أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الغريب /قصة قصيرة














المزيد.....

الغريب /قصة قصيرة


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 3365 - 2011 / 5 / 14 - 09:34
المحور: الادب والفن
    


الغريب
قصة قصيرة
أوشك الفجر على الانبلاج ولا يزال يقظا يفكر في خياراته اليومية الشبه معدومة والتي لا تتعدى النهوض باكرا، وتناول فطور بارد على عجل ثم التوجه إلى عمله اليومي الذي يهدّ الحيل وما أن تنتهي ساعات دوامه حتى يكون النهار قد ولىّ ثانية ويرى نفسه وقد لـفـّه الظلام من جديد وهذا حاله منذ شهرين يخرج من شقته ليلا ويعود إليها ليلا .
ظلّ يفكر ويفكر بالخيارات المتاحة أمامه هذا الفجر ... الفجر المعجون كغيره بغيوم رمادية داكنة ... الفجر والصباح والظهيرة واليوم بطوله محروم مثله من دفء الشمس ولونها الذهبي . فكرة واحدة ظلت تشغل حيزا كبيرا من تفكيره منذ أمس ... تفرض سلطانها شيئا فشيئا وتشعل نارا في تجويفات إرادته الجامدة .
أدار المرآة بإصبعه إلى الجانب المخصص للحلاقة الأنيقة . نظر إلى شكله ... ( وجه الـ ... ) الأنف أكبر من اللازم والعيون تبدو ذابلة ومتقوقعة في محاجرها ... وناشفة ... حتى من الدموع أما شعيرات الذقن فيمكنه عدّها واحدة واحدة قبل حلاقتها ... والوجه بصورة عامة يبدو مصفرّا ربما لأن نهاره لم يعد مختلفا عن ليله ، ولا يرى سوى الثلوج والعواصف الثلجية والأمطار والرياح المحملة بالأمطار وفي أحسن الأحوال سماءً ملبّدا بالغيوم الغامقة والتي تضفي كآبة خرساء وألوان باهتة على كل شيء .
منذ وصوله إلى ديار الغربة كان يبدو كئيبا بطريقة ما ... ففي الساعات الأولى انتبه لغياب الشمس وشعر كمن فقد شيئا عزيزا . يوم ... يومان ... أسبوع ، وعطش روحه لها يزداد منذ هروبه منها والمجيء إلى بلاد كتل الكونكريت والخرسانة والأسمنت واللون الرمادي . دعا كثيرا لكي تبزغ الشمس من جديد ولكن عبثا وكأنها مشغولة بإنشاد أحزانها في بيت من الغيوم الكثيفة .
منذ هروبه منها كان في كل خطوة يبتعد عنها تحكمه رغبة حقيقية تواقة لجوع ذكرى الاستمتاع بها حتى في قيظ ظهيرة تموز عندما كان الآخرون يهربون منها إلى الداخل .
ماذا لو أشرقت الشمس اليوم ... أمنية تدعوا للاحتفال ولكن حتى لو أشرقت أين سأذهب لألاقيها .؟ وكيف .؟ ربما هي تسطع كل يوم ... بالتأكيد تشرق كل صباح ولكني لم أعد أراها فقد انطفأت في داخلي ربما لأني بت خاليا من الحب .
ولكن هناك أكثر من طريقة لملاقاتها ثانية ... لابد أن نلتقي في يوم ما ... في الحقيقة توجد ألف طريقة وطريقة وسأختار أسهلها وأوفرها ... ليست سريعة ولكنها فعّالة ... حبل ... كل ما أحتاجه هو حبل ... دائما هنالك حبال ... أجل تتوفر الحبال في كل مكان أو يمكن صنعه من الشراشف والبياضات ويجب أن يكون قويا حتى لا ينقطع عند استعماله وعقد أحد أطرافه بقوة في السقف بطريقة ما هو المهم ... في الحمام ... أجل ... الحمام سيفي بالغرض وسيتسنى لي رؤية جسدي وهو يعاني للمرة الأخيرة ستخرج روحي ببطء وصعوبة أول الأمر سأسمع حشرجتها وهي تحاول اجتياز الحنجرة نحو الأنف ستخلص نفسها وما أن تنطلق لن تقف الا وهي تحضن الشمس طويلا حتى تذوب شيئا فشيئا ثم ستعود لترافق الجسد لمثواه الأخير ستسخر منه وستحوم حول كل الأماكن التي أحبها ... ثم ستصعد إلى الشمس ثانية وللأبد .
وكان قد كتب ملاحظة على المرآة يقول فيها : لا تحاولوا إعادة روحي إلى جسدي فقد سمحت لها بالذهاب لملاقاة حبها القديم فوق السحاب ... التوقيع مهاجر غريب .



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من شنكال ... 16
- حكايات من شنكال ... 9
- طبل وزرناية ... 5
- الأربعاء الملون
- حكايات من شنكال ... 8
- حكايات من شنكال ... 12
- حكايات من شنكال ... 15
- حكايات من شنكال ... 14
- الأصنام الخاوية
- طبل وزرناية ... 4
- صرير الابواب
- دفء العيد
- العلاج / قصة قصيرة
- طبل وزرناية ... 3
- حكايات من شنكال ... 7
- طبل وزرناية ... 2
- الناي السومري
- طبل وزرناية ... 1
- المسيح في لالش
- الوليمة / قصة قصيرة


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الغريب /قصة قصيرة