العمل؟
2- للتوسع أنظر – مهدي عامل :مقدمات نظرية –في التناقض –دار الفارابي
3- للتوسع أنظر –محمد جابر الأنصاري –جذر العطل العميق







#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازدواجية المرجعيات :مرض الحداثة العربية
- إتجاهات السير في طابقي البنية العربية
- فتح الفلسفات على بعضها كلود ليفي ستروس نموذجاً
- بين حنا مينه وأورهان باموق
- فاتحة أمي
- صرما لوجيا: عينة سريرية من جائحة عامة
- في إعادة تموضع الماركسية في العالم الثالث
- حاجات الشعر
- رسائل وتعليقات على مقالات لزياد الرحباني في جريدة الأخبار ال ...
- ذكريات من ظهر البيدر
- حكايات عن المقاومة :لسناء محيدلي وحميدة الطاهر ..وبقية الشهد ...
- إلهام منصور والأسئلة الممنوعة
- دعوني
- ديك ليبرالي يصدح فوق مزبلة طائفية
- النظام السياسي العربي على مشارف محنة جديدة
- عمق التأثيرات الإسرائيلية على جدلية المحيط العربي
- نقاش حر
- َغرفة من التصوف الإسلامي
- حجاب باتجاهين
- من إغتيال الحريري الى اغتيال مغنية الوجه والقفى لإستراتيجية ...


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - بين إشكالية الأقليات وإشكالية الحداثة