أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حامد الحمداني - لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثانية















المزيد.....

لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثانية


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 09:34
المحور: القضية الكردية
    


ثورة الشيخ محمود الحفيد في السليمانية :
6 تشرين الأول 2004

الشيخ محمود الحفيد ، ينتمي إلى أسرة كردية عريقة في السليمانية ، يرجع تاريخها إلى أكثر من 150 سنة ، وكان عميدها [ الشيخ أحمد البرزنجي] يتمتع بمركز كبير، ديني ودنيوي، في آن واحد ،حيث كان بمنزلة الولي بالنسبة للشعب الكوردي ، فلما توفي جده[ ا لشيخ أحمد] ،خلفه ابنه [ الشيخ سعيد ]، ثم خلفه بعد وفاته الشيخ [محمود الحفيد] ،الذي أخذ نفوذه في صفوف الأكراد يتصاعد ،أبان الحكم العثماني .
ولما اندحرت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،واحتلت بريطانيا العراق، حاولت تركيا أن تستميل الشيخ محمود الحفيد إلى جانبها ،رغبة منها في إلحاق ولاية الموصل [ والتي تشمل محافظات الموصل،وأربيل، وكركوك ،والسليمانية] بها .
إلا أن الشيخ الحفيد اتصل بالإنكليز بصورة سرية وتعهد لهم بالسيطرة على الحامية التركية التي كانت ما تزال باقية في السليمانية ، لقاء منحه امتيازات في إدارة شؤون المدينة ، وتشكيل حكومة كوردية برئاسته على أن تكون تحت ظل الانتداب البريطاني .
رحبت السلطات البريطانية بعرض الشيخ محمودالحفيد ، نظراً لما يتمتع به من مركز مرموق في صفوف الشعب الكوردي ، وقامت بإرسال مندوبين عنها من كبار الضباط لإجراء مفاوضات معه ، في 6 تشرين الثاني 1918، لتسهيل دخول القوات البريطانية إلى السليمانية ، وقد استقبلهم الشيخ محمود الحفيد بحفاوة ، وسلمهم الحامية التركية، التي سيطرت عليها قواته .
وسارعت السلطات البريطانية إلى تعيينه حاكماً على لواء السليمانية ، ومنحته راتباً شهرياً قدره [ 15 ألف روبية ]،كما عينت الميجر [ نوئيل] مستشاراً له ، وشكلت نواتاً لحكومة كوردية في منطقة كردستان العراق،والتي أشارت إليها [معاهدة سيفر] في موادها [ 62، 63، 64 ]. (1)
لكن علاقة الشيخ الحفيد بالبريطانيين أصابها الفتور،عندما تنكرت الحكومة البريطانية لمعاهدة سيفر، حيث كان الأمل يراود الشيخ محمود الحفيد بإقامة كيان كوردي مستقل وبدأت تظهر بوادر تحرك ثوري في كردستان ،وحاول المحتلون البريطانيون تقليص نفوذه ، وإضعافه،مما دفع الشيخ الحفيد في نهاية الأمر إلى إعلان الثورة على الحكم البريطاني ،وقام باحتلال السليمانية في 21 أيار 1919، بعد أن دحر القوات البريطانية،وقوات الليفي التي شكلها البريطانيون للحفاظ على مصالحهم في المنطقة، وتمكن من أسر عدد كبير منهم ، ومن الضباط الإنكليز، وأعلن تشكيل دولة كوردية،وأعلن نفسه ملكا عليها ،واتخذ له علماً خاصاً بدولته .
أخذ الشيخ محمود الحفيد يوسع مناطق نفوذه في كردستان،بعد أن استطاع دفع القوات البريطانية نحو [ مضيق طاسلوجة ] و[ مضيق دربند ]،واستطاع الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة من القوات البريطانية ،وقوات الليفي التابعة لهم .
واستمر الشيخ الحفيد يوسع مملكته ،حيث استطاعت قواته ضم مناطق [ رانية ] و [حلبجة ] و[كويسنجق] متحدياً السلطات البريطانية .
لكن البريطانيون جهزوا له قوة عسكرية كبيرة ،ضمت الفرقة الثامنة عشر، بقيادة الجنرال [فريزر] لقمع حركته،واستطاعت هذه القوات، بما تملكه من أسلحة وطائرات حربية ،أن تدحر قوات الشيخ محمود، وتعتقله، بعد أن أصابته بجروح في المعارك التي دارت بين الطرفين، وأرسلته مخفوراً إلى بغداد ،حيث أحيل للمحاكمة، وحكم عليه بالإعدام . غير أن السلطات البريطانية أبدلت الحكم إلى السجن المؤبد،ثم قرت نفيه إلى الهند ،خوفاً من وقوع تطورات خطيرة في كوردستان ،حيث يتمتع بمكانة كبيرة في صفوف الشعب الكوردي .
بقي الشيخ محمود منفياً في الهند حتى عام 1922، لكن البريطانيون اضطروا إلى إعادته إلى السليمانية، وسلموه زمام الأمور فيها من جديد بعد أن ساد منطقة كردستان الاضطرابات من جديد وباتت تنذر بثورة جديدة .
لكن الشيخ محمود ما لبث أن ثار على الإنكليز مرة أخرى ،بعد أن وجد الظروف مؤاتية مما دفع الإنكليز، والحكومة العراقية إلى تجريد حملة جديدة ضده ،حيث استطاعت احتلال السليمانية من جديد بعد أن كبدت قوات الحفيد خسائر جسيمة .
لكن الشيخ محمود لم يستكن للأمر،وأخذ يستجمع قواه وينظمها، واستطاع مهاجمة الجيش المتواجد في مدينة السليمانية وطرده منها،في 11 تموز 1923، وبقي الشيخ محمود يحكم السليمانية مدة تزيد على العام .
ولما تولى ياسين الهاشمي رئاسة الوزارة العراقية ،كان في مقدمة مهام وزارته إعادة السليمانية للسلطة العراقية ، فجهز حملة عسكرية ، بدعم من البريطانيين ،وبشكل خاص، قواتهم الجوية ،التي هاجمت قوات الشيخ الحفيد ،واستطاعت دحرها،وإيقاع خسائر جسيمة في صفوفها، وتم إعادة لواء السليمانية إلى سيطرة الحكومة العراقية،واضطر الشيخ محمود الحفيد عبور الحدود إلى خارج العراق ،وقامت الحكومة بتعيين متصرف كوردي [محافظ ] للسليمانية .
رأت بريطانيا أن إقامة دولة كوردية في كردستان ،قد يسبب لها مشاكل خطيرة ، وبما أنها قد ضمنت مصالحها في العراق ،بموجب معاهدة عام 1920العراقية البريطانية، فقد قررت صرف النظر نهائياً عن إقامة الدولة ،وضم كردستان إلى المملكة العراقية بشكل نهائي .
أما الحكومة العراقية فقد أعلنت من جانبها في محاولة لإرضاء الشعب الكوردي بأنها سوف لا تعيين موظفاً عربياً في منطقة كردستان ،ما عدا الفنيين ،وأن السكان الكورد لهم الحق بالتكلم والدراسة بلغتهم الخاصة ،وأن الحكومة سوف تحافظ على حقوق السكان الدينية والمدنية ،كما جرى انتخاب خمسة أعضاء من الكورد، وضمتهم إلى المجلس التأسيسي .
وفي شباط 1925، جاءت اللجنة المكلفة من عصبة الأمم لبحث قضية ولاية الموصل، وأجرت دراستها للأوضاع في الولاية ،وقدمت تقريرها إلى عصبة الأمم، حيث تبنت اللجنة وجهة النظر البريطانية القاضية بضم ولاية الموصل إلى المملكة العراقية، مع مراعاة حقوق الأكراد فيما يخص اللغة الكوردية،وتعين الموظفين الإداريين الكورد .
وفي تشرين الأول 1926 أجتمع مستشار وزارة الداخلية بالشيخ محمود الحفيد،وتباحث معه في الأمور التي تخص كردستان ،وجرى الاتفاق على شروط الصلح مع الحكومة ، حيث وقع الشيخ الحفيد اتفاقاً مع الحكومة العراقية ،في حزيران 1927،تعهد بموجبه أن يعيش هو وأفراد عائلته خارج العراق،مع إعادة كافة أملاكه له،وتعين وكيل من قبله لإدارة شؤون أملاكه،وهكذا استمرت الأوضاع هادئة في كردستان حتى عام 1930،عندما حاولت بريطانيا فرض معاهدة 30 حزيران على العراق ،حيث اندلعت الثورة الكردية من جديد ،عام 1930 .

الشيخ محمود الحفيد يعاود الثورة ضد الحكومة :

عندما وقّعت حكومة نوري السعيد معاهدة 30 حزيران 1930 شعر الشيخ الحفيد أن بريطانيا قد تنكرت لحقوق الشعب الكوردي، واستغل الشيخ الحفيد قيام الكورد في السليمانية بحركة احتجاجات واسعة ، ومظاهرات ضد المعاهدة ، وضد حكومة نوري السعيد ، حيث أقدم على جمع المسلحين من أتباعه داخل العراق ، واحتل منطقة [ شهر بازار ]،وبعث بمذكرة إلى المندوب السامي البريطاني يطالبه بإنشاء دولة كوردية في منطقة كردستان تمتد من زاخو وحتى خانقين.
أنذرت الحكومة العراقية الشيخ الحفيد بوجوب مغادرة العراق ،وسحب عناصره المسلحة . لكن الشيخ الحفيد تجاهل الإنذار ،ومضى في توسيع منطقة سيطرته على مناطق واسعة من كردستان ، مما دفع الحكومة إلى تجريد حملة عسكرية كبيرة ضمت رتلين ،توجه الرتل الأول نحو[جوارته] فيما توجه الرتل الثاني نحو[بنجوين] ،كما شاركت الطائرات في التصدي لحركة الشيخ الحفيد حيث دارت بين الطرفين معارك دامية استمرت زهاء ستة اشهر تكبد خلالها الطرفان خسائر كبيرة .
لكن قوات الحكومة استطاعت في النهاية فرض سيطرتها على مناطق كردستان ،واختفى الشيخ محمود الحفيد عن أنظار قوات الحكومة لفترة من الزمن، ثم اضطر في نهاية الأمر إلى تسليم نفسه للجيش ، في 13 أيار 1931 ، وتم إبعاده إلى مدينة السماوة ،ثم نقل إلى مدينة الناصرية ، وأخيراً تم نقله إلى قصبة عانه ،ثم سمحت له الحكومة بالإقامة في بغداد وقررت مصادرة كافة أملاكه في السليمانية .
وهكذا أسدل الستار على الثورة الكوردية ولكن إلى حين ، فقد أخذ جنين الثورة ينمو من جديد في رحم كوردستان انتظاراً لليوم الموعود كما سنرى في الحلقة الثالثة .

(1) جاء في المادة 64 من معاهدة سيفر مايلي :
إذا حدث، خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية أن تقدم الكرد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين أن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الإستقلال عن تركيا، وفي حالة اعتراف عصبة الأمم أن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنح هذا الإستقلال، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة. وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعا لإتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا. وإذا ما تم تخلي تركيا عن هذه الحقوق فإن الحلفاء لن يثيروا أي اعتراض ضد قيام أكراد ولاية الموصل ( بالانظمام الإختياري إلى هذه الدولة الكردية.



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الأول ...
- الإرهاب الفكري مدرسة لتخريج القتلة والمخربين
- الإرهاب خطر جسيم يهدد العالم أجمع ولا حياد في التعامل معه
- الحزم هو السبيل الوحيد لمجابهة الإرهابيين ولا ديمقراطية لأعد ...
- القوى الديمقراطية في العالم العربي والموقف من الأزمة العراقي ...
- مبروك لوزارة التربية ،مدير تربية البصرة يربي لنا جيلاً ديمقر ...
- الرضوخ لمطالب الإرهابيين يشكل ضرراً بالغاً لأمن العراق وشعبه
- مقطوعة شعرية لن أحيد
- مخاطر الإرهاب والسبل الكفيلة للتصدي له
- حكام إيران يلعبون بالنار
- البعثيون والشيوعيون والبارتيون والجبهة الوطنية ـ الحلقة الثا ...
- من ذاكرة التاريخ : البعثيون والشيوعيون والبارتيون والجبهة ال ...
- تاريخ القصةالعراقية والعربية ودورها في ترسيخ القيم الوطنية و ...
- مواقف غريبة لقوى اليسار والديمقراطية والعلمانية في العالم ال ...
- نداء ونصيحة للسيد مقتدى الصدر قبل فوات الأوان
- الإرهابيون يحاربون الله بتدمير دور عبادته وقتل عابديه
- أين الحقيقة في تصريحات المسؤولين ؟
- ماذا أعدت القوى الديمقراطية لمجابهة قوى الظلام والفاشية
- في الذكرى السادسة والأبعين لثورة 14 تموز1958 المجيدة
- إقامة الجبهة الديمقراطية العريضة سبيلنا للتصدي للقوى الصدامي ...


المزيد.....




- -أدلة- على -انتهاك- وحدات من الجيش الإسرائيلي حقوق الإنسان
- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حامد الحمداني - لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثانية