حكايات من شنكال ... 9

مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)

الحوار المتمدن-العدد: 3345 - 2011 / 4 / 23 - 09:37
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    

حكايات من شنكال ( 9 )
(9) المجنون .

ربما الكثير من المجانين وباختلاف درجات جنونهم ضحايا عقدة ( النقص ) لذا ليس من الجائز أخلاقيا أن نستهزئ بالمجنون أو نستغله لقضاء وقت ممتع من أجل المزاح كأن نصوّره فوتوغرافيا أو نصبح مهتمين لأمره فجأة ونأخذ له مقاطع فيديو من أجل نشرها بواسطة البلوتوث بأوضاع تثير الشفقة وبعبارات تثير السخرية ... لن أذكر أسماء ( مجانينا ) ولكني أنصح الذين يتعاطون هذا الشيء بمراجعة أخصائي للأمراض النفسية فهم بحاجة للعلاج أكثر من غيرهم .
لأن المجنون هو الذي يضحك عليهم وعلى الدنيا وما فيها ... وله في ذلك بعض العزاء .
المجنون هو الذي يسخر منا ... وعزاءه لا أحد يجيد طريقته في السخرية .
المجنون من يتأبط الكتب والأوراق والأقلام ليقرأ ويكتب وعزاءه الوحيد انه يتألم عندما يكتب ويتألم عندما لا يكتب .
المجنون يرى إن النوم يقظة فيهجر النوم وعزاءه في نهايته .
المجنون مقدس وعزاءه إن المتصوفة يفضّلون الجنون على العقل أغلب الأحيان .
المجنون يفتخر بجنونه وعزاءه إن العقل منبع الأوهام .
المجنون من يعجز المدح والذم عن بلوغ شعوره وعزاءه إن كلاهما كلام فارغ .
المجنون سوريالي يحاول الهروب من فكره الهارب من عقله الهارب من منطقه .
المجنون على موعد مع الحرية وينتظر دوره في قافلة الدهشة .
ليس المجنون من لا يجد الراحة إلا بعيدا عن مواطن الراحة بل هو الذي لا يرتاح عند مواطن الراحة .
جمال الجنون يكمن في عدم ملاحظة المجنون جنونه ، فلماذا نحاول تشويه هذا الجمال .؟
والجنون درجات مثلما العقل درجات ومثلما الذكاء درجات ومثلما العبقرية درجات وكل عاقل وذكي وعبقري فيه شيء من الجنون قليله أو كثيره .
هناك المجنون الصاخب وكذلك المجنون الهادئ ، والهادئ يصبح صاخبا إذا ما أثرته والصاخب يتحول إلى مؤذي إذا أذيته .
يقال بين العاقل والمجنون شعرة وكان الأجدر بنا أن نقول بين العاقل المجنون والمجنون العاقل شعرة لأن بين العاقل والمجنون أنواع عدة من الرؤوس المشعرة .
قال نيتشه مرة : يقول المجنون في نفسه ( إن مخالطة الناس تفسد الأخلاق بل هي تفسد حتى من لا أخلاق لهم .)
ويقول جبران : المجنون موسيقي لا يقل عني ولا عنك قدرا ، غير إن الآلة التي يعزف عليها قد خرجت هونا ما عن الإيقاع .
وقال نزار قباني : الشعر مهنة المجانين في الأرض وطعم الجنون طعم باهر .
أقول : ومن يدرينا ... فربما الجنون هو عشق عاصف بأوجه عدّة .
ومن أكون يا صديقي لأريك الطريق ...
ومن أكون لأنقل أشواقك ...
وأشارك أحلامك ...
نعم ، بوسعي إطعامك الليلة ...
والرقص على أكتافك ...
ولكني لا أستطيع إيقاف دمعك ...
لست ثريا ولا أملك المجد ...
ولكني سأطلب لك الحب ...
سأهديك بعضا من حروفي المزركشة ...
وكل جدائلي المسربلة ...
سأعيرك مزماري الفارغ ...
فأملأ جوفه بأنفاسك ... ورغباتك ...
وليكن قناعا للعبتك ...
لجنونك ... أوج جنونك ...
فهذا ما يهمني فيك .
مراد سليمان علو [email protected]

#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل