|
من فرط ما حاصرنا الشك نسينا لذة اليقين
محمد سعيد الصگار
الحوار المتمدن-العدد: 3320 - 2011 / 3 / 29 - 21:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تأخذ الحقيقة مدارها رغم العثرات والكوابح التي تعرقل مسيرتها، وهي كثيرة ومتنوعة؛ ولكن أكثرها شراسة هو محاولة نعطيل العقل في تفسير الظواهر، والوقوف في دائرة الحق، حيث تترنح الحقيقة بين الشك واليقين؛ و غالبا ما يكون الشك أرجح.
أنا، كعراقي، ساقط بين طرفي المعادلة؛ الشك واليقين، بسبب شراسة الضغط على عقلي لكي يقبل بما يراد له أن يقبل.
يراد لعقلي، ولعقول أمثالي أن يصدقوا أن الحكومة الحكيمة قد تعبت من البحث عمن يليق بتسنم الوزارات الأمنية، بعد بحث حثيث، وتدقيق دقيق، ودوخة رأس في ملفات عشرين مليون شخص في العراق الجديد، وصولا إلى ثلاثة أشخاص فقط جديرين بهذه المناصب. ومع علمنا البسيط بدواخل الأمور وملابسات الحياة السياسية، والتواطآت والمداهنات والمجاملات وتفضيل الخد على العين، نتساءل:
أليس في هذا إهانة لهذه الملايين الصابرة والمصدقة بوعود المنتفعين الممسكين بزمام الأمور؟ أليس فيه تعطيلا للعقول، واستخفافا بها؟ أليس فيه عدوانا على الحقيقة؟ ألا يستحق المساءلة والحساب؟ هذا اللعب بأعصاب الناس ومصائرهم الذي جاء به المنتفعون بمركب المحاصصة التي ابتدعوها يعطل العقل، ويموه الحقيقة، ويربك سياق الحياة السوية لعشرين مليون إنسان، ويريدوننا أن نصدقه ونقبل به، بل وندعو إليه. كيف نصدقه؟ وكيف نقبل به؟ ولنا عقول تقول: خل عقلي يا مسـفهه إن عقلي لسـت اتهــمه للفتى عقل يعيش به حيث تهدي ساقه قدمه وأقدامنا التي تدربت على طرق الحقيقة الوعرة، وكشفت محاسنها ومساوئها، وحملت ما حملت من العناء والأوجاع، وهي لم تتعب بعد، تسألنا الآن: أما آن لهؤلاء الباحثين في ظلمات الملايين من العراقيين عن ثلاثة أشخاص فقط، تتعطل الحياة من أجلهم، وتتوالى الشهور في انتظارهم، بلا أمل، أن يسأموا أو يتحرجوا من التلاعب بعقول الناس؟!
أتمر علينا كل هذه الشهور ونحن نبحث بالإبرة، وبلا كهرباء عن هذا الكنز المخبوء في أكداس الهشيم من وعود زعمائنا؟ هل يكون لمن يستخف بعقول عشرين مليون إنسان، من أجل ثلاثة أشخاص، أن يدير هموم أمة، وأن يكون قيما على حياة أبنائها ومصائرهم؟
تعالوا لنقرأ معا هذا الخبر المنشور في (المدى) يوم 2011/3/23: « قالت مصادر سياسية مطلعة إن التنبؤات والأسماء التي تطرح في الإعلام عن الاتفاق حول شخصيات لشغل الوزارات الأمنية بعيدة عن الواقع السياسي، موضحة أن التفاوض في هذا الملف لا زال قائما ومحل نقاش بين الكتل السياسية ».
عظيم ! فقد كان عدد من قرأ هذا الخبر 61 قارئا فقط !
هنا دلالة غير ملفتة لنظر السياسيين وكتلهم،كون عدد قراء الموضوع الذي اقتطعنا شيئا منه آعلاه، كان حتى يوم (2011/3/23) 61 قراءة فقط؛ وهو عدد فقير جدا يوحي بعدم اهتمام الناس بالموضوع أصلا؛ 61 قارئا من بين عشرين مليون قارئ عراقي وعراقية ! طبعا، ليس رأي الناس واهتمامهم ذا قيمة عند أرباب الشأن المتنازعين على المناصب، وإلا لكانوا انتبهوا إلى هذه المفارقة ذات الدلالة على جزع الناس وانعدام ثقتهم بما يدور من مداولات الكتل السياسية المسؤولة و (غير المسؤولة)؛ مما يمكن إن يكون مقياسا لقناعة الناس بحكامهم لدى الدول المحترمة، في حين يتساوى لدينا مجيء سعد وذهاب سعدان، لأننا لم نلمس منهما أي خير. وهو موقف في غاية الخطورة حين لا يعبأ الشعب بحكامه وقراراتهم رغم وجود دستور وقوانين، فذلك علامة الخذلان وانعدام الثقة و غياب التصديق بالوعود الفارغة مما يحمّل المسؤولين والكتل السياسية مسؤولية انكسار أمل الشعب، وعدم اطمئنانه لمستقبله، وتوجسه من استمرار لعبة المناورة والمماطلة والتأجيل دون سقف زمني منظور.
يجري ذلك في عملية تكاد تكون محسوبة لتعطيل العقل، وتخدير المشاعر، والتسلل من خلال ذلك إلى مآرب أخرى.
أما آن لهذه العقول المحاصرة أن تنهض وتقول: لا؟ بلى ! إنها لتنهض، نهضة شابة مباركة، تعيد للعقل آلياته وموازينه، وتنتشله من بركة المحاصصة والمساومات، وضباب الرؤية والتمويه والمداهنة والمناورة والمماطلة. وفي شبابنا؛ شباب الأمل والتجديد دائما، كما هو العهد.
باريس 2011/3/23 ❊ العنوان من تأملات عبد الحق البغدادي - للكاتب
#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اوراق سياسية لقاء مع هاني الفكيكي
-
منظمة العالم الإسلامي وما يجري ف
...
-
حكومة لا تعرف الملل متابعة لوثبة الجماهير
-
قراءة لواقع الحرية
-
استباقا لتظاهرات ٢٥ شباط في العراق
-
بين جابر عصفور وأرباب الفكر والفداء
-
إلى خالد السلطاني - سعيد بما أقرأ لك
-
تونس تعلمنا
-
نصف النصر تحية لشباب تونس
-
في مدار الحب والأمل. تحية للأصدق
...
-
تمنيات مكررة في العام الجديد
-
جروا الصلاة على النبي فقد تألفت الوزارة
-
غلق (المدى) أإلى هذا الحد؟!
-
االخطاطون العراقيون في فرنسا يعرضون في العراق
-
صليب النجاة
-
ردود للقراء الكرام
-
سبعة ملائكة وشاهدان .. ملامح من أفراح العيد
-
نقد البرنامج الوطني للمرأة العراقية
-
سيناريو الرجل وقطته
-
شعار الجمهورية ما شكله وأبعاده؟
المزيد.....
-
نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض
...
-
أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
-
الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
-
غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز
...
-
-حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
-
قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
-
ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب
...
-
حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
-
إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
-
سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|