أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - آليات الكتابة السردية














المزيد.....

آليات الكتابة السردية


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 24 - 20:18
المحور: الادب والفن
    


غالباً ما يتساءل الناقد والقارئ المحترف، بعدما يفرغان من قراءة رواية جيدة، عن الكيفية التي كتب بها الروائي عمله. أي عن أسلوبه وآليات السرد وأنساقه التي استخدمها في عملية الكتابة. وقد يتحريان، كذلك، عن المصادر الأدبية والواقعية والتاريخية التي استقى منها الكاتب أحداث روايته. ويهتم الكتّاب بهذا الأمر أكثر من القراء الاعتياديين الذين يكتفي معظمهم بالإحاطة بالمتن الحكائي ومعرفة نهاية القصة ومصائر الشخصيات. وربما حاول بعضهم تمثل المعنى الكامن في تلك القصة والمغزى من وراء سردها من غير اهتمام جدّي بمعضلات البناء السردي. لكن كاتباً بقامة أمبرتو إيكو؛ الباحث والناقد الأدبي والروائي الكبير لا بد من أن تشغله تلك المعضلات إلى حد بعيد. وهذا ما يتناوله في كتابه ( آليات الكتابة السردية/ ترجمة سعيد بنكراد/ دار الحوار.. سوريا، ط1/ 2009 ) أما أسئلته بهذا الصدد فتنصب على تجربته في كتابة الرواية، لاسيما روايته الأشهر ( اسم الوردة )؛ وهي أول نص سردي كبير يقوم بكتابته ونشره بعد ثلاثين سنة من البحث في المجال النظري النقدي، هو الذي يعد معلم السيميائيات بامتياز. وقد كتب روايته آنفة الذكر بعد اقترابه من سن الخمسين.
يتحدث إيكو عن المشكلات التي واجهها في أثناء كتابته لروايته. ويبدو أن روحية الناقد فيه كانت يقظة جداً، وقد حسب كل شيء بدقة مفرطة.. لم يكن على عجلة من أمره، فليتأخر إنجاز الرواية وصدورها سنة أو سنتين. وهنا يعطي درساً بليغاً لأولئك الذين يعيشون حالة إسهال في كتابة الروايات ونشرها من غير اعتبار لمقتضيات المعرفة والفن وأفق انتظار القراء.
اقتبس إيكو العنوان من بيت شعري ورد في كتاب لراهب من القرن الثاني عشر الميلادي؛ "إن اسم الوردة الماضية لا زال قائماً، فمن الوردة نستخلص الكلمة الخالصة". ويدرك إيكو أن الوردة "صورة رمزية مليئة بالدلالات لدرجة أنها تكاد تفقد في نهاية الأمر كل الدلالات". وقد صرّح ذات مرة بأنه اختار هذا العنوان لأن الوردة لا اسم لها. فهو منذ البدء يضع قارئه في جو من الحيرة والشكوك والإثارة. إنه يعوِّل على قارئه وينتظر منه رأياً "فلا شيء يواسي مؤلف رواية ما سوى اكتشافه لقراءات اقترحها القراء ولم تكن لتخطر له على بال".
ليس من حق الروائي أن يؤول عمله لأنه بذلك سيغتصب حقاً أساسياً من حقوق المتلقي. فالرواية هي؛ "آلة مولِّدة للتأويلات". وقوة أية رواية تكمن في كونها قابلة على تفريخ عدد منوّع ومتنافر من التأويلات التي يخلص إليها النقاد والقراء.
اختار إيكو فضاء روايته ديراً بندكيتياً معزولاً من القرن الثاني عشر.. كان مغرماً بالقرون الوسطى التي يراها في عمق الأشياء الحاضرة. وقد تقمص رؤى أشخاص من ذلك الزمن، أي أنه استعار عيونهم وكيف تنظر إلى أشياء العالم في حينها، كي يشحن روايته بالصدق ويجعلها مقنعة. وبقي سنتين يجمع المعلومات ويرسم الخرائط والتصاميم ويدوِّن سيراً لعشرات الرهبان، والتي سيهمل كثيراً منها لأنها لا تفيد عمله لكنها تعزز أسلوبه في البناء السردي. كان يصمم عالماً متخيلاً في ذهنه ليقينه بأن "الكلمات ستأتي فيما بعد من تلقاء نفسها، فامتلاك الأشياء سابق على وجود الكلمات".
صحيح أن الرواية صنيعة تخييل، لكن هذا لا يلغي إمكانية وجود قواعد ومحددات وإكراهات.. يقول؛ "علينا أن نقيّد أنفسنا بإكراهات لكي نبدع بحرية". وقد كتب رواية ذات علاقة صميمة بالتاريخ، والشخصيات التي اختارها لابد من أن تتصرف وتسلك بحسب القيم والمعايير التي كانت سائدة في بيئتها، حتى وإنْ كانت ثمة أحداث خارقة للواقع في النص.. يؤكد إيكو؛ "إن الشخصيات مرغمة على الفعل وفق قوانين العالم الذي تسكنه، وأن السارد أسير مقدماته".



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغبش
- سيرة ظل
- ثورة الشباب العربي: حول أدوار المثقفين
- الثقافة التحتية ومثقفو الهوامش
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 9 وجهتا نظر عربيتان
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 8 غودولييه.. جوناثان ري.. وآ ...
- ثورة الشباب العربي: الدخول في عصر ما بعد الحداثة
- موسم سقوط الثقافة السياسية الفاشية عربياً
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 7 كاسترياديس.. جون مولينو
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 6 ألتوسير.. ريجيس دوبريه
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 5 سارتر والماركسية
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 4 مدرسة فرانكفورت ونقد أسس ا ...
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 3 غرامشي.. لوكاش
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 2 من كاوتسكي ولينين إلى الست ...
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية: 1 مدخل
- مأزق النقد
- بين الرواية والفلم
- امرأتان وثلاثة رجال ( قصة قصيرة )
- في مديح القصة القصيرة
- كتب قديمة مستعملة


المزيد.....




- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - آليات الكتابة السردية