أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي هيثم - ما أهمية أن يحفظ الطفل الصغير القرآن؟(المسد نموذجا)















المزيد.....

ما أهمية أن يحفظ الطفل الصغير القرآن؟(المسد نموذجا)


علي هيثم

الحوار المتمدن-العدد: 3370 - 2011 / 5 / 19 - 21:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الطفولة وسورة المسد
الطفولة هي المرحلة الأولى التي يمر بها الكائن البشري في حياته، وهي تتسم بالمرونة والقابلية للتكييف وهي مرحلة للتربية والتعليم وفيها يكتسب الطفل العادات والمهارات والاتجاهات العقلية والاجتماعية والحسية .
في هذه المرحلة المهمة جدا يتم وضع اللبنات الأولى لبناء شخصية الطفل لذا لا يمكن أن يتمتع هذا الأخير بشخصية متوازنة وهادئة ورزينة ومتسامحة وعاشقة للحريةومتماسكة إذا لم ننجح في إعطائه في مراحل نموه الأولى المبادئ الصحيحة التي ستبنى عليها كل المراحل اللاحقة.
وهذا يعني أن التعليم الأولي يكوِّن، بجانب الوسط العائلي، الأساس الذي يقام فوقه صرح بناء عظيم هو تكوين الإنسان العلمي والثقافي والفكري والعاطفي والاجتماعي.
التعليم الأولي ركيزة محورية في تربية الطفل.ويجمع جميع المهتمين بالتربية على أهمية مرحلة الطفولة الأولى في نمو الشخص العاطفي والثقافي والنفسي.وفي توازنه واستعداده لحياة اجتماعية سليمة ومعتدلة ومتقبلة للآخر.
يبدأ الأطفال في بلداننا في التوجه إلى ما يسمى روض الأطفال في سن الثالثة وتستمر هذه المرحلة إلى سن السادسة.
ومنذ أيامه الأولى في الروض يبدأ الطفل المسلم بتلقي تعليم تلقيني يقوم على الحفظ والاستذكار واستظهار كل ما لقن له عن ظهر قلب.ومن بين ما يلقن له آيات من القرآن وخصوصا السور القصيرة.
سنحاول أن نبين أثر سورة» المسد « على تعليم الطفل وتكوين شخصيته ونموه العقلي والنفسي والاجتماعي.
من أجل هذه الغاية لا بد أن نبدأ بتقديم تفسير لهذه السورة التي نصها:"تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد"
ما هي أسباب نزول هذه السورة ؟ وما هو تفسيرها؟ وما دورها في تنمية تفكير الطفل ،وفي تكوينه وبناء شخصيته؟وكيف يحصل مفعولها في عقليته؟ وهل لها تأثير على تفاعله مع العالم من حوله؟
وهل الطفل في مراحل نموه البيولوجي والذهني والعاطفي والعقلي مستعد لمثل ما تأتي به هذه السورة من مبادئ؟
نبدأ أولا بقراءة تفسير الآيات التي تتكون منها السورة.
عن ابن عباس :لما نزلت"وأنذر عشيرتك الأقربين"خرج النبي وصعد الصفا فهتف ياصباحاه فاجتمعوا إليه فقال أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي قالوا ما جربنا عليك كذبا.فقال إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.قال أبو لهب:تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا.فنزلت سورة "المسد"
أبو لهب هو عم محمد خصه الله بهذه السورة ذما له على موقفه من ابن أخيه لما أعلن أمام الملأ أنه مبعوث من عند الله لينذر الناس بعذاب شديد.
فأبو لهب لم يصدق ما أتى به النبي واعتبر الأمر الذي جاءهم به لا يستحق أن يجتمع القوم لسماعه.لذا خاطب النبي قائلا:" تبا لك".
أبو لهب شخص بدوي صحراوي المنشأ والثقافة كذَّب ما جاء به ابن أخيه .وجاء تكذيبه بطريقة فجة لا تراعي أخلاق الحوار.
ونسلِّم جميعا أن من حق أي كان أن يشك في الوهلة الأولى،حين يصدم بفكرة جديدة غريبة على ثقافته. ليتحرى ويتفحص ويتساءل ليصل إلى الحقيقة.ولكن لو كان أبو لهب يتحلى بثقافة عالية وموضوعيا في تصرفاته لناقش النبي في أفكاره دون اللجوء إلى الشخصنة والسب.
أن يقوم أبو لهب بهذا التصرف يمكن تقبله من إنسان ذي ثقافة بدائية بدوية صحراوية غير متشبعة بحضارة راقية ذات تقاليد فكرية عالية المستوى .
ولكن أن يرد عليه الله العلي العظيم خالق الكون من فوق سبع سموات بنفس الأسلوب ويلجأ إلى ذمه وتهديده بالخسران والشقاء وبأن النار ستحيط به من كل جانب.هذا أمر غير مفهوم.
والأدهى أن التهديد والذم و"المعيور" امتد ليشمل حتى زوجة أبي لهب.هل يمكن أن ينزل الله إلى مستوى زوجة أبي لهب ليعيِّرها ب "حمالة الحطب"؟ وما العيب في أن تقوم المرأة بحمل الحطب لتدفئ بيتها وتطهو قوت أبنائها؟
إن النبي وظف ربه في الرد على أبي لهب.
هذا وإن الشيء الأكيد هو أن تلقين مثل هذه السورة سيكون أمرا مستمرا ومتكررا طيلة الطفولة وفي كل سنة دراسية وسيلقن للصغار مرات عديدة بدون كلل أو ملل إلى أن تترسخ المفاهيم في العقول الصغيرة. والمؤكد هو أنه ابتداء من السادسة سيبدأ بعض النبهاء من الأطفال في طرح الأسئلة المحرجة عن معنى الآيات وعن مصدرها وهنا الطامة الكبرى ستتضح الصورة من خلال تفسير السورة.وسيتدخل المحيطون بالطفل والساهرون على تربيته لتخريب عقله عن غير قصد وسينصحونه بأداء الصلوات الخمس يوميا ليردد سورة الفاتحة التي تصف النصارى واليهود بالمغضوب عليهم والضالين وليردد سورة المسد التي تشتم وتتوعد أبا لهب وزوجته وسينخرط الطفل المسكين في مسلسل الحقد على الآخرين وتحقيرهم والانتقاص من قيمتهم لمجرد أنهم لم يصدقوا فكرة ما.وسيشرح الشيوخ والفقهاء عبر مكبرات الصوت في المساجد وعبر الفضائيات وعبر الإذاعات وبكل الوسائل المتاحة أن النار الجهنمية التي تتلظى ستشوي أجسام اليهود والنصارى الحقيرين وجسم أبي لهب اللعين وزوجته وأجسام الكفار والعلمانيين والملحدين والزناة واللواطيين والفراعنة والشيوعيين والبهائيين وربما أضافوا للائحة الشيعيين والشيعيات والصبيات المتبرجات والأمهات العازبات والراقصات والمغنيات ، وحين لن يبقى منهم إلا الفتات سيعيد الله تكوين أجسامهم لتحرق مرات ومرات وقد يتفنن بعض الشيوخ في إطالة اللائحة لتشمل كل المختلفين معنا.
وهكذا يكون الفكر الديني قد هيأ جميع الظروف اللازمة لتكوين عقلية الطفل المسلم وإرغامه على تصديق كل ما يشحن به مخه وإجباره على قبول الغيبيات التي مصدرها الشيخ والفقيه المعمم فهؤلاء هم "العلماء" والعلماء هم ورثة الأنبياء ولحومهم مسمومة (في الواقع فكرهم هم السم الزعاف) وإذا سولت للطفل نفسه ووسوس له الشيطان ولم يصدق ما يشحن به رأسه فإن مصيره المحتوم الشيُّ بالنار الجهنمية الحارقة والثعبان الأقرع والزقوم والحميم وعذاب القبر والسلسلة ذات السبعين ذراعا ومنكر ونكير و......الخ.وما على الصغير إلا التصديق والتسليم والقبول والحفظ والاستظهار فليس من حقه النقاش أو الرفض .
إن تقديم أفكار مثل هذه للصبيان انتهاك خطير لبراءة الطفل وقتل مبكر لملكة طرح السؤال التي هي البوابة الرئيسية لفهم أي شيء.وهي قمع له عواقب وخيمة على حرية التفكير.
لكن السؤال التربوي المهم الذي يهمنا هنا هو ما الجدوى من أن يحفظ الطفل الذي عمره أربع سنوات هذه السورة التي يرد فيها الله الشتائم نيابة عن نبيه على أبي لهب ؟.
تصوروا طفلة أو طفلا في سن ثلاث سنوات يبدأ أيامه الأولى في روض الأطفال بتلقينه مفردات السب ويلزم من طرف مربيه بأن يحفظ هذه الأمور عن ظهر قلب وتتم مطرقة ذاكرته بقوة وبتكرار عنيد بآيات هذه السورة،ويجازى عن حفظه لها.وربما يعاقب إن لم يستظهرها.
فهل الطفل في هذه المرحلة العمرية مستعد نفسيا وبيولوجيا وعقليا وذهنيا لتلقي مثل هذه المفاهيم؟؟
وأين تتجلى مصلحة الطفل في استظهار آيات الذم ؟؟ومفردات المعيور التي كانت تستخدم في صحاري الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي؟
وما أثر تلقين مثل هذه الأفكار على عقلية الطفل مستقبلا؟؟
علينا أن نجيب بصراحة على هذه التساؤلات.وبدون انفعال.وبدون تغليب العاطفة والأفكار المسبقة. والأحكام الجاهزة.وعلينا أن نفضل مصلحة الطفل وتوازنه وسلامته الفكرية على مصلحة شيوخ الدين الذين يغتصبون الطفولة.
الطفل المسلم يشحن ذهنه إذن منذ نعومة أظفاره بفكر لا يقبل الرأي الآخر.وتتم تنشئته على عدم استعداده للمناقشة الهادئة.
فبمجرد ما لا تتفق معه ولا تصدق ما يدعيه فهو مهيأٌ لكي يرد عليك بالذم والشتم والتحقير وربما يلجأ إلى إرهابك فكريا وحتى تصفيتك جسديا حين تتاح له الفرصة.
في حياتنا اليومية إذا حاولنا حتى عند أقرب المقربين إلينا تقديم نقد ما لبعض المفاهيم الدينية فإن الردع يأتي سريعا على شكل:"لعنك الله" وما أدراك ما لعنة الله.
فعلى المستوى العقلي يتم إقناع الطفل بأنه لا يجوز طرح السؤال أو الشك في ما يقوله القرآن لأنه كلام الله .والشك كفر والكفر يعاقب عليه أشد العقاب.
على المستوى النفسي يضطرب الطفل ويجبر على كتم تساؤلاته ودفنها في قرارة نفسه.ويعيش ازدواجا خطيرا في طريقة تفكيره فهو لما يصبح إنسانا عاقلا يرى التناقض الصارخ :الذين يصفهم الله بالقردة والخنازير والمغضوب عليهم والضالين هم سادة العالم وهم أطباؤه وعلماؤه وهم صانعوا الأدوية ومنتجو التكنولوجيا ورغم كل الخير الذي جاؤوا به فعلى المسلم كرههم في الله.واحتقار دينهم.
وعلى المستوى الاجتماعي يتهيأ الطفل المسلم لكي يحتقر الآخرين لمجرد اختلافهم الديني معه .وعدم مشاركتهم أعيادهم وأفراحهم (أتذكر هنا تحريم عيد الحب ) وكذلك تحريم الزواج من غير المسلم على المسلمة وتحريم الزواج من غير الكتابية على المسلمين جميعا.
إن ما يتعلمه الطفل في الصغر لا يمكن محوه من ذهنه عندما يكبر لأن من شب على شيء شاب عليه.والتعلم في الصغر كالنقش على الحجر.لذا يجب أن تكون المقررات الدراسية التي تقدم للأطفال الصغار منتقاة بعناية فائقة من طرف أخصائيين في التربية وعلم النفس .ويجب أن تكون المفاهيم التي يتلقاها الطفل في هذه المرحلة تتناسب مع عقلية الصغار وعمرهم وتعمل على تربيتهم تربية سليمة تجعل منهم مواطنين إيجابيين يتقبلون الآخر عوض أن يلجأوا إلى الذم والانتقاص ممن يخالفهم الرأي.



#علي_هيثم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى محمد حسني مبارك
- ماذا فعل بنا الفكر الديني
- الدعاء المستجاب
- لا لمركب التعالي لا لمركب النقص
- أمة إقرأ
- موقف النبي من سودة بنت زمعة
- سمعت قرأت رأيت
- الإعجاز العلمي مرة أخرى
- لا تستهلكوا شيئا قبل مراقبة تاريخ انتهاء الصلاحية
- التناقضات
- الإسلام كرم المرأة
- وفاء الله علينا بوفاء
- العلم الغير النافع عندهم و-العلم- النافع عندنا
- ما المطلوب بالضبط من المسلمة؟؟؟؟
- محاولة فهم
- مجرد تناقضات؟؟
- تطبيق الإسلام الحق ماذا يعني؟(الجزء الثاني)
- تطبيق الإسلام الحق ماذا يعني؟
- التفكير الديني طفولي
- مجرد تساؤلات (2)


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي هيثم - ما أهمية أن يحفظ الطفل الصغير القرآن؟(المسد نموذجا)