استراتيجيات خداع الجماهير

عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 08:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تعتمد الكومبرادوريات المافيوية في حكمها للشعوب المغاربية والعربية بالإضافة الى قوة الاكراه المادي القمع بدون حدود، على عدد من الاستراتيجيات والايديولوجيات، لضمان تخدير الجماهير المتواصل واستغلالها بكل تأن من طرفها ومن طرف القوى الامبريالية. وفي حالة استفاقة الجماهير المفاجئة على اثر صدمة عنيفة، كتلك التي احدثها محمد البوعزيزي عندما احرق نفسه احتجاجا على الظلم السلطوي الذي تعرض له، يتحول الكومبرادور الى مجرمين مع سبق الاصرار. مستعملين القناصة والرصاص الحي والبلطجية بل الدبابات والطائرات والصواريخ. وهذا ما لمسناه عند المجرمين بنعلي ومبارك والقدافي وعلي عبد الله صالح وآل الحمد وبشار الأسد، ولدى التحالف الطبقي الحاكم في المغرب، وما الأمثلة عن نماذج القمع الوحشي الذي تعرضت له الجماهير المغربية في المئات من المحطات كسيدي افني وصفروا والحسيمة والرباط ... الا انزلاقا في هذا النوع من الاجرام الذي يمارسه الحكام ضد شعوبهم.
واذا ما اقتصرنا على اساليب خداع الجماهير من قبل الكومبرادور نجد من بين اهم الاستراتيجيات المعتمدة في هذا المجال، الاستراتيجيات العشر التالية:

1 – استراتيجية الالهاء
- الابقاء على انتباه الجمهور مسليا، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، مأسورا بمواضيع دون فائدة حقيقية ...
- الحفاض على جمهور منشغل دوما، دون أدنى وقت للتفكير ...
- خلق المشاكل دون تقديم الحلول ...
2 – إحداث الأزمات
- تنظيم هجمات دموية (كأحداث 16 مايو) حتى يطالب الرأي العام بقوانين أمنية على حساب الحريات ... وحتى يسهل القضاء على المعارضين ...
- خلق ازمة اقتصادية لتبرير تراجع الحقوق الاجتماعية، وتبرير تقليص اعتمادات التعليم والصحة وتبرير خوصصة المرافق العمومية وتجميد الأجور وتسريح العمال ...

3 – استراتيجية التقهقر
- من أجل تقبل اجراء غير مقبول يكفي تطبيقه تدريجيا، كما حدث بالنسبة لمدونة السير التي فرضها كريم غلاب تدريجيا على الرغم من المعارضة الشديدة التي عبر عنها كافة العاملين في قطاع النقل ...
4 – استراتيجية المؤجل
- طريقة أخرى لإقرار قرار غير شعبي هي في تقديمه ك "شر لا بد منه" عبر الحصول على موافقة الرأي العام في الوقت الحاضر من أجل التطبيق في المستقبل. من السهل دائما قبول تضحية مستقبلية بدل تضحية عاجلة. وهذا هو حال العديد من الاجراءات اللاشعبة التي اعتمدت او التي سينتظر اعتمادها، ونشير في هذا المقام الى سياسات التقويم الهيكلي والخوصصة وتجميد التوظيف في الوظيفة العمومية والبرامج الهادفة الى خوصصة التعليم كميثاق التربية والتكوين والمخطط الاستعجالي ومخطط المغرب الأخضر ...
5 – استراتيجية مخاطبة الرأي العام كأطفال صغار
- كلما حاولنا خداع المشاهد كلما تبنينا لهجة صبيانية، فعندما تصاعد التدمر من هيمنة عائلة عباس الفاسي الوزير الأول بأبنائه وبناته وأحفادهم وأصهارهم على مختلف مناصب المسؤلية تم تنظيم برنامج تلفزي استدعيت له وزيرة الصحة بادو للدفاع عن هذا التحكم في المناصب العليا من طرف عائلتها بتبريرات صبيانية كقولها وهل لا ترودون من ابنائنا ان يشتغلوا، فهو نوع من الضحك على الدقون.
- نفس الشيئ يمارس عندما يتم رفع اسعار المنتوجات والخدمات ويستفعل التظخم المفتعل يتم ارسال احد الديماغوجيين، لارجاع امر غلاء المعيشة الى تقلبات السوق الدولية ولاسباب غير ارادية، ةهنا أيضا تكون مخاطبة ارأي العام كأطفال صغار.
6 – استراتيجية اللجوء الى العاطفة بدل التفكير
- اللجوء الى العاطفة هي تقنية كلاسيكية لسد التحليل العقلاني. فبينما يتم ممارسة الاستغلال البشع للكادحين وبدون اعتماد أية شروط قانونية لضمان حقوق المستغلين، وحينما يعمد الكادحون لتنظيم انفسهم أو للتظاهر يتم الاحتجاج بمعاكسة الارادة الملكية وان هذا الاستغلال الذي يشكل تضحيات جسام ستتولد عنه خيرات ستفيض على الجميع
- تمرير الدستور الممنوح عبر لجان مفروضة فوقيا وجلب بعض الأساتذة العالميين في مجال القانون الدستوري، المدفوعي الأجر مسبقا، كجورج فيديل مثلا لتمجيد الدستور الممنوح وجعل الجماهير تصدق ان هؤلاء يفكرون ويعملون من اجل ضمان مصلحتهم
- الاعتماد على الدين في عدد من المقولات القرآنية لضمان خنوع الجماهير وعدم الفصل بين الدين والسياسة، كقداسة إمارة المؤمنين لضمان الحكم المطلق من داخل الدستور، وآية فضلنا بعضكم على بعض في الرزق لاحترام التفاوت الطبقي الصارخ بين الحاكمين والمحكومين، وأيضا وأطيعوا اولياء الامر منكم لضمان الخنوع وعدم توجيه النقد للحكام، وخطب صلوات الجمعة لحث الناس على الطاعة وتقبل بعض الأمور التي لا يقبلها العقل كمساهمات مالية ضخمة لكافة المغاربة لبناء مسجد الحسن الثاني. كما تدخل في هذا الاطار فتوى فقيه سعودي حول تحريم التظاهر لأنه محرم شرعا.
7 – استراتيجية الابقاء على الجمهور في الجهل
- العمل على أن لا يفهم الجمهورالتقنيات والطرائق المستخدمة من أجل ضمان ضبطه وعبوديته. وتلك هي حالة الأمور الاقتصادية والميزانيات العامة حيث تقدم في الغالب باللغات الأجنبية وبمصطلحات معقدة حتى يعتقد الغالبية العظمى بأن الأمر هو من اختصاص الخبراء فقط وأن ما يتحملونه من ازمات نتيجة تعقد هذا المجال والتي لا يسعهم سوى تحملها بصمت.

8 – استراتيجية تشجيع الجمهور على استساغة البلادة
- تشجيع الجماهير على تقبل أن تكون بلهاء خرقاء فضة جاهلة. حيث ان دور الاداعة والتلفزة والصحف والاحزاب السياسية والمنظمات النقابية تساهم كلها في تعميق بلادة الجماهير، فاغراق القنوات التلفزية بالافلام الميكسيكية والبرازيلية التافهة وبالمباريات الكروية وبأغاني الشخات. وأيضا تجييش الأحزاب والنقابات التي اصبحت طابورا خامسا للتحالف الطبقي الحاكم من أجل جر الجماهير نحو القبول بالدساتير الممنوحة وبالديموقراطية البرجوازية المتعفنة والانخراط في الانتخابوية من اجل الحفاظ على النظام القائم وعدم التفكير في اسقاطه.
9 – استراتيجية تعويض الانتفاضة بالشعور بالذنب
- جعل الفرد بشعر أنه هو المسؤول الوحيد عن شقائه بسبب نقص ذكائه، قدراته أو مجهوداته. وهكذا بدل الانتفاضة ضد النظام الاقتصادي والسياسي يلقي بالمسؤولية على نفسه لعدم اتمام دراسته أو لبلادته أو لفقره
10 – استراتيجية معرفة الأفراد أكثر مما يعرفون أنفسهم
- وصل النظام الى معرفة الفرد المتوسط أكثر مما يعرف هو ذاته هذا يعني في معظم الحالات للنظام سيطرة وسلطة على الأفراد أكثر مما لهم على أنفسهم.
أنظر الرابط التالي:

http://www.youtube.com/watch?v=FKN-O5yP2QE&feature=player_embedded#at=19

#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل