أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حامد الحمداني - لمحات من حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثالثة















المزيد.....

لمحات من حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثالثة


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 984 - 2004 / 10 / 12 - 09:25
المحور: القضية الكردية
    


العائلة البارزانية تتولى قيادة حركة التحرر الكوردية
بقيادة الشيخ أحمد والملا مصطفى
أولاً :نبذة مختصرة عن تاريخ العائلة البارزانية :

يعتبر الشيخ محمد البارزاني ، أول رائد لحركة التحرر الكوردية في العراق في مقتبل القرن العشرين ، وكان الشيخ محمد يتمتع بمركز ديني واجتماعي كبير بين أبناء الشعب الكوردي أهلته لكي يقود حركة التحرر الكوردية في بداياتها ، ففي عام 1907 تقدم الشيخ محمد بجملة من المطالب المتعلقة بحياة الشعب الكوردي إلى الحكومة العثمانية .
لكن الحكومة العثمانية بدلاً من أن تتجاوب مع تلك المطالب البسيطة المتعلقة بالحقوق المدنية آنذاك فإنها جهزت حملة لإخضاع الشيخ محمد ، وتم لها اعتقاله وإرساله إلى السجن في [ بدليس ] بكردستان الشمالية حيث بقي في السجن حتى وفاته ، كما جرى اعتقال زوجته وطفلها مصطفى البارزاني البالغ من العمر 3 سنوات حيث أودعا سجن الموصل .
وبوفاة الشيخ محمد تولى الزعامة أكبر أبنائه الشيخ عبد السلام ، وحمل راية النضال من أجل تحقيق طموحات الشعب الكردي القومية المشروعة .
بادر الشيخ عبد السلام إلى إقامة شبكة من العلاقات مع العديد من المنظمات والشخصيات الكوردية البارزة لتكثيف الجهود من أجل تحقيق طموحات الكورد ، وكان من بين المنظمات التي جرى الاتصال بها [ جمعية تعالي وترقي الكورد ] و [ جمعية هيضي ] و [ جمعية استيقاظ الكورد ] ، ومن بين الشخصيات الكردية البارزة كان كل من [ الشيخ محمود الحفيد البرزنجي ] و [ الشيخ عبد القادر النهري ] و [ اسماعيل أغا سمكو ] .
كما بادر بتقديم مذكرة للحكومة العثمانية بمطالب تتعلق بالحقوق القومية للشعب الكوردي التالية :
1 ـ جعل اللغة الكوردية اللغة الرسمية في كردستان .
2 ـ جعل التعليم باللغة الكوردية وضرورة فتح المدارس الكافية .
3 ـ تعيين رجال الإدارة في المنطقة الكوردية من المواطنين الأكراد .
لكن الرد من جانب الحكومة العثمانية على تحركات الشيخ عبد السلام ومذكرته المتعلقة بالمطالب تلك جاء سريعاً بتجهيز حملة عسكرية نحو منطقة بارزان عمل فيها الجيش العثماني قتلاً وتخريباً وتدميراً وحرقاً ، وتم اعتقال الشيخ عبد السلام وإيداعه سجن الموصل ، ومن ثم أقدمت الحكومة العثمانية على إعدامه فيما بعد في عام 1915 .
وعلى أثر اعتقال وإعدام الشيخ عبد السلام تولى أخوه الأكبر الشيخ [أحمد البارزاني ] الزعامة وقيادة حركة التحرر الكوردية ، وشارك الشيخ أحمد في ا لثورة الكوردية التي قادها [الشيخ محمود الحفيد] ضد الإنكليز عام 1919 ، وكان له دور كبير في تاريخ الحركة الكردية ، حيث قادة الثورة ضد الحكومة بعد أن عجزت عن تلبية المطالب الكوردية المتعلقة بالحقوق المدنية .

