مجلس التعاون الملكي!

جمال الخرسان

الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مجلس التعاون الملكي!
بشكل مفاجىء بعيدا عن سياسة مجلس التعاون الخليجي المتحفظة جدا تجاه قبول وافدين جدد الى المجلس وجهت دعوة من مملكات الخليج الى نظرائهم الملوك العرب في المغرب والاردن من اجل لانظمام الى مجلس التعاون الخليجي بشكل اثار غرابة ودهشة المتابعين للشان الخليجي!
اليمن كان يصر كثيرا منذ عشرات السنين على الدخول الى المنظومة الخليجية ولكنه لم يجد اذانا صاغية، كذلك الاردن الذي تعب كثيرا من تجديد طلبات الانظمام لكنه ورغم قربه جغرافيا واجتماعيا بعض الشيء الى بيئة الخليج فانه لم يقبض الا الانتظار. لا بل الاردن لم يجن من المنظومة الخليجية حتى ماهو اقل من فكرة الانظمام الى مجلس التعاون فالسعودية مثلا طالما رفضت طلبا اردنيا باستيراد النفط السعودي باقل من اسعار السوق، وهذه قصة معروفة للجميع حتى ان الاردن كان يسد تلك الحاجة من نفط العراق ويحصل عليه باقل من السعر الحقيقي كان ذلك زمن الحصار! القصة ذاتها تكررت حتى بعد سقوط صدام حسين فمنذ عام 2006 والاردن يحصل على نفط العراق باسعار مخفضة تصل احيانا الى اقل بـ 18 دولارا من سعر السوق!
عصر الثورات العربية المفاجىء قلب كثيرا من الموازين ونسف التحفظات الخليجية تجاه انظمام الاخرين! وبعدما حصل في البحرين وجه الخليجيون دعوات الانظمام للمملكات العربية الاخرى سواء تلك التي تقدمت بطلب الانظمام في يوم من الايام او حتى من لم تقدم!
من وجهة نظر خليجية فان المعادلة السياسية اختلفت وحان وقت التغيير، والتغيير وفقا للقناعات الخليجية ليس في فسح المجال لمزيد من الحريات وتحقيق المساواة بين افراد المنظومة الخليجية بل في زيادة التمترس وتقوية الذراع الخليجي طالما دخلت المنطقة في حرب باردة وبالتالي فلابد من توسعة الرقعة الجغرافية وما يسميه البعض محاصرة ايران خصوصا وان الاردن كان يصيح عاليا محذرا من خطر الهلال الشيعي المزعوم!
من جهة اخرى فان المحور الخليجي بحاجة ماسة جدا الى زخم بشري يوازي الزخم البشري في ايران والتي يصل نفوسها الى قرابة 60 مليون نسمة تلك الظالة وجدها الخليجيون في المملكة المغربية بنفوسها التي تصل الى 30 مليون نسمة وبجيشها الذي يتجاوز ربع مليون مقاتل.
لقد تركزت فكرة التوسع الخليجي على بلدين يحكمهما نظام ملكي .. وبذلك رسالة واضحة للداخل والخارج بأن الملوك والامراء العرب هم الاكثر ثباتا في عاصفة التغيير الجديدة وانه لاقلق على مستقبل البلدان الملكية بأي شكل من الاشكال، وهذا ما يعطي حلفاء البلدان الخليجية في العالم مزيدا من الثقة التي تدفع لمزيد من التعاون المشترك.
لاينكر احد ان مجلس التعاون الخليجي ومنذ قمته الاولى التي عقدت في ابو ظبي في 25 ايار1981 بحضور المملكة العربية السعودية، دولة الأمارات العربية المتحدة، الكويت، البحرين، قطر، وسلطنة عمان، والتي جاءت استجابة لدعوة الشيخ زايد.. فانه يمثل اكثر التجمعات العربية قوة من حيث التماسك والارتباط بين اعضائه، رغم الخلافات التي يتقاسمها بعض المنظوين تحت خيمته فيما بينهم كالخلاف القطري السعودي او الخلاف البحريني القطري او غيرها من الخلافات. لكن ذلك التماسك المحدود لاينفي حقيقة اخرى ان المجلس لازال طفلا يحبو زحفا على ركبتيه ولم يصل بعد الى مرحلة يقف فيها على قدميه. كما ان تجربة العراق السلبية مع مجلس التعاون الخليجي لازالت حاضرة والتي جاءت في ظروف مشابهة تقريبا لما يحصل حاليا. المغاربة تعاملوا مع هذه الدعوة بردة فعل حذرة جدا خصوصا وانهم يعرفون الدوافع الخليجية لتلك الدعوة، وبعضهم قال صراحة: اننا نرفض تحويل القوات المسلحة المغربية الى مرتزقة للدفاع عن الخليج وتصفية الحسابات مع ايران. وفي كل الاحوال اذا ما مشت الامور وفقا لما اشتهاه الخليجيون فان المظلة القادمة ليست جوارا عربيا جغرافيا بحريا بل مظلة ملكية .. وهي مرحلة سياسية جديدة جدا في مجلس التعاون الملكي!
جمال الخرسان
[email protected]

#جمال_الخرسان (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل