أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هادي الخزاعي - نوازع الحكام كي يبقوا حكاما ... النماذج عديدة















المزيد.....

نوازع الحكام كي يبقوا حكاما ... النماذج عديدة


هادي الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 24 - 13:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يدوم الحاكم أو فئة او حزب في القيادة او الحكم ، تتحول القناعات عندهم الى وجوب أن تستمر قيادتهم او حكمهم للبلاد والعباد طويلا ،وصولا الى الأبدية .
لذلك لما تنتهي مبررات قيادتهم أو حكمهم ، ولأي سبب كان ؛ فإنهم لا يعدمون أي وسيلة يمكن ممارستها ؛ من أجل أن يبرروا بقائهم قادتا أو حكاما أبديين ، فيُنَظِروا لنوازعهم تلك كما يحلوا لهم ، ولا يهمهم رأي الآخرين على الأطلاق .

وكان كتاب الأمير للسياسي الأيطالي المخضرم مكيافيللي (1469 - 1527 ) * ، أول تنظير مكتوب لتسويغ إستمرار الحاكم بالحكم ، تحت شعار سادي هو ( الغاية تبرر الوسيله ) .
فنصيحة مكيافيللي الشهيرة للأمير حتى يبقى حاكما ، تقضي بوجوب أن تجتمع لديه كل الصفات الجيدة والحميدة التي هي موضع الفخر لدى كل الرجال الأخلاقيين ، الذين يفتخرون أمام الشعب بتلك الصفات حين يحولها الى سلوك يومي ، ليقال عن الذي يتبنى ذلك السلوك حسب كتاب الأمير : إنه كريم وصادق وشهم وشجاع ومحافظ على العهد والوعد .
ولكن جريرة مكيافيللي إنه الى جانب هذا الذي يمكن تسميته بالوسيلة أو النصيحة الطيبة ، كان يبحث في وسيلة شيطانية ، كي يحتفظ الأمير بالحكم ؛ ولما وجدها وضعها الى جانب العديد من نصائحه الطيبة التي كانت تتميز بها أخلاقيات النبلاء ، فقد أشار عليه بأهمية مضاعفة وجوب استخدام سلوك معاكس لكل معاني تلك المبادىء عند الحاجة الى هذا السلوك ، ودون ورع من أجل أن يبقى حاكما ، ومن أجل أن تتحقق سطوته الكاملة على الأرض والبشر على السواء ، سواء إلتزم بتلك المزايا الأخلاقية أم لم يلتزم .
ولهذا استحالت نصائح مكيافيللي مع مرور الزمن الى نصائح شيطانية ساهمت بتغيير مجرى العالم ، لينهل منها كل الحكام الدكتاتوريين في العالم سابقا وحاليا تحت مبرر الوسيلة الشيطانية ( الغاية تبرر الوسيلة ) .

نماذج حكام تنطبق عليهم قواعد مكيافيللي

+ الملك عبد الله الثاني ملك الأردن .
تعج الأردن بحراك سياسي جماهيري تشارك به كل الفئات والطبقات والشرائح المجتمعية السياسية الأردنية ، ولكن أي منها لم يطلب تغيير الملك ، وإنما أصلاح الحكومة ، ذلك لأن الملك عبد الله الثاني تطابقت عليه واحدة من وصايا مكيافيللي المهمة التي تقول : حيث أن الأمير الشرعي المقبول من شعبه الذي لا توجد له رذائل مفضوحة أمام الناس ، لا يحب شعبه التخلص منه ، ومن الطبيعي لشعبه أن يتمسك به .
والملك ورث عن ابيه شرعية الحكم وشرعية القبول به حاكما لأنه بلا رذائل أخلاقية تمس الناس ، سوى رذيلة أن يكون حاكما بقوة الأعوان !

+ السلطان قابوس سلطان عمان .
نفذ كل ما احتوتها نصيحة مكيافيللي التي تقول " فسيصبح العلاج متأخرا عن موعده ، وتستعصي العلة . ويحدث هنا مثلما يحدث في الحُمًيَات غير المستقرة ، فالأطباء يقولون لإنها في بدايتها تكون صعبة التشخيص ولكن سهلة العلاج ، بينما تكون سهلة التشخيص ولكنها صعبة العلاج وهي في نهايتها " فُحَلَ الوزارة حال بدأ الأنتفاضة في السلطنة ، وأنشأ أخرى نفذت ، لا كل التطلبات ، ولكنها حققت نجاحا في تنفيذ الطلب الأهم وهو أيجاد فرص عمل للعاطلين ، فسكنت الأمور حتى ولو مؤقتا ، لأن حراك الجماهير كالعنقاء ، سرعان ما تنهض من رمادها .
لقد سلك السلطان سلوك الأمراء الحكماء " الذين لا ينظرون الى إضطرابات الحاضر فقط ، ولكن أيضا الى ما سيقع منها في المستقبل " والسلطان قابوس سلك سلوك الحكماء ، وكما يقول مكيافيللي " أنه مسلك الرومان " الذين اتصفوا بالحكمة في التعامل مع الشعب .

+ الملك عبدالله ملك السعودية والصباح أمير الكويت .
من أجل أن يكونوا محبوبين ومقبولين من شعوبهم ويمتصوا كل عدم القبول الشعبي الذي يسكن كجمر داخل الرماد ، وتطبيقا لنصيحة مكيافللي، فقد وزع الأول ستة وثلاثون مليار دولار على مواطنيه بعد بداية حراك الناس في المنطقة الشرقية . علما بأن النظام السعودي قد القى القبض على 136 ناشط سياسي منذ بدأ الحراك الجماهيري في المنطقة .
أما الثاني فقد وزع مليار دولار قبل أن يجري أي حراك جماهيري في دولته ، لكنه وضع في حسبانه ، أنه ربما يترك الحراك الجماهير في المنطقة تأثيره على المجتمع الكويتي فيحدث ما لا تحمد عقباه ، لاسيما أن أعضاء البرلمان الكويتي يدخلون في تقاطعات مستمرة مع الحكومة التي أغلبها من العائلة الحاكمة غير المحبوبة من قطاعات غير قليلة من الشعب الكويتي ، لذا فقد أحتاط أمير الدولة للأمر فقام بتوزيع تلك الأموال على الشعب ، لسد الأفواه ، ومن أجل أن يبقى هو أميرا .

+ الملك محمد السادس ملك المغرب وبوتفليقه رئيس الجزائر .
حين بدأ الحراك الجماهيري في المغرب ، أمر الملك محمد السادس بجملة إجراءات إصلاحية سريعة لأمتصاص ثورة غضب محتملة لجماهير مغربية متضررة من أداء الحكومة المغربية ، مضافا لها العنف الذي كان يتصدى للتظاهرات بقوة ، وفعلا سكنت حماسة الجماهير بعد تلك الترقيعات الجزئية وبعد عنف قوى الأمن .
وأما بوتفليقه فوعد وتوعد الجماهير التي خرجت هنا وهناك وهي تطالب بالأصلاح وإلغاء قانون الطوارىء المكبل لحريات الشعب الجزائري ، ولربما لن يمر وقت طويل بعد أن ألغي ذلك القانون حتى تفتح الباب لحراك جماهيري مطلبي سلمي ، ينسجم والحرية التي يتيحها إلغاء حالة الطوارىء .
وكلا الأثنين عملا بنصيحة مكيافيللي في الترقيع بالأصلاح ليمتصوا تسونامي الحراك الجماهيري ، ولا يبدوا إنهم نجحوا الى نهاية المشوار ، إذ ينتظرهم تسونامي حقيقي يكتسح حكمهم من الجذور ليقام بدله الحكم الذي يعمل بآليات ديمقراطية . ففي المغرب اعلن هذه الأيام العديد من الأطر الشعبية المغربية استعدادها للقيام بتظاهرات من أجل الحرية والأصلاحات . وفي الجزائر يتظاهر هذه الأيام ، العاملون في قطاع التربية من أجل تحسين أوضاعهم .

+ أمراء قطر والأمارات الشيوخ حمد آل ثاني وخليفه آل نهيان .
زجوا دولهم وشعوبهم سياسيا في معمعان المستجدات السياسية في المنطقة ، فأنتصروا للشعوب المنتفضة ضد حكامها الشموليين كليبيا واليمن ومصر فلاذت شعوبهم بالصمت . وهو يشبه اسلوب الهروب الى الأمام ، بعد أن لاحت إرهاصات حراك مجتمعية جنينية هنا وهناك في دولهم . وهم بذلك كانوا اوفياء لنصيحة مكيافيللي التي تقضي أن يكون للحاكم بعد نظر وقدرة على التنبأ ، فيسبق به الجميع في رؤية ما يمكن أن يحدث لاحقا لتفادي الخطر .

