أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية عن دواوين الشَّاعر الأب يوسف سعيد 1














المزيد.....

دراسة تحليلية عن دواوين الشَّاعر الأب يوسف سعيد 1


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 23:19
المحور: الادب والفن
    


رحلة فسيحة في رحاب بناء القصيدة عند الشَّاعر الأب يوسف سعيد

بقلم: صبري يوسف

أخَذَتْ قصيدة الطُّفولة من ديوان (السَّفر داخل المنافي البعيدة) للشاعر الأب يوسف سعيد*، وقتاً مطوَّلاً منّي، وكلَّما كنتُ أقرأها كنتُ أجد شيئاً جديداً، وما وجدتُ نفسي إلا وأنا غائصٌ في عالم هذا الشَّاعر المتدفِّق شعراً، مستمِّداً رحيق أشعاره من عالم الطُّفولة الرَّحب تارةً، ومن عالم الحياة تارةً أخرى. أيُّ عالم شفَّاف هذا الّذي يغرف منه الشَّاعر توهُّجات شعره المتلألئ في الذَّاكرة البعيدة!
قصيدة الطُّفولة هي أشبه ما تكون بترتيلة الحياة، حياة الشَّاعر نفسه، إنّه يرغب عبر نصّه الشِّعري العودة إلى نقاء الطُّفولة، إلى الماضي الحميم، رغبةً منه في تجسيد هذا العالم المكتنـز بالصَّفاء ونزوعه إلى الحرّية، رغم قساوة الحياة الّتي عاشها! .. ومن خلال دراستي وتحليلي لهذه القصيدة، تبيّنَ لي أنَّ الشَّاعر أسقط بين ثنايا نصّه دلالات فكريّة وحياتيّة واجتماعيّة ورؤاه الكثيفة في الحياة وموقفه منها دون أيِّ تحفُّظٍ وكأنّه يتلو في حالة انتشاء ترتيلته المفضّلة من أخصب وأنقى محطّات عمره، حيث يبدو واضحاً أن الشَّاعر كتب قصيدته بكلِّ مشاعره وأحاسيسه وأحلامه ودمه وأعصابه، فهذه القصيدة هي أنشودته الروحانيّة الشَّفَّافة، والّتي انبثققَت من نقاط دمه، حيث يقول:
" أتركُ نقاط دمي على جوانب محبرة،
بعض هذه النِّقاط انساب كدهنٍ مهراق، ....
أشيِّدُ أعشاشاً لطيورٍ مصنوعة من دم الكلمات" ..

وهناك أمثلة كثيرة تشير إلى أنَّ الشَّاعر ملتحم بكلّ مشاعره وأعصابه ودمه مع بناء القصيدة، فيعلنها صراحةً ويقول:
" هذا العالم أعصابه من دماء الشِّعر، ..."

طرح الشَّاعر موضوع الحرّية، ويبدو أن الشَّاعر يتوق توقاً عميقاً إلى الحرّية والتَّسامي والارتقاء والتَّأمُّل، وهذه الخصائل تشتركُ مع بعضها في مسألة صفاء الرُّوح ونبلها وسموِّها، حيث يقول:
"نفسي وهي في انتعاشتها المتسامية تحتسي شوقاً من مياه ينابيعها".
" جدائل ليلي قرب ساقية تروي شجرة التَّأمُّل" ..
" نسوةٌ قرب سريري يحدثنني عن هلاكي المؤجّل،
بينما أراقبُ كوكباً كبيراً، متمنِّياً الارتقاء إلى دياره،
هل في أحواضه السَّماويّة زنابق من نوع ٍآخر؟!" ..

هناك توق شديد لدى الشَّاعر للارتقاء والسُّموّ نحو أحضانِ السَّماء، وقد تلوَّنت شفافية روحه بهذا النزوع نحو عالم السُّموّ والارتقاء، ربّما لكونه أبّاً روحيَّاً، عمل أكثر من نصف قرن من الزَّمن في عالم الكهنوت وما يزال (يمارس طقوسه الكهنوتيّة رغم تقاعده عن العمل)، جنباً إلى جنب مع عالم الشِّعر، المتعطِّش إلى سماء القصيدة، سماء الرًّوح، سماء الإبداع، سماء الأب يوسف سعيد، وسماؤه لها نكهة خاصّة، نراها مطرّزة برحيق الكلمة، المتطايرة من تعاريج الحلم!.. مستمدّاً من رحاب رؤاه الحلميّة بناءً مختمراً في ذاكرة الشَّاعر التواّقة إلى مزج الواقع بالحلم والخيال فتأتي القصيدة متفرٍِّدة في بنائها وأسلوبها، حيث يقول:
" انّي أستيقظُ في ظهيرة النَّخيل،
أبحث عن مدنٍ متعرِّجة القلب، ...
انّي أحلم برائعِ نسكي،
وتصوُّفي أرجوزة خالدة" ..

" يوميّاً دجلة مع سرادقهِ البيضاء ينام في سفوحي" ..
"أحلم أن أنام على عتبات من مصاطب المرمر" ..
" كنتُ وحيداً مع أحلامي " ..

إنَّ ما يميِّز أسلوب الأب يوسف سعيد عن غيره من الشُّعراء هو عفويته في الكتابة ودمج نزوعه الصُّوفي الشَّفّاف مع رؤاه السُّورياليّة النابعة من تراكمات الحالات الحلميّة، ورؤاه المستمدّة من تجربته الحياتية الفسيحة في عالم الكلمة، حيث يقول:
" يخرج حلم المجدليّة من أحلامي" ..
"..ترشقني سهام الأحلام" ..
"وحدها الفراشات تستريح على أجنحة البرق" ..

هذه الصُّورة الشِّعريّة تحمل بُعداً عفويّاً مجنّحاً في عالم الإبداع! .. مع العلم أنّ الفراشات لا يمكن أن تستريح على أجنحةِ البرق، ولكن طالما ارتأى الشَّاعر أن يقول ذلك، فما علينا إلا أن نسمعَ إليه، دونما أن نناقشه في كيفيّة بناء هذه الصُّورة الغرائبيّة، لئلا نجرح أحاسيس (فراشات) الشَّاعر، لأنّه كما أنَّ للشاعر حساسيّة أدبيّة من نوع خاصّ، كذلك لفراشاته استراحات من نوعٍ خاصّ!



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضارة العصر مرتكزة على التواصل الفكري والإنساني
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 10
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 9
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 8
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 7
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 6
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 5
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 4
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 3
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 2
- حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 1
- تفجِّرينَ جموحاً شعرياً على خضمِّ الوفاءِ 50
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 4
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 3
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 2
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 1
- تعالي على أجنحةِ الرِّيحِ 49
- قفشات والدي مع الفنان عمر اسحق
- تشبهينَ حلماً هائجاً 48
- صوتُكِ متلألئٌ بنداوةِ الحنينِ 47


المزيد.....




- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية عن دواوين الشَّاعر الأب يوسف سعيد 1