أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار العاني - القرين














المزيد.....

القرين


عبد الستار العاني

الحوار المتمدن-العدد: 3381 - 2011 / 5 / 30 - 15:43
المحور: الادب والفن
    




رن جرس الباب فجأة ، أعقبتها طرقات كف همجية ، عربات مكشوفة مشحونة بأجساد من غبار، لهاث ولهفة ،بنادق مشرعة ، ووجوه وحشية كالحة أحاطت بالدار مثل حيوانات استفزتها فريسة في عتمة غابة ، صوت خوار:
- افتحوا الباب ..... طرقات متتالية.....
:- هل هذا بيت السيد مسلم....؟
:- نعم .....
:- ادعوه حالا .....
تحركت ظلفة الباب بأنين مسموع ، بعد لحظات اطل عليهم وجه كانت تطفو عليه الوداعة ،متوسط القامة ، من عينيه يطل عمره ،لا يتجاوز العقد الرابع او أكثر بقليل ،وبصوت شفيف :- نعم تفضلوا......
وبنبرة مبحوحة
:-انت السيد مسلم....؟
:- نعم .... ولكن من انتم رجاء ...
اصعد الى السيارة ، حشروه بين أجساد تفوح منها رائحة العرق بنكهة حريقه بناية سورتها ثلة من الحراس وقد بدوا مثل كلاب حراسة تريد ان تنقض، اقتادوه انعطفوا يمينا ، يسارا ، طالعته غرفة بمكتب فاره لكنها توحي بالخوف، اطل من خلف المكتب وجه منفر،توسطه انف ضخم ، تدلت شعيرات من منخريه مثل شعر خنزير بري ، وعيون جاحظة تلتمع بالقسوة والوحشية ، وبنبرة ساخرة :- أخيرا .... هل أنتَ فلان .....؟
صمت قليلا ثم قال :
:- كم أتعبتنا .....هل تحلمون ان تغيروا نواميس الكون وتستبدلون انظمه ...ها ؟
:- صدقني أرجوك انا لا استطيع ان اسحق نملة ..... وبلهجة ساخرة قال : واضح ذلك .
رفع كفه وهو يصفع وجه المكتب وبصرخة حادة :-
خذوه الى الغرفة رقم 6 .
وضعوا رباطا فوق عينيه اقتادوه في ممر طويل توزعت على جانبيه غرف عديدة ،
عرف ذلك من خلال ذلك العواء البشري ، صرخات وآلام كانت تنز دما وهي تنساب من تحت أعقاب الأبواب لتصفعه بعنف ثم تتكسر على الجدران .رفعوا الرباط عن عينيه ، تملى ما حوله ، حبال مدلاة من السقف ، وآلات جفت الدماء
عليها وقد علاها صدأ مال نحو السواد، صوت واجد منهم :
:- هل ستعترف الآن ...... ؟ سوف ننزع جلدك أتدري .....؟
:- لاشيء عندي حتى اعترف عليه .... صدقوني .....
ضربة سريعة من الخلف على رقبته أسقطته أرضاً ، ثم انهالت عليه السياط
تاركة آثارها على جسمه بخطوط زرقاء وحمراء ، لشهور عديدة
صاحبته حفلات التعذيب ، لكنه لم ينهار ، بل ظل يردد بعناد :
:- انا لا اعرف غير اسمي.......
وحين عجز الجلادون ، قرروا ان يطلقوا سراحه ، لكن واحدا منهم أثار
انتباهه فقد كان أكثرهم قسوة ووحشية ، قرر ان يسأله :
كنت أكثرهم قسوة هل أنت سادي.؟
اقترب منه وهو يهمس :
:- لأنك كنت معلمي ..... كاد ان يتهاوى لولا انه استجمع قواه ، وهو يتملاه لم يصدق ما يسمع لكنه رد عليه بصوت واهن وخفيض :
:- وا أسفاه........


في الخارج وجد نفسه متكوما ، توقف قليلا ، أغمض عينيه ، راح يدعكهما ، هاجمه الضوء مثل دبابيس راحت تنغرز في عينيه ، التقط أنفاسه ، توسل ساقيه ، تعكز عليهما ، جسد واهن رقطته الكدمات ببقع زرقاء وحمراء وصل الى البيت ، تهاوى الى الأرض، تلقفته الأيدي محتضنة إياه بصراخ مكتوم ودموع ساخنة ، هو الآخر الدموع تنهال من عينيه، ظل قعيد البيت لفترة وهو ينظر بحزن لأولاده مثل حزمة زهور تركها ، كادت ان تجف أوراقها قال مع نفسه :
(كلا ستعود الزهور بعطرها وألوانها )


، أرخى عضلات رقبته ، ترك رأسه يتدلى فوق صدره ، إغفاءة سريعة ، داهمه أحساس غريب ، أصوات أجراس تقرع ، تململ وهو يصيخ السمع، نهض مسرعا ، لحظتها قرر ان يمارس مهنة مصور جوال ، ذهب الى صديقه دونما تردد ، استعار منه آلة تصوير ، تركها مدلاة وهي تتأرجح مثل وسام يأتلق فوق صدره ، منحه ذلك إحساسا بالزهو والكبرياء ،ظل يتنقل من رصيف الى رصيف باحثا عن لقمة عيشه .
صبيحة يوم مشرق رائق، أطلت الشمس من مخدعها بحلتها الجميلة ترخي جدائلها ،أسراب النوارس تحلق بخطوط سمفونية بيضاء وهي ترسم ظلالها فوق مياه الشط ،
فجأة انتصب أمامه رجل ، تقدم مسرعا مثل صقر ينقض على فريسته ، احتواه بين ذراعيه ،ضمه الى صدره ، انهال عليه بالقبل ، أغرقته الدهشة لكنه أسرع قائلا :
:- استاذي الفاضل .... ألم تعرفني ....؟ انا الدكتور احمد .... بصماتك الوردية لا زالت قابعة في أعماقي ولن أنساها أبدا .... أنت معلمي ايها الفاضل الكبير .......
انثالت عليه الكلمات، يحاول ان يتذكر، لكن الرجل ودعه ، تركه يعوم في لحظتي فرح وذهول ملذين ، دمعتان انزلقتا فوق خديه ، استرجع نبرتين رددهما مع نفسه :
:- انت معلمي ....... الله .............
كنت معلمي ......... وا أسفاه ......
تأبط ذراع صاحبه وعادا الى البيت ...... ،



#عبد_الستار_العاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصخرة
- ومضات
- عرض لكتاب الحلم في المسرح
- رد على مقالة الشاعرة رسمية محيبس
- الى الجواهري في عيد ميلاده الدائم
- مناطق مقفلة
- اثارة
- في لحظة عري
- حين ضيعت اسمي
- ضفتاوهم
- رعب
- مساومة
- ترانيم الوتر الذبيح
- انه الحزن
- حلم
- البريكان رحيل بلا عذر
- انتظار
- مشهد من العشاء الاخير
- حتى الحلم
- اثقالي وهموم حماري


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار العاني - القرين