أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حامد الحمداني - لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الرابعة















المزيد.....


لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الرابعة


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 986 - 2004 / 10 / 14 - 08:59
المحور: القضية الكردية
    


ثورة 14 تموز 1958،وعودة الزعيم مصطفى البارزاني
والتطورات التي حدثت بعد الثورة

الحلقة الرابعة
حامد الحمداني 14 /10/2004
ممهدات الثورة
بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية ، وبعد إجهاض الثورة الكوردية بقيادة السيد مصطفى البارزاني ، رأى رئيس الوزراء [ حمدي الباجه جي ]أن يحل مجلس النواب ،ويجري انتخابات جديدة لمرحلة ما بعد الحرب ،وأعلنت الحكومة عن عزمها إنهاء الأوضاع الاستثنائية في البلاد ، وإلغاء الحكام العرفية ،وإجراء إصلاحات ديمقراطية ،بإطلاق حرية تأليف الأحزاب والجمعيات ،وحرية الصحافة ،وتعديل قانون الانتخابات ،والعمل على إحداث إصلاحات اجتماعية ،وغيرها من الأمور الأخرى ،لامتصاص نقمة الشعب .
لم يرق للسفارة البريطانية هذا التوجه الجديد، فأوعزت إلى الوصي لإجراء تغير وزاري ، وقد أشار الوصي عبد الإله لرئيس الوزراء أن يقدم استقالة وزارته تمهيداً لتشكيل حكومة جديدة تأخذ على عاتقها تحقيق الإصلاحات المسموح بها ، حيث سارع إلى تقديم استقالة حكومته في 29 كانون الأول 1946 وتم قبول الاستقالة في اليوم التالي .
لكن تأليف الوزارة الجديدة تأخر مدة شهرين بسبب الخلاف حول المدى المطلوب للإصلاحات الديمقراطية ، وأخيراً تم تأليف الوزارة الجديدة برئاسة السيد [توفيق السويدي] في 23 شباط 1946 .
وقد أكد السيد السويدي في أول خطاب له على ضرورة إنهاء كافة الأوضاع الاستثنائية ومراسيمها المخالفة للدستور ، وتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد ، بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية ، وبهد أن تم قهر الثورة الكوردية بزعامة السيد مصطفى البارزاني ، وزالت كل مبررات الأوضاع الاستثنائية في البلاد .
ومن جهة أخرى أشار الوصي عبد الإله في خطابه في 27 كانون الأول 1945 إلى أهمية العمل على عودة الحياة الطبيعية للبلاد، وإنهاء الظروف الاستثنائية ،والمراسيم المناهضة لحقوق وحريات الشعب ،وإشاعة الديمقراطية في البلاد .
وجاء برنامج الحكومة بما يشير إلى رغبة الحكومة بانتهاج هذا السبيل، ووجدت الشخصيات الوطنية أن من الضروري استثمار هذه الفرصة، رغم عدم ثقتهم بنوايا البلاط والحكومة والمحتلين الإنكليز ودعواهم، فقد جاء في مذكرات زعيم حزب الاستقلال حول نوايا البلاط والحكومة ما يلي :
{ لم يكن الوصي ،ولا الطبقة الحاكمة ،ولا الإنكليز جادين في تنفيذ هذه السياسة الجديدة التي أعلن عنها الوصي . ولم نكن نحن ولا الساسة والعناصر الوطنية التي بادرت إلى تأليف الأحزاب والجمعيات السياسية واثقين من حسن نوايا الحاكمين وجديتهم في انتهاج السياسة التي أعلن عنها الوصي ،غير أننا وباقي العناصر الوطنية من رجال الأحزاب الآخرين رأينا من واجبنا انتهاز هذه الفرصة لتنظيم الحياة السياسية في البلاد ،وجمع العناصر الوطنية فيها، ونشر الوعي السياسي والوطني بين أبناء الشعب .
وهكذا تقدمت تلك العناصر الوطنية بطلب إجازة أحزابها، وتمت موافقة الحكومة على إجازة خمسة أحزاب منها ، فيما رفضت إجازة[ حزب التحرر الوطني] الذي يقوده الشيوعيون ، و[الحزب الديمقراطي الكردستاني ] بزعامة السيد إبراهيم أحمد ، وبقي نشاط هذين الحزبين سرياً حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 ، بعد أن حجبت الحكومة حقهما بممارسة النشاط السياسي على الرغم من أنه كان لهما الدورالأكبر والمؤثر على الساحة السياسية في البلاد لما يتمتعان فيه من جماهيرية واسعة في صفوف الشعب العراقي .
أما الأحزاب التي أجيزت فهي :
1 ـ الحزب الوطني الديمقراطي ـ بزعامة السيد كامل الجادرجي .
2 ـ حزب الاستقلال ـ بزعامة الشيخ محمد مهدي كبه .
3 ـ حزب الأحرار ـ بزعامة الشيخ داخل الشعلان .
4 ـ حزب الشعب ـ بزعامة السيد عزيز شريف .
5ـ حزب الاتحاد الوطني ـ بزعامة السيد عبد الفتاح ابراهيم .
لكن الأحداث جرت كما توقعت الأحزاب الوطنية تماماً ، فلم تكن الحكومات المتعاقبة قادرة على استيعاب وتحمل النشاط السياسي لهذه الأحزاب التي كانت تناضل من أجل أوضاع ديمقراطية جدية ، وانتخابات حرة ونزيهة من دون تدخل الحكومات أو البلاط أو السفارة البريطانية ، مما جعل حالة التصادم بين تلك الأحزاب والحكومات المتعاقبة على سدة الحكم أن يبقى مستعراً ، و دفع حكومة السويدي إلى الغاء إجازة حزب الشعب في 19 أيلول1947 .
وبدأت الأوضاع السياسية في البلاد بالتدهور من جديد ، على عهد وزارة السيد أرشد العمري التي خلفت وزارة السويدي التي أراقت دماء عمال شركة نفط كركوك في[ مذبحة كاورباغي] بسبب مطالبتهم بتحسين أوضاعهم المعيشية ، ورفع رواتبهم ، وتخصيص سيارات لنقلهم إلى العمل .
واستقالت وزارة العمري لتخلفها وزارة السيد صالح جبر ـ نوري السعيد ، لتنفيذ المهمة التي أناطتها بها السفارة البريطانية بتجديد المعاهدة العراقية البريطانية الموشكة على الانتهاء ،واستبدالها بمعاهدة [ بورتسموث] التي تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى مما أدى إلى تصاعد الصراع بين القوى الوطنية والحكومة ، ذلك الصراع الذي انتهى باندلاع وثبة كانون الثاني المجيدة عام 1948 ، التي ساهمت بها كل الأحزاب الوطنية ، وكان للحزب الشيوعي دور الريادة فيها ، وانتهت بسقوط حكومة صالح جبر ـ نوري السعيد ،وهروبهما إلى خارج البلاد ، بعد أن أوشك النظام الملكي على السقوط ، مما اجبر عبد الإله على إقالة الوزارة ، وتعيين الشيخ [ محمد الصدر] رئيساً للوزراء .
لكن وزارة الصدر لم تكن إلا وزارة تهدئة ، وامتصاص ثورة الشعب ، وتهيئة الظروف لعودة تلك الوجوه البورتسموثية من جديد ، والانتقام من الحركة الوطنية وأحزابها السياسية ، وتزييف الانتخابات وقمع الصحافة الوطنية ، مما أجج الصراع من جديد بين الشعب وقواه الوطنية من جهة والطغمة الحاكمة من جهة أخرى ، وأدى بالتالي إلى اندلاع وثبة تشرين الثاني المجيدة التي أوشكت أن تسقط النظام الملكي مرة أخرى ، لولا أن أقال عبد الإله حكومة [ مصطفى العمري ] وعين رئيس أركان الجيش الفريق [ نور الدين محمود ] رئيساً للوزراء ،وأمره بإنزال الجيش إلى الشوارع والتصدي للمظاهرات الشعبية ، بعد أن هربت قوات الشرطة من الشوارع أمام جموع المتظاهرين الغاضبة ، ودفع الشعب العراقي ثمناً باهظاً من دماء أبنائه البررة .
لم تهدأ الأوضاع في البلاد إلا لفترة زمنية محدودة ، حيث تفجرت الانتفاضة من جديد عام 1956 بعد أن ربط نوري السعيد العراق بحلف بغداد ، وتآمر مع بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عندما شنت هذه الدول الحرب على مصر على أثر قيام عبد الناصر بتأميم قناة السويس ، فكانت معركة أخرى خاضها الشعب العراقي وقواه الوطنية ضد سياسات الحكم الملكي .

تشكيل جبهة الأتحاد الوطني ،واللجنة العليا للضباط الأحرار

وهكذا أدركت القوى الوطنية ، بعد أن أصابها اليأس من إصلاح أحوال البلاد على الرغم من العديد من المذكرات التي قدمها السيد كامل الجادرجي زعيم الحزب الوطني الديمقراطي ، ومحمد مهدي كبة زعيم حزب الاستقلال للوصي عبد الإله وتحذيره من مغبة الاستمرار على هذا النهج الخطير في إدارة شؤون البلاد ، أدركت أن لا سبيل أمامها غير توحيد صفوفها في جبهة وطنية عريضة ، والتعاون مع العناصر الوطنية في القوات المسلحة المتمثلة في اللجنة العليا للضباط الأحرار بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم ، وبالفعل تم الإعلان عن تشكيل جبهة الإتحاد الوطني في 9 آذار 1957 ،والتي ضمت [الحزب الشيوعي] و[الحزب الوطني الديمقراطي ] و[حزب الاستقلال ] و[ حزب البعث ].
وقد بذل الحزب الشيوعي جهداً كبيراً لإدخال [ الحزب الديمقراطي الكردستاني ] في الجبهة ، إلا أن الحزبان القوميان [ حزب الاستقلال ] و[حزب البعث ] رفضا ذلك ، مما دفع الحزب الشيوعي إلى إقامة تحالف ثنائي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني .
وفي الوقت نفسه كانت العناصر الوطنية في القوات المسلحة قد شكلت عدة تنظيمات ثورية داخل الجيش ، ثم توحدت في [ اللجنة العليا لحركة الضباط الأحرار ] برئاسة الزعيم عبد الكريم قاسم ، وتم اللقاء بين قيادة جبهة الاتحاد الوطني واللجنة العليا لحركة الضباط الأحرار لتنسيق الجهود من أجل إجراء التغيير الجذري في البلاد ، فكانت ثمرة ذلك اللقاء وتلك الجهود انبثاق ثورة 14 تموز الخالدة
انتصار الثورة وقيام الجمهورية :

شكل استكمال تشكيل جبهة الإتحاد الوطني ، وتوحد الفصائل الثورية في صفوف الجيش ، دافعاً قوياً لإنجاز تغيير ثوري في البلاد يطيح بالنظام الملكي ويقيم نظام حكم جمهوري في عراق متحرر من الهيمنة الإمبريالية وبناء عراق ديمقراطي جديد يحقق الحياة الحرة الكريمة للشعب .
وانتهز الزعيم عبد الكريم قاسم الأمر الذي صدر له بتحرك اللواء التاسع عشر الذي كان بإمرته واللواء العشرين الذي كان يقود العقيد الركن ياسين عبد الرؤوف نحو الأردن ، وكان كل من عبد العقيد عبد السلام عارف والعقيد عبد اللطيف الدراجي يقودان فوجين من الأفواج الثلاثة لهذا اللواء ، واستطاعا السيطرة على اللواء واعتقال قائده ياسين عبد الرؤوف لعدم موافقته على المشاركة في الثورة ، والتوجه نحو بغداد لتنفيذ الثورة .
و استطاعت قوات الثورة التي دخلت بغداد فجر الرابع عشر من تموز1958 ، في طريقها إلى الأردن خلال ساعات محدودة إسقاط النظام الملكي ، وإعلان الجمهورية العراقية بدعم جماهيري هائل قُدر بمئات الألوف من المواطنين من كل أطياف شعبنا ، مما لم يترك أي مجال لأي تحرك مضاد للثورة .
وبدأت الثورة تركز أقدامها محروسة بجماهير الشعب العراقي كافة من أقاصي كردستان وحتى الفاو ،وكان شعبنا كله عزم وأمل في قيام عراق ديمقراطي متحرر تتآخى في ضله سائر القوميات والطوائف والأديان لبناء العراق الجديد
وتم تشكيل مجلس للسيادة ليقوم مقام رئيس الجمهورية وروعي في تشكيله أن يكون ممثلاً للقوميتين العربية والكوردية ، وللطائفتين الشيعية والسنية وجاءت على الوجه التالي :
1ـ السيد نجيب الربيعي ـ مسلم سني
2 ـ السيد محمد مهدي كبة ـ مسلم شيعي
3 ـ السيد خالد النقشبندي ـ كوردي
كما تم تأليف الوزارة برئاسة الزعيم عبد الكريم قاسم ، وضمت الوزارة ممثلين لكافة الأحزاب السياسية باستثناء الحزب الشيوعي بدعوى عدم استفزاز الإمبريالية ، وفي حقيقة الأمر كان مجرد قيام الثورة يشكل اخطر استفزاز للإمبرياليين ، ومع ذلك فقد تغاضى الحزب الشيوعي عن ذلك مؤقتاً حرصاً على نجاح الثورة وتثبيت أقدامها ، وعدم إعطاء الذرائع لإجهاض الثورة الوليدة .
وقد حصل اثنان من الوزراء الكورد مناصب في الوزارة وهما كل من :
1 ـ السيد بابا علي الشيخ محمود ـ وزيراً للمواصلات .
2 ـ السيد مصطفى علي ـ وزيراً للعدل .
وبادرت قيادة الثورة إصدار الدستور المؤقت والذي نص في مادته الثالثة على كون العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن،وهذا هو نص المادة :
المادة الثالثة : يقوم الكيان العراقي على أساس التعاون بين المواطنين كافة ، باحترام حقوقهم ، وصيانة حرياتهم ، ويعتبر العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ، ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية .
ومما يؤكد هذا التوجه للزعيم عبد الكريم قاسم نحو معالجة القضية الكوردية بما يلبي الحقوق القومية للشعب الكوردي ضمن الجمهورية العراقية هو إصدار حكومة الثورة القرارات التالية :
1 ـ اعتبار الحركة الكوردية حركة وطنية تحررية .
2 ـ اعتبار الضباط الشهداء الكورد الذين اعدموا في العهد الملكي بعد إخماد الثورة البارزانية عام 1946 شهداء للوطن وتم إعادة حقوقهم التقاعدية وتعويض ذويهم .
3 ـ دعوة زعيم الحركة الكوردية السيد مصطفى البارزاني ورفاقه الذين لجأوا للإتحاد السوفيتي بعد قمع الثورة عام 1946،إلى الوطن والمشاركة في بناء العراق الجديد ، وقد جرى للزعيم البارزاني ورفاقه عند عودتهم للوطن استقبالاً رسمياً وشعبياً كبيراً ، وأمر الزعيم عبد الكريم قاسم بإسكان القائد البارزاني مصطفى في قصر غريمه اللدود نوري السعيد ، وخصص له راتب وزير .
4 ـ أمر الزعيم عبد الكريم قاسم ببناء مساكن لرفاق السيد البارزاني في منطقة بارزان ، وأمر بتخصيص رواتب مجزية لهم وتعويضهم .
و كان هذا خير دليل على ما كان يضمره الزعيم عبد الكريم قاسم تجاه الشعب الكردي وقضيته العادلة لو قدر للعراق أن ينعم بالأمن والسلام ، وتوجهت القوى السياسية نحو التعاون والتآلف ، وترصين جبهة الإتحاد الوطني ، والاتفاق على خطوط عريضة لبرنامج وطني من أجل بناء العراق الجديد ، عراقٌ يتسع لكل أبنائه بكافة قومياته وأديانه وطوائفه لكي ينعم الجميع بحياة رغيدة وسلام دائم لا تعكره النزاعات والأحتراب .
لكن المؤسف أن الأحداث التي جرت بعد قيام الثورة والصراع الذي نشب بين الأحزاب السياسية حول مستقبل العراق ، ولجوء الأحزاب والقوى القومية العربية للتآمر على الثورة وهي في أيامها الأولى بدعوى الوحدة الفورية مع العربية المتحدة ، والتي أثبتت أحداث التاريخ التالية كذبها وبطلانها ، فقد كان هدفهم الحقيقية سرقة ثورة 14 تموز ،والاستئثار بالسلطة ،وخير دليل على ذلك تآمر حزب البعث الذي خان الثورة وهي في أيامها الأولى ، واستلامه للسلطة في انقلاب 8 شباط المشؤوم عام 1963 بدعم إمبريالي مكشوف، وتنكرهم للوحدة وعبد الناصر ، واستلام السلطة من قبل خائن الثورة عبد السلام عارف بعد انقلابه على حلفائه البعثيين في 18 تشرين من العام نفسه ، وتنكره للوحدة وعبد الناصر الذي كان يتغزل بإسمه كذباً وزوراً .
لقد عطل دعاة القومية العربية المزيفين مسيرة التطور الديمقراطي في البلاد بموآمراتهم الغادرة والمتتالية على ثورة تموز الخالدة ، وأدخلوا البلاد في دوامة العنف والعنف المضاد ، ومهدوا السبيل للتدخل الإمبريالي ، بل وساهموا معه بصورة فعلية من خلال مؤآمراتهم التالية :
أولاً ـ . محاولة عبد السلام عارف اغتيال عبد الكريم قاسم في مقره بوزارة الدفاع في 11 تشرين الأول 1958، ولولا انتباه الزعيم الفجائي لحركة عبد السلام بسحب المسدس من جيبه ، وهجوم الزعيم فوآد عارف الذي كان موجوداً في الصالة على عبد السلام والسيطرة على المسدس وتفريغه من الرصاص ، ودخول المرافق الأقدم الزعيم وصفي طاهر للصالة في تلك اللحظة لكانت قد حلت الكارثة ، ومع ذلك فقد عفا عنه عبد الكريم وطلب منه مغادرة العراق سفيراً في ألمانيا ، وودعه شخصياً في المطار .
لكن عبد السلام عاد بصورة سرية ومن دون علم الحكومة يوم 4 تشرين الثاني 1959 حيث كانت حركة انقلابية قد جرى الإعداد لها من قبل عدد من الضباط القوميين المساندين له في تلك الأيام ، لكن عبد الكريم قاسم اعتقل عبد السلام وأفشل المحاولة ، وتمت إحالته للمحاكمة ، وحكم عليه بالإعدام ، لكن الزعيم عفا عنه وأعاد له راتبه التقاعدي وأرسله للحج لعله يتوب !!!.

ثانياً ـ انقلاب العقيد الشواف في الموصل في 8 آذار 1959 ، والذي كان للحزب الشيوعي والحزب الديمقراطي الكردستاني ، الدور الأساس والفعال في إخماد الانقلاب في مهده ،وقُتل الشواف خلال الانقلاب ، وحوكم عدد من الضباط الذين شاركوا في الانقلاب ، وتم إعدام البعض منهم .

ثالثاً ـ محاولة الانقلاب الذي دبره رشيد عالي الكيلاني والذي تم كشفه في 8 كانون الثاني 1959 وإفشاله قبل تنفيذه بأيام ،وتم القبض على المتآمرين وقدموا للمحاكمة وتم الحكم على الكيلاني بالإعدام ،والسجن لأعوانه المشاركين في المحاولة لكن الزعيم عبد الكريم قاسم لم ينفذ الحكم ، وأفرج عنه فيما بعد !!!.
رابعاً ـ محاولة البعثيين اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في رأس القرية في 7 تشرين الأول 1960 ،لكن عناية الله أنقذت الزعيم عبد الكريم قاسم من الموت ، حيث أصيب بعدة رصاصات ، واستشهد سائقه ،وتم إفشال الموآمرة الدنيئة والواسعة التي دبرت للثورة ، وتمت السيطرة على المرافق العامة في بغداد من قبل الضباط الوطنيين وجماهير الشعب ، والقي القبض على المتآمرين وقدموا للمحاكمة وحكم عليهم بالإعدام ، لكن الزعيم عبد الكريم قاسم لم ينفذ الحكم ، بل عفا عنهم وأطلق سراحهم لكي يعاودوا الكرة وينفذوا انقلابهم الفاشي في 8 شباط 1963 !!!.
خامساً:انقلاب 8 شباط الفاشي الذي دبره الإمبرياليون الأمريكيون والبريطانيون بالتعاون والتنسيق مع عبد الناصر ، ونفذته عصابات البعثيين والقوميين الذين اغتالوا ثورة الرابع عشر من تموز وقائدها الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه الشهداء ، وقادة الحزب الشيوعي والألوف من كوادره وأعضائه ، ومن الوطنيين القاسميين ، وأغرقوا العراق بالدماء وملئوا السجون بالألوف من الوطنيين الشرفاء الذين ذادوا عن الثورة .
ومن المؤسف والمخجل بل والمخزي أن تجري كل تلك المحاولات الانقلابية الفاشلة ،وانقلاب 8 شباط بدعم مباشر من قبل نظام عبد الناصر مادياً وإعلامياً وتسليحاًً ، وبالتنسيق مع الإمبرياليين الأمريكيين والبريطانيين الذين كانوا قد عقدوا العزم على إسقاط حكومة عبد الكريم قاسم الوطنية منذُ اللحظة الأولى لنجاح الثورة ، وصاروا أكثر عزماً على تنفيذ جريمتهم بعد أن أصدر الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم القانون رقم 80 ، الذي سحب من شركات النفط 99،5 % من المناطق النفطية التي كانت تحت سيطرتهم أيام الحكم الملكي ، وأصدر قانون تشكيل شركة النفط الوطنية لكي تتولى استثمار تلك المناطق وطنياً .
هذا ما جرى على أيدي القوى البعثية والقومية وسادتهم الإمبرياليين ورائد القومية العربية عبد الناصر !!! ، وما سببته للشعب العراقي من ويلات وآلام ومصائب خلال 40 عاماً تلت انقلاب الثامن من شباط 1963 ، ولا زال الشعب العراقي حتى يومنا هذا يتجرع من ويلات الجرائم الوحشية لبقايا النظام الصدامي الفاشي .
وبعد أن تعرضنا للدور التخريبي والتآمري والإجرامي لتلك القوى البعثية والقومية على ثورة تموز الخالدة لابد أن نعود إلى تقييم مواقف وسياسات القوى الوطنية المتمثلة بالحزب الشيوعي والحزب الديمقراطي الكردستاني ، والحزب الوطني الديمقراطي ؟ وما هي الأدوار التي لعبتها في الساحة السياسية الإيجابية منها والسلبية ، وما هي المسؤولية التي تتحملها هذه الأحزاب بسبب أخطائها ، بالإضافة للمسؤولية التي يتحملها الزعيم الخالد عيد الكريم قاسم بسبب أخطائه هو بالذات بحق القوى الوطنية من جهة ، وتساهله مع القوى المتآمرة على الثورة من جهة أخرى في ضياع ثورة 14 تموز الخالدة ،والمصائب التي ترتبت على أخطائها ، والتي كانت السبب في استيلاء البعثيين الفاشيين وحلفائهم القوميين على الحكم في انقلاب 8 شباط 1963 وحتى سقوط النظام الصدامي في 7 نيسان 2003 ، وما جلبته لشعبنا العراق بكل قومياته وأديانه وطوائفه من ويلات ومصائب يعجز القلم وصفها حروب مفجعة، وحصار اقتصادي أشنع من كل الحروب ، وقتل لملايين المواطنين ، وخراب اقتصادي ، وانهيار اجتماعي وإغراق العراق بالديون .
هذا ما سوف أتناوله في الحلقة الخامسة



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمحات من حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثالثة
- الدكتور سلمان شمسة ، رحيل قبل الأوان ـ قصيدة رثاء
- موقف أمريكا بمجلس الأمن يصب في خانة تشجيع الإرهاب
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثان ...
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الأول ...
- الإرهاب الفكري مدرسة لتخريج القتلة والمخربين
- الإرهاب خطر جسيم يهدد العالم أجمع ولا حياد في التعامل معه
- الحزم هو السبيل الوحيد لمجابهة الإرهابيين ولا ديمقراطية لأعد ...
- القوى الديمقراطية في العالم العربي والموقف من الأزمة العراقي ...
- مبروك لوزارة التربية ،مدير تربية البصرة يربي لنا جيلاً ديمقر ...
- الرضوخ لمطالب الإرهابيين يشكل ضرراً بالغاً لأمن العراق وشعبه
- مقطوعة شعرية لن أحيد
- مخاطر الإرهاب والسبل الكفيلة للتصدي له
- حكام إيران يلعبون بالنار
- البعثيون والشيوعيون والبارتيون والجبهة الوطنية ـ الحلقة الثا ...
- من ذاكرة التاريخ : البعثيون والشيوعيون والبارتيون والجبهة ال ...
- تاريخ القصةالعراقية والعربية ودورها في ترسيخ القيم الوطنية و ...
- مواقف غريبة لقوى اليسار والديمقراطية والعلمانية في العالم ال ...
- نداء ونصيحة للسيد مقتدى الصدر قبل فوات الأوان
- الإرهابيون يحاربون الله بتدمير دور عبادته وقتل عابديه


المزيد.....




- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...
- مميزات كتييير..استعلام كارت الخدمات بالرقم القومي لذوي الاحت ...
- تقاذف الاتهامات في إسرائيل يبلغ مستوى غير معهود والأسرى وعمل ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حامد الحمداني - لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الرابعة