أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - الوعى الزائف والصراع بين الإسلام والمسيحية .















المزيد.....

الوعى الزائف والصراع بين الإسلام والمسيحية .


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3340 - 2011 / 4 / 18 - 21:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وسط مفردات المشهد الثورى والإنتفاضى المتلاحق هنا وهناك يتوه ويتراجع الإهتمام بمواقف ومحطات جد مؤثرة فى واقعنا العربى .

من هذه المواقف الأخيرة - أن الإمام / أحمد الطيب النجار شيخ الجامع الأزهر ( أحد أكبر القلاع السنية المحافظة فى عالمنا الإسلامى ) أعلن عن رفض عودة العلاقات مع حاضرة الفاتيكان وعن تجميد أتفاقية الحوار والتعاون معها - حتى يقدم البابا أعتذارآ صريحآ عن أساءته للإسلام والمسلمين .

الشيخ أكد أن العلاقة مجمدة مع الفاتيكان , وأن الأزهر ( ومن خلفه مليار و 800 مليون ) ينتظرون ذلك من " البندكت " الذى يزرع الأشواك وينسف أرض الحوار بين الديانتين ! .

هذه الإحتقانات / التصريحات ناتجة عن محاضرة كان قد القاها البابا ( بنديكت السادس عشر ) بجامعة ريجينسبيرج الألمانية تحت عنوان ( حوار الحضارات ) تطرق فيها لمسائل الإيمان والعقل ورؤيته ( للإسلام السياسى ) الذى يستخدم العنف وسيلة لتحقيق أهدافه .

واقع الأمر أن أطروحات البابا تستوجب ليس أعتذارآ عن خطأ أرتكبه , ولكن تفنيدآ لها بلغة المنطق التاريخى والعقائدى المؤسس على ضبط علمى ومنهجى سليم وكاشف عن أن الإسلام يعلى من قيم السماحة والإخاء تجاه الآخر الدينى ,كما يحترم الحرية ونبذ العنف .

ثمة تساؤل يثور بهذه المناسبة – وبمعزل عن محاضرة البابا ورؤيته - حول موقف الكنيسة الكاثوليكية المعتمد تجاه ( عقيدة الإسلام ) والذى يعكس رؤيتها الأساسية حول الإسلام وقضايا الحواروالتقارب مع المؤمنين به .

هناك ضرورة لإعادة قراءة وأحياء مبادىء الوثيقة الكنسية الأكثرأهمية فى هذا الإطار, والتمسك بها لتجسير الهوة بين الطرفين , والحيلولة دون أزكاء الخلافات القديمة فيما بينهما .

فللمرة الأولى منذ أربعة عشر قرنآ - هى عمر الإسلام - ناقش المجمع الفاتيكانى الثانى ( 1962 – 1965 ) على مستوى مذهبى /عقائدى أشكالية العلاقة بين الكنيسة و الإسلام وبهدف بلورة تصريح كنسى نهائى حول الديانة الإسلامية .

وكان ذلك حدثآ استثنائيآ فى تاريخ المجمع المسكونى الأعلى وصفته المطبوعات الكاثوليكية ( بالإنقلاب الكوبرنيكى ) , وعلى ضوء ما تمخض عنه من نتائج فى موقف الكنيسة حيال الإسلام .

والثابت أن بروز " الإسلام " خلال تلك الحقبة كداعم لحركات التحرر الوطنى ولأفكار الإستقلال والتقدم السياسى والإجتماعى هو ما جذب أنتباه المجمع صوب الإسلام وتجاه حسم أشكالية الإعتراف به والتواصل مع أتباعه.

ومن هنا صدر تصريح خاص من الكنيسة الكاثوليكية بشأن العلاقة مع ديانة الإسلام – جاء فيه بالنص ما يلى :
" أن الكنيسة تنظر بعين الإعتبار إلى المسلمين الذين يعبدون الآله الواحد الحى القيوم الرحيم القادر على كل شيىء خالق السماء والأرض ومكلم البشر . فالمسلمين يجهتدون فى أن يخضعوا بكليتهم لأوامر الله الخفية كما خضع له أبراهيم الذى يستند الإيمان الإسلامى اليه وبطيب خاطر. وأنهم يجلون يسوع كنبى وأن لم يعترفوا به كآله ويكرمون أمه مريم العذراء كما أنهم يتضرعون اليها أحيانآ . علاوة على ذلك فأنهم ينتظرون يوم الدين عندما يثيب الله كل البشر القائمين من الموت . ويعظمون الحياة الاخلاقية ويؤدون العبادة لله لاسيما الصلاة والزكاة والصوم . وأذا كانت نشأت على مر القرون منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين فان المجمع يحض الجميع على أن يتناسوا الماضى وينصرفوا باخلاص إلى التفاهم المتبادل ويصونون ويعززون معآ العدالة الإجتماعية و الخيور الأخلاقية والسلام والحرية لفائدة الناس جميعآ " .

عبرقراءة النص السابق يمكننا أن نستخلص عددآ من الملاحظات الهامة - تتقدم على النحو التالى :

أولآ : أن الإعلان الكاثوليكى يقدم للمرة الأولى وصفآ أيجابيآ لبعض أهم أركان العقيدة الإسلامية ويؤسس لقواعد من التعاون والحوار بين الطرفين على أرضية مشتركة لتحقيق العدالة وتعزيز السلام الإنسانى وأنطلاقآ من فكرة ( التوحيد ) التى تشكل الأساس الملائم للتفاهم المتبادل بين المسيحيين والمسلمين .
ولعل ذلك هو ما دشن فى مرحلة - مابعد المجمع الفاتيكانى الثانى - تيارآ مؤثرآ فى الكنيسة يدعوإلى الإعتراف بالصلة الروحية بين الديانتين وعلى سند من جوهر( العقيدة التوحيدية ) فيما بينهما .

ثانيآ : تأكيد تبعية المسلمين "للتقاليد الإبراهيمية الإيمانية " وكنقطة لقاء هام مع المسيحية , وعلى تقدير المسلمين ليسوع ومريم المجدلية وهو ما يشير إلى موقف القرآن من المسيح فى آية : ( رسول الله وكلمته إلى مريم وروح منه ) , وتكريمه للعذراء مريم فى أكثر من موضع, الأمر الذى يفتح بابآ للتقارب بين الديانتين .

ثالثآ : أعتداد التصريح " بالحياة الأخلاقية للمسلمين" . فالأساس القيمى لسلوك الفرد و المجتمع الإسلامى أصبح محلآ للإعتبار بشكل رسمى من جانب المجمع المسكونى . وهو ما يمثل نقلة نوعية فى هذا الإطار أذ يهدر بصورة قاطعة الفكرة المسيحية التقليدية عن ( الإنحلال الخلقى للمسلمين ) .

رابعآ : تأكيد المجمع على شعائر العبادات الثلاث ( الصلاة و الزكاة و الصوم ) عند المسلمين نظرآ لتماثلها مع دوائر العبادة المسيحية . فالوثيقة تسعى هنا لإبراز نقاط الإلتقاء ( العملية ) بين الديانتين لمواجهة نقاط الإختلاف والتباين ( العقائدية ) بينهما . فضلآ عن الإنتقاء المجمعى اللغوى لمفردات من مدونة ( أسماء الله الحسنى عند المسلمين ) تتفق مع التصورات المسيحسة عن ( الرب ) وتمثل مكافئآ لها فى القرآن .

هذه المقررات الكنسية جاءت كفتح جديدة فى تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية , وكان من الممكن أن تمهد الطريق نحوأفاق من التفاهم المستمر بين الجانبين .

ولكن ظهرت عوامل موضوعية دفعت نحوعرقلة التواصل والحوار بين الديانتين , وحيث أختزن تيار الإسلام السياسى - الذى أستمر صعوده منذ منتصف القرن الفائت - عداءآ للمسيحية وفق تصوراته الفقهية والإفتائية , ومن خلال تمسكه بأحكام الديار التقليدية , وتقسيمات / فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان التى أعتمدها .

كما أنعش حضورهذا التيار أفكار ما يسمى " بعقد الذمة التاريخى الحاكم لعلاقة النصارى بالمسلمين " داخل البلدان الإسلامية , وحيث جرى التعامل مع مسيحى الشرق باعتبارهم " أهل ذمة " لا يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة .

كما أن أنظمة الحكم العربية - التى عجزت عن تحقيق أفكار التكامل القومى وعن تأسيس دولة مدنية حديثة - أخذت فى توظيف الدين لأجل مصالحها السياسية والدهرية ,ولذا عمدت إلى تزكية الصراع الطائفي فى مجتمعاتها والتحريض ضد المسيحيين - الأمر الذى أنعكس على علاقتها مع الفاتيكان ورعايا الكنسية .

كما أن المخيال الشعبى العربى مازال ينظر إلى ( العالم المسيحى ) ضمن خانة المناصرين والمدافعين عن الوجود الصهيونى فى فلسطين وهو الأمر الذى يخلق شعورآ متجددآ بالعداء والتعصب نحوهذا العالم .

وكانت الإنتكاسة الأخيرة حينما تقدمت كتابات ونظريات روجت لفكرة صراع الثقافات والديانات فى عالم مابعد الحرب الباردة وأحداث الحادى عشر من سبتمبر ودفعت لتبوأ " الإسلام " مكانة الفكرة " الشيوعية " التى كانت سائدة فى روسيا السوفيتية وأوروبا الشرقية .

وحيث صعد تيار المحافظين الجدد و اليمين فى أمريكا وأوروبا ليزكى التصنيف اللاهوتى للبشر بين ( أخياروأشرار ) , و يعزف على الوتر المسيحى الأصولى باعتبار الإسلام عدوآ جديدآ فاشيآ وأن ديانته تحض على العنف وتخريب الحضارة والتقدم الإنسانى .

و الثابت أنه خلف تلك التوجهات السياسية اليمينية تتوارى خطط وأستراتيجيات أملتها مصالح الرأسمالية الإمبريالية بهدف أستمرار الهيمنة الإقتصادية , وتحرير أزمتها من مدخل " العدو الإسلامى والحرب ضد الإرهاب والتطرف " , وزيادة حوافز وأرباح المجمع العسكرى الصناعى كأثر للحروب القادمة و الصراع الجديد مع هذا العدو الدينى .

كما أن هذه القوى تسغعى للحفاظ على أوجه التفاوت الإجتماعى والطبقى العالمى , وهو الأمر الذى يستلزم الإستنزاف المستمر لفائض القيمة من دول المحيط / الجنوب ذات الهوية والكثافة الإسلامية بحكم التاريخ والجغرافيا .

على المسلمين أدراك أنهم ليسوا بصدد حقبة تاريخية جديدة تحيى أرث الصراع الصليبى مع العالم المسيحى – وكما يروج لذلك تيار الإسلام السياسى أو اليمين الغربى المحافظ - وانما هم داخل معركة " سياسية و أقتصادية ووجودية " مع المشروع الرأسمالي المعولم والمعسكر الذى يروم نهب واستنزاف ثروات وخيرات و مقدارات شعوبهم .

ليس على جدول أعمال العرب والمسلمين" أنتظارأعتذار البابا بندكت " - كما يريد شيخ الأزهر , وأنما نفى واقع التخلف الحضارى , وتغييرأنظمة القمع والفساد السياسى ,وتحقيق التنمية الإجتماعية والإقتصادية والحقوقية الغائبة .

ولذلك على رأس الأزهر أن يدفع نحوالحوارالإيجابى مع الفاتيكان , وبهدف أطفاء ثائرة الغضب وأزالة أسباب الإحتقان , وأن يشكل – قبل ذلك كله - وعيآ ناضجآ و متقدمآ لجماعة المسلمين بشأن حقيقة هذا الصراع الدينى مع الفاتيكان وأبعاده وما يخفى ورائه من مصالح سياسية وأقتصادية .



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان المنسى وسط الثورات العربية
- حظرالنقاب فى فرنسا وميدان الصراع السياسى والإجتماعى
- الرأسمالية الملتحية ووهم النظام الإقتصادى الإسلامى .
- الحركة الطلابية المصرية ومشهد مابعد ثورة 25 يناير
- الأيديولوجيا وأحزاب الطبقة العاملة العربية
- المهاجرون العرب ومشهد الثورة فى أوطانهم
- السلفية الدينية وعملية البناء الديموقراطى الجديد فى مصر .
- الجيش و السلطة وميدان الصراع الطبقى فى مصر و تونس .
- ملاحظات حول الدعوة إلى أنتفاضة فلسطينية ثالثة
- تحريرالإقتصاد فى ظل القمع السياسى .. هامش على أسباب ثورة تون ...
- الثورة العربية و الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية
- الثورة عبر الإنترنت .. كيف فجر المناضل الإلكترونى الثورة فى ...
- العسكر يحظرون الأحزاب الماركسية فى مصر
- الهجوم السلفى على الفكرة العلمانية فى مصروتونس
- حول موقف اليسار العربى من تديين قضية فلسطين
- كيف ضاع حلم الثورة الشعبية فى فلسطين ؟ ..
- دروس من وحى الثورتين التونسية و المصرية


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - الوعى الزائف والصراع بين الإسلام والمسيحية .