هيبان يا قدس أقداسي

ايليا أرومي كوكو

الحوار المتمدن-العدد: 3381 - 2011 / 5 / 30 - 01:30
المحور: الادب والفن
    

هيبان يا قدس أقداسي
قصيده نثريه

هيبان يا قدسي هل نعود يوماًً

الي المروج

الي الجنائن و الخمائل

نعود الي السهول و قطف الزهور

نعود لشتل الورود

نزرع الحدائق من جديد

في روابي أتني و سفوح واو

في كوجور و ابل وكمو ...

في سهول اويا و ايري

في هضاب الازرق و ام لوبيا.

هيبان هل حقاً سيعود السلام

هل سيعم الامان الي ربوعك الخضراء ...

فيعود ليالي الفرح و المرح و الرقص و الغناء .

و تعود كل الطيور المهاجرة الي الوطن

ترجع الطيور المشتاقة للأرض

الولهانة للديار تراب و الوطن

و تعود اسراب الرهو و السنابر تعود اليك

تبني اعشاشها فوق اشجار المهوقني و النيم و اللبخ ...

تعود العصافير تشدو لتعمر اشجار الحراز

و الاغنام ترتع تحت ظلال التبلدي

اشجار و الجوغان و العرديب القمر دوده

هل يعودون من الشتات الي الظلال الوارفة

لتعانق جباههم قمم جبلك الاسود الشماء

هيبان هل تعود كل العصافير لتغرد للمساء

ترنم و تزقزق للفجر و الشروق ..

تغني للأصيل و المساء الجميل ...

تسامر تسهر الليالي بين النجوم و البدر المنير..

و الحمائم الزرقاء .. البيضاء .. السوداء

ايضاً ستعود اليك بأغصان السلام

تعود مع الرياح و النسائم تحمل البشائر

هل يعودون كلهم من الشمال و من الجنوب

من المشارق و المغارب

من أقاصي الارض يعودون

و من كل فج عميق يعودون يرجعون اليك

**********************

يا هيبان ان الشوق و الوجد هنا يجتاحنا اجتياحاًً

الولع العارم في ضلوعنا يستبد بنا استبداداً

شوقنا اليك و تراب أرضك و صخور جبالك

لهفتنا اليك كما الطفل الرضيع لاحضان الام الحنون

هكذا نحن أطفالك المغرمين ابداً بحبك العذري

مشتاقين اليك يا هيبان

انا متلهوفين اليك يا أماه

و نعلم يقيناً أن شوقنا لا يساوي قطرة


من محيط حبك السرمدي العظيم لنا

فأنت أمنا الرؤوم

انت يا نبع الحنان المتدفق حبا و عطفاًً

انت القلب المحبة الازلية

انت يا نهر الينابيع القدسية

يا فيض الحنان لكل انسان يا هيبان

قد أسأنا اليك كثيراً

أخطأنا اليك يا وطن

أذنبنا و أثمنا تهنا و ضللنا
يا أرض الاباء يا تراب الاجداد

و ها نحن اليوم نعود اليك

نروم عطفك نادمين

نطلب صفحك معترفين

فمنحينا الغفران يا هيبان ..

أسأنا الي بعضنا

أخطأنا في حق الي انفسنا

تركنا محبتنا الاولي

انت المحبة الاولي و ستبقين

فأحتملينا و تغاضي عن كل شيئ

يا أمنا قد طال انتظارنا هناك
امتد زمان غربتنا اعوام و سنين

كنا في كل يوم نحلم في يقظتنا

نحلم في منامنا بالرجوع اليك

في الطرقات المظلمة سرنا وحدنا

فأبتلعتنا الازقة و الدهاليز المظلمة


بتنا الليالي الطويلة بلا أنيس
و في أرصفة المدن البعيدة الموحشة

همنا علي اوجهنا كالتائهين

صنو الابن الضال ....

طال البعد و كبر الشوق وكان ألامل

الامل رجائنا الذي لم يغب ابداً

الشوق رفيقنا الوفي في كل الدروب

يا هيبان ان الحرب أصابنا في الاعماق

الحرب أصابك في القلب الصميم

فصرت مهجورة من بنيك

صرنا نازحين و مشردين و مهاجرين

صرت أرملة ثكلي أضحينا يتمي منبوذين


****************

ضاق بنا أرض الله الواسعة

علي سعة الارض ضاق بنا المقام

أفتكرنا الناس كمن لا أصل لهم

ظنونا مقطوعين من الشجر .

ذقنا المرارات كلها و شربنا الكؤوس ا

كؤوس الذل و الاهانة و المهانة

شريناها حتي الثمالة

الجحود و القنوط و البؤس

سئمنا الحياة صلف بني وبر البشر

أكلنا الحصرم الحسك و الشوك

سقونا خلاً و حنظلاً كل مرار

لحسنا التراب و لبسنا الرماد ..

أفترشنا الارض يا هيبان وسادة
التحفنا السماء في كل الفصول الاربعة ...

سكنا بيوتاً من الكرتون و الصفيح

و احياناً بيوت الخيش و المشمع

انتظرنا النهار كله في وهج الشموس

انتظاراً اكنا فيه نرقب مجيئ الفرج ..

فتذكرنا المقيل في ظلك الظليل

ظلك الظليل يا دوحتنا الورافة

زارنا الخريف هنا و هطلت الامطار

انهارت بيوت الطين علي رؤوسنا

دفنتنا احيا و قتلت اطفالنا في مهدهم

ماتت الام و الرضيع معاً ...

و من برد الشتاء القارص مات الشيخ

و لحقته العجوز بين مخالب الجوع .

كل الفصول تبارت و تنافست في محاربتنا

و نحن في المنافي البعيدة بلا رجاء بلا أمل ..

فتذكرناك أنت يا ربيع عمرنا

تذكرناك و يا كل مواسمنا الجميلة

تذكرنا فيك سنين الخير

و سنين الشبع و كل ايامك المباركة بالنعم ..

فيا هيبان ليس في كل الارض مكان

ليس لنا في الارض مقام يسعنا

ليس لنا غير ثراك الطيب يضمنا ..

يا هيبان ليس في العالم وطناً يريحنا

او ديار مثل ترابك العزيز يشملنا .

فمتي نأتي اليك نستريح أحضانك

متي نأتي اليك ففنام ملء الجفون ...

كل مدن الدنيا و كل العواصم الكبيرة

كل فنادق الخمسة نجوم و الستة

كلها لا تساوي ليلة من لياليك الهانئة

ليلة من مبيت في قطية من بيوتك القشية

او تساوي نهار تحت ظل نيمك الظليل ..

فلا تفاح بيروت الشهية

لا سحر نيروبي الاخاذ ..

و لا لندن بضبابها و الضجيج

او باريس بأضوائها و سحر ايفل
كلها لا تقدر ان تنسينا ايامك السعيدة

و العمر السعيد فيك يا هيبان عمرين

قد نبيت اليوم في سيدني نصحو في نيوجرسي ...

و لكننا نظل ساهرين يقظين نعد نجومك يا ..

يا هيبان ... يا وطن النجوم ..

فلا قاهرة المعز في مصر أم الدنيا

و لا اديس زهرة افريقيا ..

تقدر ان تكون وطناً بديلاً

يا اعز الاوطان هيبان يا أحلي الاوطان ...

قد يشرب ابنائك من ماء الدجلة و الفرات

او قل انهم يشربون الزمزم ...

و يبقي ماءك هو الماء الحي

ومن يشرب من ماء نبعك يروي

فأنت السلسبيل لظمي بنيك العطشانين ...

جميلة أنت يا هيبان و كلك مشتهيات ........

فأنفاسنا من نسمة هوائك النقي تحيا

و حياتنا من عبير روحك القدسي تبقي ...

و في البدء خلق الله الانسان

بعض من فراديس الجنان فيك يا هيبان ...

****************************

هيبان يا دمعة عصية في الاجفان ...

يا نشوة القلب و أريج الفؤاد و بهجة الروح

قد نعود اليك اليوم ...

غداً او بعد عام او بعد قرن من الزمان

لكننا حتماً يوماً سنعود اليك

فدعينا عندما تلامس اقدامنا ترابك

ان نركع لله ساجدين مصلين شاكرين ..

و اجعلينا ان نقبل أرضك الطيبة الطاهرة متبركين ....

فلون أرضك مخمل

رائحة ترابك قرنفل و رمالك تبر ..

و طعمك بمذاق المانجو .......

وفي صوتك يا هيبان صدي الاجيال

في صداك غنوة الاباء رقصة الاجداد

فيا عروسة الجبال العتيدة
يا فتاة احلامنا الحسناء ... يا هيبان ..

هكذا انت جميلة يا هيبان زاهية

الجنادل و البيادر و المروج ألخضار النضار ..

أهل ديارك قوم كرام وبنوك فتيان أشاوس

فتيانك سمر سود انهم ابطال ميانين ..

و الرب يحبك يا هيبان فأنت أرضك مباركة

يا بركة وطن من بين كل الاوطان ...

يا كوبنق و ناين الابل و الليراء الحلوين السمحين ...

يا كرندي و كاوده و يا كرندل و كمو

أهلي هنا من التيرا و الاطورو الشجعان ..

في الشواية و مندي و عقب في ايري

هناك أهلك من النوبة و الشوابنا و اخرين ..

هؤلاء طيف اولادك و بنيك يا هيبان

انت البطن اللين انت الرحم الولود ..

و أرضك الواسع يتسع جميعنا بسلام و أمان


كلهم يجدون فيك عزة النفس و لذة العيش و كرم الاصالة ..

كل أرضك عزيزة يا وطني
و كل بنيك يا سودان كرام في هيبان ..



ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

الابيض

13 / 5 / 2002م

#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل