أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيمن الدقر - حـكي مجــانيـن















المزيد.....

حـكي مجــانيـن


أيمن الدقر

الحوار المتمدن-العدد: 990 - 2004 / 10 / 18 - 07:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المتعب جداً وأنت تعمل في مجال الصحافة ويفرض عليك العمل و(كثرة الغلبة) قراءة عشرين أو ثلاثين صفحة لتخلص إلى نتيجة مفادها(مثلاً) أن إسرائيل والولايات المتحدة وجهان لعملة واحدة!.. عندها، وبعد وصولك إلى هذه النتيجة التي يظن كاتب الصفحات العشرين بأنه اكتشفها بعبقريته، تتمنى أن يكون جالساً إلى جوارك وأنت تحتسي القهوة بعد انتهائك من القراءة لا لكي تقدم له فنجاناً منها، بل لتقذفه بالفنجان على رأسه الفارغ...
في أحد المقاهي، التقيت صدفة بأحد الأصدقاء، ودار بيننا حوار مطول وظهر خلال حواره بأنه من أولئك الناس الذين يعيشون حتى هذه اللحظة، في دائرة مغلقة لا يمكنهم الخروج منها، وعندما يتحدثون أو ينظرون أو يحللون في السياسة تجدهم مازالوا يتحدثون عن قطبين يحللون ويستنتجون (تماماً) بنفس الطريقة القديمة التي كنا نتحدث بها عندما كان الاتحاد السوفييتي موجوداً وفي أوج قوته، فنحسب التوازنات الدولية والأوراق العربية ومتى يجب استعمال هذه الورقة ومتى يجب حجبها، وماذا سيفعل الاتحاد السوفييتي فيما لو قامت الولايات المتحدة بكذا وكذا..؟ وماذا ستكون ردة فعل الولايات المتحدة على ما فعله السوفييت..؟ الخ....
سألني الصديق: هل تتابع المناظرات بين (جورج بوش وجون كيري؟).. قلت: نعم.
قال: ألا ترى بأن جورج بوش سيفوز بالانتخابات الأمريكية رغم كل الضجة الحاصلة حول جون كيري؟
أجبته: لا.. لا أظن أن لبوش نصيب بدورة رئاسية ثانية..
انتفض صديقي ورفع صوته صائحاً: (روح يا زلمة.. أقسم بالله مانك فهمان شيء)..
أجبته: اجلس يا رجل وكفاك صراخاً، فإن كان هدفك هو السجال فلا داعي أصلاً للحوار.
أجاب: يا رجل هل يعقل أن يسقط بوش هذا الذي قاد حرباً ضد العراق وأفغانستان ووضع يده على النفط.. هل يعقل أن لا يفوز مرة أخرى..
قلت: أنت قلتها لقد وضع يده على النفط.. وماذا بعد أن يضع يده على النفط رغم أن كل من سبقوه قد وضعوا أيديهم على النفط، ولكنه هذه المرة وضعها بطريقة مختلفة وأكثر وضوحاً ووقاحة.. فانتصر بذلك على أوروبا، وغرق في وحل العراق، فماذا سيفعل بعد ذلك؟
قال: سينسحب من العراق إن عاجلاً أم آجلاً، وستزداد الولايات المتحدة عنجهية وقوة، وستزداد سطوتها على العالم، ولذلك سيفوز كونه حقق انتصاراً من وجهة النظر الأمريكية..
قلت: ألا توافقني بأن الولايات المتحدة هي دولة تقوم عل الشركات؟
قال: نعم.
قلت ألا يمكن أن نسميها (شركات حرب وشركات سلام؟).
قال: كيف!
أجبت: هل تذكر كيف أعلن (جون كيندي) بدء الحرب الباردة، أي سباق التسلح، فهرع الاتحاد السوفييتي لدخول السباق مرغماً، فأنتج أسلحة تكفي لتدمير العالم آلاف المرات؟ والولايات المتحدة كذلك أنتجت ما يفوق هذه الكميات..
قال: نعم..
قلت: لكن الفرق بين السوفييت والأمريكان أيها الصديق، بأن السوفييت كانوا ينفقون على هذه الحرب من خزينة الدولة وقوت الشعب مما أدى في النهاية إلى إفلاس الدولة والشعب معاً، أما الأمريكيون فقد أنفقت الشركات الخاصة على هذه الحرب وأنتجت الأسلحة وباعتها وسددت الضرائب للدولة التي ازدادت غنى وازدهر اقتصادها إضافة إلى مساهمتها الدائمة بإيجاد سوق للسلاح بإشعال بؤر التوتر في العالم لتصريف بضائعها العسكرية، صحيح أن الاتحاد السوفييتي كان يصرف بضاعته العسكرية أيضاً لكن التصدير كان على طريقة القطاع العام الفاسد الذي يقضم القائمون عليه كل الأرباح.
قال: نعم.
قلت: إذن انتصرت دولة الشركات في الحرب الباردة أليس هذا صحيحاً؟ أجاب: نعم.
قلت: وقد سلم (جون كنيدي) مفاتيح النصر من رئيس إلى آخر حتى وصلت إلى (رونالد ريغان) الذي انتهت الحرب في زمنه وحصد الانتصار.. والآن سيسلم (بوش) مفاتيح النفط لـ(كيري).. ألا تذكرجورج بوش (الأب) كيف شن الحرب الأولى على العراق، وكيف سلم (كلينتون) عملية إعمار الكويت؟
قال صديقي: نعم أذكر ذلك، ولكن ما مصلحة بوش الإبن الآن في تسليم مفاتيحه لغيره وعدم الاحتفاظ بها لنفسه؟
قلت: هذا ليس قرار بوش أو كيري هذا قرار (الوطاويط)..
تساءل مندهشاً: ومن هؤلاء الوطاويط؟!
قلت: الذين يقبعون في (البنتاغون) والذين لا يظهرون على شاشات التلفزة أو الإذاعة، ويجهل الجميع أشكالهم وأسماءهم، إنهم الشركاء الكبار في شركات الحرب وشركات السلام التي حدثتك عنها.. هؤلاء هم من يقرر هوية الرئيس القادم..
قال: وليكن، سآخذك (على قد عقلك) ولكن كيف سيرجِّحون واحداً على الآخر طالما هناك سباق انتخابي؟
قلت: هؤلاء يديرون الحملات الانتخابية ويوجهون الرأي العام ويميلون الكفة للمرشح الذي يريدون، ويخططون ويعملون ليلاً باتجاه من جاء دوره..
قال: وما مصلحة وطاويطك بإبعاد بوش؟
سألته: وماذا سيقدم بوش إن فاز بالانتخابات القادمة للشعب الأمريكي وللعالم؟
قال: سيتابع عمله وخططه..
قلت: اسمع يا أخي، جورج بوش لم يعد لديه شيء يقدمه فقد خاض حربين ظالمتين زادت من تشويه صورة الولايات المتحدة في العالم بأسره، أضف إلى ذلك أنه ظهر كرئيس كاذب، ولم يستطع أن يبرر حربه على العراق إذ تبين أن لا أسلحة للدمار الشامل في العراق، فلو أن العراق تمتلك أسلحة للدمار الشامل هل تتصور أن تخوض الولايات المتحدة حرباً عليه؟ لو لم يعلم بوش ووطاويطه مسبقاً أن قضية الأسلحة كاذبة هل قام بإنزال قواته على أم القصر أو على مطار بغداد بهذه الطريقة العسكرية الكلاسيكية؟ وبالطبع لن أخوض معك بالتفصيلات العسكرية لأن هذا ليس موضوعنا الآن، إضافة إلى أنني لست عسكرياً، لكن الجميع يعلم بأن الناخب الأمريكي بدأ يضغط على البيت الأبيض بسبب فقدانه أبناءه وازدياد أعداد القتلى ومشوهي الحرب على يد المقاومة العراقية، وأصبح يردد أن لا مصلحة لنا بفقدان أولادنا في حرب قذرة وأرض غريبة.. فماذا سيقول بوش في السنوات القادمة لشارعه فيما لو استمر لولاية ثانية؟
أجاب صديقي: وماذا لو تخطى بوش الوطاويط، وفاز بالانتخابات رغماً عنهم؟
قلت: هذا مستحيل ياصديقي لأن بوش لم يعد لديه جديداً ليقدمه، ولذلك فقد مبررات استمراريته، وإن استطاع فعل ماتقول (وهذا أقرب للمستحيل) وستكون نهايته مماثلة لنهاية أنور السادات، الذي قدم كل مالديه في (كامب ديفيد) دفعة واحدة فانتهى دوره (طبعاً مع اختلاف الظروف) والوطاويط لن يقبلوا رئيساً خالي الوفاض.
أجاب الصديق: ولكن ماذا في جعبة كيري ليقدمه برأيك؟
قلت: كيري سيمضي السنة الأولى على الأقل في إقامة احتفاليات وخطابات وشرح الخطط المستقبلية، ويبدأ بالتحضير للانسحاب من العراق، وسيبرر له الشعب الأمريكي مرور هذه السنة، وسيجدون فيه (المخلّص) الذي سينقذ أبناءهم من العراق وأفغانستان بعد أن تورط بوش بإرسالهم إلى هناك، وستمر السنة وتمتد إلى أخرى تحت ذريعة أن الورطة كبيرة وعلى الشارع منح الفرصة للرئيس الجديد (المخلِّص) وخلال السنتين سيتلهى الرأي العام بإنجازات الرئيس الجديد (تخفيض ضرائب.. فرص عمل.. إعادة انتشار.. انسحاب جزئي) وستصوب الأنظار إليه، ويكون الوطاويط قد جهزوا له اتفاقات لإعمار ما دمره بوش، وستقوم شركات السلام (التي جاء دورها) بمهمة الإعمار كما قامت (شركات الحرب) بمهمة التدمير، وستتقاسم شركات (الحرب والسلام) الأرباح في العراق وأفغانستان، وسيحاول (شارون) تدمير ما تبقى من الضفة الغربية وغزة، بينما أنظار العالم منشدة للولايات المتحدة، وستعرض الأقنية العربية (ساعات) وتفصيلات عن العمليات الفدائية، و(ثوان) عن عمليات الإبادة الجماعية في فلسطين والعراق، وسيسمون الأولى (إرهاباً) والثانية (دفاعاً) مشروعاً عن النفس، وقد (يحاكمون) الشيخ أحمد ياسين في قبره، ويمنحون شارون (جائزة نوبل للسلام) وسيستنكر بعض الحكام العرب ذلك وستصدر عنهم تصريحات يطلبون فيها ضبط النفس وآخرون لن يعنيهم الأمر و.. وستجني الولايات المتحدة النفط والمال، وستحاول إسرائيل قضم ما تبقى من الأرض الفلسطينية والعرب سينشدون أناشيد قومية ستملأ الشاشات والإذاعات، وستعرب جامعة الدول العربية عن (قلقها) والقمة الأوروبية عن (حذرها) والمؤتمر الإسلامي عن (أسفه) والقمة الإفريقية عن (ألمها) وسيصدر البعض بيانات أقواها ماتقول (إن العنف لايولد إلا العنف) ثم يعودوا ويعتذرون عن هذه البيانات (العنيفة) وسيشكل كوفي عنان (لجنة للتحقيق) وسيكلف بعضويتها (صهاينة) وستدعوا اللجنة الجميع إلى (التريث) وسيتابع شارون جرائمه ولن يتريث إلا (العرب) لأنهم أصلاً لن يفعلوا أي شيىء كي (يتريثوا) به و.....
انتفض صديقي صائحاً (الله يخرب بيتك وبيت بوش وكيري وشارون والـ..) وكأن الدنيا قد كست وجهه بحلة من السواد فجأة، وغادر المكان دون أن يودعني.. فساءني كثيراً تصرفه، قمت لأعاتبه فوجدتني واقفاً بمفردي، وزبائن المقهي يتحلقون حولي، وينظرون إليَّ كزبون مجنون، واكتشفت فجأة بأنني كنت أتحدث إلى نفسي وأهذي كمجنون فعلاً، لكنني سرعان ما بررت لنفسي حالة الجنون التي أصابتني فألبستها للظروف (كأي عربي متمرس في التبرير) إلاّ أن الشيء الوحيد الذي لم أستطع تبريره: هو السبب الذي أوصل المواطن العربي إلى الجنون؟!



#أيمن_الدقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسة حب للحكومة
- سقوط ورقة التوت الأخيرة
- الوزير الفهيم
- سفاراتنا
- من أجل المواطن وليس من أجل لصوص الفساد
- يوم مع وزير سابق
- تداعيات ديمقراطية
- حديث ودي ممنوع من النشر
- هل نذهب إلى الحج؟
- التفكير بصوت عال
- قانون الطوارىء
- النكتة الواقع
- الأحزاب والرقابة
- الإصلاح بين التنظير والتفعيل
- البعث والإصلاح السياسي
- قانون حرية المعلومات
- قليلاً من الشفافية يا حكومة
- القمة العربية: قرارات دون الطموح
- زحفاً أم حبواً


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيمن الدقر - حـكي مجــانيـن