أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الشاعر / قصة قصيرة














المزيد.....

الشاعر / قصة قصيرة


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


الشاعر/ قصة قصيرة

(ألف الشاعر الفرنسي فيني كتابا خاصا لكي يبرهن فيه إن الشاعر لا يستطيع أن يجد له مركزا أو مكانا جيدا في المجتمع) .
هو أكثر الناس راحة في هذه الدنيا ، وقبل أن ينال الراحة الكبرى كانت مهمته في الحياة استيعاب جميع جوانب الحقيقة ثم البحث في محتواها . مهمّة عســـــيرة استعد لها ( الشاقولي ) باكرا ولكن حدث وإن نكص على عقبيه مرة ، وتذوق حلاوة أحلام اليقظة في تلك المرة، فلم تمنعه بنيته الضعيفة وعينان غائرين من ملاكمة وركل الهواء مما اضطر إلى استعمال أرقى أنواع السباب والشتائم . يشــرب الكثير من الشاي ويدخّن بشـراهة . يخرج من قوقعته ليتسكع قليلا ثم يعود أليها ثانية وهو مأخوذ بها . يحمل الكثير من المسوّدات والأقلام ، ودائم الانشغال بكتابة لم يفك ألغاز أبجديتها بعد وكأنه في حلم مسـتديم إذ من النادر أن يشـعر بوجود أحد حوله لذا تراه مندفعا في أفكاره الخاصة . ترك كل شيء يذكره بالآخرين فهو يدرك أن لا أمل يرجى منهم ، فبدا يكتفي بفرك لحيته الكثة صباحا بدلا من حلاقتها ، ويرســم ابتسامة تنم عن نصر غير معلن .
هو أكثر الناس سعادة هذا اليوم، ويستمد سعادته من قوة حدسه مدركا إن أحلامه الكبرى نابعة من روح حائرة وقلقة وهي عطشى للمعرفة ، والعطش مستحيل إطفاءه تماما مثل الفكرة التي لا يمكن أن تزول ، فكرة أن تكون ... أو لا تكون .... ، واليوم هو يوم الاستثناءات والمفارقات ، وهو يوم العبث للإنسان المتصدّع . اليوم ستنزلق روحه إلى الهاوية للملمة بقايا الألوان الهاربة . سيخترق الظلام ويأخذ بيد البسمات الخجولة التي ليس لها صلة بالأمل . اليوم هو الأربعاء فإياك والتقرب منه فهو يكتشف النفاق بسرعة ، وهو المرشد لكل الخرافات القديمة والجديدة وهو حامل الشعلة بوهجها الزائف . أنه يومه الذي يتقدم كل الأيام وبه يتسّيد كل الناس كما يتباهى به الزمن في حضور الأبعاد الأخرى ، ولكن إضافة للسعادة هناك حزن خفي مرسوم على وجهه جرّاء تأمل الوديان المظلمة والكهوف العميقة . ربمّا بسبب الأفكار التي لوّنت تأملاته الواهية فكان يقع فريسة الشرود الذهني لساعات يجوب خلالها الشرق والغرب دون أن يكون هناك من يقول له إنك وحيد .
هو فرح وجذل .... الحياة حلوة اليوم ، وكأن الجنون أصبح شعورا مريحا ، وكأن الجنون شحذ حواسه فباتت الكلمات تتدفق على لسانه . مجنون وجامح ولم يكن جموحه بلا سبب فالكلمات ترتفع من أعماق روحه لتتحول إلى قصائد وكأنها قد جمعت من رماد فلسفة جديدة أحرقها الغوغاء . كلمات غريبة . كلمات مهيبة تحفر في الأيام قوتها ولها موسيقى وضعتها الجن ، فتأبى متعتها أن تتلاشى . مجنون ومندفع وصريح كالشلال بحماسة فائقة وصارخة ليس هروبا من الضعف ممّا سبّب دّوامة من الدهشة المثيرة وسلسلة من التخيّلات النادرة أحالته رجلا جديدا قادما من عالم الأحلام . بالبحث عن كلمات ضائعة . يتفوق على نفسه . عملاق . تشعر بالارتباك وأنت تسمعه يذمّ الزمان . عملاق ستبقى ذكراه مزيجا من الأفراح والمتاعب ، وحلمه الممتد من (سيبايى) إلى المجهول لم يتأثر بأشياء خيالية يوما ، ولكن أحلامه المخنوقة فيها يعجز عن الإفلات منها . أحلام ظلها مصبوغ بالأسود الكثيف . القاتم . الكئيب ، وفي حلمه سجن ، وفي السجن أشجار سوداء اللون حزينة ، ولكن شكلها يثير الضحك ، والعشب يوحي بهموم ثقيلة وكأنه في حداد ، وعرف أخيرا إن الهواجس نابعة من رأس جدول الماء الرقراق المخادع .
اليوم أصيب بالجنون ، فاليوم عيده والجنون ذروة الذكاء ، والجنون مجد ، والجنون عمق كل شيء ويلفّ كل شيء ، وكل عام في مثل هذا اليوم . يوم العيد يقدّم كبشا عظيما وكل قصائده إلى مذبح الحب قربانا فيقبل الكبش وتحرق القصائد ، واأسفاه ... ، واأسفاه . تحوم روحه خرساء على بيوت لا زالت من طين ، وتلاحقه أصوات تقول إنما يتقبل قرابين المتقين ، ويتّقد ذلك فيه الشعلة المقدسة من جديد ، فتتكدس الأبيات والمقاطع والقصائد وحين يعلن اللون الأحمر في شقائق النعمان عن ميلاد سنة جديدة يقدمها كقربان ثانية وتحرق ثانية كما حرقت بابل .
واليوم سقط كشهاب من السماء كان في نظر الكلّ إنسانا قد تجاوز عمره الذاكرة . ضعفت إرادته بمرور الأيام وشّل تفكيره ورحل نتيجة الحب المفرط الذي يوّلد الأفكار الغريبة وتنتج عنها صراعات متعددة . طويلة وقاسية . صراعه مع



نفسه والرجوع على أعقابه حينها وصراعه مع الآخرين وأخيرا صراعه مع الموت رغم عدم تعلقه بالحياة ، ولن أنسى ما حييت حوارا بدأناه ولم ننهيه يوما حيث سألته عن سبب وجودنا ، فأجاب :
ــ نحن هنا ، وهناك لنغيّر وزن قصيدتي . !
ــ لا .. لا. حقا لماذا نحن هنا . ؟
ــ نحن هنا لأن فينا شيء من الجنون والخوف والخطايا نحن ...عقدة قصّتك ... !
ــ ولكن .. مهلا ...مهلا . ماذا عن النهاية . ؟
وكان قد ترك لي كتابة تقول : إلى الذين يقرأونني بدون خوف ، ولا يزالون أحياء . هذه أشعاري كتبتها لتلقى على مسامع كلكامش وهو يتناول نبتة الخلود ولكن تكشّفت أسراري الكامنة في قوة كلماتي التي تبطل سحر النبتة ، فهربت ولا يزال الملك يطاردني .

الشاقولي : شاعر كردي
سيباى : قرية الشاعر



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسئلة الخالدة ثانية
- مجنون بغداد / قصة قصيرة جدا
- رائحة اللحم المحترق / قصة قصيرة
- الكاتب / قصتان قصيرتان جدا
- الإعلان عن وظيفة شاغرة / قصة قصيرة
- الخريف
- استراحة المحارب / ثلاث قصص قصيرة جدا
- الحلّ / قصة قصيرة
- كتابات البعض من كتابنا...
- النهاية
- التناسخ / قصة قصيرة
- العدو
- دورة الشوارب قي الحياة
- آخر نكتة / قصة قصيرة
- مواسم الهجرة
- رجل من الشمال / قصة قصيرة
- غدا ساحزن
- نشيد الجوع / قصة قصيرة
- يوميات مهاجر
- قصة قصيرة


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الشاعر / قصة قصيرة