أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - وأنا سكران















المزيد.....

وأنا سكران


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3344 - 2011 / 4 / 22 - 22:24
المحور: حقوق الانسان
    


أنا وأنا سكران إن لم أرى الحياة أجمل فإنني على الأقل أراها حلوة المذاق وخصوصا وأنا مستريح من عقلي اللعين , وفي هذه اللحظة أمسك بيدي زجاجة عنب أبيضوهو مشروبي السنوي المفضل عندي, وأشرب منها لكي أشعر بالراحة , وأنا فعلا مستريح جدا ولا أريد من أحد أن يسدي لي بنصيحة عقلانية أو منطقية كالنصيحة التي قالتها أمي وهي بأن المشروب يجعل الإنسان فاقدا لعقله , وهل تعرفون ماذا قلت لها حين قالت ذلك؟قلت لها: ومن قال لك بأنني أريد أن أبقى عاقلا؟أنا أصلا أريد التخلص من عقلي ومنة قلبي ومن تنورة(نانا)و في هذه اللحظة بالذات أنا أمام خيارين إما أن أحرق نفسي وإما أن أحرق عقلي, وحتى لا أحرقَ عقلي نهائيا أريد أن أرسله في هذه اللحظة بعيدا عن متناول يدي, أنا أريد أن أُعطي عقلي (أُف) وإجازة ومغادرة , أنا أطمح إلى هذه اللحظة من زماااان ...زماااااان..وهي اللحظة التي أستريح فيها من كثرة استعمال عقلي وأريد أن أريحه هو من كثرة همومي ومشاغلي ومشاكلي مع الحرية والمساواة ومؤسسات المجتمع المدني(المدنية),فبعض الناس يشتركون معي في هذه الصفة وهي أنهم يفضلون ممارسة الجنون بعض الشيء لكي يتخلصوا من بعض الأزمات, فبعض الأزمات المالية أو النفسية أو العصبية لا يمكن حلها من خلال استعمال العقل والمنطق, فالجنون ضروري في بعض المواقف , وكذلك أن نجلس بعض الوقت مستريحين ومُريحي العقل ,أعترف الآن أنني أكتب مقالي هذا وأنا لست بكامل قواي العقلية وغير مسئول عن تصرفاتي,وأقول ذلك تبجحاً وكأنني كنت قبل ذلك مسئول عن تصرفاتي,وصدقوني أفضل شيء في هذا الوجود لأن تفقد عقلك مدة من الزمن يوما أو يومين أسبوعا أو أسبوعين, فاستعمال العقل كثيرا والمبالغة في استعماله لا أظن بأن له مردودا جيدا على صحة الإنسان وعلى هذا المبدأ أرسلوا بعقولكم اليوم في إجازة سنوية أو شهرية ,وأنا دائما أصلا سكران وغير مسئول عن تصرفاتي رغم أنني لا أشرب في السنة إلا مرة واحدة أو مرتين على أبلغ تقدير, فكما يقولون: ( الرجل سكران) نعم الآن أفرغت زجاجتين من عصير العنب الأبيض في معدتي ولأول مرة أشعرُ بأن هذا السائل السحري يذهب إلى الرأس وليس إلى المعدة, لقد كنت قبل هذا مغفلا إذ كان عندي اعتقاد بأن المشروب الروحي يذهب إلى المعدة, وعلى كل حال الآن أشعر بخلايا مخي وهي تهضم بزجاجة العنب الأبيض, ,اشعرُ بلساني أنه ثقيل الحركة ومن الصعوبة أن أجعله يلعب كما يلعب في حلقي وأنا صاحي لذلك أنا قليل الكلام وأشير من بعيد إلى أي شيء بالإشارة وأكاد بكل صعوبة أن أنهض من مكاني, وتمنيت لو كانت بقربي معقوقتي, عفوا أقصد معشوقتي نانا لتراني وقد ذهب عقلي ولبي وأصبحت بلا عقل وتنورتها القصيرة أمامي يضربها الهواء فترتفع مقدار شبر أو شبرين عن أفخاذها, وأقول ذلك وكأنني كنت قبل ذلك عاقلاً فطوال عمري وأنا أرى تنورتها القصيرة أمامي ولكن منظرها اليوم يختلف وما يوحيه لي يختلف وكل شيء فيها يختلف , اللون الطول الطيبة والقلب الطيب , وأصابع يديها والشفاه المحترقة كالجمرة , وأنا سكران يختلف عما توحيه لي وأنا صاحي فأنا وأنا سكران أراها أجمل وأعذب وأطيب وأتمنى أن أبقى طوال عمري سكران!ّ فهل هنالك عاشق يعشق وعقله سليم؟ بلى عقل؟ نعم,أنا بلا عقل وسعيد جدا أن ذهب عني عقلي اللعين الذي دائما ما كان يكدرُ عليّ صفو حياتي ويذكرني بنفسي من أنا وبجيراني من هم !أما الآن فلا أستطيع التمييز, ما فائدة العقل؟ وما فائدة أن تكون إنسانا عاقلا يشاورون عليك من بعيد بأصابع يديهم ليقولوا عنك بأنك إنسان عاقل تجلس عاقلا وتمشي في الشارع عاقلا وتقف عاقلا وتنام عاقلا وتصحو من فراشك عاقلا بدون مشاكل تفعلها ,كما يشاورون بأصابع يديهم من بعيد على طفل صغير وهم يقولون عنه (شاطر شاطر..عاقل عاقل).