الثورة البارزانية بقيادة الشيخ أحمد :

حاولت الحكومة تثبيت نفوذها في منطقة كردستان ،لمنع أية محاولة من جانب بعض الزعماء الأكراد للقيام بثورة جديدة ،وكان من جملة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة قرارها بإقامة مخافر في منطقة [بازيان ] المحصورة بين [الزيبار] و[عقرة] و[الزاب الأعلى] والتي تتوسطها قرية [بارزان ] حيث مقر سكن الشيخ احمد البارزاني ،عميد الأسرة البارزانية المعروفة ،والذي يتمتع بمركز ديني ودنيوي كبير في صفوف الأكراد .
رفض الشيخ احمد إقامة تلك المخافر،واعتبرت الحكومة أن موقفه هذا يشكل تحدياً لسلطتها ،واتخذت قراراً بإقامة المخافر ،حيث أرسلت قوات عسكرية إلى المنطقة لفرض إقامتها بالقوة، مما تسبب في وقوع مصادمات عنيفة بين أتباع الشيخ احمد وقوات الحكومة،في 9 كانون الأول 1930.
وقد دارت معارك شرسة بين الطرفين أدت إلى وقوع الكثير من الضحايا وقد قتل ما يزيد على 50 فرداً من قوات الحكومة،وأصيب الكثير منهم بجراح ،واستطاع أتباع البارزاني طرد بقية القوات التي أرسلتها الحكومة إلى المنطقة ،وأخذ الشيخ أحمد يوسع نفوذه في المنطقة بعد النجاحات التي أحرزتها قواته ضد قوات الحكومة .
وإزاء ذلك الوضع قررت الحكومة تجريد حملة عسكرية كبيرة لقمع حركة الشيخ احمد البارزاني ،في شهر نيسان 1932، مستعينة بالقوة الجوية البريطانية التي شرعت طائراتها بقصف المنطقة، ومطاردة البرزانيين في 25 أيار 1931 .
كان القصف الجوي من الشدة بحيث دفع المقاتلين البارزانيين إلى الالتجاء إلى الجبال حيث المخابئ الآمنة ،وبدأت قوات الحكومة حملتها ضدهم في 22 حزيران 1931، مما اجبر الشيخ أحمد بعد أن تشتت قواته،على التسلل إلى تركيا ،حيث سلم نفسه للسلطات التركية التي نقلته إلى منطقة [ أدرنة ] على الحدود البلغارية ،لكنها ما لبثت أن إعادته إلى منطقة الحدود العراقية .
ولما بلغ الخبر إلى الحكومة العراقية،تقدمت بطلب إلى الحكومة التركية لتسليمه ،إلا أن الحكومة التركية رفضت الطلب ،مشترطة إصدار عفو عام عنه ،وعن أتباعه ،واضطرت الحكومة العراقية إلى إصدار العفو عنهم ،وعليه فقد عاد الشيخ احمد وأتباعه إلى العراق ،حيث أسكنتهم الحكومة في الموصل،ثم جرى نقلهم بعد ذلك إلى الناصرية،فالحلة، فالديوانية ،ثم استقر بهم المطاف في مدينة السليمانية .
ثانياً : الثورة الكردية بزعامة السيد مصطفى البارزاني :

نبذه مختصرة عن حياة السيد مصطفى البارزاني :
السيد مصطفى البارزاني هو إبن الشيخ محمد البارزاني أحد أبرز رواد حركة التحرر الكردية في القرن العشرين ، ولد السيد مصطفى البارزاني في بلدة بارزان عام 1903، تعرض للسجن مع والدته في سجن الموصل عام 1907 على اثر قيام السلطات العثمانية باعتقال وسجن والده في كردستان الشمالية حيث توفي هناك ، وقد كان لتلك الأحداث والظروف التي مر بها هو وعائلته تأثيراً كبيراً جداً على مستقبل حياته وكفاحه البطولي من أجل القضية الكوردية الذي استمر سبعة عقود .
كان باكورة كفاحه مشاركته في ثورة الشيخ محمود الحفيد في عام 1930 ،وقد أظهر شجاعة فائقة دفعته إلى الصدارة فيما بعد ،وأهلته لقيادة حركة التحرر الكوردية ، وقد أصبح تأريخ الكورد وانتفاضاتهم وثوراتهم مرتبطة باسم هذا القائد ، وغدا ابرز رموزهم في العصر الحديث .
إندلاع الثورة :
على الرغم من أن الحكومة كانت قد قضت على حركة الشيخ أحمد البارزاني ،إلا أن هجمات العناصر الكردية المسلحة استمرت دون انقطاع ،حيث كانت تغير على المنطقة التي تحت سيطرة الحكومة بين الحين والأخر، مما دفع الحكومة العراقية إلى محاولة فرض وجود لقواتها المسلحة في المنطقة لمنع أي تحرك ثوري فيها .
وقد بادرت الحكومة إلى الإعلان عن قرارها بإقامة مركز للشرطة في قرية [ بله] مقر البارزانيين ،لكن السيد مصطفى البارزاني رفض خطة الحكومة وهدد بقتل كل من يحاول القيام بذلك .
لكن الحكومة تجاهلت تحذير البرارزاني ، وأوعزت بالمباشرة في تنفيذ قرارها مما أدى إلى وقوع اضطرابات خطيرة في المنطقة جرى على أثرها قتل القائمقام والمهندس اللذين حاولا البدء بإنشاء المركز.
وعلى الفور أقدمت الحكومة على إعلان الأحكام العرفية في المنطقة التي شملت نواحي[ ميزوري بالا] [بازيان] و[ ميركه سور] و [كاني رش ] وسيّرت قوة عسكرية ضد البارزانيين .
وتعاونت الحكومة التركية مع الحكومة العراقية ،حيث قامت بإغلاق حدودها أمام البارزانيين ،وحشدت قواتها على الحدود،لمنع أي تسلل عبر الحدود ،واستطاعت قوات الحكومة إجهاض ثورة البارزني في 30 تشرين الأول 1935.
غير أن بذور الثورة وعنفوانها كانت ما تزال باقية لتفعل فعلها في المجتمع الكوردي حتى تجد لها الظروف المناسبة لتنطلق من جديد ، ومما ساعد في ذلك تجاهل الحكومة لأسباب قيام الثورة وسبل معالجتها بما يوفر الحد الأدنى من طموحات الشعب الكوردي .
ثالثاً:السيد مصطفى البارزاني يعاود الثورة في آب 1945:

لم تهدأ الحركة الكردية رغم ما أصابها على يد الجيش العراقي ،وازداد إصرار أبناء الشعب الكردي على نيل حقوقهم القومية ،ومطالبتهم بتخصيص نسبة عادلة من موارد الدولة لتنمية المنطقة الكردية ،والنهوض بها من حالة التخلف ،والعمل على حل المشاكل المعيشية التي يعانون منها ،فتقدم مصطفى البارزاني بمطالب للحكومة تضمنت ما يلي :
1 ـ تعيين موظفين إداريين أكراد في منطقة كردستان .
2 ـ تعين وكيل وزارة كوردي لكل وزارة .
3 ـ اعتبار اللغة الكردية اللغة الرسمية في المنطقة الكردية .
4ـ إحداث وزارة تختص بشؤون كردستان .
5 ـ إطلاق سراح المعتقلين والمسجونين الأكراد بسبب القضية الكردية .
6 ـ القيام بحملة اعمار للمناطق التي تعرضت للتدمير .
7 ـ التعويض عن الأضرار التي أصابت المواطنين جراء القتال .
8 ـ الأهتمام بفتح المدارس في سائر منطقة كردستان .

لكن الحكومة تجاهلت تلك المطالب ،ولجأت على الضد من ذلك إلى تصعيد مواقفها تجاه الحركة الكردية وقيادتها،وطالبت بتسليم كافة الأسلحة التي بحوزتها ،وتسليم عدد من المطلوبين الكورد .
كان مجلس الوزراء قد قرر في 25 كانون الثاني 1944 إبعاد مصطفى البارزاني من منطقة بارزان ،وأجبرته على الإقامة في[ بيران ].
فلما وجد أن الحكومة لا تنوي الاستجابة للمطالب التي بعث بها إليها ،ترك منطقة إقامته المحددة تلك ،وبدأ يجري اتصالاته مع العديد من رؤساء العشائر الكردية ،وحثهم على التعاون والتآزر، للوقوف بوجه الحكومة ومشاريعها الهادفة إلى إخضاع الشعب الكردي .
فقد زار البارزاني منطقة [ براد وست] و[ بالك] و[ به دنان] وتنقل في[العمادية] و[عقرة] و[الشيخان] حاثاً الشعب الكردي على الوقوف صفاً واحداً للضغط على الحكومة من اجل تنفيذ مطالبهم المشروعة.
كما نشطت المنظمات السياسية الكردية ،وعلى رأسها منظمة[هيوا ]،أي الأمل،التي بادرت بالاتصال بعدد من الضباط الأكراد العاملين في الجيش والمتقاعدين،داعية إياهم إلى الانضمام إلى الحركة الكردية ،وقد لبى نداءهم كل من الضباط [عزيز عبد الشمزيني ]،والرئيس[ مير حاج أحمد]،والمقدم[أمين الراوندوزي] والرئيس [مصطفى خوشناو] ،والملازم الأول[خير الله عبد الكريم] ،والملازم [ محمد القدسي ].
وهكذا توسعت الحركة الكردية لتشمل جانبا كبيراً من العسكريين الأكراد ،ولما وجد السفير البريطاني أن الأمور قد تطورت إلى درجة خطيرة ،أرسل معاونه لمقابلة البارزاني ،محذراً إياه من الإقدام على أي تحرك ضد الحكومة ،وأبلغه أن القوات العراقية والبريطانية سوف تجريان مناورات عسكرية في كردستان ،محذراً إياه من التصدي لهذه القوات ،ونصحه بوجوب إطاعة الحكومة وتنفيذ أوامرها ،وطالبه بعودة الضباط الذين التحقوا بالحركة إلى وحداتهم العسكرية .
وقد رد البارزاني بأنه لن يبدأ بإطلاق النار على قوات الحكومة إذا فعلت الشيء نفسه ، أما مسألة عودة الضباط فتتطلب اتخاذ إجراءات من قبل وزارة الدفاع لضمان سلامتهم.
وفي الفترة ما بين 5 ـ 14 آذار،بدأ الفوج الرابع من الجيش العراقي بمهمة استطلاعية ،مما أثار الشكوك لدى القيادة الكردية ،وجاء مقتل أحد أخوال البارزاني [أولو بيك ]على أيدي قوات الشرطة التي حاولت نزع السلاح من مرافقيه،فكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير،حيث اندفع البارزانيون نحو مخفر الشرطة واستولوا عليه،وقتل مأمور المخفر،وقد ترك البارزاني مقر سكنه عائداً إلى بارزان،معقله الحصين ،وعمل على تعبئة قواته،استعداداً لملاقاة الجيش العراقي الذي كان قد تم تحشيده ما بين قضاء [ عقرة ] جنوباً و[بافستيان ] شرقاً ،فيما تجمعت الشرطة في منطقة [ريكان ]،وقامت الطائرات البريطانية بقصف القرى والقصبات الكردية بوابل من قنابلها .
وفي الوقت نفسه توجه البارزاني إلى عقرة مستحثاً العشائر الكردية على الانضمام للحركة الكردية ،واستطاع استمالة عدد كبير منها،وبدأ الطرفان يستعدان ليوم النزال ،فقد اتخذ مجلس الوزراء في 8 آب 1945 قراراً باحتلال المنطقة الكردية عسكرياً، وخول وزير الدفاع اتخاذ كل ما يلزم لتنفيذ هذه المهمة .وقد وجه البارزاني مصطفى بياناً للشعب الكوردي بوجه خاص وللشعب العراقي بوجه عام جاء فيه :
[ أنني لم ولن أحارب الشعب العراقي الذي انتمي إليه ، وإن نضالنا هو ضد الاستعمار وعملائه ، أولئك الذين امتصوا دماء شعبنا العراقي ، وداسوا بأقدامهم سيادة الوطن ومصالح الشعب ] ،وقد شكل نداءه هذا برنامجاً للثورة ، ومنطلقاً لعلاقات عربية كوردية وثيقة قائمة على أساس النضال المشترك من أجل التحرر والديمقراطية .
بدأت القوات العراقية ،بالتعاون مع القوات البريطانية ،بالزحف على معاقل الحركة الكردية حيث احتلت منطقة [ نهلة ] بين جبل عقرة وجبل بيرس بعد معارك عنيفة مع القوات الكردية التي كان البارزاني يقودها بنفسه ،ووقعت إصابات كبيرة في صفوف الطرفين . ثم تقدمت قوات الحكومة نحو منطقة شرق العمادية ،وواصلت تقدمها نحو منطقة [نيروه ريكان] ثم استطاعت فيما بعد من دخول منطقة [بارزان ]،معقل البارزاني، واستطاعت تلك القوات السيطرة على منطقة [سيدكان] و [براد وست] كما تقدمت قوات أخرى على محور [بافستيان ] واستطاعت أن تطوّق قوات البارزاني،وتحتل جبل[بيرس ].
وفي 3 تشرين الأول 1945 عبرت القوات العراقية نهر الزاب ،واحتلت مركز قضاء الزيبار[ بله] وانسحبت القوات الكردية إلى جبل[ شيرين].
كما تقدمت قوة عسكرية أخرى في منطقة[ ديزي ] واحتلت قرية [أركوش ] وواصلت تقدمها على طريق [خليفان ـ ريزان ] واحتلت جسر [ خلان] وقرية [جعفريان ] .
وفي 6 تشرين الأول 1945 احتلت قوات الحكومة كامل منطقة بارزان ،ثم واصلت تقدمها نحو [ميركه سور] واحتلتها،كما استولت على [كلي بالندا] .
واستمرت قوات الحكومة في تقدمها فاستولت على [ شروان مازن ] و [جامة] و[كاني وطن] واضطرت القوات الكردية إلى التراجع نحو الحدود الإيرانية ،حيث لم يكن هناك تكافؤ بين الطرفين من حيث التسليح والطائرات والدعم البريطاني المكشوف ،واضطر القائد مصطفى البارزاني ،وشقيقه الشيخ احمد البارزاني مع مجموعة من المقاتلين قدرت ب 560 مقاتلاً التسلل إلى إيران كما عبر الحدود المئات من العوائل البارزانية هرباً من بطش قوات الحكومة ،وبذلك انهارت الحركة الكردية،وتمكن الجيش من السيطرة على كامل منطقة كردستان. .
وبدأت الحكومة بإحالة المشاركين في الحركة إلى المحاكم العرفية العسكرية ،حيث حُكم على مصطفى البارزاني وشقيقه الشيخ أحمد مع 35 فردا ً آخرين ،من بينهم 7 ضباط، بالإعدام ،وحُكم على 70 آخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة، وعلى العديد من المشاركين الآخرين في الثورة لسنوات عديدة .
وبغية التخفيف من الحالة المأساوية التي أفرزتها الحرب ، بادرت الحكومة إلى إصدار عفو عن السيد احمد البرزاني والمواطنين الكورد الذين دخلوا الأراضي الإيرانية ، وبالفعل عادت العوائل الكوردية برفقة الشيخ احمد ، كما عاد أربعة من الضباط الذين شاركوا في الثورة .
لكن الحكومة بادرت إلى إلقاء القبض على الضباط الشهداء [مصطفى خوشناو] و[عزت عزيز] و[خير الله عبد الكريم] و[محمد القدسي] ، وجرى إعادة محاكمتهم من جديد حيث قررت المحكمة العسكرية تثبيت حكم الإعدام بحقهم ، وجرى تنفيذ حكم الإعدام بهم .
وقد اعتبرتهم قيادة ثورة الرابع عشر من تموز 1958 شهداء الوطن ،وتقرر منح عوائلهم تعويضاً ورواتب تقاعدية .
أما القائد مصطفى البارزاني وقواته المقاتلة فقد التحقوا بجمهورية مهاباد الكوردية التي أقامها المناضل الكوردي البارز الشهيد القاضي محمد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بتاريخ 22 كانون الثاني 1946، بدعم من القوات السوفيتية التي احتلت أجزاء كبيرة من شمال وغرب إيران [ كوردستان إيران] ابان تلك الحرب ، وقد تقلد القائد البارزاني أرفع منصب عسكري في الجمهورية الكوردية الوليدة وهو منصب القائد العام للقوات المسلحة ، وتم منحه رتبة جنرال .
لكن انسحاب القوات السوفيتية من إيران بعد المباحثات التي تم إجرائها مع الولايات المتحدة التي كانت تخشى أشد الخشية من التغلل السوفيتي نحو مياه الخليج ، وحرصاً من السوفيت على صيانة السلام في العالم ، وتجنب الصدام مع الولايات المتحدة ، ارتأت أن تسحب جيوشها من إيران وبذلك أصبحت جمهورية مهاباد تواجه تهديداً حقيقياً من قبل الحكومة الإيرانية التي راعها قيام دولة كوردية في كردستان إيران ، وقد عقدت العزم على إسقاط الجمهورية الوليدة .
وبالفعل أوعزت الحكومة الإيرانية لقوات كبيرة من جيشها جاوز ال 120 الفاً بالتقدم صوب كردستان مجهزين بمختلف أنواع الأسلحة والمعدات ، ولم يكن هناك أي تكافؤ بين القوتين ، ومع ذلك تصدت قوات القاضي محمد للقوات المهاجمة ودافعت ببسالة منقطعة النضير عن الجمهورية الوليدة ، وكان في مقدمة المدافعين القاضي محمد رئيس الجمهورية .
لكن المعركة غير المتكافئة تم حسمها لصالح القوات الحكومية ، وجرى اعتقال القاضي محمد حيث سيق إلى السجن ، ثم قُدم للمحاكمة وحكم عليه بالإعدام ، وتم تنفيذ حكم الإعدام بالقاضي الشهيد في 30 آذار 1947 ، في نفس الساحة التي تم فيها إعلان قيام جمهورية مهاباد .
أما القائد مصطفى البارزاني فقد توجه يرافقه 560 من رفاقه المقاتلين البارزانيين الأشداء نحو الحدود السوفيتية تلاحقهم قوات الجيشين الإيراني والتركية بوابل من القذائف والرصاص ، لكنهم استطاعوا بصعوبة بالغة من عبور نهر آراس الفاصل بين الحدود الإيرانية والسوفيتية والوصول إلى الاتحاد السوفيتي ، وبقي القائد البارزاني ورفاقه هناك حتى قيام ثورة الرابع عشر من تموز1958 .


الحلقة القادمة
قيام ثورة 14 تموز 1958،وعودة الزعيم مصطفى البارزاني ورفاقه
وتطورات الحركة الكوردية



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور سلمان شمسة ، رحيل قبل الأوان ـ قصيدة رثاء
- موقف أمريكا بمجلس الأمن يصب في خانة تشجيع الإرهاب
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثان ...
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الأول ...
- الإرهاب الفكري مدرسة لتخريج القتلة والمخربين
- الإرهاب خطر جسيم يهدد العالم أجمع ولا حياد في التعامل معه
- الحزم هو السبيل الوحيد لمجابهة الإرهابيين ولا ديمقراطية لأعد ...
- القوى الديمقراطية في العالم العربي والموقف من الأزمة العراقي ...
- مبروك لوزارة التربية ،مدير تربية البصرة يربي لنا جيلاً ديمقر ...
- الرضوخ لمطالب الإرهابيين يشكل ضرراً بالغاً لأمن العراق وشعبه
- مقطوعة شعرية لن أحيد
- مخاطر الإرهاب والسبل الكفيلة للتصدي له
- حكام إيران يلعبون بالنار
- البعثيون والشيوعيون والبارتيون والجبهة الوطنية ـ الحلقة الثا ...
- من ذاكرة التاريخ : البعثيون والشيوعيون والبارتيون والجبهة ال ...
- تاريخ القصةالعراقية والعربية ودورها في ترسيخ القيم الوطنية و ...
- مواقف غريبة لقوى اليسار والديمقراطية والعلمانية في العالم ال ...
- نداء ونصيحة للسيد مقتدى الصدر قبل فوات الأوان
- الإرهابيون يحاربون الله بتدمير دور عبادته وقتل عابديه
- أين الحقيقة في تصريحات المسؤولين ؟


المزيد.....




- مصر.. إعدام فتاة ارتكبت جريمة هزت البلاد
- عمدة كييف: عودة اللاجئين الأوكرانيين من ألمانيا ستمثّل تحديا ...
- الاتحاد الأوروبي يدين تشريع البرلمان العراقي قانونًا يجرم -ا ...
- مسئول إسرائيلي يدعو بايدن لمنع مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وجال ...
- هيئة الأسرى الفلسطينيين: سياسة الاحتلال بحق الأسرى لم تشهدها ...
- أيرلندا تهدد بإعادة طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة
- مصدر: المملكة المتحدة لن تستعيد طالبي اللجوء من أيرلندا حتى ...
- القوات الإسرائيلية تقتحم عدة مناطق في الضفة الغربية وتنفذ حم ...
- الأمم المتحدة توقف أعمالها في مدينة دير الزور حتى إشعار آخر ...
- في غضون 3 أشهر.. الأمم المتحدة تكشف أعداد اللاجئين السوريين ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حامد الحمداني - لمحات من حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثالثة