أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد إبراهيم المحجوبي - تفسير القرآن بين التجديد والاجترار














المزيد.....

تفسير القرآن بين التجديد والاجترار


خالد إبراهيم المحجوبي

الحوار المتمدن-العدد: 3053 - 2010 / 7 / 4 - 09:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن نظرة موضوعية لما أنتجه علماؤنا المعاصرون في ساحة علوم القرآن ؛ تجعلنا نقول في حسرة: ما أكثرَ ما كتب من تفاسير للقرآن المجيد ، وما أكثر ما طبع منها ، وما أكثر ما انتشر منها . وما أقل الجديد الذي حوته ، وما أقل النفع الذي ضمته. لقد جاء أكثرها عالة على سوالف التفاسير التراثية لعلمائنا القدماء ، وما من جدة في أكثرها إلا جدة الورق ،وجمال الأغلفة. بل إن كثيراً منها تُعد أغلفتها أجود أجزائها. لقد أكدت عجزها عن مقاربة علو، و عظمة ، وعمق، ودقة، وإحاطة كتاب الله تعالى .
جاءت أكثر الأعمال التفسيرية الحديثة مستنسخة تحت تأثير كل من : المنهج التراثي ، والطرح التراثي . فهي أعمال استنسخت المنهج والمحتوى كليهما، وما كان اجترارها للمحتوى إلا نتيجة عن التزامها المنهج القديم واجتناب تجديده ، أو نقده أو تطويره ، فضلاً عن الخروج عنه . ذهب الشيخ محمد حسين الذهبي في كتابه ( التفسير والمفسرون ) إلى أن عمل المفسرين الأولين ((لم يترك لمن جاء بعدهم من عمل جديد أو أثر مبتكر يقولون به في تفاسيرهم... إلا عملاً ضئيلا لا يعدو أن يكون جمعاً لأقوال المتقدمين ، أو شرحاً لغامضها ، أونقداً وتفنيداً لما يعتوره الضعف منها ، أو ترجيحاً لرأي على رأي ؛ ما جعل التفسير يقف وقفة طويلة مليئة بالركود خالية من التجديد والابتكار)). هنا أصاب الشيخ الذهبي –رحمه الله- في وصف المآل التفسيري ، غير أنه لم يصب تشخيص السبب ، حيث حوى كلامه غلطاً غليظاً هو توهمه أن المفسرين الأولين قد قالوا كل شيء ، وأنهم لم يتركوا لغيرهم ما يقال أو ما يفهم من القرآن ؛ فصار التفسير إلى ما صار إليه . والواقع أن ما حدث هو التالي :
1-ضعفت همم المتأخرين عن متابعة الجهود التفسيرية الأصيلة ؛ فاكتفوا بالاستنساخ والنقل .لاسيما أن أكثر العلماء المتخصصين هم أساتيذ جامعيون ، شغلهم عملهم التدريسي وإغراءاته المادية ، فعقم أكثرهم عن الإنتاج العلمي الرصين ، واكتفوا بالكتب التدريسة للمقررات الجامعية.
2- أصيب المتأخرون بعقدة تقديس القديم ؛ فصاروا يتوهمون أن العلم والصواب انطوى فيما سطره الأسلاف ؛ حتى إذا ما كتب أحدهم شيئاً حاذر أن يأتي بجديد. ذاك الحال الذي ذكره الشيخ الذهبي هو مُنتَج أصيل من منتجات المنهج الانغلاقي التجميدي ، الذي صار فيه المفسر مجرد راكب على أكتاف السلف ، لا دور له غير النقل ، ثم النقل ، ثم النقل . إنها منهجية رجوعية استنساخية ، لم تنتج غير تفاسير مستنسخة كشفت أن كثيراً ممن ظنناهم مفسرين ، لم يكونوا أكثر من وراقين . مع استثناءات معدودة نربأ بها عن مماثلة من اكتفوا باستنساخ ما كتبه الأسلاف ثم تصديره للقراء حاملاً أسماءهم ، إنها سرقة غير معلنة ، لكنها على كل حال مكشوفة ، اجترحها من ارتضوا بقاء الأقفال على قلوبهم .{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}؟(سورة محمد. الآية 24).
مما يؤسف له أن من بدأ عملياً –من المفسرين المعاصرين- في انتهاج منهج جديد للتفسير جاء فاقداً للقوة العلمية المؤهلة ، التي تقوم على متانة البنية التحتية للعملية التفسيرية ، أعني متانة وقوة العلوم المعينة على فهم وإدراك لغة القرآن ، وأساليبه العربية ، ومقاصده الاشتراعية . تلك العلوم المؤهلة أقصد بها علوم: النحو ، والبلاغة ، واللغة المعجمية ، وعلم الحديث ،والفقه والمقاصد ،وعلم أصول الدين ،وعلم أصول الفقه. هذه الذخيرة المعرفية من العلوم لا يمكن الاستغناء عنها في طريق سبر أغوار القرآن المجيد ، لكنها كانت غالية ، وشاقة ، ومنهكة ، أمام أكثر من امتلكوا نوازع تجديدية ، وحساً تطويرياً لمناهج مقاربة القرآن ؛ فجاءت أعمالهم هينة القدر ، واهية الأثر ؛ ففارقها التحقيق ، وزايلها التوفيق . من ذلك مثلاً أعمال ومحاولات : مصطفى محمود، وصادق النيهوم ، ومحمد شحرور ، ونيازي عز الدين .وقد اسندوا كثيراً من فهومهم وطروحهم إلى التأويل في إجرائية غير منضبطة بضوابطه ، في سياقات تغلفها الحماسة للتجديد ، وتلفها مشاعر التبرم من السائد ، ويكسوها الإحساس بالملل من القديم .
إن هذا الضرب من التأويل له مباعث ، إما معرفية بريئة ، وإما غرضية غير بريئة .ولست هنا ممن يجازف باتهام نوايا الناس ومقاصدهم ، لذلك لا أقول إن وراء تلك التآويل الغالطة مقاصد غرضية تتقصد الدين أو التراث ، بل إن أمرها رهنٌ لنوايا أصحابها التي لا يعلمها غير الله ، وإياهم . في هذا السياق أختم كلامي بكلام لابن القيم ، الذي حدد أربعة أسباب هي المسؤولة عن النـزوع نحو هذا الضرب من التأويل. قال: ((اثنان من المتكلم ، واثنان من السامع ، فالسببان اللذان من المتكلم: إما نقصان بيانه ، وإما سوء قصده . واللذان من السامع: إما سوء فهمه ، وإما سوء قصده . فإذا انتفت هذه الأمور الأربعة انتفى التأويل الباطل وإذا وجدت أو بعضها وقع التأويل)) .
د. خالد إبراهيم المحجوبي



#خالد_إبراهيم_المحجوبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والدولة بين التواصل والتفاصل
- الخصومة الفارغة للاستشراق
- النشاط العسكري في العهد النبوي
- رسالة مسيحي إلى المسلمين
- الترجمة: بين تصور القيمة ، ومسؤولية الإتقان
- تجديد الفكر الديني
- الأدب عند الإغريق
- خصومة الفقه والتصوف
- المجاز عند الزركشي
- تأصيل حق الأمان في منظومة حقوق الإنسان
- (إشكالية الوضع التاريخي والتأريخي للدولة الفاطمية)
- الإعلام والتنمية : نظرة في الترابطية والتفاعلية
- إشكالية الانتماء عند سكان المغرب العربي: نظرة في المرجعية ال ...
- السيميائيات ، بين غياب الريادة وإشكالية التصنيف
- الإبداع بين قيد التوظيف، وفضاء التحرر
- الفكر الجماهيري :نظرة نقدية
- العوائق التنموية في القارة الأفريقية : تشخيص وعلاج
- شعوبية أم عروبية: دراسة في ظاهرة العصبية السلالية
- الأمن المغاربي بين الإسلام السياسي والإسلام العسكري
- الخطاب الصوفي بين الفتنة والاغتراب


المزيد.....




- رصاص في المسجد واختطاف الإمام.. حادث يشعل المنصات اليمنية
- يا غنماتي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد على القمر الصنا ...
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و ...
- انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال ...
- حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية
- ثبتها حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر ...
- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد إبراهيم المحجوبي - تفسير القرآن بين التجديد والاجترار