أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - تساقط حكم المافيات المغاربية والعربية الواحدة تلو الأخر















المزيد.....

تساقط حكم المافيات المغاربية والعربية الواحدة تلو الأخر


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 15:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يظل الخوف الميتافيزيقي وحده يمنع الجماهير المغاربية والعربية من الثورة على المافيات المهيمنة على السلطة منذ الاستقلالات الشكلية لهذه البلدان. فخلال خمسة عقود سعت العائلات المافيوزية المنبثقة عن ما يسمى بالبورجوازيات الوطنية منذ تحريفها لمسار التحرر الوطني عقب الاستقلالات الشكلية وهيمنتها بالتعاون مع المستعمرين السابقين على دواليب السلطة، نحو بناء امبراطوريات رأسمالية تبعية تتحكم في الانتاج والخدمات وفي اللعبة السياسية وفي المعيش اليومي للجماهير الشعبية، فحولت كل شيئ لخدمة مصالحها الشخصية.

ولجأت هذه المافيات البورجوازية الصاعدة الى تحقيق اهدافها من خلال أولا، نشر وهم التنمية الرأسمالية والتحرر الاقتصادي والذي استطاعت في البداية ضمان ولاء جزء من الجماهير الشعبية لأطروحاتها من خلال مكتسبات مادية محدودة، ثم ثانيا من خلال ممارسة القمع الوحشي عبر وسائل الاكراه الدولتي من مخابرات وبوليس سري وقوات تدخل السريع والعسكر، فمارست خنق حرية التعبير والتصفيات الجسدية والاختطافات والتعذيب. ومن خلال هيمنة هذه المافيات البرجوازية على جهاز الدولة وتوظيفه لخدمة مصالحها المافيوزية استطاعت تدجين الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية وما يسمى بجمعيات المجتمع المدني والتي حولتها الى ابواق للتغني بمنجزاتها والوقوف في وجه أي تحرك بروليتاري يسعى الى التخلص من هذه المافيات.

من مخلفات نشر الوهم الايديولوجي وممارسة القمع البوليسي الدولتي وتدجين الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية وما يسمى بالمجتمع المدني، اتساع الهوة بين المافيات البورجوازية الحاكمة والجماهير الشعبية الكادحة والتي تعمق استغلالها وافقارها وتجويعها. من هنا بدأت اعداد المقاطعين للانتخابات الشكلية المزورة تتزايد، فقد بلغت نسبة مقاطعة انتخابات 7 شتنبر 2007 في المغرب 83 في المائة وبلغت عند تنظيم الانتخابات الجماعية في يونيو 2009 حوالي 80 في المائة وهو رفض عام لوهم ومهازل الانتخابوية والبرلمانية والتمثيليات المزورة المحلية والتي لا يكون من نتائجها سوى تعميق النهب والاستغلال. ومع توسع شروخ الأزمة السياسية وتعمق الأزمة الاقتصادية وتشديد المافيات الحاكمة لظروف الاستغلال لتعويض خساراتها في مواجهة أزمة النظام الرأسمالي العالمي، بدأت الجماهير الشعبية تتململ تحت ضغط المعاناة مع ظروف العيش الصعبة التي اصبحت تعيشها، فانطلقت العديد من الحركات الاحتجاجية الشعبية في كل مكان من الوطن المغاربي والعربي. ومن بين هذه الحركات يمكن ذكر حركة تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في المغرب منذ شتنبر 2006 وحركة كفاية في مصر منذ سنة 2004 وحركة ذبحتونا في الأردن منذ سنة 2008 وحركة عمال مناجم الجنوب في تونس ... والجديد في هذه الحركات كونها لم تكن مؤطرة من طرف القوى السياسية والنقابية التقليدية، بل فرضت من طرف فعاليات مناضلة كادحة تشكل جزءا من قواعد بعض التنظيمات اليسارية وجزءا آخر من مجموعات راديكالية صغيرة تتواجد في مختلف المدن والقرى ماركسية لينينية تروتسكية ماوية فوضوية، وقد استطاعت هذه الحركات ان تقود ورائها شرائح واسعة جدا من الجماهير الشعبية المتطلعة للتغيير.

أصبح التناقض واضحا إذن بين الجماهير الكادحة المستغلة والمحتجة والتي تم تفقيرها وتجويعها من جهة والمافيات البورجوازية الحاكمة التي اصبحت تنهب وتنشر الفساد في كل مكان بوجه مكشوف، نظرا لتأكدها من قدرتها على قمع كل صوت معارض لممارساتها عبر احتكارها لسلطة الاكراه الدولتي وتدجينها للأحزاب السياسية والمركزيات النقابية وجمعيات المجتمع المدني وتأكدها من مساندة القوى الامبريالية وعلى رأسها الامبرياليتين الأمريكية والأوروبية التي لا هم لها سوى استمرار تدفق الفوائض الاقتصادية الناجمة عن الاستغلال المفرط لهذه الشعوب.

وتتأكد الاستهانة بموقف الجماهير الشعبية ما حدث في المغرب عقب الانتخابات التشريعية التي قاطعها أكثر من 83 في المائة تعيين عباس الفاسي في المغرب كوزير اول رغم نصبه، عندما كان وزيرا للتشغيل، على ثلاثين الف من حملة الشهادات المعطلين بدعوى تشغيلهم عبر شركة النجاة الاماراتية وبعد أداء كل واحد من هؤلاء الشباب لمبالغ مالية مرتفعة للشركة اختفت هذه الأخيرة وظل معطلوا النجاة بدون مال ولا عمل، وبدلا من محاكمة عباس الفاسي تم تعيينه وزيرا أولا. والأكثر من كل ذلك ان عباس الفاسي في موقعه كوزير اول اصبح يعين ابنائه واحفاده على رأس مختلف المؤسسات العمومية الاقتصادية الاستراتيجية. نفس الفساد والممارسات الاحتقارية للشعوب شاهدناها في كل من تونس ومصر، حيث تستحود عائلتا الرئيسين بنعلي ومبارك على مختلف المركبات الاقتصادية الاستراتيجية وتنهب مختلف مصادر الثروات، بينما ظروف الشعبين تتزايد فقرا وتهميشا. وتعيش الشعوب الأخرى في الجزائر وليبيا واليمن والأردن وسوريا والبحرين ... نفس الأوضاع من الاستهانة بشعوبها بشكل أو بآخر.

من هنا أصبح الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي عبارة عن قنبلة موقوتة، حيث يكفي لأي شرارة صغيرة أن يتسبب في انفجار مدوي يقلب كل شيء رأسا على عقب. وقد شكل احراق محمد البوعزيزي لذاته يأسا بعد تكسير عربته المجرورة لبيع الخضار، وهو المعطل حامل الاجازة، في مدينة سيدي بوزيد بتونس يوم 17 دجنبر 2010 الشرارة التي سيثور على اثرها الشعب التونسي والتي سيفر على اثرها عراب المافيا البرجوازية التونسية زين العابدبن بن علي تاركا ورائه بعض خدامه في محاولة للالتفاف على الوضع. وستنتقل الشرارة بعد ذلك نحو مصر ومظاهرات الجماهير الشعبية المصرية انطلاقا من يوم الغضب في 25 يناير 2011 والتي ستنتهي باسقاط الديكتاتور عراب المافيا البرجوازية المصرية يوم 11 فبراير 2011.

تطايرت شرارة الثورة بعد ذلك نحو الجزائر فاليمن فالأردن فليبيا فسوريا فالبحرين وها هي تصل الى المغرب يوم 20 فبراير 2011. فمحاكمة المافيات البرجوازية الحاكمة اصبحت مسألة وقت. والتغيير الجذري للأنظمة اصبح مطروحا في جدول أعمال الشعوب المغاربية والعربية. والخوف الميتافيزيقي من القمع الوحشي الذي تعودت المافيات المحلية على ممارسته لقهر الشعوب بدأ يتطاير كما تطايرت الأوهام الإيديولوجية التي كانت المافيات البرجوازية تخدر بها الكادحين وتشدد بواسطتها استغلالهم. وستلجأ هذه المافيات الكومبرادورية للمحافظة على بقائها الى تنظيم مسيرات لبعض خدامها وبلطجياتها ومهاجمة الجماهير الثائرة وتسخير بلطجياتها الاعلامية والدموية المكونة من مختلف انواع المجرمين واعتاها بطشا مع منع مختلف وسائل الاتصال من انترنيت وهواتف نقالة وتلفزيون وراديو ...، ولن ندهش اذا ما ارتفعت اعداد القتلى والاختفاءات في هذا البلد أو ذاك، فالتاريخ قد يعيد نفسه بشكل مختلف، فاذا كانت هذه المافيات البرجوازية تنجح في الماضي في القتل واخفاء معالم جرائمها فربما لن تتمكن من ذلك الآن وهو ما سيأجج غضب الجماهير الشعبية مع تزايد سقوط الضحايا الشهداء وينتهي الأمر بالقبض على هذه المافيات وبلطجياتهم ومحاكمتهم.

المافيات البرجوازية المتحكمة في رقاب البلدان المغاربية والعربية عبارة عن كومبرادوريات وكيلة للامبريالية الدولة تتاجر برقاب شعوبها ومستقبلهم. وقد راهنت الامبرياليات على على هذه الكومبرادوريات لخدمة مصالحها الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية ضدا حتى على المصالح القومية لشعوب المنطقة. وبسقوط حكم هذه الكومبرادوريات ستتغير استراتيجية الامبريالية وستعمل ما أمكن على ايجاد من سيخدم مصالحها من جديد، علما ان المراهنة على اقامة انظمة رأسمالية تبعية في المنطقة يعيد انتاج نفس المافيات ونفس النهب. فالتحدي الذي تواجهه الجماهير الشعبية الكادحة في هذه الظرفية التاريخية جسيم جدا، يتطلب تطوير أدواتها السياسية من اجل فك الارتباط مع الاوليغارشية الرأسمالية العالمية واقامة مجتمعات اشتراكية متحدة متحررة من الخوف الميتافيزيقي ومن التبعية تحت قيادة البروليتاريا.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستغلال الامبريالي – الكومبرادوري والفقر والجوع والتهميش ا ...
- تبخر وهم الاستقلال الشكلي وحكامة الكومبرادور في بلدان الشرق ...
- أية آفاق للانتفاضات المغاربية؟
- شعوب البلدان المغاربية تنتفض بعد سنين من المعاناة
- في كل مكان من العالم، تتحرك ردود فعل قوية للطبقة العاملة ضد ...
- عبد السلام أديب في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الصرا ...
- الاختفاء القسري في المغرب
- الهجوم البرجوازي أمام صمود وتحمل الكادحين
- مشروع القانون المالي لسنة 2011 وتطلعات الطبقة الكادحة
- في اليوم الدولي للنضال ضد الفقر أزمة الرأسمالية تجر الإنساني ...
- الدخول الاجتماعي وتصفية القوت اليومي للكادحين
- خصائص الصراع الطبقي في المغرب
- أزمة تدبير الأزمة العامة للنظام الرأسمالي
- في ذكرى تأسيس تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
- تعمق الفقر في زمن الامبريالية
- ذبحتونا .. ذبحتونا
- التطهير الاداري والبنيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ال ...
- أوضاع السجناء والمؤسسات السجنية بالمغرب
- مجرد دردشة
- هل يتحمل القاموس السياسي مفهوم -التقاعد السياسي-


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - تساقط حكم المافيات المغاربية والعربية الواحدة تلو الأخر