أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار العاني - الصخرة















المزيد.....

الصخرة


عبد الستار العاني

الحوار المتمدن-العدد: 3380 - 2011 / 5 / 29 - 17:10
المحور: الادب والفن
    



قصة قصيرة الصخرة ........ عبد الستار العاني




ظلت اسلاك الهواتف ترتعش مشحونة وقد اعيتها مكالمات لم تنقطع منذ فترة طويلة ، لاهثة كادت ان تنفجر وهي تنز كلمات تقطعت لتسيل على جوانبها ، الهواتف هي الاخرى لا تكف
عن الرنين مثل حشرجات مبحوحة ، مقا بض سماعا تها علاها لون كالح تركته قبضات خشنة
وهي تشد عليها بأصا بع مرتعشة .
مكاتب التحقيقا ت كانت في حالة انذار وقد استنفرت كل اجهزتها ، عيون مبثوثة في الشوارع
وعلى مداخل الحواري ، كا نت المعاطف الثقيلة تلاحق المارة بعيون وحشية .
انتصف الليل وهو ينضو رداء عتمته لينشرها في كل مكان ، تثاءبت باب عن ظلفة انفرجت ،
خرج الى الشارع وقد خلا تماما من المارة الا من سكون كان مخيما عليه راح يفضه بضربات
حذاءه على وجه الاسفلت وبايقاع رتيب ، غير ان صوت صفير تناهى اليه يقترب منه ويلاحقه اكتشف بعدها انه حا رس ليلي ، انتصب امامه وهو يعدل عقاله ثم راح يشد على ربا ط
بندقيته القديمة سعل بصوت واضح صائحا :
:- من انت .... والى اين في هذه الساعة من الليل ...؟
:- كنت في زيارة صديق ... وانا عائد الى البيت ....
:- كلا ... انت لص ....
:- عمي ارجوك انا لست لصا صدقني.....
حاول ان يمسكه من ذراعه وهو يقول :
:- تعال معي واثبت ذلك امام رئيس المخفر ، عند باب المخفر توقف قليلا وهو يطلق سعلة واضحة منبها الحراس وقف قبالة مسؤول المخفر مزهوا :
:- سيدي القيت عليه القبض في الشارع واظنه لص .....
:- هل انت حقا لص ...؟ وما اسمك ...؟
:_ انا لست لصا ....واسمي فاضل بهاء .......
بصوت متهدج وهو يتثاءب
:- احجزوه وفي الصباح سينظرون في امره
في الصبا ح اصطف الحراس على الجانبين حين راحت اقدامهم تلطم الارض بايقاع واحد ،
جلس الى مكتبه ثم راح يتصفح سجل الخفارة الليلي صائحا
:- ادخلوه ......
وقف امامه بقامته المديدة ، رغم انه لم ينم بقية الليل الا ان وجهه كان طافحا باعتداد واضح ،
تملاه قليلا ثم سأله :-
:- هل انت لص حقا ...؟
:- انا لست لصا اؤكد لك ذلك ....
:- اذا من انت ....؟
وبنبرة لاتخلو من حدة رد عليه
:- انا فاضل بهاء .....
:- نعم ...لم اسمعك.....؟
قلت انا فا ضل بهاء
يا الاهي ايعقل هذا ...
انتفض مثل ملسوع وهو يصرخ
:- اين مسؤول الخفر....؟
:- نعم سيدي....
:- لماذا لم تخبرني قبل هذا ...؟
:- سيدي ما كان بودي ان اوقظك من نومك من اجل لص ....
:- أي لص هذا يا غبي .... انه فاضل بهاء .....
:- عفوا سيدي ..... وماذا يعني فاضل بهاء هذا ..
:- انه الشبح الذي دوخ اجهزة الامن ....
ظل مسؤول الخفر فاغرا فاه وهو ينظر اليه بعينين يملؤهما الاستغراب والذهول،
تراقص سلك الهاتف بين يديه وهو يختطف سماعته ، القرص يدور باصابع مرتعشة
:- آلو .... سيدي ... لقد القينا القبض على فاضل بهاء .....
:- معقول ....هل جننت ...؟
:- صدقني سيدي ..وهو الآن موقوف لدينا ، لا بل يقف امامي الآن .....
:- سوف اتصل بك فورا .....
على مكتب المدير العام ينفجر الهاتف برنين حاد ،
:- سيدي المدير ..... لقد القت مفارزنا القبض على فاضل بهاء ...
:- لا اصدق ما اسمع ..... وبنبرة منفعلة
:- احضروه فورا .....
ظل يدور في غرفة مكتبه وبقلق واضح اشعل سيكارة على عجل وهي تتراقص
بين انامله المرتعشة ، ثم راح يفرك يديه بانتظار ممض ، بعدها استدار مسرعا
مرتميا على كرسيه الدوار نافخا اوداجه مثل طا ووس وهو يتمتم
:- واخيرا ..... كم اتعبتنا ايها الشبح اللعين .... ولكن قبل هذا ما اسمك ....؟
:- فاضل بهاء .....
:- سكناك ومهنتك ....؟
:- اسكن في كل هذا الوطن وانا واحد من اولائك المتعبين
:- من هم زملائك ... ؟
:- ليس لي زملاء ....ولا اعرف احدا .....
:- الست المسؤول في التنظيم ....؟
:- انا مسؤو ل عن نفسي فقط وهذا كل ما عندي ....
:- اذا انت لا تريد ان تعترف ..... اليس كذلك ....؟
سوف نرى ان كنت فاضل بهاء فقط
لحظة صمت راح يتمتم فيها مع نفسه بانفعالة واضحة
:- اولاد الكلب ..... مثل نبات الثيل كلما قطعناه ازداد كثافة ......
وقف منتصبا امامه وهو يتملاه بعينين تنمان عن تحد واضح ، مد يده باسطا كفه
على مقدمة المكتب ، اثاره ذلك ، فتح علبة سكائره ثم اشعل واحدة منها ، وبعد ان
سحب نفسا منها وضعها فوق ظهر كفه وقد دسها بين اصابعه ، ثم عاد يستجوبه
ثانية بعينين ما انفكتا تعلوان وتهبطان بين وجهه وكفه ، تسلقت الدهشة وجهه
وهو ينظر الى ذلك الوجه الصخري وكفه التي ظلت لصيقة على وجه المكتب دون
حراك ، لقد انسلخ عن كفه حين ارتحل بعيدا ، وحين عاد كانت السيكارة لا زالت
متوهجة بين اصابعه ، خطوط الدخان كانت تتلوى في سماء المكتب متماهية مع
رائحة شواء للحم بشري انتشرت في ارجاءه .
نظر اليه بعينين سبقهما خطان من ضوء غريب وان عينيه قد اكتضتا بدهشة مريعة
راح الدم يصعد هاجما وكأنه يريد ان يخترق جلدة وجهه حين وقعت عيناه على بقايا
السيكارة خط من رماد ظل منغرزا في اللحم عندها صاح بصوت مثل خواروهو يصرخ
:- تعالوا ..... تعالوا....والله لو كان فيلا لسقط من الالم .....
وبانفاس متقطعة مثل فحيح كان يسمع بوضوح قا ل :
:- خذوه وحذار ان تمسوه باذى او تسمعوه كلاما جارحا .....مفهوم انه رجل يستحق
الاحترام .
حارسان امسكا باطراف السلسلة وهو يتوسطهما ، توقفا عند باب المبنى حين تناهت
اليهم اصوات من بعيد ، الاصوات تعلو وهي تقترب مثل ستارة انفرجت توا عن حشود
بشرية وهم يرفغون اللافتات ، الشارع بدا وكأنه قد تلفع برداء ابيض ، رايات مطرزة
باللون الاحمر راحت ترفرف فوق رؤوس المتظاهرين، وكلما اقتربت كانت حروف اللافتات
تزداد حمرة مثل غضب يمورعلى وجوه الجماهير ، ظل الحرا س ينظرون بعيون مذعورة
وهم مسمرون في اماكنهم لكن السلاسل انتزعتهم من وجومهم حين سقطت وتد لت مثل
بندول وهي تتأرجح ، لحظتها كان فاضل بهاء قد انسل وانسرب مثل قطرة زئبق حين ابتلعه
الطوفان وضيعه وسط تلك الموجة البشرية العارمة ....



#عبد_الستار_العاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضات
- عرض لكتاب الحلم في المسرح
- رد على مقالة الشاعرة رسمية محيبس
- الى الجواهري في عيد ميلاده الدائم
- مناطق مقفلة
- اثارة
- في لحظة عري
- حين ضيعت اسمي
- ضفتاوهم
- رعب
- مساومة
- ترانيم الوتر الذبيح
- انه الحزن
- حلم
- البريكان رحيل بلا عذر
- انتظار
- مشهد من العشاء الاخير
- حتى الحلم
- اثقالي وهموم حماري
- ضوءلايخبو


المزيد.....




- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...
- مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي يحتفي بالعربية ويتضامن مع فلس ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...
- احتفاء بالثقافة العربية و-تضامن مع الشعب الفلسطيني-... انطلا ...
- طلبة -التوجيهي- يؤدون امتحانات -الرياضيات- 2- و-الثقافة العل ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار العاني - الصخرة