جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3329 - 2011 / 4 / 7 - 02:35
المحور:
كتابات ساخرة
أكثر من مرة لاحظتُ بأن بعض اليساريين الأردنيين في أقصى اليمين وأكثر من عشرين مرة لاحظت نفس الرجال في اليسار وأحيانا في الوسط, وعدة مرات سمعت عن بعض الذين يلعبون دور الحرامية بأنهم بعد هذا الدور لعبوا دور العسكر في لعبة مشابهة للعبة الأطفال فقد كنا أيام زمان نلعبُ في الشارع لعبة (عسكر وحراميه) وأنا شخصيا أكثر من مرة أكون فيها عسكر وبيدي البارودة وهي عبارة عن خشبة طويلة وأحيانا أكون ملثما وهاربا من العسكر فيكون دوري دور الحرامية .
ودائما ما تخطر ببالي تلك الذكريات وأضحك على دوري حين أكون أمثل ضد الحراميه دور العسكر وأحيانا دور الحراميه, وهذه اللعبة ليست للصغار بل هي أيضا لكبار المسئولين الأردنيين الذين أحيانا يكونون في قفص الاتهام وبعد سنة أو سنتين تجدهم يتهمون غيرهم, أي أنهم أحيانا عسكر وأحيانا حراميه, والمسئول الذي يتم القبض عليه بتهمة الرشوة نجده بعد سنة أو أقل من سنة يوجه نفس التهمة لغيره, واليوم هنالك من يصدر بين ليلة وعشية بيانا يوضح فيها وجهة نظره من الفساد حين يصبح في موضع لا يسمح له بالإستفادة من مصادر الفساد, وفي لعبة مشابهة ذات مرة رأينا مدير المخابرات الأردني السابق الفريق أول (سميح البطيخي) في قفص الاتهام بتهمة الفساد , ومن الملاحظ أن مؤسسة القصر كلما زادت من رغبتها في تطوير الوضع الديمقراطي والمناخات الديمقراطية كلما لاحظنا بأن المخابرات الأردنية تلعب دور المعيق بل وأحيانا ما تعتقل الناشطين السياسيين من أجل إثارة الرعب في قلوب أنصار التغيير, ومن هنا نستنتج أن هنالك فئة تتحكم بالفساد لفترة معينة ومن ثم تتنحى لتأت مجموعة أخرى لتتحكم بالفساد .
وبصريح العبارة أحيانا ما تلعب المؤسسة الحاكمة في الأردن دور العسكر وأحيانا دور الحرامية , وأيام الملك حسين الراحل كانت إدارة الفساد بيد المخابرات الأردنية وربما أنه كان للملك تصور بأن الفساد من أجل مصلحة وطنية واحدة وأهداف أمنية أي أن الفساد بحد ذاته خطة أمنية مرسومة ومحكمة, أما الملك عبد الله فجلالته اليوم له تصور آخر على حسب اعتقادي وهو أنه حجم المخابرات الأردنية وحجم دورها بعد سنة 2000 تقريبا ولم تعد المخابرات تتحكم بثمار الفساد فجني ثمار الفساد كان يعود على المخابرات الأردنية لوحدهم لذلك لم يحارب رجال المخابرات ومصادرهم الأمنية الفساد وكانوا يمنعون اليسار أو المعارضة من فتح ملفات الفساد وتم تحويل معظم القوى اليسارية والمعارضة منذ بداية التسعينيات من القرن المنصرم إلى معسكر اليمين, ولكن بعد أن تركوا المخابرات إدارة الفساد وتمت عملية إخراج المستفيدين من دائرة الفساد إلى دائرة العتمة والظل عاد هؤلاء الرجال إلى تجنيد قوى اليسار من أجل فضح المفسدين وبالتالي نحن أمام لعبة عسكر وحرامية أو أمام قضية هامة وهي من سيقود الفساد ومن الذي سيستفيد من جني ثماره؟
واليوم ... ثمار الفساد تعود فقط على مؤسسة القصر ورجال مؤسسة القصر وهذه الأدوار تتم بالتبادل بين مؤسسة القصر وبين المخابرات, فأحيانا المخابرات الأردنية تقود الفساد وتتحكم به وأحيانا مؤسسة القصر تقود الفساد وتتحكم به والمواطن الأردني هو المواطن الأهبل الذي لا يعرف ما هي اللعبة وما هي قواعدها والذين نادوا على دوار الداخلية بضرورة أن يرحل أو أن يستقيل (الرقاد) مدير المخابرات غالبية هؤلاء هم من أتباع مؤسسة القصر الذين تتهمهم المخابرات بأنهم باعوا الأردن وبأن الأردن سيصبح خلية ناجحة لمخططات عباس ودحلان ودليلهم على ذلك هو أن محمود عباس وهو رئيس السلطة الفلسطينية ما زال يحمل جواز سفر أردني وله صوت في الدائرة الثامنة في عمان وهذا معناه أن الأردن وطن بديل وهذا ما لا يقبل به رجال المخابرات الأردنيين الذين يجندون بالقوى المعارضة لضرب تلك المخططات ولفضح أصحابها , ومن يقرأ التاريخ العربي الحديث جيدا فإنه سيعرف بأن هذا الوضع كانت تمر به مؤسسة القصر أو سرايا أو ثرايا الملك فاروق, حين كان أحيانا الوفد يتحكم بالدولة فتقف السرايا ضده وتكشف خططه ومؤامراته, وحين تقود السرايا الحكومة وإدارة الدولة يقف الوفد ومصطفى باشا النحاس رئيس الحكومة الوفدي ضد المفسدين ويعتقل وزراء سابقين بتهمة الفساد والرشوة, وكان الإخوان المسلمين بيد الملك فاروق يطلقهم ضد الحكومة الوفدية في حالة ضغط الإنكليز على الملك فاروق لتشكيل حكومة من الوفديين وفي الوقت الذي يستلم فيه الدستوريين والملكيين الحكومة كان الإخوان المسلمين يكفون أيديهم وأقلامهم عن انتقاد الحكومة, وهذا ما تمر به الأزمة في الأردن اليوم, فلقد كان الفساد أولا وقيادته بيد المخابرات الأردنية التي كانت تستفيد من إدارة الفساد وحصاد ثماره واليوم أو منذ بضع سنين خرجت إدارة الفساد من يد المخابرات وأصبح بيد رجال القصور وبالتالي المخابرات الأردنية تلعب اليوم دور العسكري والقصور أو رجال القصور دور الحرامية وهذا بلغة الغاب معناه أن الصياد أصبح هو الطريدة أي الفريسة , وخصوصا الفساد السياسي ومسألة بيع الأراضي والتجنيس وهذا ما لا يعجب المخابرات ولا يقبلون به لأن لذلك تأثير على حسب فهمهم للوطنية وللانتماء للأردن وللهوية الأردنية وهم بذلك ضد مسألة التوطين والوطن البديل , وكل الذين ينتشرون اليوم في الشوارع والمؤسسات الذين ينادون بإسقاط الحكومة تلوى الحكومة هم أعوان المخابرات الأردنية الذين يلعبون دور العسكر ورجال القصر دور المتآمرين على وحدة الأردن وسلامة أراضيه والوطن البديل, وهي لعبة أخرى معناها تبادل الاتهامات ..
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