حين أفرغت الزجاجة الأولى نظرت بكلى عينيّ إلى الزجاجة الثانية وذهبت إليها بخطوات بطيئة وأنا أترنح مرة على اليمين فأمسك بالجدار ومرة على اليسار فأمسك بالصور المعلقة على الحائط وأول صورة صورة جدي التي أمسكتها وأنا أقول: وأنت كمان ضيعك عقلك لو كنت سكرانا طوال العمر لما ضعت ولما ضاع أولادك معك, ومن ثم مشيت وأنا أستند على الحائط وحين وصلت صورة أبي المعلقة فوق الزجاجة أمسكت بالزجاجة وفتحتها وشربتُ منها مباشرة فبادرتني أمي بهجوم مباغت وأخذتها مني وقالت (كثير هذا كثير) فصرخت في وجهها ورفعت صورة أبي وقلت بعينين يدمعان من شدة الحزن والغضب: من؟ أبي فوق الشجرة؟ما بديش أصحا..أنا مش سكران..أنا مش سكران(طبعا بلسان ثقيل) أنا مش سكران أنا اليوم عاقل جدا, كان لازم أعقل من زمان,. كان لازم أصحا من زمان, أنا قبل ذلك يا ماما كنت سكران وكنت مجنون ولكن اليوم بفضل السائل الأبيض المصنوع من العنب أشعر بأنني العاقل الوحيد في هذا الكون, أنظري في الصورة ودققي بها جيدا صورة أبي تشبهني في التفاصيل لولا أن لون عينيه يميلان إلى الزرقة ولكنه يشبهني في عقله وقلبه الطيب ما الذي فعله له عقله وما الذي فعله له قلبه! لقد أفسد قلبه عقله ومن ثم أفسد عقله باقي الجسم وتفاصيله, هذا العالم يتوه فيه الإنسان الطيب هذا العالم لا يتسع إلا للأشرار, وأنا أريد أن أصبح بلى عقل وبلى قلب للحظات أريد أن أتخلص من وهم الثقافة وأريد التخلص من خداع المظهر للجوهر أريد أن أنكشف على حقيقتي أريد التخلص من المنطق الأرسطي ومن المعرفة الإمبيريقية(تفتح أمي فاها ثم تسألني) (اسم الله عليك شو (النتري...قيه)؟ فقلت لها: أنا نفسي مش فاهم شيء ولا أريد أن أفهم شيء ولا أريد أن يسألني أحدكم عن أي شيء (تأخذ مني الزجاجة مرة أخرى ثم أستردها منها بقوة قائلا): أنت تريدي مني أن أصحو وأن أعود إلى رشدي وعقلي ,وأنا لا أريد (ثم أصرخ بصوت عالي) إذا صحوت فسأشعر بالألم أنا أريد مخدراً أنا أريد حبوبا منومة ,أنا أطالب الحكومة بأن توفر لنا الحشيش والمخدرات وإلا ثرنا عليها, وأنا أريد توجيه النصيحة للحكومة التي تبحث عن الإصلاح عليها أن توفر لنا مواد مخدرة ومنومة ومشروبات تجعلنا ننسى أنفسنا وأهلنا وحكومتنا, لا أريد مزيدا من الآلام ولا أريد مزيدا من الدموع أنما أريد أن أسكر وأريد أن أطفو فوق هذا البلاط كما يطفو الخشب فوق الماء أنا لا أريد أن أصحو أنا لا أريد أن أعقل أنا أريد أن أشعر وكأنني مجنون حقا ما فائدة العقل وما فائدة المنطق إذا لم يسعد العقلُ صاحبه؟ ما فائدة المنطق إذا لم يُفرح المنطق صاحبه!وما فائدة تنورة (نانا) إن لم تحاول الوصل معي؟ وأنا عقلي وثقافتي وقلبي وتنورة نانا القصيرة هما سبب تعاستي وأريد أن أتخلص من الجميع بضربة واحدة (وأضحك بصوت عالي وأنا أتمايل ثم أجلس على الكرسي وأقول بصوت خافت بعد قليل من الصمت والهدوء) : أريد أن أقتل الجميع وبنفس الوقت أريد أن أخرج براءة,وأين ستهرب مني يا قلبي الطيب؟سأقتلك, وأين ستفري مني يا عيني الباكية..وإلى أين ستذهبين يا تنورة نانا القصيرة, سأمزقك إرباً إرَبَا , وأين ستذهب يا عقلي الذي أتعبني وأهلكني ودمر حياتي؟ سأقضي عليكم جميعا (ثم أصرخ مثل شرشبيل): سأجد قريتكم أيها السنافر ولو كان ذلك آخر يوم في حياتي.

