أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - السوالف عن الناس الطفرانه















المزيد.....

السوالف عن الناس الطفرانه


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 10:32
المحور: كتابات ساخرة
    


يوم الجمعة الذي مضى كنا مجتمعين أنا وغالبية أقربائي من مختلف المواهب والمهن والشهادات العلمية وكان الموضوع الرئيسي الذي احتل كافة الجلسة هو كتاباتي التي أصبحت مقرفة نوعا ماء, وقد أصر الحضور على أنهم حين يقرؤون لي يشعرون وكأنهم في حارة كلها معاتيه وفقراء لا يقدرون على شراء الخبز والعدس والبطاطة والجبنة والزيتونة , وقد وقف بعض الناس من الحضور معي وأيدوا رأيي على أن ما أكتبه هو واقع البيئة التي نعيش فيها جميعا, بينما قال آخرون: أي نعم, هو واقعنا ولكن نحن مللنا من هذا الواقع ونريد أن نقرأ عن أناس يذهبون إلى المنتزهات وإلى النوادي الليلية ونريد أن نقرأ عن حياة الذين يملكون القصور والفلل كيف يعيشون هم ونساءهم وأطفالهم وانبرى في وجهي رجل ساخر مثل كل كتاباتي فتكلم بلسان فصيح وأطلقه فوق رؤوس الحضورٌ مثل السهم المنطلق صاحب شركة لبناء الشقق السكنية وقال:أنا لا أشاهد في كتابات أبو علي فقراء وناس مش (إملاقيه) توكل ونساء مضطهدات وحكومات ديكتاتورية وغالبية هؤلاء الناس لا أراهم إلا في مقالات جهاد وفي قصصه والتي أعتقد بأنها من نسج خياله وضحك هو ومن معه من مؤيديه واتخذوني مثالا للجاحظ أو نسبوا كتاباتي إلى أسلوب (الجاحظ) الكاتب العباسي المعتزلي ..إلخ, وساد الصمت لعدة ثوان حتى قطع الصمت رجلٌ يعمل مهندس للاتصالات واتكأ ابن عمي المهندس وكأنه يريد إجراء اتصال على يمينه وخرجت من فمه فوهة الدخان لتملأ المكان وتصاعدت أعمدة التدخين إلى الأعلى ومن ثم نظر في وجه كل الجالسين ووجه كلامه لي شخصيا وقال بالحرف الواحد" شو ف يا أبو علي..صلي على الرسول...انت تكتب عن الناس اللي مش إملاقيه توكل خبز, يا رجل أكتب عن اللي لقوا ذهب ومجوهرات وعمل نقدية قديمة وتماثيل من ذهب على شكل حراثين ...ومن شان ألله يا أبو علي إنك تحكيلنا عن الناس اللي معاهم مصاري وعايشين عيشه هاي هاي هاي فوق فوق فوق ...ومنشان ألله إنك ما تحكيلنا عن الناس الطفرانين إللي مثلنا, احنا قرفانين من حالنا.

فقلت في حدة وفي صوت عالي:

-ليش ما أحكيش عن الطفرانين.

-يا زلمه السوالف عن الطفرانين والمساكين بتخلي قلب الواحد يوجعه, وأنا كل ما أسمعك أو أقرألك بصير بطني ومعدتي تؤلماني , وكل ما بقرألك بصير راسي يوجعني قد ما بضحك أحيانا وأحزن على اللي مثلنا.

-يعني عن شو أحكي؟.

-يا رجل احكي عن واحد معاه سياره (لاند اكروزر) أو (فراري) وبجانبه امرأة لبنانية.. أو عن واحد معاه نسوان روسيات ثنتين (اثنتين) وقاعد ببوس فيهن أو بعملن مساج له وهو مستلقي على ظهره, ومنشان ألله لا اتسولفلي عن واحد مثلك راح يشتري بطاطه وما لقاش في جيبته حق كيلو بطاطه على شان راسي بصير يوجعني.

-طيب ليش؟

فقال بعد أن بدأ في استعمال يديه للتشويح وللتلويح فيهن من بعيد كأسلوب خطابي لتقريب المعاني وللدلالة على الكلمات التي لا يستطيع أن يقولها:
-يا جماعة الخير أنا مواطن لي الحق أن أنظر في إعلام يتحدث عن الرفاهية..ولي الحق أن أجلس مع أقربائي وأستمع إليهم وهم يتحدثون عن الناس الأكابر اللي دائما معاهم مصاري..أنا زهقان حالي من السوالف عن الطفرانين والمساكين اللي مثلي..وطوال العمر وأنا أسمع عن الرجل اللي ما معهوش يشتري لأبنه بنطلون في العيد أو عن اللي ما معهوش مصاري يشتري لأبنته مريول للمدرسه.

-طيب من شو أنت زعلان.

-يا زلمه أنا مش زعلان منك..أنا يا أبو علي قرفان من حياتي ومن عيشتي ,أنا بدي منك اتسولف عن البنات اللي لابسات بكّيّني ونايمات(نائمات) على البحر أو عن النسوان اللي ماشيات في الشوارع باحثات عن الحب والرومنسيه..أنا زهقان حالي من سوالفكوا في الحوار المتمدن عن المحجبات والمُخمرات ..والله السوالف عنهن ابتوجع القلب ,وعدى عن ذلك تتسبب لي بمغص معوي وكلوي.

وعاد مرة أخرى صاحب شركة المقاولات السكنية وقال:لا أظن أن هنالك مواطن جوعان أو عطشان أو مش املاقي حق فاتورة الكهرباء كل الناس معاهم سيارات ولهم أرصدة في البنوك.

فقلت له: وهل تحسبني منهم؟

-لا..أنا لا أعرف ..ولكن أظن بأنك مكتفي ذاتيا ولست بحاجة كما أقرأ عنك أو كما يتوهم من لا يعرفك.

فقلت في حيرة: أنا؟؟!! ..والله ممكن..مش بعيد, وقطع حيرتي أحد التجار وقال:

-يا أبو علي أكتب عن الناس اللي فوق فوق فوق وعايشين في فلل بعمان ..وعن اللي بسهروا في الكازينوهات والمراقص والملاهي الليلية..شو بدك بالكتابة عن الفقراء؟ أي الفقراء هذول ما بقدروش يشتروا كتاباتك عنهم, فلماذا تكتب عنهم؟

فقلت: نعم ,صدقت, لي صديق كان يعمل رئيسا لإحدى الجامعات في عمان فقلت له ذات يوم وأنا وهو في المكتب لوحدنا: انت ليش ما اتجيبني ألقي قصيدة يا عمي يا طاغية أمام كل الطلاب؟ فابتسم وقال: مش رايحين يزقفولك(يصفقولك) ولا رايحين يفهموك..هذول الطلاب اللي عندي كلهم جايين من أحياء سكنية أهاليهم معاهم ملايين, ولو تحدثت عن الفقر ما راح يفهموك ويمكن يقولوا عنك كذاب ومندس وعميل وجاسوس.

وبصراحة اقتنعت بكلامه لأنني بعد أسبوع شاهدت حفلا ماجنا لأحد المطربين وهو يغني في الجامعة والطلاب والطالبات كانوا يرقصون وكأنهم قادمون من سويسرا.
فقطع كلامي المهندس الذي رفض أن يقرأ عن الفقراء في بداية الحديث وقال مصدقا كلامي:

أها..أها..شفت قديش أنا صادق؟ هذول اللي لازم تكتب عنهم..مش تكتب عن طالب جامعي في جامعة حكومية ما معهوش يدفع حق ساعات الدراسة أو حتى أجرة الطريق من البيت إلى الجامعة....هذول السوالف عنهم أبتوجع القلب, أما السوالف عن الطالبات اللي برقصن أمان نانسي عجرم وبصرفن في اليوم الواحد أكثر من 20 دينار وأحيانا 50 دينار مع بنزين السيارة, هذول اللي بنشرح ليهن قلبي وبفديهن بدمي وعيوني, أما الطالبه الطفرانه اللي مش املاقيه حق سندويشه..فهذه منشان ألله لا تحكيليش عنها ولا حتى اتجيب سيرتها أمامي, ولا كمان تحكيلي عن طالب آخر في نفس الكليه يحبها ويعشقها وهو أيضا مش املاقي ثمن الدفتر والقلم...سولف واحكي لنا عن الطالب اللي بروح على الجامعة ومعه سيارة نوع شبح أو مرسيدس 2011م هذا الطالب اللي الواحد يطرب لذكر اسمه ونوع سيارته.
فقلت يا جماعة الخير: شو مالكوا انقلبتوا ضد الشعب؟ ليش هو كل الناس زي ما ابتحكوا؟

فقالوا : لالا ..بس الناس كذابين وأهالي الطلاب هذول في منهم معاهم مصاري ولكن اعتادوا عن التقتير والاقتصاد الكبير في النفقة.
فقاطعنا صوتنا صوت آخر يتحدث في هذه الجلسة لأول مرة وهو متقاعد حكومي فقال بعد أن تنحنح: شُفت امرأة معها كلب في إحدى الفنادق ومعها زوجها وسمعت عنها من موظف يعمل معي بأنها تنام مع الكلب أكثر مما تنام مع زوجها , وزوجها طوال النهار كان في البار يشرب الوسكي الشيفاز.

وكان الرجل يتحدث وكل الحضور يصغون له بآذانهم ويتمتمون طربا وقد بدت على وجوههم جميعا علامات الرضا والانبساط , حتى خرج صوت آخر أيضا جديد يتحدث لأول مرة: صح السانك هذه السوالف اللي بتخلي الواحد يتجلى عليها مش سوالف واحد مش املاقي يشتري بسكليت(دراجه هوائيه) أو مش املاقي في جيبته ثمن كعكة عيد ميلاد لنفسه أو لأبنته.

وبعد أن ساد الصمت لبرهة أراد أحد الحضور أن يتحدث عن قصة رجل في السوق أضاع زوجته في الزحمة..فاعترض رجل من بعيد وقال: الرجل اللي بدك اتسولف عنه إذا كان طفران ما معهوش يوكل لا اتسولفش عنه وسولف بس عن اللي معاهم مصاري, ولا اتسولفلي عن أي واحد بعد هذا اليوم طفران, ممنوع السوالف هنا عن الطفرانين سوةفوا عن الناس المحظوظين في الحياة أينما ذهبوا, وعن النسوان الحلوات الشُقر والبيض, مش عن وحده معقدة من الرجل والرجل معقد منها, سولفوا عن الناس اللي دايخين من كثر المصاري مش اتسولفوا عن الدايخين من كثر الطفر.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرمنا
- عسكر وحراميه
- اتجاهات
- من يوميات مثقف أردني4
- ماذا أعبد؟
- البنت مش عيب
- كلمة إلى ابنتي وفاء البتول
- وأخيرا جاءت وفاء سلطان
- الأوراق المتسخة
- أنا مجرد رقم
- أعداء الأردن
- ممن يتعلم الأطفال الكذب!
- المرأة تستعمل لسانها للحوار والرجل يستعمل يده للحوار
- الريموت كنترول
- مظاهرة تأييد في لواء الطيبه
- تأويل النص
- أمة عرصه ورب غفور
- كيف ينام الرؤساء والملوك العرب!
- يعيش النظام الأردني
- نهاية العرب في السياسة والأدب


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - السوالف عن الناس الطفرانه