أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - رائحة اللحم المحترق / قصة قصيرة














المزيد.....

رائحة اللحم المحترق / قصة قصيرة


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 11:54
المحور: الادب والفن
    


رائحة اللحّم المحترق


ارتدت ملابس إضافية وسارت بهدوء مريب إلى الحمّام حاملة بيمينها عبوة بلاستيكية سعة لتران ونصف مملوءة بالكيروسين . جلست القرفصاء في أحدى زوايا الحمّام . تنهّدت . أغمضت عينيها وهي تبحث عن القدّاحة في جيوبها ... تبّا لقد نسيت أن احضرها . عليّ العودة إلى غرفة المعيشة ، فالوغد لديه أكثر من واحدة مرمية عند سيكايره . الكلب قال لي إنه سيترك التدخين عندما نتزوج . قالها أكثر من مرة وأقسم على ذلك ولكنه لم يوفي بقسمه مثلما لم يوفي بوعوده . أيا من وعوده الكثيرة .... وعود ... مجرد وعود . كلها كانت وعود كاذبة ، ونزلت من كل عين دمعة ساخنة رغما عنها .
نهضت بتثاقل غير راضية عن حظهّا حتى في محاولتها الانتحار ، دخلت الغرفة . تناولت المقدحة ، وسمعت بكاء طفلتها ... بهار ... أوه يا طفلتي . أسرعت إليها بلهفة . انحنت ومدّت يديها ثم رفعت الطفلة إلى حضنها وأخرجت ثديها وألقمتها الطفلة وما أن التقطته حتى كفت عن الصراخ .... يا عيني لقد هدّها الجوع والحرّ ... يا ترى من سيرضعك بعدي يا سيئة الحظ يا أبنتي .؟ ثم اغرورقت عيناها بالدموع ثانية .
فلتعيشي مائة عام ... وأرجعت الأم أبنتها إلى المهد وقد شبعت ونامت ثانية . لو تعرفين ما أعانيه يا ابنة . إنه وقت حرج ومفترق طرق وقد اخترت الخلاص ... الخلاص من الوعود الموعودة من أبيك الكاذب . آه ... لكم كانت أياما حلوّة أيام مليئة بالأفراح والضحك ... كان يضحكني كثيرا . يقول نكات مبتكرة ويفعل أي شيء ليرضيني . يجلب الكثير من الهدايا ويقطع الكثير من الوعود ، وكنت أصدقه ... دائما كنت أصدقه كنت أصدق أي شيء وكل شيء يقوله ربما لأني بدأت أحبه أيضا.
ــ احبك أكثر من أي شيء آخر .
ــ وأنا احبك ... كنت أقولها بخجل ... فتتورّد خدّاي جراءها ... وابتسم ، فيفقد صوابه .
ــ احبك أكثر من كل شيء في الدنيا ، وأوعدك ثانية أن أعمل على إسعادك ما حييت .
ــ أهم شيء أن نستقل بأنفسنا ... تدري عائلتكم كبيرة و...
ــ أوعدك ما أن نتزوج حتى يكون لنا بيتنا الخاص .
خدعني . كان يلعب بعواطفي قبل الزواج وبات يلهيني بعد الزواج . لم نستقل في بيت خاص بنا بل في غرفة حقيرة في بيت أمه وتحّول البيت إلى جحيم بالنسبة لي . غسل تل من الملابس المتسخة كل يوم وطبخ تل من الرز واللحم والمرق كل وجبة وغسل تلال من المواعين وتنظيف البيت ناهيك عن طلبات الباشا عندما يأتي . شاي . منفضة سكاير .قدح ماء . وجبة طعام خفيفة ، ثم شاي ثانية ، وإذا ما كلمته عمّا أعانيه أو شكوت له يضحك قائلا لست جادّة أليس كذلك ، وفوق كل هذا وأصعب شيء عدم رضا حماتي عني وتجهّم وجهها المستمر وكأني أنا التي خطفت منها ابنها ، ولم تكن علاقتي بأفضل حال مع الآخرين . تملئهم الأنانية يعاملونني كخادمة وأنا هنا لألبي طلباتهم التي لاتنتهي .
عادت للحمّام ثانية وبيدها المقدحة الغازيّة هذه المرّة وهي تلوّح بها وكأنها تهدّد أحد ما . اتخذت نفس هيئتها الأولى في نفس الزاوية . قرّبت عبوة الكاز الأبيض وأخذت تمسّدها وكأنها تغازلها ... ماذا نسيت .؟ هل نسيت شيئا .؟ وهل أبدو بحاجة لتذكر شيء ما .؟ سأترك له جسما متفحما .. مشوّها .. غريب اللون .. غريب الشكل . تفوح منه رائحة الاحتراق سأثير اشمئزازه . لن يجروء على الاقتراب مني سيتقيأ سيصرخ ليس لأنه فقدني إلى الأبد بل لأنه سيفتقد جسمي البض المتناسق الشهي الذي طالما أستمتع به ، ولكن ليس بعد اليوم . إنه يعبده . يناجيه ولكن لربع ساعة فقط ثم يكفر به ثانية



ويشيح عنه ، فليتذكر . إنه دوره ليتذكر . سيتذكر كل شيء . كل التفاصيل . كل يوم وكل ساعة . لقد خدعته مثلما خدعني تركت له البنت الصغيرة وكلما يراها سيتذكرني سيعّض شفته وأصبعه سيندم على كل شيء سأجعله يندم على كل شيء .
وبهدوء لم تعهده في نفسها من قبل فتحت غطاء العبوه ورفعتها بكلتا يديها لتصب محتواها على جسمها كل جسمها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها تم تناولت المقدحة . قدحته وأغمضت عيناها وقرّبته لصق صدرها وكأنها تقول انه قلبي الذي يوجعني وبلمح البصر انتشر اللهيب في كل جسمها وأصبحت قطعة مشتعلة من النار . بقيت المرأة الشابة جالسة القرفصاء في زاويتها دون أن تنبس ببنت شفّة إلى أن تحولت إلى مايشبه تمثال من لحم محترق نتن الرائحة .



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب / قصتان قصيرتان جدا
- الإعلان عن وظيفة شاغرة / قصة قصيرة
- الخريف
- استراحة المحارب / ثلاث قصص قصيرة جدا
- الحلّ / قصة قصيرة
- كتابات البعض من كتابنا...
- النهاية
- التناسخ / قصة قصيرة
- العدو
- دورة الشوارب قي الحياة
- آخر نكتة / قصة قصيرة
- مواسم الهجرة
- رجل من الشمال / قصة قصيرة
- غدا ساحزن
- نشيد الجوع / قصة قصيرة
- يوميات مهاجر
- قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - رائحة اللحم المحترق / قصة قصيرة