+ ملك البحرين آل ثاني .
حين تزلزل نظام الحكم ، وأصبح الخطر قاب قوسين من كرسيه . كان ملك البحرين قد أدار لعبة التعاطي مع معارضيه بذكاء مميز ، فتحاور مع الحراك الجماهيري الذي كان يطالب بملكية دستورية ، وقد أقتربت هذه الجماهير من تحقيق مطالبها ، لولا إن كل كتلة جليد الطائفية قد طفت على سطح مشهد الحراك البحراني ، وصولا الى تهديد العرش بالسقوط ، الأمر الذي إضطر فيها الملك للإستنجاد بقوات درع الجزيرة . وسرعان ما توقف نبض الأنتفاضة البحرانية رغم إن قلبها لما يزل ينبض بقوة .
وهوبذلك قد طبق النصيحة الشيطانية التي تقضي من الأمير ، ألإستعانة بالأجنبي عند إقتراب الخطر من عرشه ، فدخلت القوات السعودية والأماراتية المنامة تحت عنوان المساعدة في حفظ الأمن بناءا على مهمات تلك القوات ، كونها تمثل قوة درع الجزيزة .

+ غبا غبو رئيس ساحل العاج وعلي عبد الله صالح اليمني والقذافي الليبي واحمدي نجاد الأيراني والأسد السوري والبشير السوداني .
يشتركون جميعهم بعدم الأهتمام بالدم الذي يراق على الأسفلت والطرقات من أجل أن يبقوا حكاما حتى ولو بدون شعب . فمكيافيللي يقول في واحدة من نصائحه الشيطانية الى الأمير " ولكي تملكها بسلام ، يجب أن تُمحى من الوجود كل تلك الأسر التي يمكن أن تحكم " . ربما البشير القومي العربي المسلم قد وافق على تقسيم السودان حتى يؤجل إزاحته من سدة الحكم رغم انه لا يمتلك من الذكاء السياسي غير عصاه التي يراقص بها العقل السوداني البسيط الذي تكون دورات سباته طويلة نسبيا .
إن هؤلاء الحكام يترجمون بدقة خلاصة نظرية مكيافللي الموجهة الى الأمير ( الغاية تبرر الوسيلة ) .

+ دولة الرئاسات الثلاث في العراق .
جلال الطالباني والمالكي والنجيفي . أي منهم لم يتقيد بكامل وصفة ونصائح مكيافيللي الطيبة ، وكل حسب موقعه . كما أن أي منهم لم يضع هاجس مكيافيللي غير الشيطاني في إعتباره الكلي ، والذي يشير الى أهمية التشخيص والعلاج حيث يقول " وهذا هو الحال في أمور الدولة . فإنا نرى الخطر المتوقع قبل حدوثه فيسهل علاجه . ولكن إذا تركناها تستفحل ويعرفها الجميع فلن يوجد لها أي علاج وهذا كله بسبب قصر النظر " ولكنهم لم يروا ، أو إنهم لا يريدوا أن يروا الخطر المحدق والمتربص بالعراق وشعبه ، سواءا من قبل المحيط الأقليمي والدولي أو من القوى الداخلية التي تعيث بأمن العراق وخيراته ، وكأن قصر النظر ملازم لجميعهم . غير إن نظرهم يتحول الى أبعد من البعيد حين يتعلق الأمر بالمصالح وهوى المواقع والكراسي التي يفترس كوحش كاسر ، كل خبرتهم وتجربتهم السياسية التي يدعون .

فالرئيس الطالباني لا يعنيه شأن العراق غير أن يكون رئيسا للجمهورية العراقية حتى ولو كان بدون صلاحيات ، ولكن حسن النية التي توجت أغلب تصرفاته كرئيس جمهورية ، ليس لها من ثمار ملموسة ، ولم يملك غير أن يؤكد او يشير أوينصح على ما يجب أن يكون فقط ، كذاك التأكيد الذي اتفق به مع وفد الحزب الشيوعي العراقي الذي زاره في 16 نيسان الجاري ، حيث أكد الطرفان على " إن العراق بلد غني بثروته ، لكن ما يحتاج اليه هو حسن الأدارة وتكاتف الجهود وتعزيز التعاون بين القوى والأطراف السياسية ، وإتباع السياسات الحكيمة والتخطيط السليم من أجل إدارة البلد إدارة حضارية مثمرة "
ولابد من ذكر أن هذا التوصيف للمشهد العراقي الذي جاء عبر ذلك التأكيد المشترك ، إنما هو توصيف واقعي دقيق للوضع السياسي والأجتماعي والأقتصادي الذي يعيشه العراق ، والذي يتطلب من رئيس الجمهورية أن يكون له دور في تغيير مساراته الى الأتجاهات التي أشار لها التأكيد . ولكننا لم نلمس للأسف من نتائج لهذا الأتجاه .

أما النجيفي فكأنه وقد مسك العروة الوثقى حين صار رئيسا للبرلمان ، وبدلا من أن يفعل عمل البرلمان نراه يوافق على تعطيله عشرة أيام لشأن لا يمس يوميات أدارته لجلسات البرلمان ، وإنما يمس صلب عمل السياسة الخارجية للدولة العراقية . او تراه يتباطأ في التعجيل بعرض قوانين بعينها على مجلسه
، وهي قوانين ذات أهمية قصوى لأستقرار وتنظيم الحياة السياسية اليومية والأجتماعية للعراقيين وهو بذلك يفتقد أو يتناسى حس الفراسة والأستقراء الذي يجب أن يتمتع به ، ولكنه بالرغم من كل ذلك ، فإن عمله في ادارة المجلس قد رافقته الكثير من المهنية والموضوعية التي ترضي طرفا ويستنكرها طرف آخر بطبيعة الحال ، كما حدث في الجلسة التي جرى فيها عرض أسماء نواب رئيس الجمهورية على مجلس النواب للتصويت عليها والتي جعلت من كم معين من النواب الى رفضه وصولا الى تنحيته من رئاسة المجلس .
أما ما يتعلق بالمالكي رئيس وزراء العراق الذي يمسك بكل الصلاحيات بما فيها أهم ثلاث حقائب وزاريه ، فليس له من هم غير المغانم التي يحصل عليها هو وحزبه ومن يحيط به ـ ولا أقول قائمته ( دولة القانون )ـ ، وتحت أي ذريعة ، وهذا ما يجعل الحاكم غير مقبول من قبل الشعب ، فقد أكد مكيافللي ما يلي : - إن أول ما يجعل الأمير مكروها ، هو أن يكون جشعا وأن يغتصب ممتلكات رعاياه .

إن تبني المالكي للمحاصصة الطائفية والحزبية كان واضحا في سلوك أدارة الحكومة العراقية التي يقف هو على رأسها سواء للدورة السابقة او الحالية.
ولعل لأستقالة السيد جعفر محمد باقر الصدر من البرلمان ودولة القانون رغم حصوله على اكبر عدد من الأصوات بعد المالكي ولو بفارق كبير ، ما يشير الى الهوة الكبيرة بين أعضاء دولة القانون المستقلين وأعضائها من حزب الدعوة . فالمبررات التي صرح بها السيد جعفر لوسائل الأعلام تشير الى التهميش الذي يعاني منه العديد من أعضاء دولة القانون المستقلين ، ففي تصريحه لأنباء المستقبل في 19 شباط قال " هناك مجموعة من الأفراد في دولة القانون يحتكرون إصدار القرارات وتسيير القائمة على حساب الآخرين وتجاهلهم من دون الأخذ بعين الأعتبار بقية الأعضاء " . ثم يضيف في نفس التصريح " لقد وجدنا تعميقا للتكتلات والمحاصصات حتى داخل الكتلة الواحدة يقابله بروز وسيطرة أعضاء آخرين " .
وقد عبرت عن ذلك بشكل عملي النائبة صفيه السهيل حينما شكلت لوحدها رأيا مستقلا داخل الأئتلاف الوطني العراقي وهي محسوبة على دولة القانون ، ناهيك عن أختفاء اسماء ديمقراطية لامعة من المشهد السياسي العراقي بعد إنضمامهم الى دولة القانون أو الأئتلاف الوطني العراقي أمثال السادة مهدي الحافظ وعبد الأله النصراوي ونصير الجادرجي وغيرهم .
لقد تطابقت ملاحظة مكيافللي التي تقول " على الأميرأن لا يهتم بالمؤامرات إذا كان الشعب يناصره ويحبه ولكن إذا كان الشعب يكرهه ويعاديه فعليه أن يخاف من كل شخص " وقد وصل كمال الساعدي الى هذا الأستنتاج في مشادته مع المالكي التي قال فيها حسب وكالة أور نيوز في 30 آذار " لقد وضعتنا بوجه المدفع وأنزويت بعيدا .. العراقيون يكرهوننا نحن.. ويعلمون إننا يدك التي تبطش وعينك التي ترى .. نحن نتجسس لك حتى على حلفائك " .
فمن المؤاخذات الجدية على سياسة المالكي المستمدة من فقه حزبه ، هو غرقه في مستنقع نظرية المؤامرة الذي يدوف بها جل خطاباته المدروسة والمرتجلة . إذ انه في أدارته للحكومة سواء لهذه الدورة النيابية أو التي سبقتها كان متسما بالفشل ولم يحقق للناس أي تقدم ملموس لتحسين أوضاعهم المعيشية أو توفير الخدمات لهم بحجة إن المحاصصة هي المسؤولة ، أو أن رؤساء الكتل لم يتعاونوا معه ، وكثير من هذه المبررات التي تدخل في إطار نظرية المؤامرة .
وحتى يستكمل صورة فشله ، فهو لم يَجدْ بمحاربتة لفساد حكومته ، فمسلسل الفضائح التي تعلنها هيئة النزاهة في مجلس النواب العراقي يوميا ، تكشف لنا كيف تتم عمليات الفساد والتحايل على القانون لتبريرها ، وكيف يتم التستر على المفسدين بعلم منه ، الأمر الذي جلب للعراقيين الفقر حتى إن عدد العراقيين الذين يقبعون تحت خط الفقر يزدادون كل صباح ، وإن معدل الأمية بلغ نسبة مخيفة وخصوصا بين النساء ( يبلغ عدد الأميين في العراق قرابة السبعة ملايين حسب آحر إحصاء دولي ) ، وباتت الحياة تؤول من سيء الى أسوء ، وأن الكتل الرئيسة أخذت تعاني من حالات تشرذم في السر والعلن بدون أن تتمرد على كتلها أو رؤسائها (باستثناء كتلة التغيير الكوردستانية ) .
ولا أدري لماذا تجذبني بقوة هذه الفكرة المكيافيلليه وأنا أُُشيء المشهد العضوي للكتل السياسية العراقية " قد يتعجب البعض من إن الأسكندر الأكبر وقد اصبح سيد آسيا خلال أعوام قليلة ، لكنه لم يكد يحتلها حتى وافته المنية . وكان من المتوقع أن تثور جميع الولايات ، إلا إن الولايات كلها لم تتمرد على خلفائه . وعلى كل حال أحتفظ خلفاؤة بملكها لأنفسهم ولم يواجهوا أي متاعب فيما بعد سوى تلك المتاعب التي حدثت بين بعضهم البعض بسبب مطامعهم الشخصية ." وهو ما يعني التقاتل من أجل إقتسام الكعكة أو إلتهامها كلها ، وما حدث مؤخرا لكمال الساعدي العضو القيادي في حزب الدعوة الذي كان مفوها للحديث بأسم الحزب من تهميش وأهانة في اللقاء الذي تم بينه وبين المالكي بحضورعدد من موظفي مكتب الرئاسة ، وصولا الى وضعه تحت الأقامة الجبرية لأن نقاشا حادا حصل بينهما كما أشارت أور نيوز في 30 آذار .
ومما يجدر ذكره أن التشرذم في حزب الدعوة يمتد لسنوات ، إذ حدثت فيه انشقاقات عديدة فمثلا أنشق عنه عز الدين سليم وأسس حركة الدعوة الأسلامية عام1980 . ويذكر أن السيد سليم قد أغتيل بمفخخة عند مدخل الخضراء في 17 - 5 - 2004، وكذلك ابراهيم الجعفري في 31 - 5 - 2008 وأسس تيار الأصلاح الوطني . كما حدثت عدد من الأنشقاقات غير المعلنة داخل الحزب . وربما يكون مرشحا لتشرذمات جديدة تنخر وحدته وقوته .

+ وهناك دول كلبنان وفلسطين ، يعرف حكامها الشكليون أنهم محكومون من قبل الذين يمسكون بخيوط اللعبة من خلف الكواليس ، ويعرفون أيضا إن الحراك الجماهيري في بلدانهم متريث كثيرا ، حتى لا تتكرر مشاهد وحالات العنف التي شهدتها ساحاتهم السياسية والمجتمعية الممزقة على مدى السنوات المأزومة السابقة ، رغم ظهور طلائع الحراك الجماهيري الحامل لشعار لا للحكومة الطائفية كما في لبنان ، وشعار نعم لوحدة الفصائل كما في فلسطين . لذلك فالحكام الحقيقيون ، الذين هم رؤساء الأحزاب السياسية ، يدركون ماذا تعني الحرب الأهلية للجماهير ، لذلك تراهم يلوحون بخطرها إن حدثت بغرض ترهيب الجماهير ليستمروا هم حكاما .

على اطلال ما رصفه مكيافيللي من قواعد لديمومة الحاكم بالحكم والتي وضعها في كتابه الأمير سنة 1515 حيث قدمه هدية لأمير فلورنسي شاب ورث الحكم عن آباءه ، وكانت الهدية لغاية في نفس مكيافيللي ، وهي غاية كريمة أراد بها توحيد ايطاليا المبعثرة الى إمارات عديدة .
بعد 15 سنة من تأليف الكتاب مات مكيافيللي سنة 1527 ، ومات الأمير ، ولم تتوحد إيطاليا ألا في سنة 1871بعد نضال عسكري كبير ضد ألمانيا وفرنسا والنمسا قاده العسكري خوزيي غاريبالدي منذ العام 1860.

ليس هناك أجمل من جملة مزكاة من عشرات القرون ( الحكام زائلون ، والشعوب والأوطان باقية ) لكن الحكام لا يتعضوا !!


ــــــــــــــــــــــ
* نيقولا مكيافيللي (1469 - 1527 ) كاتب وفيلسوف وصاحب نظرية . كان مشتركا في الحياة السياسية غير الثابتة التي كانت تعيشها مدينته فلورنسا في القرن الثالث عشر والرابع عشر .



#هادي_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لجنة النزاهة تكشف عن تحايل حكومي بمبلغ 800 مليون دولار فقط
- هل إستعصى فعلا إيجاد بضعة وزراء ؟!
- ملاذهم نصب الحرية فقط حتى تُسمعْ أصواتهم
- دوار اللؤلؤة قد صار شهيدا
- بلاغ إجتماع لجنة تنظيم الخارج للحزب الشيوعي الكوردستاني مفعم ...
- التغيير في المنطقه قانون أجتماعي سياسي مستحق
- الشعب .. يريد .. إصلاح النظام
- بمناسبة يوم المسرح العالمي باقات من القرنفل الملون للمسرحيين ...
- أرواح ضحايا حلبجه تبكي قتلاها الجدد
- على كل الشرفاء التضامن مع الشخصية الوطنية العراقية موسى فرج
- الى أين يقود هذا الفساد المستشري في العراق ؟
- ثورة القذافي تاكل أبناءها
- حكومة المالكي رهانها ذ00 يوم والجماهير رهانها الجُمَعْ
- خارطة طريق الأصلاح كالنعامة لن يعنها الفساد
- بيومين تشكلت الوزارات في مصر وتونس والمالكي منذ عام ولا يزال ...
- 100 يوم المالكي ، جراحة في جسد ميت
- أبعاد التوقيت في أمر إخلاء مقرات الحزب الشيوعي معروفه
- أحلم برئيس وزراء كعصام شرف
- شكر خاص لقراء الموقع
- إنتظرنا 2900 يوم ، فلننتظر 100 أخرى


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هادي الخزاعي - نوازع الحكام كي يبقوا حكاما ... النماذج عديدة