جميل جدا هذا الشعور, وجميل جدا هذا التناهي في الشعور والتباهي به, وجميل جدا أن تركن عقلك جانبا في بعض المواقف, فبعض المواقف التي تعترضنا في حياتنا لا تحتاج إلى استعمال العقل, فتبا للعقل كم أفسد علينا عواطفنا وليس بالضرورة أن نكون دائما عاقلين, فأحيانا الجنون ينجينا من أنفسنا تماما كما ينجينا الكذب في بعض المواقف,وليس من الضرورة دائما أن نحافظ على توازننا ففي بعض المواقف يجب أن ننزلق وأن ننجرف وأن ننحني برؤوسنا, وليس من الضرورة بمكان أن تبقى رؤوسنا في الأعالي فيجب علينا في بعض الأحيان أن نتجنب الصواب, وفي بعض الأيام التي تمر علينا ونكون خلالها متعبين جدا يجب علينا حتى نستريح وحتى نتخلص من التعب أن نتخلص أولا من عقلنا لأن العقل يكون هو سبب الشقاء وسبب التعب فلماذا نبقى مصرين على حمله في تجويف الرأس, جميل جدا أن نعيش بعض اللحظات من حياتنا ونحن بلى عقل وبلى منطق فالمنطق أحيانا يكون مثل الحقيقة مؤلمة بالنسبة لنا, لذلك قررت في كل شهر أن أعيش يوما أو يومين بلى عقل وبلى منطق.

من المفترض بي كل أسبوع أن أرسل بعقلي إلى أي منزل من منازل جيراننا, فآه لو أستطيع في نهاية الأسبوع القادم أن أعطي عقلي لجاري أبو عسجد لكي يعرف عقلي بأنه سبب شقائي وتعاستي, أنا أعترف بأنني مخلوق تعيس مثل (كاسيوس)..أنا مخلوق تعيس بسبب عقلي, ومخلوق تعبان بسبب عقلي, ومخلوق فقير الحال أيضا بسبب عقلي, وكل مشاكلي بسبب عقلي الذي يحسدني عليه الحاسدون وأولهم جاري أبو عسجد وسأريه اليوم طعم العقل حين أجبره على حمل عقلي , وآه لو أستطيع أن أمنحه مع عقلي مجموعة أفكار متعبة ومهلكة كالتي تتعبني وتهلكني, أعترف الآن أنني كنت مخبولا طوال العمر أعيش بعقلي وأفكر بعقلي وبكل ما في من عقل ومن فكر ومن أبداع وأعترف بأنني كنت من أنصار منطق أرسطوطاليس ,آه كم كنت مغفلا لماذا لم أكن يوما من أصحاب منطق (طنش تعش تنتعش)!!, اليوم جربت العيش بلا عقل فأنا الآن بلى عقل ولا أستطيع التمييز بين بيتي وبين بيت الجيران وبين باب داري وبين باب دار الجيران ولو خرجت من منزلي الآن فإنني حتما سأدخل غرفة نوم جاري وسأصرخ في وجهه إذا وجدته نائما على السرير وسأقول له (شو يا أبو عسجد أنت سكران؟)



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إما حكمي وإما حكم الآلهة
- الملوك والمدراء والرؤساء العرب
- طريق المواطن الأردني
- الحاكم والشعب والإله
- فوائد الصُحف الأردنية
- الثرثار1
- الثقافة تضطهدنا
- أخي الطيب
- كلي آلام
- الإنسان الآلي
- أنا الأردني الأصل
- روحي
- من سيطمع بالبنت الأردنية؟
- السوالف عن الناس الطفرانه
- هرمنا
- عسكر وحراميه
- اتجاهات
- من يوميات مثقف أردني4
- ماذا أعبد؟
- البنت مش عيب


المزيد.....




- الأمم المتحدة ـ أكثر من مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذا ...
- -القسام- توجه رسالة باللغتين العبرية والإنجليزية بـ-لسان حال ...
- مسؤول أميركي: المجاعة محتملة جدا في مناطق بغزة والممر البحري ...
- واشنطن تطالب بالتحقيق في إعدام إسرائيل مدنيين اثنين بغزة
- 60 مليون دولار إغاثة أميركية طارئة بعد انهيار جسر بالتيمور
- آلاف يتظاهرون في عدة محافظات بالأردن تضامنا مع غزة
- شيكاغو تخطط لنقل المهاجرين إلى ملاجئ أخرى وإعادة فتح مباني ا ...
- طاجيكستان.. اعتقال 9 مشبوهين في قضية هجوم -كروكوس- الإرهابي ...
- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - وأنا سكران