أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - منفيون من جنة الشيطان29















المزيد.....

منفيون من جنة الشيطان29


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 23:11
المحور: الادب والفن
    


منفيون من جنة الشيطان29

أولئكَ الّذين
حَارَبَت النّساءُ* بدلاً عَنْهُم
همْ أبطالُ اليَومِ..
وَمُحارِباتُ الأمسِ
يغسِلْنَ الألبِسَةَ الوَسْخةَ
من لَمَفِ الهَزائِمِ
وَيَصنَعْنَ الخبزَ
لأطفالِ الحَربِ
اليَومَ يقلِبُونَ أحذيتَهم* قربَ البَابِ
ويحزِمونَ أمتعتَهُم في الحَقائبِ
وَيقضونَ وَطرَهم من نسائِهم
لآخِرِ مرّةٍ
بِحجّةِ الوَداعِ
تبّاً لِهَذا الخَرابِ الجّميلِ
الّذي يَدفعُهم لِلهِجرَةِ
إلى خرابٍ أكثرَ قيْحاً
ذلِكَ الّذي عمّدُوه بالمَاءِ
فَعمّدَهُم بِالدّمِ
يَسْألُ طفلُ الحربِ أباهُ
لِمَاذا يُعمّدونَ الشعوبَ بالدّمِ
وَلِماذا لا تولدُ الحياةُ إلّا من الدّمِ

فيَقولُ أبوهُ الّذي لم يُقاتلْ..
لَقد خاضَ اليَهودُ في البَحرِ المَيّتِ
الّذي لم يَكنْ ميّتاً
وَبالُوا فيهِ من البَردِ وَالخوفِ
فَفَسَدَتْ علائمُ النبوّةِ
لِلتعميدِ جُعِلَ البَحرُ الّذي صَارَ ميّتاً
اسمُهُ ميّتٌ
لأنّ لِلموتِ حُرْمةٌ
لا يَدوسُها أحَدٌ
وَلكنّ اليَهودَ بِقيادةِ موسى
هَرَبُوا من الفرعونِ بِالأعْطِياتِ
وَانتهَكوا حُرمَةَ الميّتِ
سرّ الأقدَاسِ
"يقالُ أن اليهود قتلوه بعد العبور، فلا يُلاحقهم أحدٌ"
ولم يَكنْ يوحنّا المعمَدانُ
يُريدُ غَضَبَ أحَدٍ
فَاسْتجابَ لَهُ الطيرُ
وَلم ينزلِ المَطرُ
أعَمِّدُكم بِالمَاءِ
فَتُعمّدُونني بِالدّمِ
أطعِمُكُم طيبَ الطعامِ وَأجوَدَ الخُمورِ
فَتُقابِلونَني بِالخِيانَةِ
بِلا أبٍ وُلِدتُ
وَبِلا بَيتٍ نَشأتُ
فكنتُ لكم أبَاً
وَجَعَلْتُ جَسَدي لَكم
كنيسَةً
ولمْ أقلْ قدسَ الأقداسِ
فلِمَاذا
تُعمّدُونني بِالدّمِ
وَلم أكملِ البِشارةَ..
وأتبَاعي قليلونَ في الأرْضِ
أشاحَ الجُنديّ الأمريكيّ بِوَجهِهِ
وَمَضى يبحَثُ عن نجمَةٍ سَقَطتْ
بَينَ دُخانِ القذائفِ
أو ابتلَعَها زلزالٌ لم يشعُرْ بِهِ
وَعوالمُ من بينِ أيديهم وَمن خلفِهم
وَلكنّهُم لا يبصِرونَ..
في الصّباحِ
ذَهَبَ الجُنديُّ الأمريكيُّ إلى الكتيبَةِ
وَقفَ أمامَ القومندانِ
أدّى التحيّةَ وَوَقفَ..
مثلَ قلمِ رِصاصٍ
القومندانُ يقلّبُ في الأوراقِ
وَلا يَرى الجُنديَّ
الوَاقفَ أمامَهُ مثلَ قلمٍ في مَحْبَرَةٍ
مثلَ حِصانٍ في مَعرَكةٍ
وَلكنْ ليسَ مثلَ شَجَرَةٍ..
الآنَ..
كانَ يَتَحدّثُ في نَفْسِهِ كثيراً..
غَصّ بِالأسْئلةِ فَعَطَسَ
فَتَحَسّسَ القومندانُ مُسَدَّسَهُ
مُشيراً إلَى لوحةِ اطلاقِ الصّواريخِ
إذا كُنتمْ تستَطيعونَ
مَنْعَ العُطاسِ سَيِّدي
فَسَنُوفِّرُ الكثيرَ من المُجامَلاتِ
[عندَما يَعطَسُ الألمانُ يَدعونَ لِبَعضِهم بِالصّحةِ،
عدَدَ مرّاتِ العِطاسِ حَتّى يمْضي وَقتٌ كثيرٌ..]
عَدّلَ القومندانُ نَظّارَتَهُ
وَكتبَ وَرَقةً لِلبنتغون
بإصدارِ أوامرَ عَلى جميعِ الكلوناتِ
لِيأخُذوا العطاسَ بِنظرِ الاعْتِبارِ
في التّجاربِ الجَديدةِ!..
في البيتِ..
كانَ الطفلُ ينتظِرُهُ
لِماذا يَتقافزُ أطفالُ الصّينِ
حَولَ الألْعابِ
وَنحنُ نَتَدرّبُ عَلى السّلاحِ
ألمْ تقلْ أنّ العالمَ يَتَطوَّرُ بِالعلْمِ
فلِماذا الحروبُ وَالقنابلُ؟!!..
لِمَاذا لا تخلَعُ هَذِهِ البَدْلةَ العَسْكريّةَ
وَيَكونُ لَكَ دُكّانٌ أسَاعِدُكَ فيهِ
في اليَومِ الثاني
وَجَدَ القومندانُ أمَامَهُ وَرَقةً
وَرَقَةً مَكتوبَةً بِخطٍّ مُرْتبكٍ
وَمَحْكوكةٍ مثلَ خُطُواتِ خِنجَرٍ..
في اليَومِ جُمِعَتِ الكَتيبَةُ لِلتعدادِ العَامِّ
اسْتقدِمَ المَرْضى وَالمُجازونَ كَذَلِكَ..
الجَميعُ وَقَفَ في سَاحة العَرَضاتِ
ذلِكَ اليَومَ..
مِنْ مُساعِدِ القومندانِ
حَتّى جُنودِ المَطْبَخِ
وَمِنَ النُّمورِ وَالأسودِ وَالفُهودِ
حَتّى الضَفادِعِ وَالحَمائمِ وَالفيرانِ
وَالفيروسَاتِ المُشِعّةِ..
العَرَقُ يَتَهَاطلُ من الانتِظارِ
وَالقلوبُ تخفِقُ بِقوَّةٍ مثلَ مَدافعَ خارقةٍ
الجَميعُ بانتِظارِ إشارةِ المَدفعِ
وَقدومِ القومندانِ
عندَما بَدَأتِ القِوى تخورُ
وَالآمَالُ تنتحِرُ
وَالكتيبَةُ تَتَحَوّلُ إلى مِياهٍ وَشواطئَ
وَآثارٍ عَلى الأرْضِ
عِندَها عَطَسَ المَدفعُ
اسْتعدّ الجَميعُ
قَدِمَ القومندانُ
بِكامِلِ بزّتِهِ العَسْكريّةِ الفاخِرةِ
وَأوْسِمةِ الحُروبِ الّتي مَرّتْ
مِنْ بينِ سَاقيهِ
يَتبعُهُ اثنانِ مِنَ الحُرّاسِ
ارْتكزَ عَلى المِنَصّةِ
أجَالَ نَظَرَهُ بِكِبرِياءٍ
وَبِصَمْتٍ مُطْبقٍ
وَأنفاسٍ مُنقطِعةٍ
وَجهُهُ كانَ مُتَجَهّماً
خُطُواتُهُ مُتَرَدّدَةٌ وَلكنْ بِعَصَبيّةٍ
كلُّ مَنْ لديهِ انجيلٌ اسْتظْهَرَهُ
وَمَنْ لديهِ قرآنٌ وَضَعَهُ عَلى صَدرِهِ
وَالمَرْكسِيّونَ
رَاجعُوا ثقتَهُمْ بِرَأسِ المَالِ
في وَسطِ ذلِكَ الانتِظارِ المُتَرقّبِ
وَالقلَقِ المُسْتفزّ
فَجْأةً انْطَلَقَتْ
لأوَّلِ مَرَّةٍ
مُوسيقى لَيْسَتْ عَسْكريّةً
تِلكَ المُوسيقى
كَانَتْ عَرَبيّةً
اسْترْخَتْ أعْصَابُ الجُنودِ
البَعضُ كادَ أنْ يضحَكَ
يَفقدُ تَوازنَهُ
تَجَهّمَتْ وُجوهُ العُرَفاءِ وَالمُراقبينَ
أمّا القومندانُ
فَكانَ ينظُرُ
بِعينينِ من حَديدٍ
عَينينِ مَيّتتينِ
خالِيَةٍ من أيِّ مَعْنى
[وَما نيلُ المَطالبِ بِالتّمنّي
وَلَكِنْ تُؤخَذُ الدُّنيا غِلابَا]
بَعْدَهَا
انقَطَعتِ المُوسيقى
تَنَحْنَحَ القومندانُ حَسَبَ الطريقةِ العَرَبيّةِ
ثمَّ نَطَقَ..

25/5/2001

ــــــــــــــــــ
• من الظواهر الاجتماعية لسنوات حرب الثمانينيات في العراق، حيث معظم الرجال في القوات المسلحة، أن قامت المرأة بدور مزدوج لتغطية دور الأب في العائلة واستيفاء مستلزمات الحياة اليومية ومنه خروج المرأة للعمل، أي أنها جمعت بين العمل داخل البيت وخارجه، ومعروف أن العمل الزراعي في الأرض يقع غالبا على كاهل النساء والأطفال، بينما يقتصر دور الفلاح الرجل على جانب التسويق.
• في التراث الاجتماعي يتم تأويل ظاهرة انقلاب الحذاء أو النعل في عتبة البيت بمعنى دنوّ أجل السفر، الذي من معانيه الموت، السفر من هذه الدنيا، لذلك يسرع البعض لتعديل وضع الأحذية المقلوبة أو غير المنتظة. وللشاعرة الأصيلة لميعة عباس عمارة في هذا الجال التقاطة جميلة منها "تَرَاكبَ نَعلايَ.. قالَ القريبونَ منّي.. تسَافرُ.. ترى.. متى قد بلغْتُ مكانيَ حتى أغادرَ". من مجموعتها (هكذا أنبأني العرّاف).



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منفيون من جنة الشيطان28
- منفيون من جنة الشيطان27
- القبطيّات.. صرخة ضمير حيّ!.
- منفيون من جنة الشيطان26
- منفيون من جنة الشيطان25
- منفيون من جنة الشيطان24
- منفيون من جنة الشيطان23
- منفيون من جنة الشيطان22
- منفيون من جنة الشيطان 21
- منفيون من جنة الشيطان 20
- منفيون من جنة الشيطان 19
- منفيون من جنة الشيطان 18
- منفيون من جنة الشيطان 17
- منفيون من جنة الشيطان15
- منفيون من جنة الشيطان 16
- منفيون من جنة الشيطان 14
- منفيون من جنة الشيطان13
- منفيون من جنة الشيطان12
- منفيون من جنة الشيطان11
- منفيون من جنة الشيطان 10


المزيد.....




- هند صبري لـCNN: فخورة بالسينما التونسية وفيلم -صوت هند رجب-. ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الدوحة.. متاحف قطر تختتم الأولمبياد الثقافي وتطلق برنامجا فن ...
- من قس إلى إمام.. سورة آل عمران غيرتني
- إطلاق متحف افتراضي في دمشق يوثّق ذاكرة السجون في سوريا
- رولا غانم: الكتابة عن فلسطين ليست استدعاء للذاكرة بل هي وجود ...
- -ثقافة أبوظبي- تطلق مبادرة لإنشاء مكتبة عربية رقمية
- -الكشاف: أو نحن والفلسفة- كتاب جديد لسري نسيبة
- -هنا رُفات من كتب اسمه بماء- .. تجليات المرض في الأدب الغربي ...
- اتحاد أدباء العراق يستذكر ويحتفي بعالم اللغة مهدي المخزومي


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - منفيون من جنة الشيطان29