أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد إبراهيم المحجوبي - فضيلة التناقض














المزيد.....

فضيلة التناقض


خالد إبراهيم المحجوبي

الحوار المتمدن-العدد: 3287 - 2011 / 2 / 24 - 18:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



كلمة التناقض راجعة إلى الجذر (ن ق ض)، الذي يحمل معنى الهدم، والإزالة، والنكث. سواء لما كان معنوياً، أو مادياً. قال ابن فارس :(( النون والقاف والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على نَكْثِ شَيء )).( 1)
وورد في لسان العرب:((النقض إِفْسادُ ما أَبْرَمْتَ من عَقْدٍ أَو بِناء، وفي الصحاح: النَّقْضُ نَقْضُ البِناء والحَبْلِ والعَهْدِ... وناقضَه في الشيء مُناقَضةً ونِقاضاً: خالَفَه ...والمُناقَضةُ في القول: أَن يُتَكَلَّم بما يتناقَضُ معناه )) (2 ).
لقد ذاع بين الناس أن التناقض -في مجال الأفكار- معدود في عداد المناقص، والمعايب التي تذم بها الآراء، وتثلب بها الاجتهادات الفكرية. وصار مألوفاً في سياق الذم والانتقاص أن يقال : فلان متناقض، وله أفكار متناقضة.
لكنّ نظرة متأنية ، إلى حقيقة التناقض، وملابساته؛ كفيلة بأن تغير موقعه القيمي، ثم تُحِلَّه في محل القبول، وتعيد له حقه المستلب من طرف من يرونه نقيصة، وعيباً، ممن لم يجهدوا أنفسهم في التركيز على أصل حقيقته، ومآل نتيجته. هذا في حالة نشوئه نشأة طبيعية، لا عن قصور أو تقصير، كما سنرى في أسبابه التي سأذكرها حيث يكون نقيصة في ثلاث حالات، لا تعود أي منها إلى ذات التناقض نفسه، بل إلى تقصير، وخلل صادر من الإنسان الذي حدث منه التناقض ، وهذا ما سأوضحه بعد قليل.
قال عبد الله القصيمي:((التناقض ليس نقصاً، أو خطأً ، أو ضعفاً. إنه حركة حياة وكينونة . ورؤية عقلية متجددة...إنه كالانتقال من الأمس إلى اليوم، ومن اليوم إلى الغد...ومن شعور إلى شعور))( 3)
إن التناقض في حقيقته المجردة، ليس أكثر من إدراك جديد خالف إدراكاً قديماً. إنه صورة من صور التطور التفكيري. إنه يحمل دليلاً قطعياً على أن صاحبه ذو عقل شغال، وفعال، ومتجدد، غير راكد، ولا راكن، ولا ساكن. إنه من مقتضيات العقل الحيوي المتجدد دائم العمل، ودائب الإنتاج.
التناقض ليس أكثر من أن تقول رأياً مخالفاً لرأي قلته قبلاً، أو أن تقتنع بفكرة، لم تقنعك سابقاً، أي أن يظهر لك ما كان عنك غائباً؛ فينتقض السابق باللاحق، حسب سُنَّة البقاء للأصلح ، لا حسب بدعة البقاء للأسبق، التي تشيع بين كثيرين يرون الصواب منحصراً في القديم، بحيث يصير التجديد أمراً مريباً، ومَعيباً.
حين تأملتُ في شأن التناقض بدا لي أنه يتولد عن أحد أمور هي :
الأول: اضطراب المنهج. وهو هنا نقيصة.
الثاني: افتقاد التركيز الفكري. وهو هنا دليل خلل في آلية التفكير
الثالث : ضعف التأصيل. في هاته الحالات يكون مذموماً لا لذاته بل لتقصير من حدث له، وضعف آلاته التفكيرية.
الرابع: زيادة في العلم لم تكن محصلة. ومن صور ذلك، حدوث معطيات جديدة، لم
تكن معلومة، منها-مثلاً- أن يسنح دليل لم يكن ظاهراً، أو يظهر معنى لم يكن مستوعباً.


إن الأَوْلى بالذم، والأحرى بالثلب، هوالجمود، وليس التناقض، وذلك حين يجمد الإنسان على أفكار محددة، وآراء معينة، يتبناها، ويحلها محل التقديس ، بحيث تصير أفكاراً مجمدة، غير قابلة للحركة، ومحنطة غير قابلة للتغيُّر؛ فتصير بذلك -تلك الأفكار- كصخور الوديان الجافة، لا مطر يبللها، ولا سيل يحركها.
التناقض قرين للتجديد، ولازم من لوازمه، فلا يمكن أن يحدث تجديد وتطور في فكرة ما، إلا بعد نقض بعض عناصرها، أو نقضها كلها؛ لتحل محلها فكرة أقوى، وأمتن، استحقت أن تقوم على أنقاض تلك التي تم نقضها بواسطة عملية تناقض، أحلّت الأقوى محل الأضعف.
---------------------
الحواشي
1 - مقاييس اللغة .ابن فارس مادة(نقض)
2 -لسان العرب . مادة (نقض). وورد فيه ضمن مادة (قضض) (( انْقَضَّ الجدارُ انْقِضاضاً وانْقاضَ انْقِياضاً إِذا تَصَدَّعَ من غير أَن يَسْقُط، فإِذا سقَط قيل: تَقَيَّض تَقَيُّضاً.))
3- هذا الكون ما ضميره. عبد الله القصيمي.




#خالد_إبراهيم_المحجوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العربية بين الشرف والضعف
- من ضيَّع حضارتنا ؟شرُّ خلف لخير سلف
- لا شيعة تمزق، ولا سنة تفرق
- اتصالية النهضة واللغة القومية
- وحدة الأديان ، وتسويتها
- إسلامات مع الإسلام
- تفسير القرآن بين التجديد والاجترار
- الدين والدولة بين التواصل والتفاصل
- الخصومة الفارغة للاستشراق
- النشاط العسكري في العهد النبوي
- رسالة مسيحي إلى المسلمين
- الترجمة: بين تصور القيمة ، ومسؤولية الإتقان
- تجديد الفكر الديني
- الأدب عند الإغريق
- خصومة الفقه والتصوف
- المجاز عند الزركشي
- تأصيل حق الأمان في منظومة حقوق الإنسان
- (إشكالية الوضع التاريخي والتأريخي للدولة الفاطمية)
- الإعلام والتنمية : نظرة في الترابطية والتفاعلية
- إشكالية الانتماء عند سكان المغرب العربي: نظرة في المرجعية ال ...


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد إبراهيم المحجوبي - فضيلة التناقض