أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - مجرد لعبة














المزيد.....

مجرد لعبة


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 3313 - 2011 / 3 / 22 - 07:07
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

أعشق لعبة تقمص الشخصيات. لعبتها مرارا مع أمي. غالبا ما أقلد شخصية الأب. أمسك حزاما أو مغرفة وأضرب أمي. أحيانا أقلد شخصية الشرطي، أربط يديها ثم أضربها. لا تحب هذه اللعبة لما فيها من عنف لكني كنت أبكي إن رفضت، فتنصاع لرغبتي.
طلبتُ من أبي مرة مشاركتنا هذه اللعبة. مانع كعادته وسخر من طلبي. يكره أي شيء يبعث على المتعة. مكفهر وغاضب على الدوام. لا أتذكر وجهه إلا والسخط يعلوه. صرخ: "تعالي يا امرأة خذيه. أريد متابعة الأخبار".
بكيت، فألحت عليه أمي. وافق كي يوقف صراخي. جر خطواته متبرما، أدى دور السجين صامتا والتذمر واضح على محياه. بكيت ثانية لانزعاجي من عدم إتقانه الدور. رضخ تحت وطأة بكائي وراح يمارس اللعبة ببراعة أكثر.
تأفف قائلا: "أفوض أمري إلى الله".
كان دوري هو الضابط المحقق وأمي الشرطي. أمرتها بربطه جيدا إلى الكرسي. جاءت بحبل طويل ولفته بإتقان، ساقيه ثم جزءه العلوي. استغرب لهذا الربط المحكم لكنه استجاب إلى رغبتها خانعا، ليتجنب صراخي.
كنت أردد: "لا تتحرك يا خائن". ضحك مندهشا من هذه العبارة قائلا: "من أين سمعتها يا ملعون؟ هل تعرف معنى كلمة خائن؟".
لم أكن أجيبه، فأصول اللعبة تحتم علي أن أكون أنا من يسأل وليس هو. أمي تطيع الأوامر وهي صامته مرتدية ملابس أبي. بدت مضحكة ببنطاله الفضفاض.
أتيت بحزام أبي، وأعطيتها إياه. اجلديه، قلت لها. ضحكا. قال أبي: "شيطان، قبل خمس سنوات كنت مجرد رغبة في رأسي والآن تريد جلدي".
- اخرس يا خائن! اجلده يا شرطي.
تأكدت أمي من شد وثاقه جيدا، وراحت توقع الحزام على فخذيه بلطف وسط استغرابه المشوب بالضجر من الاستمرار بهذه اللعبة.
- هذا خطأ فأنك تشجعين الطفل على التمرد.
- أنها مجرد لعبة! عليك أن تنزل إلى مستوى عقله كي يحبك.
استلذت أمي بضربه فزادت من قوة الجلد. أبتلعَ صوت التلفزيون صياح أبي ووعيده. لا أذكر بالتحديد ما القناة التلفزيونية التي كان يتفرج عليها حينها لكني متأكد من أنها عراقية.
شاط غضبا وزجرها: "هذا مؤلم يا حقيرة! كفى، كفى".
عاودت أمي التأكد من رباط الحبل، وراحت ترفع الحزام وتنزله بكل ما أوتيت من قوة، غير مبالية لتهديده ومحاولاته غير المجدية للإفلات. شاط به الغضب وفار فائرُه. دفع بأصابع قدميه الكرسي فأنقلب وصارت قدميه المربوطتين إلى رجلي الكرسي للأعلى.
ابتهجت كثيرا لهذا المشهد، صارت اللعبة أكثر أمتاعا. أحببت أبي أكثر من أي وقت مضى، وأمي كذلك، عندما شاهدتها تتصبب عرقا وهي تلف لاصق شفاف حول رأس السجين لكتم صرخاته المختلطة بصوت نشرة الخراب.
كانت ترمقه متجمدة التعابير كشرطي حقيقي بوجه نحاسي، فيما كان أبي يقاوم مثل سجين متمرد. لكزت رأس أبي بعصاي فرمقني بغضب محولا رأسه للجهة الأخرى. يا له من ممثل بارع! لكن ليس ببراعة أمي حيث أنها راحت تضيف مشاهد جديدة إلى اللعبة.
جلبت أبريق الشاي وطلبت مني التبول فيه. أذكر أني كنت فعلا في حاجة للتبول فملأته إلى آخره. وضعت رأس أبي بين ساقيها المطويتين. دفعت الكرسي إلى زاوية المطبخ وحصرته بالمنضدة كي لا يقلب الكرسي، مبقية رأسه ثابتا على البلاط. عندما ثبتت رأسه صبت البول في منخريه. قالت: "سينام بعد دقائق".
كان أبي بارعا جدا حيث غط في نومه، فعلا، بعد عدة دقائق. قالت بحزم: "يجب نقله إلى زنزانة انفرادية لمعاقبته على خيانته. عليَّ الاتصال بضابط آخر كي يساعدني".
جاء ضابط أكبر مني بعد أقل من ساعة، وكان أيضا يجيد اللعبة حيث يعرف مكان الزنزانة الانفرادية في غرفة نوم أبي. أفرغاها من الملابس. وضعا أبي فيها ثم حملاها إلى سيارة الضابط.
سألت أمي في اليوم الثاني عن أبي فقالت أنه سجين خطير حيث هرب من زنزانته الانفرادية.
يا لبراعة بالتمثيل فقد مضت أربع سنوات وهو يؤدي دور السجين الهارب!



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة العكازات
- مخاوف
- جلد الوقت
- أسئلة الغاز
- قشور بحجم الوطن (رواية 8)
- قشور بحجم الوطن (رواية 7)
- قشور بحجم الوطن ( رواية 4-5-6)
- قشور بحجم الوطن (رواية 3)
- قشور بحجم الوطن (رواية 2)
- قشور بحجم الوطن (رواية1)
- غرائبية معقولة
- نصوص
- نص
- قنينة صور
- القراصنة مازالوا هناك
- قصص قصيرة جدا
- تقديس الأشخاص عند المسلمين
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جداً
- ارق ازلي


المزيد.....




- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - مجرد لعبة